«الأيام» تستطلع وجهات نظر مواطنين بين مؤيد ومعارض لظاهرة بيع وشراءا لخردة

> «الأيام» سالم لعور:

>
انتشرت مؤخراً ظاهرة بيع وشراء الخردات (الحديد وجميع أنواع المعادن) والبلاستيك بشكل لافت للنظر.. هذه التجارة (البخسة) لقيت سوقاً رائجاً لها في بعض المدن اليمنية، ومدينة لودر واحدة من هذه المدن، حيث فتح فيها كثير من المحلات لاستقبال الخردات ويقوم بعض من أجبرتهم ظروف الحياة وقساوة العيش على الاشتغال بتجمع هذه المواد بمشقة من أماكن مختلفة وبعيدة، والاضطرار إلى بيعها لأصحاب المحلات بأبخس الأثمان.

ظاهرة بيع خردة الحديد وعلب و(دباب) البلاستيك وصفائح (المعدن) والقصدير والنحاس والبرونز (الصفر) وغيرها كانت موضوع استطلاع الصحيفة في مدينة لودر، الذي كانت مادته مثار خلاف في وجهات النظر بين مؤيد ومعارض، وبين من يطالب بإيقاف بيع الخردة أو المطالبة بتنظيمها وقوننتها وفق أسس ومعايير وفق قاعدة (لاضرر ولاضرار).

مشاهد مثيرة للدهشة والاستغراب والشفقة تعبر عن عمق المعاناة من واقع الحال:

وأنت تسير في أحد طرقات أو شوارع مدينة لودر أو قرى ومناطق المديرية لودر (على سبيل المثال لا الحصر) أو خارج المناطق الآهلة بالسكان تصيبك الدهشة والاستغراب، وتشعر بالرأفة والشفقة وأنت ترى جموعاً كثيرة من الشيوخ الطاعنين في السن والشباب والأطفال وهم يتسابقون - بهمة ونشاط - على تجميع ما تيسر لهم من خردة الحديد والمواد البلاستيكية كعلب المياه الصحية وصفائح الأواني المنزلية (المعدن) والقصدير والنحاس وغيرها المتناثرة هنا وهناك على جنبات الطرق والأماكن التي توجد فيها هذه الخردات والمواد.. تشعر وأنت تنظر إليهم بعمق المعاناة التي يتكبدها هؤلاء في سبيل الحصول على كميات زهيدة من هذه المواد ليبيعوها بأثمان بخسة، وهم مجبورون لمواجهة ظروف وقساوة شظف العيش الصعب لهؤلاء وأسرهم معهم في ظل استشراء الغلاء الفاحش في أسعار المواد الغذائية الضرورية والكمالية على حد سواء.

هل تنقذ حكومتنا الرشيدة أمثال هؤلاء المهددين من شبح المجاعة وهاوية ما تحت خط الفقر؟:

وأنت ترى هؤلاء يلهثون في عز حرارة الشمس وراء (الخردات) تشعر حينها أن شبح المجاعة قد أصبح يشكل تهديداً مباشراً لهؤلاء الذين يعيش معظمهم تحت خط الفقر، و كان ينبغي لحكومتنا (الموقرة) إيجاد الحلول والمخارج لحل مثل هذه المعضلة/ الظاهرة من خلال دعم المواد الغذائية الضرورية أسوة بما قامت به بعض الدول الشقيقة كدول الخليج (الجوار) ومصر العربية التي دعمت المواد الغذائية الضرورية للتخفيف من وطأة ارتفاع الأسعار المدمر لحياة الفقراء ممن يعيشون تحت خط الفقر وما أكثرهم في بلادنا، حيث يشكلون الغالبية من السكان حسب ما أوضحته التقارير الاقتصادية الدولية وآخرها تقرير منظمة الفاو الذي صنف بلادنا اليمن في ذيل بلدان العالم الأكثر فقراً وتحديد في المرتبة 147 من قائمة الترتيب، والأدهى من ذلك أن اليمن تعد من الدول المصدرة للنفط والغاز والأسماك والمنتوجات الزراعية، ناهيك عن عائدات السياحة وغيرها، ورغم هذا لم يلمس مثل هؤلاء الفقراء أي تحسن يذكر من عائدات مثل هذه الموارد.

الفقر والمجاعة هما العاملان الرئيسان في دفع هؤلاء لتجميع الخردة من الشوارع والقمامات:

الشاعر الشعبي صالح عبدالله الجيلاني تحدث عن هذه الظاهرة قائلاً:«أصبحت ظاهرة بيع الخردة ومخلفات المواد البلاستيكية والقصديرية ملازمة لكثير من الأسر لتغطية جزء من احتياجاتهم و لا يرون طريقة أخرى تعود عليهم بربح زهيد لا يسمن ولا يغني من جوع عوضاً عن هذه الظاهرة، فارتفاع الأسعار هو السبب.

كان سعر الكيس الدقيق قبل 20 عاما 105 شلنات وأصبح سعره اليوم 7800 ريال أي ما يعادل 75 ضعفا، فلا شيء يثير العجب، ظروف الناس أصبحت اليوم مهددة بالمجاعة والفقر، وهو ما دفع بهؤلاء إلى تجميع الخردة من الشوارع والقمامات، وتلك حياة متعبة وشاقة خصوصاً على أناس تربوا على نظام معين، وسرعان ما تغير هذا النظام إلى شكل آخر مغاير، وتلك هي المفارقة التي حدثت بين مجتمعين لكل منهما ثقافته وظروفه، فهؤلاء تعودوا على الحصول على القوت الضروري والملبس والدواء والتعليم المجاني، ولم يضعوا في اعتبارهم العيش في مجتمع آخر وبطريقة أخرى، وخلاصة القول أن على الدولة الالتفات إلى وضع مثل هؤلاء الذين صاروا قاب قوسين أو أدنى من السقوط إلى الهاوية تحت مستوى خط الفقر، وعلى الدولة دراسة هذه الظاهرة من خلال الاختصاصيين الاقتصاديين ووضع الحلول والمعالجات للقضاء على آثارها على كثير من شرائح المجتمع، ولا ضير في تنظيم وقوننة ووضع اللوائح التي من شأنها إبقاء هذه التجارة بما يخدم الاقتصاد الوطني والدخل القومي، ووضع مستوى حياة الشعب وتعزيز هذا الجانب الإيجابي أسوة بدول أوروبا والعالم المتمدن التي تحسن التعامل مع الظاهرة لمصلحة الوطن والمواطن».

الأخ ناصر الخضر صالح هزم، تحدث قائلاً: «المشكلة أن مصانع الحديد لا يوجد لديها مندوبون لشراء هذه الخردات بأسعار معقولة ومقبولة.. ومعاناة هؤلاء الناس الفقراء الذين يجمعون الخردة تكمن في أن بعض أصحاب محلات الخردة يشترون منهم هذه المواد بمبالغ زهيدة جداً (سعر الكيلو 10 ريالات) وحرام أن يستغل أصحاب المحلات مثل هؤلاء الفقراء المحتاجين عند شراء خرداتهم من حديد أو قصدير بهذه الأثمان البخسة، حيث كان يتوجب على أصحاب المصانع مضاعفة المبالغ لبائعي الخردة من المحتاجين الفقراء الذين يكدون ويبذلون جهداً ووقتاً ويبيعون موادهم بسعر لا يتناسب مع هذا التعب (الجهد) المبذول، فالمسألة أولاً وأخيراً مسألة ضمير والظلم ظلمات يوم القيامة».

يجب البحث عن آلية للتعامل مع المحلات وإلزامها بتراخيص وفق اللوائح والنظم:

أما الأخ فارس عبدالله محمد نصيب، فتناول ظاهرة الخردة من جانب آخر قائلاً:«الخردة المرمية في الشوارع منظر غير حضاري بسبب تراكمها في الشوارع الرئيسية والفرعية، وأمام منازل المواطنين، وهنا ينبغي أن يتطور وعي المواطن وجهات الاختصاص للقيام بدورهم تجاهها.. صحيح أنه يمكن الاستفادة من الخردة والمواد الأخرى لإعادة تصنيعها والاستفادة منها إلا أنه ظهر في الآونة الأخيرة تجار خردة ومخلفات البلاستيك والقصدير والنحاس يشترون الصالح والطالح، فحدثت السرقات في المنازل وأغطية المجاري ومواسير المياه، حتى أسلاك الكهرباء والتلفون (كابيلات) لم تسلم أيضاً، وبعض الأطفال (يسرقون) الأواني المنزلية من منازلهم ومنازل جيرانهم من طسوت وكتالي ويبيعونها لتجار خردة دون أن يتحرك ضميرهم لرفض هذه الأواني التي لا تزال صالحة للاستعمال ونطالب الجهات المختصة بأن تضع رقابة على هؤلاء التجار في الشراء وممن يشترون، وما نوع الخردة ومخلفات المواد الأخرى التي يشترونها وتنظيم آلية التعامل مع هذه المحلات وإلزامها بتراخيص عمل وفق نظام ولوائح».

وفي سياق الموضوع تحدث الأخ محمد عبدالله الوديدي (قطن) أحد الشباب العاطلين عن العمل فقال:«أعمل في هذه المهنة لإعالة أسرتي، ولجأت للعمل بها بعد أن أوصدت الأبواب أمامي من أجل التوظيف، أقوم بتجميع الخردة وأبيعها وأحصل على الربح البسيط، لكن الغريب في الأمر هو إلى أين تذهب هذه الخردة، وبكم يبيعها هؤلاء الذين يشترونها منا بأثمان بخسة، وأظنهم يستفيدون الكثير من الربح، لأنهم يشترون منا الكيلو حديد 25ريال، قصدير 7 ريال، البلاستيك 10 ريال، العاج 10 ريال أما أسعار المعدن 350 ريال».

الأستاذ حسن عبدالله أحمد دعسة قال:

«ظاهرة بيع الخردة أعتبرها سيئة، لأن هناك أولادا صغارا يضطرون إلى سرقة بعض أنواع الخردة من منازلهم ومنازل الآخرين، وينبغي لأصحاب هذه المحلات (محلات بيع وشراء الخردة) الالتزام بعدم شراء مثل هذه الخردة والأواني المنزلية والأدوات البلاستيكية من الأطفال الصغار الذين لم يبلغوا سن الرشد وأدعو جهات الاختصاص إلى وضع ضوابط لمن تسول له نفسه شراء أية أدوات أو مواسير أو أغطية مجاري صالحة للاستعمال، أو أخذت من المرافق العامة والمشاريع الأهلية الخاصة بالمواطنين».

حسن الحبشي تحدث، وقال:«أنا صاحب سيارة حملت سيارتي خردة وقصادير لمجموعة أطفال صغار جمعوها خلال أسبوعين وحين تقاسموا ثمن الخردة حصل كل طفل على 400 ريال (أربعمائة ريال فقط) هذا مش استغلال الإنسان لأخيه الإنسان».

ومواطن آخر قال:«نبيع الطن لهم بـ 10 ألف ريال وهم يبيعونه بـ 35 ألف ريال في المصانع بعدن».

صاحب ورشة لحام قال:«أصحاب محلات الخردة قطعوا أرزاقنا، بعض الناس يذهب إليهم ويبيع شلمن حديد قيمته 5000 ريال بمبلغ 1000 ريال في حين أنه يمكننا استخدامه في الورشة لإصلاح (عربية حراثة) أو (بمب) لبئر ونضطر لشرائه من عدن بأكثر من 5000 ريال».

الشيخ حسين الخضر المنصوري قال: «أطالب السلطة المحلية بمنع مرور أي خردة حديد تصلح للعمل في الورش والزراعة من النقاط إلى خارج المديرية (لودر)، لأن في ذلك منفعة للناس في المديرية الذين اضطروا مؤخراً لشراء مثل هذه المواد من خارج المديرية بأسعار مضاعفة، ومنها على سبيل المثال مواسير المياه (القصاب) التي تباع لأصحاب المحلات ويبعونها خارج المديرية».

كلنا في الهوى سوى.. المواطن يشكو منا ونحن نشكو من أصحاب المصانع ونقاط التحسين:

والتقينا أحد أصحاب محلات بيع الخردة بلودر وطلب عدم ذكر اسمه وصارحناه بكل شيء فقال:«ما عرفنا هذه (الشغلة) إلاَّ قريب وهي منتشرة على مستوى الجمهورية، لأن الظروف هي التي أجبرتنا على مزاولتها كلنا في الهواء سوى قلت إننا نستغل المواطنين بأسعار زهيدة هم يشكون منا ونحن نشكو من أصحاب المصانع والمحلات التي يشترون الخردة منا في عدن.

صدقني مافيش معنا فائدة نحصل في الكيلو الواحد 10 ريال فائدة وأحياناً 7 ريال وفيها تكاليف نقل وصرفيات أخرى، وأصحاب المصانع يستغلوننا بخصم 60 كيلو في الطن مقابل تراب وصدأ، وحتى أصحاب النقاط يأخذون منا مبالغ للتحسين وغيرها، فظروفنا واحدة هم أجبروا على بيع الخردة إلينا بأسعار رخيصة كما يقولون ونحن أجبرنا على بيع ما نشتريه منهم إلى أصحاب المصانع والمحلات الكبيرة في عدن بأسعار أرخص من سعر التراب، والله يكون في عون الجميع، كنا نشتري الكيلو قصدير أو بلاستيك بـ 10 ريال (أيام الحظى) ونبيعه بـ 20 ريال، لكن السعر ما يستقر على حال، الآن نشتريه بـ 10ريال ونبيعه بـ 15 ريال، وما فيش معنا فائدة ولا مع المواطنين، لولا الظروف لما عملنا في هذه الشغلة المتعبة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى