التحديات الأساسية أمام الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد ..ومكافحة الفساد قضية مجتمع لا بد أن يتداعى الجميع لمحاربته والبدء بإعلان مرحلة جادة لا هزل فيها

> صنعاء «الأيام» :

> فيما يلي تنشر «الأيام» نص ورقة الأخ عزالدين الأصبحي، عضو الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد رئيس قطاع المجتمع المدني، التي سلمها إلى زملائه أعضاء الهيئة:

«أحدث تشكيل الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد في اليمن صدى سياسياً واسعاً على المستوى الوطني والمانحين الدوليين وكانت خطوة تشكيل الهيئة عبر انتخابات حرة داخل مجلس النواب محل تجاذب سياسي واسع، ومرد ذلك في كل الأحوال لأهمية الهيئة ودورها ولكن منذ انتخابات الهيئة في مجلس النواب ثم صدور القرار الجمهوري بتشكيلها يوم 2007/7/3م واجهت الهيئة تحديات جمة، وخلال الأشهر العشرة الماضية يمكن لنا أن نحدد العديد من هذه التحديات المهمة، التي تعيدنا إلى المربع الأول عبر السؤال الجوهري ماذا يمكن للهيئة أن تقدمه لمكافحة الفساد المستشري الذي يعترف بقوته الجميع في الوطن؟؟

هنا وقفة تقييم ومراجعة للخطوات الأولى للهيئة وبرغم أن الأمور لا تزال مبكرة لتقييم العمل لكن تأسيساً على بنود قانونها الأساسي زيادةً على حجم التحديات العديدة التي تواجهها الهيئة وسقف التوقعات العالي جداً المرجو منها يجعل ضرورة أن نقف مبكرين على الواقع الذي تم اكتشافه منذ الخطوة الأولى، من أجل تقييم موضوعي لهذه المؤسسة الوطنية المهمة في اليمن، ومن أجل أن نرسم سوية مسارها الصحيح ضمن رؤية إستراتيجية وطنية واقعية تنشد نجاحها وتحدد مهامها بوضوح ودقة وتزيل من أمامها العقبات وتزيل من أذهان الناس أي تصورات مغلوطة عن صلاحياتها وقدراتها في التعاطي مع القضايا المختلفة.

ولقد برزت خلال الأشهر الأولى تحديات وملاحظات مهمة على المستوى القانوني، والبناء المؤسسي وعلى مستوى تصوراتنا جميعاً في مختلف الجهات الرسمية وغير الرسمية والمنظمات غير الحكومية لمهام الهيئة ودورها وعلاقتها المفترضة بالجهات المختلفة ذات العلاقة الوطيدة والأدوار المتشابهة أو المتكاملة ومن هنا أبدأ:

التحدي الأول..سقف التوقعات

لقد صاحب تأسيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد لغط إعلامي وسياسي واسع وكان واحدة من المحطات المهمة التي وقفت أمامها القوى السياسية المختلفة والمنظمات الدولية المانحة باهتمام بالغ وهذا أمر محمود يؤكد أهمية الدور الذي يجب أن تلقيه الهيئة وأهمية الخطوة السياسية التي أقدمت عليها اليمن بعد مصادقتها على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

ولكن اللافت للنظر أن الصخب السياسي والإعلامي صاحب الخطوة الأخيرة من مراحل تشكيل الهيئة وأعني بها انتخابات الهيئة من قبل مجلس النواب وحصرت المسألة في تبادل الاتهامات للأسماء ومدى تمثيل القوى السياسية في القائمة!!

وهنا حدث الأمر الذي أصبح تحدياً أمام الهيئة الوليدة حيث أن الاحتفاء البالغ بتشكيل الهيئة أوجد تصوراً مبالغاً فيه لدى معظم الجمهور حول سقف الصلاحيات الواسعة للهيئة وعلق عليها الجميع أحلاماً عظيمة وأنها ستقوم بطريقة سحرية في مكافحة الفساد وأهمها جر طوابير الفاسدين أمام الملأ ليشفي الناس غليلهم!! هكذا تصور الناس أو صور لهم عبر تناول إعلامي وسياسي لم يحتكم إلى القانون ولم يبذل جهداً في قراءة النصوص القانونية والواقع السياسي.

وفي الجانب الآخر حدثت حملة إعلامية واسعة ومنظمة لتحطيم معنويات المجتمع من الهيئة وءنه لا فائدة ترجى، وأرجعت الحملة التي صاحبها صخب سياسي واسع أسباب إحباطها وعدم إيمانها بالهيئة إلى بعض الأسماء وعدم تضمين الهيئة أسماء أخرى!!

وكأن الأمر فقط (في بعض الأشخاص) ولم تحظ هذه الخطوة من قبل القوى السياسية المختلفة بدراسة قانونية موضوعية أو تصور سياسي موضوعي، يعززه القانون النافذ والرؤية السياسية الواقعية، هذا للأسف لم يتم.

وهنا أحب أن أشير إلى المشكلة وهي أن الجميع بمن فيهم نحن لم نعط عملية التأسيس لهيئة وطنية حقها من الدرس والعناية ولم نسمع جدلاً قانونيا حول قانون مكافحة الفساد بل على العكس وجدنا طرحاً اعلامياً واسعا يراه قانوناً متطورا وأنه أعطى الصلاحيات الكاملة في التحقيق مع كبار المسئولين وإحالتهم إلى المحاكمة والقبض والتفتيش وغيرها؟!

لم يحظ هذا القانون ومعه قانون الذمة المالية الذي صدر قبله للأسف بوقفة جادة وكان يجب أن تكون المعركة البرلمانية في أثناء إقرار مواد القانون وليس في مرحلة الانتخاب لأعضاء الهيئة أي بعد إقراره والإشادة به!!

لأن الدراسة المتأنية للقانون، والمقارنة مع القوانين الأخرى وتحديد مدى الصلاحيات وأين التعارض الممكن في الاختصاصات، هي التي يجب أن نقف أمامها ونعمل على توعية الجمهور بها حتى يكون سقف توقعه وتفاعله بما يتلاءم والواقع والحقيقة! ولابد أن أشير إلى أنه أثناء مناقشة القانون وهو لا يزال مشروعاً في الحكومة، ثم مشروعاً أمام النواب لم تقم حوله أي حلقة نقاش واسعة ليس مع الجمهور والإعلام والأحزاب السياسية، ولكن حتى مع الجهات ذات العلاقة المباشرة مثل القضاء والنيابة والرقابة والمحاسبة وغيرها!! لذلك لم تحدد العلاقة بين هذه الجهات ولم تدرس عملية خلق جسور التكامل بين الجميع!

الأمر الذي وضع الهيئة أمام العديد من التحديات إذ عليها أن تبلور رؤيتها للعلاقة مع هذه الجهات وأن تخلق تنسيقاً وحواراً من أجل تكامل الأدوار والشراكة في مواجهة الفساد وبما يحقق سيادة القانون ولا يخلق تعارضاً في الاختصاصات وعلينا أن ندرك أن كل جهة تبقى متحفزة لمثل هذا الأمر وتتعامل معه بحذر وترقب لأن تنازع الاختصاص مشكلة بحد ذاتها، هذا كله والناس كلهم عبر حملات إعلامية مكثفة وغير متوقعة تطلب من الهيئة البدء بالتحقيق في قضايا الفساد وتقديم الفاسدين إلى المحاكم وتجريدهم من مناصبهم!!

فكيف يمكن العمل، في بيئة كهذه، وكيف يمكن لنا أن نقنع الناس أن قضية مكافحة الفساد ليست مجرد (تشكيل هيئة) والقذف بها إلى الشارع لتلاحق الناس!! لقد أصبح مواجهة الجمهور المتطلع إلى الهيئة بعيون الأمل تحدياً كبيراً لأن إحباطه يعني الفشل وعدم القدرة على كسب ثقته مرة أخرى وبالمقابل يستحيل البدء بخطوات جادة دون إكمال منظومة التشريعات من لوائح وقوانين أخرى وبدون تنسيق الجهود مع الجهات ذات العلاقة وخلق رؤى متكاملة للعمل المشترك يحدد أين تبدأ الهيئة وأين تنتهي؟! وأين تكون علاقتها مع نيابة الأموال العامة وأين تنتهي علاقتها مع جهاز الرقابة والمحاسبة، واللجنة العليا للمناقصات؟!

و معلوم أن مختلف التساؤلات هي بمثابة تحديات حقيقية من غير الممكن الإجابة عنها في مرحلة التأسيس خصوصاً و أن الناس والإعلام يمارسون ضغطاً هائلاً عبر تدفق عشرات القضايا والشكاوى , فكيف نواجه التحدي، المأزق؟!

هنا نحن بحاجة إلى مكاشفة شجاعة مع الجمهور وتوضيح تحديات التأسيس والبداية وإلى مد جسور الحوار المنفتح مع الجميع حتى يدرك الكل الواقع القانوني وتحدي البناء من الصفر دون قلق، وعلينا أن نوضح بشكل واضح وجلي السقف الحقيقي الذي نقف تحته، والمدى القانوني المتاح والاختصاص الذي يمليه القانون حتى يكون توقع الناس في الحد الحقيقي.

التحدي الثاني..التحدي القانوني

القضية الأخرى التي تحتاج إلى وقفة أكبر هي التحدي القانوني فبرغم الاحتفاء الذي أظهره الجميع بقانون مكافحة الفساد رقم 39 لسنة 2006م إلا أن وقفة تحليلية للقانون ستظهر أننا بحاجة إلى مراجعة وأنه ومعه قانون الذمة المالية بحاجة إلى إعادة نظر فلقد أخذتنا جميعاً بهجة الفرح في أن مجلس النواب تغلب على كل الصعوبات والمناقشات الطويلة وأصدر قوانين مهمة تعزز خطوات الإصلاح الديمقراطي وتعمل على إنشاء مؤسسات جادة لبناء الدولة الحديثة وفي مقدمة ذلك محاربة الفساد ومعاقبة الفاسدين!

ولكن هناك خطوات لابد أن تتم حتى تكون الصورة بهذا الإشراق والتفاؤل فالقانون صدر في 2006/12/25م أي بعد مصادقة المجلس على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بمكافحة الفساد بقرابة عام ونصف العام حيث صدر قرار رئيس الجمهورية بالموافقة على مصادقة مجلس النواب على الاتفاقية الدولية في 2005/8/3 وما يثير الاستغراب أن مجلس النواب كان قد أصدر قانون الذمة المالية قبل قانون مكافحة الفساد حيث صدر القانون الخاص بالذمة المالية رقم 30 لسنة 2006م في 2006/7/6 وتنص المواد رقم 7، 9، 10 على صلاحيات الهيئة في اتخاذ الإجراءات الخاصة بتلقي ومتابعة الإقرارات، والمادة 15 تنص على أن الهيئة مسئولة عن تلقي الإقرارات الخاصة بالذمة المالية من المسئولين المشمولين في القانون، هذا كله ولم يصدر بعد قانون الهيئة وليس هناك هيئة أصلاً؟! فكان لابد من تشكيل الهيئة ولكن تشكيل الهيئة بحاجة إلى قانون خاص فكان إصدار القانون الخاص بمكافحة الفساد!

هذا القلق التشريعي وعدم التسلسل المنطقي سيبقى مؤشراً على الإعاقة القانونية التي ستعاني منها الهيئة، ولكن أكبر تحد هو في اضطراب القانون الخاص بمكافحة الفساد نفسه (القانون رقم 39 لسنة 2006) حيث نجد في المادة الثالثة الفقرة 1 ضمن الأهداف إنشاء هيئة وطنية مستقلة عليا لها صلاحيات قانونية في مكافحة الفساد وتعقب ممارسيه وفقا لهذا القانون والقوانين النافذة.

وجاء في الفقرة 7 من المادة الثامنة ضمن مهام الهيئة التحقيق مع مرتكبي جرائم الفاسد وإحالتهم إلى القضاء.

وهذا يعني النظر في القضايا والتحقيق فيها والمتابعة حتى المحاكمة للفاسدين ولكن يأتي ليقول في المادة 37 ينعقد الاختصاص للنظر في قضايا جرائم الفساد لنيابات ومحاكم الأموال العامة.

وهذا يعني أن الاختصاص منوط بجهة أخرى ومعززة بقوانين أخرى من قانون السلطة القضائية أو قانون الإجراءات الجزائية وتبقى المشكلة الأكبر في جانب القانون رقم 6 لسنه 1995م بشأن إجراءات اتهام ومحاكمة شاغلي وظائف السلطة التنفيذية العليا وهذا يعني أن الجهات المنوط بها التحقيق والمحاكمة لشاغلي الوظائف العليا، التي تعني درجة نائب وزير وحتى رئيس الوزراء محددة بوضوح وليس للهيئة أي سلطة ممكنة في ذلك وأكد قانون محاكمة شاغلي الوظائف العليا رقم 6 لسنة 1995م في المادة رقم 10 على ذلك حيث ينص على مايلي: «يكون إحالة رئيس الوزراء أو نوابه أو الوزراء أو نوابهم إلى التحقيق أو المحكمة عما يقع منهم من جرائم أثناء تأدية أعمال وظائفهم أو بسببها بناء على قرار من رئيس الجمهورية او اقتراح من خمس أعضاء مجلس النواب وموافقة ثلثي أعضائه» وهذا التأكيد القانوني والحصانة نجدهما أيضاً في قانون مجلس الوزراء رقم 3 لسنة 2004 الذي ينص في مادته رقم 47 الفقرة 1 على «لرئيس الجمهورية ولمجلس النواب حق إحالة رئيس الوزراء أو نوابه أو الوزراء إلى التحقيق والمحاكمة عما يقع منهم من جرائم أثناء تأدية أعمال وظائفهم أو بسببها ويكون قرار مجلس النواب بالاتهام بناء على اقتراح مقدم من خمس أعضائه على الأقل ولا يصدر قرار الاتهام إلاّ بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس».

ونصت الفقرة الرابعة من هذه المادة على سريان المادة على نواب الوزراء، وفي حالة وجود قضية توجب محاكمة نائب وزير وليس وزير فإن الإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا محكومة من رئيس الجمهورية أو ثلثي مجلس النواب كما نرى، حيث يقدم الاقتراح من واحد وستين نائباً ثم يوافق عليه مائتان وواحد على الأقل!! ولا يكون دور النائب العام هنا غير إبلاغ المتهم بزمان المحاكمة ومكانها وليس له حق تمثيل سلطة الاتهام لأن الذي يقف ليمثل سلطة الاتهام ضد هذا الوزير أو نائب الوزير ليس النيابة العامة أو هيئة مكافحة الفساد بل يختار مجلس النواب ثلاثة من أعضائه بالاقتراع السري حسب القانون رقم 6 لسنة 1995 بشأن إجراءات محاكمه شاغلي الوظائف العليا المذكور حيث تنص المادة 21 منه على مايلي:

«يقوم بوظيفة الاتهام أمام المحكمة ثلاثة من أعضاء مجلس النواب من ذوي التخصصات الشرعية والقانونية ينتخبهم المجلس بالاقتراع السري المباشر بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس ويجوز أن يعاونهم أحد أعضاء النيابة العامة لا يقل مستواه الوظيفي عن محام عام وذلك بناءً على طلب المجلس» وبالعودة إلى الدستور نجد أن الدستور نص في المادة رقم 139حرفياً على ما ذكرناه وورد في قانون مجلس الوزراء وقانون إجراءات محاكمة شاغلي وظائف السلطة العليا من أن الإحالة إلى التحقيق أو المحاكمة لرئيس الوزراء أو نوابه أو للوزراء أو نوابهم هي من اختصاص رئيس الجمهورية أو مجلس النواب عبر إجراءات محددة في تقديم مقترح من خمس أعضاء المجلس وموافقة أغلبية ثلثي أعضاء المجلس.

وإذا كان الوزير المراد التحقيق معه يجمع بين عضوية مجلس النواب ومجلس الوزراء فإنه يستفيد من المادة 82 من الدستور التي تقول:«لا يجوز أن يتخذ نحو عضو مجلس النواب أي إجراء من إجراءات التحقيق أو التفتيش أو القبض أو الحبس أو أي إجراء جزائي إلاّ بإذن من مجلس النواب ما عدا حالة التلبس وفي هذه الحالة يجب إخطار المجلس فوراً وعلى المجلس أن يتأكد من سلامة الإجراءات وفي غير دورة انعقاد المجلس يتعين الحصول على إذن من هيئة الرئاسة ويخطر المجلس عند أول انعقاد لاحق له بما اتخذ من إجراءات».

وحيث إن الدستور يجيز الجمع بين عضوية مجلس النواب وعضوية مجلس الوزراء فإن الوزير البرلماني لا يمكن التحقيق معه إلاّ بإذن مجلس النواب وبالعودة إلى من هم شاغلو الوظائف العليا نجد إشكالاً قانونياً آخر حيث نص القانون رقم 6 لسنة 1995 بشأن إجراءات اتهام ومحاكمة شاغلي وظائف السلطة التنفيذية العليا في الدولة، في المادة الثانية منه الفقرة (ب) بتعريف السلطة التنفيذية العليا بأنها «رئيس الجمهورية ونائبة ورئيس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم».

والفقرة (ج) عرفت مجلس الوزراء بأنه «رئيس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم» ولكن جاء قانون الذمة المالية رقم 30 لسنة 2006م وحصر في المادة الرابعة منه الفقرة (أ) وظائف السلطة العليا على النحو التالي:

-1 رئيس الجمهورية.

-2 نائب رئيس الجمهورية.

-3 رئيس وأعضاء هيئة رئاسة مجلس النواب وأعضاء المجلس.

-4 رئيس الوزراء ونوابه وأعضاء المجلس ونوابهم ومن في مستواهم.

-5 رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى.

-6 رؤساء وأعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة .

-7 رئيس وأعضاء هيئة رئاسة مجلس الشورى وأعضاء المجلس.

-8 رئيس وأعضاء اللجنة العليا للانتخابات.

-9 مدير مكتب رئاسة الجمهورية ونوابه.

-10 رؤساء الجامعات ونوابهم.

-11 رؤساء الوحدات الإدارية بالمحافظات (المحافظون)، وأمناء عموم المجالس المحلية بالمحافظات.

-12 رئيس هيئة الأركان العامة ونوابه.

-13 قادة وأركان حرب ورؤساء عمليات المناطق العسكرية والمحاور.

-14 رؤساء البعثات الدبلوماسية بالخارج.

-15 مستشارو رئيس الجمهورية.

-16 مستشارو هيئة رئاسة مجلسي النواب والشورى.

-17 مستشارو رئيس مجلس الوزراء.

-18 الأمناء العاملون ومساعدوهم في :

‌أ- رئاسة الجمهورية.

‌ب- مجلس النواب.

‌ج- مجلس الوزراء.

‌د- مجلس الشورى.

‌ه- اللجنة العليا للانتخابات.

-19 مدراء مكاتب رؤساء مجالس النواب والوزراء والشورى ونوابهم.

-20 رئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ونوابه.

-21 محافظ البنك المركزي اليمني ونوابه.

هؤلاء جميعاً يرى قانون الذمة المالية هم فئة موظفي السلطة العليا، وعليهم أن يقدموا إقرارات الذمة المالية، فهل كلمة موظفي السلطة العليا ستشمل أيضا حصانتهم جميعا على أساس قانون إجراءات محاكمة شاغلي وظائف السلطة العليا رقم 6 لسنة 1995م أم أن التعريف لمن يتمتعون بهذا القانون وحصانته فقط هو كما ورد في الفقرة (ب) من المادة الثانية بأن السلطة التنفيذية العليا يراد بها تحديداً (رئيس الجمهورية ونائبه ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم)!!

هذا سؤال إشكالي بحاجة إلى إجابة وإلى فض الاشتباك القانوني القائم.

و بغض النظر عن ما يفهم من مختلف ما يتبناه من فقرات مواد القوانين السالفة بالعلاقة مع قانون الهيئة و التي يفهم منها أن الهيئة لن يزيد دورها عن جمع الاستدلالات و الإحالة إلى النيابة العامة أو مخاطبة الرئيس أو مجلس النواب في اتخاذ ما يلزم قانونياً ..

نتساءل مجدداً ما هي الحدود المرسومة للهيئة و هل تقف صلاحيتها عندما هو دون الوظائف العليا ؟!

أو مخاطبة الرئيس أو مجلس النواب في اتخاذ ما يلزم قانونياً ؟!

وهو ما قد يفسر في ظل ارتفاع سقف التوقعات من إنشاء الهيئة بأنه هروب من الهيئة وليس تصرفاً يمليه الدستور والقانون الحالي!

وفي حالة اتجه التفكير الجاد الآن إلى ضرورة التعديلات القانونية والدستورية اللازمة من أجل إعطاء الهيئة دورها الكامل في التحقيق و الإحالة إلى المحكمة وتمثيل سلطه الادعاء وغير ذلك فإن الأمر يتطلب تعديل سلسلة من القوانين من السلطة القضائية ومحاكمة شاغلي الوظائف العليا وقانون مكافحة الفساد وقانون مجلس الوزراء كما لابد من تعديل دستوري خاصة للمادة (139) بشأن التحقيق والإحالة إلى المحاكمة وهي من المواد التي لا يمكن تعديلها حسب نص الدستور في الماده (158) إلا باستفتاء شعبي حيث نص الدستور في المادة (158) على أن المادة (139) من الدستور ضمن المواد المحددة التي تحتاج في حالة تعديلها إلى إجراءات محددة تتمثل في تقديم طلب تعديل من رئيس الجمهورية أو من مجلس النواب، وفي حالة أن طلب التعديل مقدم من مجلس النواب وجب أن يكون موقعاً من ثلث أعضائه، ويناقش المجلس التعديل ويصدر قراره في شأنه بأغلبية أعضائه فإذا تقرر رفض الطلب فلا يجوز إعادة المقترح قبل مضي سنة على هذا الرفض وإذا وافق المجلس على مبدأ التعديل يناقش المجلس بعد شهرين من تاريخ الموافقة المادة المقترحة فإذا وافق ثلاثة أرباع المجلس على التعديل يتم عرض ذلك على الشعب للاستفتاء العام وفي حالة جاء الاستفتاء في الأغلبية لصالح التعديل اعتبر التعديل نافذاً.

وأظن أن السير في هذه الإجراءات القانونية للتعديل الدستوري يعني أن علينا أن نخوض معركة قانونية وسياسية واسعة تبدأ من المقترح والإقناع وتنتهي مع نجاح الاستفتاء الشعبي أي شهور طويلة وتعب حقيقي , لأن فهم القانون الحالي فيما يخص إجراءات التفتيش والتحقيق منوطة حسب الدستور وحسب قانون الإجراءات الجزائية بالنيابة العامة كاختصاص أصيل للنيابة العامة وأكدت ذلك المادة 37 من قانون مكافحة الفساد التي أكدت على انعقاد الاختصاص للنظر في قضايا جرائم الفساد للنيابة ومحاكم الأموال العامة

وهنا يبقى دور الهيئة في جانب جمع الاستدلال وفي دور مأموري الضبط القضائي فقط وهنا نحن أمام رؤية قانونية تحددها استراتيجية النظرة السياسية التي قامت عليها الهيئة، ويجب أن تكون واضحة للجمهور وأمامنا خياران:

الأول : أن نعلن بوضوح أننا نريد من الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد أن تقوم بمهام واسعة تشمل التحقيق القضائي وأنها تباشر ذلك كاختصاص أصيل وأن مأموري الضبط القضائي في الهيئة يتمتعون بالاستقلالية نظراً لاستقلال الهيئة ولا يخضعون إلى إشراف النيابة العامة، وهنا يحتاج الأمر إلى تعديل قانوني واضح وإلى فض الاشتباك القانوني القائم لأن المشرع في هذه الحالة عليه أن يعطي الهيئة صلاحيات قضائية واضحة وربما سنقع هنا في محظور التعدي على استقلالية السلطة القضائية وتنازع في الاختصاصات! ولكنه خيار تحدده رؤية المشرع لما يريده من الهيئة بوضوح.

الثاني: أن يتم الإعلان بوضوح وعبر حملة توعية قانونية لمهام الهيئة القانونية وأن صلاحيات التحقيق والقبض والتفتيش هو اختصاص أصيل للنيابة العامة وهي المسئولة عن ذلك وليس الهيئة، وبالتالي لا يجب أن نجعل الجمهور متوقعاً من الهيئة القيام بإجراءات وخطوات قانونية هي ليست من اختصاصها وأن كل ما يمكن عمله هو التحري من الشكاوى والبلاغات وجمع الاستدلال حولها ثم إحالتها إلى النيابة العامة المحكومة هي الأخرى بقواعد قانونية ومع من تجري التحقيق وكيف؟!

وهذا التوضيح القانوني لسقف الصلاحيات الممنوحة للهيئة لا يعيبها على الإطلاق بل يجب أن يوضح بقوة وعلى كل المستويات لينسجم مع الرؤى التي نراها مناسبة لوظيفة الهيئة ودورها في المجتمع بحيث لا يتوقع الجمهور أو الشاكي من الهيئة أكثر مما تحدده القواعد القانونية وتسمح به وهذا يعفي الهيئة من الضغط المستمر عليها وجعلها تعاني من ترقب الجمهور وأسئلته ومراقبته وإلحاحه!!

التحدي الثالث..تحديات البناء المؤسسي

كانت البدايات الخاصة بالتأسيس (ولا تزال حتى الآن) هي العقبة الأكبر التي تجعل الهيئة غير قادرة على القيام بدورها المطلوب.. فبين الخطاب الإعلامي الذي رافق الإنشاء وركز على أن الهيئة مستقلة ولديها صلاحيات مطلقة وإمكانيات دعم عالية.. وبين الواقع المادي والإداري الذي يقول إنها تبدأ من تحت الصفر، كانت العقبة الكبرى والتحدي الأكبر، وعندما أقول من تحت الصفر فأنا أعني ما أقول لقد بقي الناس يترقبون إنجازات الهيئة منذ اليوم الأول..وخلال أسبوع فقط بدأت تظهر المقالات والحملات الإعلامية التي تطالب بالإنجازات المتمثلة في إعلان (قوائم الفساد ومحاكمة المسئولين)، وحسب التعبير الشعبي الدارج الذي تناولته الصحافة هو أن تبدأ «بقراح الرؤوس» وهو تعبير شعبي يعني الإطاحة بالرؤوس الكبيرة!!

ولكن الهيئة كانت في حالة من العمل المنهك الذي أخذ منها كل مأخذ وأسيرة السؤال الأول وهو من أين تبدأ، فهي بدون مقر وبدون أي إمكانات مادية، بدون طاقم مساعد بدون ميزانية، بدون خطة، بدون حتى (طاولة للاجتماع)!!

وسأذكر قصه اللقاء الأول ليعرف الكل حجم المشكلة المؤسسية والمعاناة!

فبعد أداء القسم أمام الأخ رئيس الجمهورية صباح الأربعاء 2007/7/4 في مبنى الرئاسة وجه بكلمة واضحة أعضاء الهيئة بأن عليهم أن يتحملوا مسئولياتهم دون خوف، وأنهم مستقلون وأنه والبلاد كلها تعول على الهيئة الكثير!

وبقينا بعد الكلمة في حيرة أين نجتمع من أجل حسم الإجراءات الأولى المتمثلة بانتخاب رئيس الهيئة ونائبه؟!

فنحن بدون مقر، بل ومعظمنا لا يعرف الزملاء الآخرين، ولم يحدث قط أن التقينا حتى للتعارف!!

وجه رئيس الجمهورية مكتب الرئاسة بتوفير أي مقر مؤقت حتى يتم الحصول على مقر حكومي ملائم .

وفي ردهة الرئاسة كان الاقتراح أن نعقد اجتماعنا الأول في إحدى قاعات مجلس النواب، كونه الجهة الأولى التي نلجأ إليها والجهة التي انتخبنا من قبلها، ولأن البرلمان هو بيت الشعب كله! وذهبنا إلى المجلس مباشرةً و طلبنا منهم أن يستضيفوا لقاءنا الأول ووافق الجميع! وساعدنا مجلس النواب بشكل ممتاز من تجهيز القاعة المناسبة والحرص على الترحيب بالهيئة من قبل (نائب رئيس المجلس آنذاك رئيس المجلس الآن) الأخ/ يحيى الراعي وتجهيز طاقم سكرتارية ممتاز قام بكل التجهيزات وإعداد المحضر وتنسيق الأمور الإدارية وانتخبنا الرئيس والنائب!

وعادت إلينا الحيره ثانية ماذا بعد؟! أين نلتقي ماذا نفعل؟! كيف ننسق أمور عملنا هل نبقى في مجلس النواب .. مؤقتا.. أم نذهب إلى مكتب الرئاسة لطلب العون حسب توجيهات الرئيس، إنني أذكر الواقعة حتى يدرك الجميع حجم المشكلة التي قد تبدو صغيرة ولكنها صعبة للغاية!! نحن نبحث عن غرفة للاجتماع، وطاولة والناس تنتظر منا «قراح رؤوس» وفتح الملفات والبدء بالمحاكمات!!

ولن أطيل ولكن يكفي أن أقول إنه حتى الشهر العاشر الآن ونحن ضيوف (في مقر مؤقت) بجزء من مبنى مكتب الرئاسة، نعم الحيز لا يكفي للعمل لكن لابد من تقديم شكر حقيقي للمستضيفين للهيئة وتقدير صبرهم وحلمهم فهم قدموا كل ما لديهم من إمكانات ومكان ومساعدين حتى نبدأ خطوتنا الأولى بكل حب وإخلاص وبدون أي تدخل يذكر أو إعاقة للعمل وسيره ولكن أن تبقى الهيئة حتى عامها الأول وليس لديها طاقم إداري متكامل ولا إمكانات مؤسسية تستند إليها في إدارة شأنها اليومي مما يعني تحدياً لا يوصف ومأزقاً يجعلها في وضع أقل ما يوصف بأنه صعب تماماً ولأن الاختيار وقع في أن المقر المقترح للهيئة مبنى وزارة التربية والتعليم القديم في ميدان التحرير فإن انتظار الترميم وإكمال البناء يعني بقاء الهيئة في حالة انتظار صعب حتى ينتهي أمر الترميم بعد شهور وقد تطول!

هل يمكن أن ندرك الآن حجم التحدي الأساسي الذي واجه ويواجه الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد وهل يمكن لنا أن نتصور كيف نطلب من شخص مهما كان أن يتولى النظر في قضايا فساد كبرى ويحمل وثائق مهمة ويناقش موضوعات في منتهى الخطورة وهو لا يجد مكتباً ملائماً ولا مساعدين جاهزين؟! ولا تجهيزات لوجستية؟! لقد أنهكت الهيئة طوال الأشهر العشرة الأولى في مناقشات لا تنتهي حول اللوائح التنفيذية والتنظيمية والإدارية والمالية؟! حول معايير التوظيف؟! حول ميزانية التشغيل الأولية؟! حول «مكافآت الأعضاء او العاملين؟!» وأي شخص عمل في الإدارة يدرك معنى البناء المؤسسي وسيعرف حجم المعاناة التي تعانيها الهيئة.

كل هذا والضغط على أن الهيئة لابد لها أن تقوم بمهامها الرئيسة من تحر وتحقيق ومتابعة لقضايا الفساد في كل الجهات وأن تبدأ برامج نشر الوعي وخلق العلاقات مع المنظمات الدولية والمجتمع المدني والمانحين وتواجه وفوداً دولية وإقليمية، كما أن الرقابة الأولية على أدائها لم تنقطع لحظة بل حاصرتها وفود المنظمات الدولية والحكومات من أمريكا إلى ألمانيا إلى بريطانيا إلى الأمم المتحدة من اللحظة الأولى .. الكل يطلب رؤية الهيئة وخطتها الوطنية ويلح على سرعة إنجاز قضايا مهمة تعطي الهيئة هيبتها وقوتها من الإطلالة الأولى، كل ذلك ولا أحد يسأل أين المؤسسة المساعدة والطاقم الفني المتخصص المساعد؟! والإمكانات؟! الآن علي أن أشير إلى أن الوقت استنزف وأن حالة من الإحباط الداخلية والمحبطة تسود بشكل كبير ولكن إذا أردنا أن نعمل عملية مراجعة جادة وصادقة! فإننا لابد أن نقف مطولاً، أمام فكرة الاستعجال وعدم التأسيس المدروس من كل الجهات الرسمية في الدولة والحكومة ومجلس النواب.

فما هو مفترض ومنطقي أن لا تبدأ خطوة انتخابات الهيئة في البرلمان وإعلان النتائج، إلاّ وكل البناء الإداري المساعد في حده الأدنى محسوم تماماً. واقصد بالبناء المؤسسي المحدود ذلك الذي لا يعني تدخلاً في شئون الهيئة ويعمل على انتقاص استقلاليتها والمتمثل في تحديد مبنى مسبق حكومي جاهز بالإمكانات المادية الأساسية التي لا تحتاج إلى عبقرية من مكاتب وهاتف وفاكس وانترنت وطاقم مساعد أولي من حراسة ومراسلين وسكرتارية ومستشارين قانونيين ثم تأتي الهيئة لتكمل بناءها الإداري والمالي وتضع اللوائح وتختار الموظفين، أم أن تنتخب الهيئة، ثم يلتقي أحد عشر شخصاً لأول مرة ويتركون على باب الله يدبرون أمرهم ثم يطلب منهم أن يظهروا عملا خارقا في تعقب الفاسدين وفتح ملفات الفساد فذلك هي الصعوبة بعينها؟!

الآن أتمنى أن أكون وضعتكم في الصورة الصحيحة لما أعنيه بالتحدي المؤسسي الذي واجه الهيئة خلال عامها الأول!!

وقبل أن ينبري أحد في الرد والدخول في جدل لا فائدة ترجى منه أحب أن أؤكد أن الكل تحمل بصبر لا يوصف أن نبدأ مهما كانت الصعوبات التي نعرفها جميعاً في العملية الإدارية ومتابعة المقر الدائم، والتجهيزات المؤسسية ولكن لم نكن نتصور أن الأمر سيأخذ كل هذا الوقت المدمر لكن هذا هو واقع الحال الذي يجب الاعتراف به! والذي يجب أن تدركه مختلف الجهات والجمهور العام حتى نقف جميعاً أمام الحقيقية ونواجهها ولا نحمل فريقاَ محدوداً مسئوليات أكبر من قدرته ونحمله تبعات تقصير لم يكن السبب الوحيد فيه.

التحدي الرابع..التحدي الثقافي والاجتماعي

إننا نعمل في ظل واقع ثقافي واجتماعي أقل ما يوصف بأنه صعب للغاية! حيث ترسخت في أذهان معظم المجتمع ثقافة سلبية مدمرة وحالة من اليأس المدمر من أي خطوة للإصلاح فهو يواجهك بقناعته العجيبة وحديثه العدمي بأنه «ما فيش فائدة؟!!» وكأن المؤسسة الوحيدة المتمثلة لأركان خلق اليأس و هذا الخبر حقيقي !!

ويبقى إظهار الحماس في التغيير أو التعامل بمصداقية محل سخرية أو تعجب من الجميع فالكل يتعاطى مع القيم السلبية باستسلام كامل فالمخالف للقانون محترم والخارج عن النظام رجل سمخ والسالب لحقوق الآخرين أحمر عين أما الملتزم بالنظام والقانون فشخص ضعيف وجبان ولا يستحق الاحترام! وتتجلى صور المحاباة العائلية والشخصية والعشائرية والمناطقية وكأنها رجولة أو ملاذ! هذا الواقع صعب يجعل عملية مكافحة الفساد تعيد النظر في أولوياتها فإلى جانب قوة الإرادة السياسية نحن بحاجة إلى إرادة مجتمع نعمل على خلق بيئة مساعدة للنزاهة تقوم على ازدراء الفساد وعدم احترام الفاسدين مهما كانوا.

نحن بحاجة إلى ثقافة تحترم مبدأ سيادة القانون وتعاقب الفاسدين عبر المجتمع قبل عقابهم من قبل القانون لأن عقاب المجتمع أكثر قسوة من العقاب القانوني إذا تم.

وهنا يتطلب الأمر جهداً خارقاً في التوعية ورص الصفوف وإلى استراتيجية وطنية شامله يقوم بها الجميع!

وتبدأ بخلق منظومة النزاهة من تعزيز استقلال القضاء وتعزيز دور البرلمان، وتحرير الإعلام وبناء الرقابة الإدارية، وتقوية دور المجتمع المدني والسلطة المحلية

إن القول بأن مكافحة الفساد تحتاج فقط إلى إجراء محاكمات سريعة بدون بناء حقيقي لهذه المنظومة سيجعل «إسقاط الرؤوس» وإن كانت فاسدة يتم في دائرة الانتقام الشخصي وتصفية الحسابات ولكن بدون قضاء حقيقي على الفساد، ليجعل دائرة العنف تدور أكثر بدون تحقيق العدالة المنشودة وبالتالي علينا أن لا ننجر إلى بناء هيئة انتقامية مهمتها الإطاحة فقط بينما نحن بحاجة إلى مؤسسة تقيم العدالة وتحقق الإنصاف.

خطواتنا كيف تبدأ؟

الآن علينا أن نفكر ملياً في كيف نبدأ ونخرج من دائرة العجز الذي قد يصيبنا ونواجه التحديات السابقة.

أولاً : إكمال البناء المؤسسي الذي كان يفترض أن يبدأ قبل إنشاء الهيئة وتقوم به اللجنة السابقة التي بدأت قبل القانون الحالي حيث كان يفترض أن تعطى تلك اللجنة الفرصة الكاملة والوقت الكافي لوضع البناء المؤسسي والتجهيزات الإدارية والفنية حتى إذا ما تم إنشاء الهيئة وإعلانها تبدأ من الخطوة الأولى وليس من تحت الصفر ولكن وحيث إن السيف قد سبق العذل كما يقول العرب على هذه الهيئة الآن أن تتحمل عبء البناء المؤسسي باقتدار وتقدم نموذجاً إيجابياً في التأسيس مؤكدة على ما جاء في القانون رقم 39 لسنة 2006م والخاص بمكافحة الفساد بالمادة رقم (12) الفقرة (ج) التي تنص على أن تكون الهيئة في بناءها الإداري واختيار كادرها نموذجاً للمؤسسة الفاعلة والمستقلة والمتطورة، ولكن عليها أن تواجه ضغط الجمهور والإعلام والأحزاب بوضوح وشجاعة وتعلن لماذا تأخر عملها ولماذا هي لم تقم بإشهار القضايا الملحة من قضايا الفساد لأن بناء المؤسسة باقتدار وحكمة هو عمل أساسي لابد منه حتى نكافح الفساد وبدون مؤسسة لا يمكن لنا العمل ثم أن الهيئة في تقديمها نموذجاً إيجابياً بالبناء المؤسسي يقوم على احترام القوانين وشفافية المعاملات وإعطاء الفرصة للمتنافسين والمتقدمين وعدم المجاملة والوساطة تكون بذلك قد عملت خطوة مهمة في مكافحة الفساد لأن تقديم النموذج القدوة في العملية الإدارية هو أساسي قوي لمكافحة الفساد أما إذا لم يتم بناء مؤسسة حديثة ومتكاملة أو وقعت في فخ العشوائية والمحاباة في التوظيف واختيار الكادر على أساس غير منصف وليس فيها شفافية فإن ذلك كارثة حقيقية تدمر خطوة مكافحة الفساد من أولها وأساسها وحتى اختيارنا لكادر وخبراء من الجهاز الحكومي لابد أن يخضع للمنافسة والإعلان حتى يدرك الكادر الملحق بالهيئة من الموظفين أنه جاء لقدراته المتميزة وحبه للعمل وهذا نموذج سيخلق روح تعاون جيدة ويعزز المصداقية ومبدأ الشفافية.

ثانياً : ينص القانون رقم 39 لسنة 2006 بالمادة رقم 20 على ضرورة أن تقوم الهيئة بمراجعة التشريعات النافذة وملاءمتها مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وهذه الخطوة الأولى الأهم التي يجب أن نقف عندها وليس فقط في الضغط على الهيئة في إنجاز قضايا بدون سند قانوني أو بطريقة الاستعجال التي قد تقودنا إلى الفشل.

علينا أن نضع مصفوفة كاملة للمواد الدستورية والقانونية التي نحن بحاجة إلى تعديلها حتى تتلاءم مع توجهنا في مكافحة الفساد.

علينا أن ندير حواراً شفافاً وعلنياً وموضوعياً مع كل الجهات الرسمية ذات العلاقة حتى نخرج من دائرة تضارب الاختصاصات خاصة مع الأجهزة القضائية والرقابة والمحاسبة، ولجنة المناقصات ولجنة غسيل الأموال وعلينا أن نشرك في الحوار الشفاف لتعديل القوانين وإعداد اللوائح المنظمة كل العقول القانونية في البلد ومن كل الاتجاهات الحزبية ومجلس النواب لأن القضية المطلوبة هي قضية مجتمع واللوائح المطلوبة لابد أن يعمل الكل على جعلها نموذجاً إيجابياً فاعلاً يحتذي به ويسهم فيه.

ثالثاً:لأن مكافحة الفساد قضية مجتمع فلا بد أن يتداعى الجميع لمحاربته والبدء بإعلان مرحلة جادة لاهزل فيها تعمل على حشد الطاقات وشد الهمة في مكافحة الفساد ومعاقبة مرتكبيه مهما كانوا وأينما كانوا وهذا يعني البدء بحملة وطنية تهدف إلى إظهار الإرادة السياسية والإدارية على كل المستويات وفي كل المؤسسات وإظهار الإرادة المجتمعية الشاملة عبر مؤتمر وطني واسع لأجهزة الدولة والأحزاب والإعلام والمجتمع المدني تعقبه لقاءات موسعة في المحافظات يعلن فيها التزام معلن من الجميع بأن المرحلة القادمة لا تهاون فيها مع الفساد معلنين عن خطوات إجرائية واضحة ستتعقب الفاسدين ونطلب من الجهات المختلفة والمجتمع أن يعملوا بجدية على معاقبة الفاسدين ونطلب ملاحقتهم قانونياً واجتماعياً.. وليس التغاضي عنهم أو الخوف منهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى