هل تآكل طبقة الأوزون سيدمر الأرض؟

> م. نبيل أحمد باشراحيل:

> كثيرا ما نسمع هذه الأيام عن طبقة الأوزون التي تعتبر صمام الأمان للأرض التي نعيش عليها، ووظيفتها الإقلال من نفاذ الأشعة فوق البنفسجية للجفاظ على الإنسان والكائنات التي تعيش عليها من أضرارها القاتلة، ونسمع الآن عن كوارث تحدث هنا وهناك بشكل جنوني لا مثيل لها.. لم تحصل من قبل.

مثل الهزات الأرضية والعواصف والفيظانات وهذا يدل على الاخلال بالتوازن الطبيعي للأرض من كل الجوانب، ونحن البشر المتسببون في كل ذلك، والسبب الرئيسي هو استخدامنا للملوثاث بشكل مفرط دون الأخذ بالحيطة والحذر، إلى جانب ذلك ما نشهده من تصحر في كثير من بقاع الأرض والتصحر يؤدي إلى أفراغ الأرض من كنوزها التي وهبها الله لنا، ألا وهو الزرع الذي وجد للتوازن البيئي (لأ متصاص غاز ثاني أكسيد الكربون) الذي هو أحد مسببات تآكل أو استنزاف أو ثقب طبقة الأوزون مع غازات أخرى مثل الميثان (غاز الطبخ أو الغاز الطبيعي) وغازات الفريون، وتسمى مركبات الكلوروفلور وكربون، وهذه المركبات معروفة صناعيا "بالفريون" الذي يستخدم في أجهزة التبريد من الثلاجات والمكيفات، كما تدخل في صناعات إلكترونية. وهذا المركبات عمرها طويل يمتد إلى مائة عام وربما أكثر من ذلك.

ويأتي أثرها الضار من الصعود لطبقات الجو العليا، حيث يتحرر الكلور منها بفعل الأشعة فوق البنفسجية وهذا الكلور هو الذي يعمل على تدمير الأوزون وهو أحد أسباب ثقوب الأوزون وتقليل نسبته في الغلاف الجوي؟

كيف تتم عملية هدم طبقة الأوزون؟

يتم تآكل طبقة الأوزون من خلال حدوث التفاعلات الآتية:

-1تقوم الأشعة فوق البنفسجية بتحطيم مركبات الكلوروفلوروكربون CFCs مما يؤدي إلى انطلاق ذرة كلور نشطة.

-2تتفاعل ذرة الكلور النشطة مع جزيء من غاز الأوزون.

-3ينتج عن تفاعل ذرة الكلور مع جزيء الأوزون = جزيء أكسجين وأول أكسيد الكلورين.

-4 تتفاعل ذرة أكسجين نشطة مع أول أكسيد الكلور، حيث تنطلق ذرة كلور نشطة لتحطيم جزيء أوزون جديد وهكذا تتم الدورة.

ماهي الأسباب الأخرى التي تدمر طبقة الأوزون؟

-1 أكاسيد النيتروجين، مثل أول أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد النيتروجين اللذان ينطلقان من بعض أنواع الطائرات التي تطير بمستوى طبقة الأوزون.

-2 ظاهرة الاحتباس الحراري التي تنشأ من ثاني أكسيد الكربون.

-3 مركبات (الكلور وفلور وكربون) المستخدمة في المكيفات وأجهزة التبريد في أي مكان سواء في المنازل أو السيارات، أو تلك المستخدمة في تركيب العطور والمبيدات الحشرية.

-4الهالونات (Hallons) التي تستخدم في مكافحة الحرائق

-5بروميد الميثيل(Methyl bromide) المستخدم كمبيد حشري لتعقيم المخزون من المحاصيل الزراعية ولتعقيم التربة الزراعية .

-6 بعض المذيبات (Solvents) المستخدمة في عمليات تنظيف الأجزاء الميكانيكية والدوائر الإلكترونية.

الاحتباس الحراري

(Global Warming)

زيادة درجة حرارة الغلاف الجوي القريبة من سطح الأرض. ويستخدم هذا المصطلح لظاهرة أرتفاع درجة حرارة الأرض التي حدثت( ويتوقع زيادتها في المستقبل) نتيجة زيادة انبعاث غازات البيت الزجاجي وهي الغازات التي تنبعث من حرق الوقود في المصانع ومحطات توليد الطاقة ووسائل النقل. توصل العلماء المعاصرون إلى أن معدلات درجة حرارة الأرض قد زادت خلال المائة وأربعين سنة الماضية بمقدار درجة فهرنهايت. وقد خلصت اللجنة متعددة الحكومات للاحتباس الحراري (وهي لجنة تابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة المناخ العالمية التابعة للأمم المتحدة) أن زيادة تركيزات غازات البيت الزجاجي تسبب في زيادة درجة حرارة سطح الأرض.

والاحتباس الحراري يؤثر على طبقة الأوزون:

طبقة الأوزون(Ozone Layer) هي جزء من الغلاف الجوي الذي يحيط بالكرة الأرضية تتكون طبقة الأوزون من غاز الأوزون وهذا الغاز يتكون من ثلاث ذرات أكسجين مرتبطة ببعضها ويرمز إليها بالرمز الكيميائي 3O وتعمل طبقة الأوزون على حماية الحياة على سطح الأرض عن طريق حجب وامتصاص الأشعة فوق البنفسجية الضارة التي تنبعث من الشمس من دخول الغلاف الجوي، وتوجد طبقة الأوزون في الغلاف الجوي الأوسط (السترتو سفير Stratosphere) على بعد حوالي 15 ميل من سطح الأرض.. ومؤخراً تعاني طبقة الأوزون من النضوب بسبب الغازات المنبعثة من الأرض خاصة غازات الكلور و فلور وكربون (CFCs)التي تستخدم في الإيروسولات والثلاجات والمبردات وكمنظفات في العديد من الصناعات وتستخدم في طفايات الحريق يحدث الضرر لطبقة الأوزون عندما تنبعث من هذه المواد الكيماوية مركبات من الكلور والبروم شديدة القابلية للتفاعل. ومن هذا نشأ ما يعرف بثقب الأوزون، حيث أنه ظهر فوق القارة المتجمدة الجنوبية كثقب في صور الأقمار الصناعية حيث انخفض تركيز الأوزون في هذا المكان بحوالي 40% خلال الثلاثين سنة الماضية. ويتواجد ثقب الأوزون أيضاً فوق كندا والمناطق الشمالية من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. وطبقة الأوزون تتأثر بمركبات تسمى كلور وفلور وكربون:

كلور وفلور وكربون (CFCs)

هي عائلة من المركبات العضوية تتكون من الكلور والهيدروجين والفلور والكربون تستخدم على نطاق واسع في المبردات ومكيفات الهواء وتستخدم أيضاً كمذيبات عضوية وكمادة دافعة للإيروسولات وفي المواد العازلة ومواد التغليف.. وتتصاعد مركبات الكلوروفلور وكربون بفعل الأشعة فوق البنفسجية القوية فتتحرر ذرات الكلور لتتفاعل مع الأوزون (في طبقة الأوزون) فيتسبب ذلك في اضمحلال طبقة الأوزون فيما يعرف بثقب الأوزون، وبالرغم أن مركبات الكلوروفلوروكربون ليست مسجلة كمواد سامة، إلا أن خاصيتها في اضمحلال طبقة الأوزون جعل كثير من الدول تحظر استخدامها أو تضع قيود ومحددات على استخدامها، وقد حث بروتوكول مونتريال على تخفيض أو تقليل استخدام هذه المركبات على نطاق واسع.

ومن المعالجات للتقليل من انبعاث الملوثات:

معالجة نهاية الأنبوب (End of Pipe Treatment)

التقنيات التي تستخدم لتقليل انبعاث الملوثات من منشأة أو نشاط وذلك بعد تولد هذه المخلفات، وذلك مثل معالجة الصرف الصحي والصرف الصناعي ووضع مرشحات على المداخن، ومبدأ معالجة نهاية الأنبوب هو مقابل لمبدأ الإنتاج الأنظف الذي يمنع أو يقلل تولد المخلفات من البداية.

إن المشكلات الخطيرة المتوقعة الناتجة عن تآكل طبقة الأوزون هي:

1. ذوبان الجليد في القطب الجنوبي ومستقبلاً في القطب الشمال وهذا الذوبان سيغير مناخ الكرة الأرضية وبدأت بوادره تظهر في وقتنا الحالي.

2. طمر الجزر الموجودة على الكرة الأرضية والمدن الواقعة على السواحل.

3. الإضرار بالمحاصيل الزراعية:

تسرب الأشعة فوق البنفسجية يلحق أضرار بالمحاصيل الزراعية مثل الخضروات وفول الصويا والقطن وقد يقلل من إنتاجها وبذلك يهدد المواد الزراعية.

4. الإضرار بالثروة الحيوانية :

حيث الحيوانات تتغذى على النباتات والأعشاب وهذا يعني أن الضرر سيلحق بها نتيجة تضرر النباتات.

5. الإضرار بالثروة السمكية:

زيادة الأشعة فوق البنفسجية يقلل من الطحالب والنباتات ذات الخلية الواحدة التي تتغذى عليها الأسماك كما أنه يهلك يرقات الأسماك التي تعيش قريباً من سطح الماء.

6. انتشار بعض الأمراض الخطيرة ومنها:

أ- انتشار سرطان الجلد:

يؤدي تآكل طبقة الأوزون إلى زيادة الأشعة فوق البنفسجية التي تصل إلى الأرض قد بلغ 1% فإن الأشعة فوق البنفسجية تزداد بنسبة تعادل 2% وبالتالي فإن معدل الإصابات بسرطان الجلد يزداد 4% وهناك إحصائية أمريكية تقول بأن نقصان قدرة 3% يعني حدوث ثمانية عشر ألف من الإصابات بسرطان الجلد.

ب- التأثير الوراثي:

(حدوث تلف لحمض D.N.A) إن تعرض الجلد للأشعة فوق البنفسجية يمكن أن يحدث تلفا Epidermal أي تحت البشرة الخارجية للجلد مباشرة بسبب تلف الحامض النووي D.N.A وينتج عن ذلك انقسام الخلايا وحدوث الأورام. ولأن حمضD.N.A هو المسؤول عن نقل الصفات الوراثية فإن إصابته تكون نتيجة الإسراف في تعرضه للأشعة فوق البنفسجية حيثما ينتقل من جيل إلى جيل.

ج- حدوث المياه البيضاء في العين (كتاركت) : تسرب الأشعة فوق بنفسجية إلى سطح الأرض بسبب تآكل طبقة الأوزون يؤدي إلى حدوث عتامة في العين وهي المعروفة بالمياه البيضاء وقد يؤدي إلى زيادة نسبة الأشخاص المصابين بالعمى.

د- حدوث اختلال في جهاز المناعة:

يؤدي أيضاً زيادة الأشعة فوق البنفسجية نتيجة تآكل طبقة الأوزون إلى اختلال جهاز المناعة لدى الإنسان مما يزيد من نسبة تعرضه للأمراض المعدية المختلفة وخاصة الجهاز التنفسي.

هـ - حدوث أمراض أخرى:

أ) الشيخوخة المبكرة وتسمم الدم والإرهاق العصبي

ب) العمى الجليدي Show Blindness

ج) شيخوخة الجلد (أمراض جلدية أخرى).

الحلول:

هناك إجماع بين المنظمات الحكومية، وغير الحكومية في العالم على إن بدائل الكلورو فلوروكربونات والهالونات المقبولة بيئياً، ستقدم نتائج مشجعة على المدى البعيد، ولكن الصعوبة في حماية طبقة الأوزون تكمن في المعوقات الفنية والتمويلية ومن أكثر البدائل التي تم تطويرها لمواكبة المتطلبات البيئية والاقتصادية والصناعية والاستهلاكية التبريد الكهرو حراري والتبريد بالأمواج الصوتية، وفي هذا الإطار قدمت شركة أميركية ثلاجة منزلية صغيرة تعمل بدورة استرلنج التي تعتمد على مبدأ تسخين حجم ثابت من الغاز مثل الهيدروجين أو الهيليوم يؤدي إلى ارتفاع الضغط وأدعت الشركة إن كفاءة الثلاجة المطورة أفضل بالمقارنة مع الثلاجة التقليدية، وفي المسكيك نجح العلماء في تصنيع قوالب الثلج بتسخير الطاقة الشمسية، وفي هذا الصدد أيضاً تم تصنيع جهاز تبريد من نوع ستار يعمل بالأمواج الصوتية (الثرموأكوستيك) وقد جرب بتفوق على متن مركبة الفضاء ديسكفري.

والشيء الأهم للتوازن الطبيعي هو زراعة الأشجار المعمرة لأن الأشجار تمتص غاز ثاني أكسيد الكربون.. الشجرة الواحدة تمتص كمية هائلة من الغاز، الذي يسبب بما يسمي البيت الزجاجي الذي يسبب حبس الحرارة على الأرض وعدم إمكانية التبادل الحراري فترتفع درجة حرارة الجو تدريجيا (عند قص شجرة لأي سبب كان زراعة عشر) كما استخدام الطاقة المستدامة المتجددة هي إحدى الحلول الممكنة والسريعة حتى ولو كانت مكلفة.

لم تعد قضية الأوزون مشكلة محلية أو إقليمية، بل أصبحت شأناً عالميا، يحتاج إلى تضافر جهود كل العلماء من كل الدول للحد أولاً من تفاقمها ثم بالتدريج أيقافها وإلا الكوارث قادمة لا محالة.. وقد يتساءل البعض: لماذا كل هذا الاهتمام العالمي بقضية الأوزان؟ وتكمن الإجابة في مدى خطورة الأثار الصحية والبيئية، لا على الإنسان وحده بل على الحيوان والنبات والنظم البيئية الأخرى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى