عبرة جدتي وخطاب للسلطة

> عمر محمد بن حليس:

> كانت جدتي -رحمة الله عليها- دائمة التذكير لأخي الأكبر صالح ولي بالدعاء (اللهم أرني عبرتي في غيري ولا تجعلني عبرة لغيري)، ومن شدة إعجابها بذلك ولتعلقها فينا وحبها المورق المزهر الذي أحاطتنا به كما تحيط العصفورة بصغارها خوفا من أن تنهشهم متربصات النسور والجوارح أسمعتنا إياه كثيراً، ولأننا كنا صغاراً لم نفقه مغزاها.. واليوم بعد أن بلغت من العمر مبلغاً أدركت المعنى وفهمت المغزى وحمدت الله كثيراً الذي هداني إلى طريق الحق والصواب وأسأله سبحانه أن يثبتني ويميتني عليه.

عموماً ما دفعني للكتابة هو أنني قمت بزيارة لصديق عزيز في مقر عمله، وبينما كنا منسجمين في حوار هادئ عرجنا من خلاله على أحداث الساعة، فاتفقنا في أمور عدة أبرزها كيف نسهم في بيان وكشف خطورة بعض الدعوات أو السلوكيات والممارسات التي يحاول البعض جرنا إليها بشكل مباشر أو غير مباشر، وماهية العواقب على هذا البلد وأهله، وفي سياق الحديث الأخوي حملني أمانته لإيصالها للأخوين (هشام وتمام) نظير دور صحيفتهما في تناولها لتلك الأحداث، وتعاطيها معها بصدق وموضوعية، إلى أن قال: «ليت بعض الصحف تأخذ عبرتها من «الأيام» في التفوق المستمد من النفس الديمقراطي الذي غرس شجرته ويرعاها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح».

وقبل أن يكمل كلامه دخل أحدهم فسلم علينا وقال: أهلا بن حليس، فنظرت إليه مبتسماً راداً له التحية فقال مؤكدا: طبعاً أنت لا تعرفني وأنا أعرفك من كتاباتك التي لدي تحفظات عليها، فقاطعته: جميعها؟ قال: طبعاً يا أخي بطل شغل (القرع) و (المسح)، ثم أخذ يهذي بكلام كثير وعجيب وغريب فقلت له: اهدأ، ثم أسمعته الدعاء سالف الذكر وأضفت: ألا ترى أن ما يجري على أرض الصومال والعراق كافياً لتأخذ منه عبرة؟.. فرد علي: سيبك من هذا الكلام والعبرة التي قالتها جدتك هي خطاب للسلطة، للسلطة، وأنتم تكررونها.

وهنا سألته: طيب هل تحب اليمن؟ قال أيوه.. ثم سألته ثانية: هل تخاف أن تتصومل؟ فصرخ بصوت هستيري: «يا أخي تتصومل ما تتصومل مش مشكلة، وبعدها سينتهي هذا النظام (يقصد النظام السياسي) وسنبني نظاما آخر ونقيم العدل، وحتى «الأيام» التي تمتدحها في كتاباتك مش على مبدأ.. يا أخي اكتب واقرأ لصحف حزب (...) والحزب (...) وكفاية».. ثم قام نافضاً مشدته التي كانت على كتفه تاركاً غبارها المزعج يفسد الجلسة وغادرنا دون سلام.

فقلت لصديقي: شوف الفرق كنا نقول يكفينا عبراً مما نراه فوطننا بحاجة للبناء والإعمار والاستقرار، بحاجة للحفاظ على وحدة شعبه، ونشر ثقافة الحب بين أبنائه، وهي مسئولية الجميع دون استثناء، وهذا الرجل (المعتوه) على النقيض فهو بعقلية الهدم والكراهية والتباغض.. وأقسم بمن أنزل من المعصرات ماء ثجاجاً أن حبي لوطني ووحدة أرضه وشعبه هو الذي يفرض عليّ مثل هذا الطرح وما أنا بقارع لدف ولا ماسح لجوخ.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى