في وداع الأستاذ الفاضل

> «الأيام» عبده يحيى الدباني:

> عند فجر الإثنين الموافق 14/4/2008 توقف قلب أديب اليمن الكبير الأستاذ الفاضل عبدالله فاضل فارع عن الخفقان، وفاضت روحه إلى بارئها بعد رحلة طويلة وجليلة في ميادين التربية والتعليم والجامعة والأدب والثقافة والفن والعمل الدبلوماسي وغيرها من الميادين.

رحل فجأة مخلفا حزنا عميقا في نفوس الأجيال التي تتلمذت على يده في المجالات التي صال فيها وجال خلال عمره المديد المثمر، رحمه الله تعالى وجعل أعماله الرصينة الرائدة في ميزان حسناته، إنه سميع مجيب.

عبدالله فاضل فارع الاسم والصفة في آن واحد، فهو عبد صالح وكريم ونادر ومتواضع، وهو فاضل في سلوكه وخلقه، وفارع في شموخه وكبريائه وعزة نفسه واعتداده بها وترفعه عن الصغائر. كان رحمه الله مدرسا عريقا جليلا مفطورا على هذا العمل المقدس، عمل في كل مراحل التعليم (الابتدائي والثانوي والجامعي بما في ذلك الدراسات العليا)، وهو من أفضل من مارس هذا العمل الحضاري الكبير في مختلف مستوياته، لقد تتلمذت على يد عشرات من المعلمين والأساتذة الأجلاء من اليمنيين والعرب، ولكنني أستطيع أن أشهد أنني لم أجد بين هؤلاء الأحباء- جزاهم الله عنا خير الجزاء- من هو أكثر حضورا ومثابرة ودقة وحبا لعمله وإجادة وحيوية من أستاذنا الجليل عبدالله فاضل فارع، لم ينقطع قط عن طلابه إلا في الشهر الأخير من حياته، حين كان قعيد الفراش، ولعله خلال الشهر ذاته كان يقوم بهذا الواجب وفق ما يسمح به الظرف العصيب الذي مر به، وكان يعد بالعودة إلى طلابه قريبا، ويريد أن يذهب إليهم وهو على حالته بعد أن أقعده كسر في رجله. كان التعليم مقوما أساسيا في بقائه حيا، فلما انقطع عنه دنا أجله، وفضلا عن فاضل التربوي والأكاديمي، فقد كان شاعرا مجيدا وجميلا، كتب بالفصحى، كما كتب أغاني أثرت الحياة الفنية، وعسكت ذوق هذه المدينة الخالدة (عدن) وإنسانيتها وتفردها الحضاري وفلسفتها في ميدان العلاقة الإنسانية.

يعد فقيدنا من أبرز رواد الشعر الرومانسي في اليمن، إن لم يكن الرائد الأول في النصف الأول من القرن العشرين، ولايزال ديوانه (دوامة الهباء) مخطوطا على نفاسته وريادته، نرجو من الجهات المختصة في الجامعة واتحاد الأدباء ووزارة الثقافة أن تعمل على نشر هذا الديوان الفريد وغيره من أعمال الفقيد في النقد والأدب والترجمة و التربية وغيرها، وخلال كل ذلك فقد كان مدمنا على القراءة.

ومن نافلة القول نذهب إلى أن الفقيد كان ناقدا قديرا ومن رواد وأعلام الترجمة في اليمن، لاسيما الترجمة الأدبية من اللغتين الإنجليزية و الإسبانية، كما كان هذا الرجل القدير دبلوماسيا محنكا محبوبا، مثل بلاده أحسن تمثيل، ونسج علاقات ثقافية خارج اليمن خدم من خلالها الحياة الثقافية في بلادنا، منها ما جلبه من كتب كثيرة مختلفة ونادرة من دور النشر العربية غذى بها المكتبات الخاصة والعامة، فضلا عن مكتبته الخاصة ومعارفه الثرية المفتوحة للباحثين مثل قلبه المفتوح لزملائه وطلابه، ولعل أجيالنا الطالعة لاتعلم أن فقيدنا العزيز كان في مقدمة الذين أسسوا جامعة عدن واتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في منتصف السبعينيات، وكان هو أول عميد لكلية التربية - عدن، هذا الصرح العلمي العريق، الذي تأسس في عام 1970، والفقيد هو أول أمين عام لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.

لقد كرس هذا الراحل الكبير حياته في مكافحة الجهل والتخلف وثقافة الظلم والاستبداد والفساد، وإنا على دربه لسائرون.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى