قرار خاطئ قد يحيلهم إلى التقاعد المبكر ..اللاعبون العرب بين الانجرار وراء المغريات والنقص في الوعي والعقليات

> «الأيام الرياضي» عمر اليعقوبي :

> حب البروز والسعي إلى الأفضل غريزة أوجدها المولى عز وجل فطرياً في كل نفس بشرية تدب في أرجاء هذه المعمورة , وتمثل صفة الطموح معناها الحقيقي , وتبلغ ذروتها في ميادين الرياضة والتنافس الشريف , بزوغ نجم ما في سماء الشهرة والأضواء يجسد هذه الصفة بمعناها التطبيقي في الواقع.

الأكيد إن سطوع هذا النجم لم يكن وليد صدفة أو فجأة دون سابق إنذار بقدرة قادر .. بل جهد وفير ومسيرة حبلى بالمخاطر , ولكن ما لا يدع مجال للشك إنه كان يحمل بين ثنايا نفسه بذرة طموح استطاع بما يختزله من موهبة تنميتها لتثمر في بستان الشهرة والمال .

الطموح حق مشروع لكل شخص يسعى إلى أن يكون أفضل حالاً في جميع المجالات , وكما قال علماء النفس لولا صفة الطموح في النفس البشرية لبقي كل شخص على ما هو عليه يعني بالعامية ( محلك سر ..!! ) , وكما ذكر العالم الفيزيائي (اينشتاين) إن النسبة البشرية غير متساوية ومنه انطلق يفسر نظريته النسبية ..فإن الطموح كذلك لا يتساوى ويختلف من شخص لآخر .

لاعب كرة القدم يمثل أفضل نموذج لذلك , فمنذ نعومة أظافر ممارسته لها تجد أنه رسم في مخيلته ويخفي بين ثناياه مثالا أعلى يمني نفسه بالوصول إلى ما وصل إليه من مستوى وإنجازات وشهرة وحتى كذلك المال حتى وإن لم يبح بذلك علناً ،فما إن يشتد عوده وتنضج موهبته حتى تدغدغ أفكاره هذه الأمور: احتراف .. مال .. شهرة .

ما إن تهيئ له الفرصة من خرم إبره للسيح في هذا العالم فإنه يتشبث بها ولا يدعها تفلت من بين يديه.

ومن سخريات الزمن ومفارقاته العجيبة , ما دار ولا يزال يدور الآن في أزقة الشارع الرياضي المصري الذي كان يعيش حالة فرح هستيرية بإضافة النجمة الأفريقية السادسة على أهراماته .

أفاقت الجماهير على صدى ( حدوتة ) السفر المفاجئ للحارس عصام الحضري إلى سويسرا للإنضمام للنادي المحلي سيون , وهو سفر دون سابق إنذار وسري (زي اللي عامل عملة وعاوز يداريها) على قول المصريين أنفسهم .

هذا الرحيل ( الخلسة ) دارى فرحة المصريين بإنجازهم غير المسبوق .. وأطفأ قناديل الفرحة وأشعل فتيل أزمة بين وجهات النظر المؤيدة والمعارضة .

وأصبح وجبة دسمة يتناولها الشارع الرياضي في الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية .

حدوتة الحضري إلى الآن لم تتضح رؤيتها , ومغلفة بالكثير من الغموض وتثير أكثر من علامة استفهام .

ما سبب هذا الرحيل المفاجئ ؟؟ .. وهل إدارة النادي الأهلي على علم مسبق بهذا الرحيل ..؟

وإذا كانت تعلم لماذا لم تعمل على إيقاف ذلك الرحيل .؟و ..و..؟؟

أسئلة كثيرة قد تزرع نفسها في حقل هذه القضية لكنها إلى الآن لم تجد الجواب الشافي.

من خلال ما تناولته الصحف والقنوات في هذه القضية أعطانا ذلك خيط صغير يمكن من خلاله شد إجابات جزء من تلك الأسئلة , فما أمكن معرفته من ذلك الغموض أن نية الرحيل لدى اللاعب كانت (مبيتة) .. وإنه راحل عن القلعة الحمراء مهما كلف الأمر , وأياً كانت العواقب .. وأن الإدارة الأهلاوية تعلم بهذا الأمر , لكنها تجهل ساعة الصفر التي تحدد هذا الرحيل.

سؤال يطرح نفسه هنا : كيف عرفت الادارة الاهلاوية بقصة هذا الرحيل؟

ما أظهره الحضري من رغبة وإصرار و(نشوفية دماغ) خلال المفاوضات القصيرة بين مسؤولي الناديين مغلقاً باب البقاء في النادي الأهلي بالضبة والمفتاح كان يوحي بذلك .

لا أحد بمقدورة أن يلقي باللوم على الحضري لرغبته بالاحتراف في أوروبا، أو يجرده من حقه في ذلك، خاصة وأنه على مقربة من سن (التقاعد) الرياضي، بالإضافة إلى وصوله إلى درجة من التشبع من البطولات مع فريقه الاهلي.

لكن الاختلاف القائم حالياً هو على الطريقة التي خرج بها وهي التي أثارت حفيظة الادارة الاهلاوية وجمهوره , وضحى من خلالها الحضري بكثير من رصيد الحب الذي اكتسبه خلال إثني عشر سنة ، ورمى بقصص الحب التي كتبها معه في نهر الهجر في لحظة لم يكن الحضري يعلم عواقبها جيداً لدى جمهوره الذي كانت ردة فعله قاسية بمقدار حبه لنجمه قبل الرحيل , الجمهور الذي تعددت لدية الآراء في التعبير عن الواقعة ولكنها اتفقت في الأساس وهي (الهروب ) على حد تعبيرهم.

إلى أقل من ثلاثة أيام كان يظن الجميع أن الحضري خلاص اختار لنفسه(سكة اللي يروح مايرجعش) ، وأنه اختار لنفسه طريق هو ارتضاه .

لكنه خالف كل تلك الظنون وقرر أن يعود إلى أحضان القلعة الحمراء بعد رحلة فراق لم تدم أكثر من عشرة أيام .. نعم عاد الحضري إلى الاهلي ولكن بعد أن استهلك رصيده الكامل الذي كان بحوزته من حب واحترام لدى أبناء القلعة الحمراء .

عودة الحضري للنادي الاهلي وصفها البعض أنها قد تكون الفصل الأخير لقصة الحضري مع الكرة ولن يحول ما أبداه من ندم واعتراف بالخطأ في ساعة شيطان كما قال ..فما ينتظره من عقوبات متوقعة قد تكون هي الصفحة التي سيكتب فيها تلك النهاية المريرة .

وفي الوقت نفسه خط أحمر إلى من كان يفكر بأن يسلك الطريق نفسه.

قصة الحضري لن تكون الاخيرة كما أنها ليست الاولى على المستوى العربي،فهي تكاد تكون نسخة كربونية من قصة اللاعبين الإماراتيين (لاعبا الشعب الإماراتي محمد سرور وراشد عبدالرحمن) اللذين كانت لهما نفس قصة الحضري , والتي تدخل فيها العقلاء وأعاداهما عما قررا فعله .

والغريب أن قصة اللاعبين الإماراتيين أيضا كانت مع فريقين سويسريين ومع نفس متعهد الانتقالات المغربي الداؤودي الذي يبدو أنه أصبح متخصصا وبدرجة امتياز في ( حياكة ) مثل هذه القصص الدراماتيكية المبكية لأصحابها.

وبما أننا في محيط الكرة الإماراتية فلا يمكننا أن ننسى حادثة اللاعب فيصل خليل الذي هو الآخر الذي نسج على منوال سابقيه ولكن وجهته كانت فرنسا , والتي عاد منها على وجه السرعة عندما علم أنه خاسر لرهانه لا محالة.

قصة هؤلاء اللاعبين تبين مدى اتساع الفجوة التي تفصلنا نحن العرب عن مدى الفهم الصحيح للاحتراف الحقيقي وأسسه الصريحة.

أضف إلى غياب الوعي اللازم عن لاعبينا بمفهومية , فما دفع لاعب كعصام الحضري يملك من الخبرة الشيء الكثير للإنجرار وراء أول خيط وصل إليه دون دراسة قانونية واضحة لوضعه مع النادي الاهلي , ودون أن يكترث لما سيحصل له من جراء ردة الفعل التي يمكن أن تنجم عن ذلك القرار الشخصي له يوضح حقيقة ذلك النقص في العقلية والتفكير.

درس اللاعب النجم عصام الحضري وما جره من تبعات يجب أن يعيه اللاعبون الآخرون قبل أن يعيه الحضري نفسه وأن يكون منطلقا أو نقطة أساس تبنى عليه القواعد الأساسية للإدراك بمفهومية الاحتراف بمعناه الحقيقي والذي يجب أن يكون عن طريق قنواته الشرعية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى