في ندوة كرست لمناقشة قضية الفساد بمنتدى«الأيام»:التأكيد على الإرادة السياسية وتبني الدولة والمجتمع أدوارا متكاملة في مكافحة الفساد

> عدن «الأيام» خاص :

> واصل الأخ عز الدين سعيد الأصبحي، عضو الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد رئيس مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان حديثه في الندوة المكرسة لمناقشة قضية الفساد قائلا:

عندما نفكر بقضية ونقول كيف نبني رؤية إستراتيجية لمكافحة الفساد في هذا البلد، فالنقطة الأولى: علينا أن نعيد النظر في كثير من القضايا التي ربما نحن بحاجة إليها من التربية إلى تطبيق القانون، ولكن إجمالا بدون سيادة القانون وإحقاق العدالة والمساواة، لايمكن لنا أن نخطو خطوة إلى الأمام.

بدون إشراك المجتمع بفاعلية، وكما قلت بكل قطاعاته المختلفة، فإن هذه القضية هي قضية مجتمع، وبالتالي كيف نبني في هذا البلد ما نسميه بمنظومة النزاهة، لماذا لايكون هناك شفافية على كل المستويات المالية، الإدارية، المحاسبية، من خلال الشفافية وتدفق المعلومات نستطيع أن نبني ما نسميه الحس لذا المجتمع في أن يتحمل مسئوليته، وأن يخطو خطوة إلى الأمام لتبني مسئولية المسائلة تجاه هؤلاء الناس.

عزالدين الأصبحي: البرلمان فقد أهم أدواره وهو مساءلة الحكومة لذلك سيكون هناك خلل في بنية ما نسميه منظومة النزاهة الوطنية

نحن الآن أمام مفترق طرق، وأنا أقول نحن في الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد لن نستطيع شيئا إن لم يكن المجتمع قبل الآخرين لديه إرادة حقيقية في مسألة ازدراء الفاسدين وفي مسألة العمل بجدية ضد الفساد، ولكن هذا المجتمع أيضا بحاجة إلى تنظيم وإلى عمل جاد، وإلى تقديم المعلومات وإلى شفافية في كافة الإجراءات المختلفة، وبالتالي إذا أردنا أن نقول إن لدينا منظومة نزاهة سنكون كأننا نشبه مبنى بمجموعة من الأعمدة، ولايمكن أن يكون السطح بدون هذه الأعمدة، ومن هذه الأعمدة الإعلام الحر والمستقل وتحرير ملكية وسائل الإعلام، والمجتمع المدني الفاعل والمتماسك والقطاع الخاص والشركاء الدوليون.

ثم لدينا مؤسستان لابد من العمل على استقلالهما وجعلهما أكثر فاعلية، أقصد بهما المؤسسة القضائية والبرلمان، لأنه لايمكن لك أن تخطو خطوة إلى الأمام دون قضاء نزيه وشجاع ومستقل، فبعد كل الجهد الذي ستبنيه في مسألة ملاحقة الفاسدين (ستُصدم) بأنه ليس هناك قاض شجاع يستطيع أن يتخذ قرارا فاعلا في هذا الموضوع.

النقطة الثانية: بعد كل المخالفات التي ربما ترتكبها الحكومة لاتجد مساءلة حقيقية من البرلمان، لأن البرلمان فقد أهم أدواره الأساسية، وهي مساءلة الحكومة، وليس فقط إصدار التشريعات، وبالتالي إن لم يكن هناك برلمان قادر على المساءلة، وعلى متابعة الحكومة وتعديلها، سيكون هناك خلل في بنية ما نسميه منظومة النزاهة الوطنية.

أنا أقول إن الخطوة الثانية للإعلام وللمجتمع المدني هو في أن يكون شريكا فاعلا في هذا الموضوع، لأن هذه المسألة لاتعني فقط مسئولية الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أو مسئولية الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد أو نيابة الأموال العامة، ولكن هي مسئولية الكل، وبشكل أساسي وبأدوارمتكاملة.

النقطة الثالثة: المطالبة بأن يكون هذا الدور قائم على إعطاء الصلاحيات وتقديم الشفافية الكاملة وإعطاء الدعم الكامل في هذا الموضوع وتعزيز مسألة تكامل الأدوار، والوصول إلى مبادئ الحكم الرشيد الذي يبدأ بالفصل بين السلطات بشكل واضح في إيجاد سلطة قضائية وسلطة تشريعية وسلطة تنفيذية.

دائما ما أتساءل هل بالإمكان أن نكافح الفساد فقط بمجرد بناء أجهزة حكومية بيروقراطية، أعتقد أنها ستكون تكرارا لأجهزة أخرى قائمة ولن تجدي، لكن عندما نحول الموضوع إلى أن الناس يحسون بأن هذه قضيتهم، وأن أولولياتنا أن نزدري هؤلاء الفاسدين، وأن لايفلتوا من العقاب سنكون خطونا خطوة إلى الأمام لنصل بعد ذلك إلى ما نريد تحقيقه.. هذا ما وددت أن أقوله باختصار.

في الندوة تم طرح جملة من الملاحظات والاستفسارات من قبل الإخوة المشاركين لإثراء الموضوع من كل جوانبه.

أشار وتفضل الأخ عز الدين إلى أن الإخوة المسئولين في الحزب الحاكم يتحدثون بأن «الصندوق هو الفاصل» لكن الصندوق بيديك، وليس بيدي، لهذا فالديمقراطية رقابة وليست صندوقا، ومساءلة ومحاسبة، إن لم أستطع أن أراقب أو أسائل أو أحاسب، فالديمقراطية أرميها في السلة.

> الأخ قاسم داود: أعتقد أننا في اليمن نتحدث عن الفساد أكثر من أي بلد آخر، ولكن الفساد يزداد، وأصبح هو تقريبا الذي يقود البلاد أو الحياة، هو حزب الفساد تقريبا، لا نتهم الإخوان في المؤتمر الشعبي العام باعتباره الحزب الحاكم، ولكن الحزب يدير الحياة، ولا نتهم الكل لأن هناك شرفاء ومخلصين، الفساد يلعب دوره في كل المؤسسات والوزارات.

أقول إنه لايمكن- على الوضع الحالي في اليمن- الحديث عن مكافحة الفساد، يمكن فقط في مجتمع متمكن من إقرار أو جعل قضية التبادل السلمي للسلطة موضوعا حقيقيا وملموسا، ويمكن للناس أن تحققه.

قاسم داود: لايمكن الحديث عن مكافحة الفساد في اليمن من دون التداول السلمي للسلطة والديمقراطية الحقيقية وحرية الإعلام

بدون تداول سلمي للسلطة وبدون شفافية وبدون عملية ديمقراطية حقيقية وبدون حرية الإعلام والمجتمع المدني لايمكن الحديث عن مكافحة الفساد في اليمن.

أي مجتمع يعاني من التمزق والقهر والظلم ومن التهميش لايمكن التعويل فيه على عدالة المجتمع، ولهذا تلعب الإرادة السياسية إذا ما نضجت ومثلت دورا حاسما في هذه العملية وفي غيرها من المسائل، وهي للأسف غائبة حتى في هذا المجال، لاتوجد إرادة حقيقية في مكافحة الفساد تدير آلية السلطة وأجهزة السلطة القضائية التشريعية، وتشجع المجتمع على النهوض لمواكبة هذا المجال.

الموضوع الثاني غياب الإدارة الكفؤة والرشيدة، لاتوجد لدينا إدارة، اليمن تعاني من تخلف فظيع في الإدارة، والأسوأ من بعد حرب 1994 ضُربت الإدارة الموجودة إداريا وماليا ومحاسبيا، فلا يمكن الحديث عن مكافحة الفساد إلا بوجود نظام مالي رشيد وكفؤ، ومساءلة ومحاسبة وقانون، هذه هي القاعدة.

الآن الحديث عن الهيئة للدعاية فقط، إما لتخدير الناس في الداخل أو لمخاطبة الخارج على أننا عملنا هيئة وقانونا، هي فقط استقطاب للناس والدول المانحة في الخارج على أن هناك إجراءات، لكن الواقع يشير إلى أن الهيئة تسير في اتجاه آخر تماما، لو نشير إلى مثل واحد، ونسأل الأخ الأصبحي ممثل الهيئة، هناك كاتب اقتصادي كتب في صحيفة «الثورة» قبل عدة اسابيع، وأشار لنا برقم محدد إلى أن اليمن خسرت من اتفاقية تصدير الغاز (60) مليار دولار، على مدار سنوات من الاتفاقية تم بيعها للحاوية بـ (10) دولار بسعر محدد مسبقا، بينما سعره الآن (18) دولارا، ماذا نسمي ذلك جريمة أم فسادا، هل هذه القضية منظورة أمام الهيئة ليتم معالجتها للأجيال؟ وستون مليارا رقم غير سهل، في وضع اليمن لايمكن التغاضي عنه، وكلام قد طرحته سابقا في البرلمان حول شركة (هنت) وحول قضايا أخرى.

الموضوع الآخر ميناء عدن الذي جمد لسنوات، ومعالجة أحوال الميناء، ماذا نسمي هذا فسادا أم جريمة، المجتمع تحرك والإعلام تكلم، وجاء مؤخرا حول المصفاة، ردت لكن أين الصح في هذا الموضوع؟.

نحن نتكلم عن الفساد لكن الوضع يسير باتجاه آخر، فالمدخل هو أن يكون هناك مجتمع حي له حرية أن يتكلم وأن ينتقد ويسائل، ويسمح له بالحصول على المعلومات، أحزاب سياسية فاعلة ومنظمات مجتمع مدني فاعل، وأخيرا هو تأهيل أو إمكانية تغيير أو تحقيق تبادل سلمي للسلطة، أما بالحجب، وببقاء أناس في السلطة كما هم، فلا يمكن الحديث لا عن تنويع ولا استقرار ولا تطور.

> الأخ هشام باشراحيل: أولا الديمقراطية في دول الغرب لا تستقيم بوجود فساد.. الفساد ينخر أيضا في العملية الديمقراطية، والمجتمع المدني والصحافة الحرة لايمكن أن تلعب الدور الذي يراد لها أن تلعبه في ظل عدم تشجيع ومبادرة الدولة لاتخاذ القرارات المناسبة ضد الفساد، وعلى سبيل المثال أتت إلى عدن لجنة مشكلة من د.باصرة والأستاذ عبدالقادر هلال، لتتلمس الأوضاع، وخرجت بتقرير شافٍ وكافٍ، وحددت حوالي 15 من المتنفذين قاموا بنهب أراضي محافظة عدن بالكامل، وإلى جانبهم 45 آخرين أيضا من المتنفذين والتجار، الدولة.. التي تتبنى محاربة الفساد لم تتخذ أية اجراءات بحق هؤلاء، بل طلب مجلس الوزراء إحالة ملفهم إلى النائب العام قبل حوالي 11 شهرا، النيابة العامة لم تتخذ أي إجراء، ومايزال هؤلاء المتنفذون يتملكون هذه الأراضي بدون وجه شرعي أو قانوني، إذا لم تقم الدولة بمثل هذه المبادرة، فكيف يمكن للصحافة أو منظمات المجتمع المدني أن يقوموا بالمبادرة، وهم لايملكون القوة ولا الصلاحية التي تملكها الدولة، بصريح العبارة إن لم تتخذ الدولة الإجراءات الرادعة في حق هؤلاء الذين جاء ذكرهم في تقرير باصرة وهلال فهذا يعني أن الدولة تشجع الفساد للأسف الشديد، وهذه مسئوليتكم، لأن الفساد الذي عرفناه قبل عشر أو عشرين سنة هو أخف وطأة من الفساد المستشري اليوم، فكل يوم يزداد، اليوم دخل في مجال التربية، ولايوجد مجال من مجالات الحياة اليوم إلا ودخل فيه الفساد، وسنجد أنفسنا وقد أصبحنا دولة في مهب الريح! علينا أن نحافظ على ما تبقى من قيم وأخلاق، لنصون للناس حقوقهم وممتلكاتهم وأعراضهم.

هشام باشراحيل: الدولة للأسف تشجع على الفساد فبعد تقرير (باصرة - هلال) عن ناهبي الأراضي في عدن لم تتخذ أي إجراء ضدهم

الأخ محسن ناجي: لدي ملاحظات، الأولى فيما يتعلق بهيئة الفساد، الملاحظة هي ليست في المسميات، لايأتي عن طريق تشكيل هيئة، لا أظن أن هذا هو العلاج الحقيقي للمشكلة التي تعيشها اليمن، نحن نعيش فسادا أخلاقيا وسياسيا واقتصاديا وإداريا ومؤسسيا، بشكل كامل، يعني عمليا نحن فقط نضع الديكور، ولكن ليس مهما ما هو خلفه، لدينا مشكلة حقيقية بأن كل عوامل الفساد هي عوامل محمية لها حماية سياسية ومؤسسية، وأنا أقترح عليكم أن نسميكم هيئة مكافحة النزاهة والصدق، لأن الفاسد يقف في الصف الأمامي ويتمخطر بأنه فاسد عيني عينك، بينما النزيه يقف في الخلف باستحياء، لهذا أنا لا أرى أن نقحم المجتمع في قضية الفساد، المجتمع يحتاج إلى دولة، إلى مؤسسات تمارس دورها الطبيعي وفقا للدستور والقانون لا مؤسسات منحرفة. المؤسسات جميعها تعمل على حماية الفاسدين، فالفاسد له حماية في كل مؤسسات الدولة والنزيه لايجد أية حماية في أي مكان، إذن لدينا في الحقيقة أزمة سياسية قبل أن تكون أزمة مؤسسات وهيئات.

أنا أرى أن الهيئة بوضعها في هذا المكان ظلم لها ولكم إن لم أكن مخطئا، نحن نعيش أزمة سياسية حقيقية، وأزمة اليمن لايمكن أن تحل وتحل مشاكلنا العامة كالفساد وغيره إلا إذا حلت المشكلة السياسية، وتم اصلاح منظومة الحكم القائم، لدينا منظومة حكم خربة، نتحدث عن الدستور والقانون ونعمل بخلافه، نتكلم عن تطبيق واحترام القانون ونحن لازلنا نطالب بالرهائن، وهذا ما كان يحدث من قبل الإسلام، إذن نحن نضع يافطات ونكتب عليها عناوين ونعمل خلف اليافطات خلاف هذا.

> الأخ ياسين مكاوي: أولا أتساءل عن مدى استقلالية هذه الهيئة، المعروف أن هذه الهيئة عبارة عن تشكيل معين، عينت لهذا الغرض، وهي واجهة للسلطة، اي محاولة تجميلية للوجه البشع للسلطة القائمة، الشيء الثاني أن هناك آليات حقيقية الآن تعمل على تطبيع المجتمع على الفساد من خلال تغيير قيم وأخلاقيات الناس والمبادئ والأعراف الحقيقية التي عاشوا عليها على مر الزمن، أي أن السلطة بآلياتها القائمة تعمل على تطبيع المجتمع اليمني بالفيد، وهذه حقيقة لايمكن أن نذكرها مطلقا، لو نرى طبيعة القضايا في إطار المحاكم، طبيعة القضايا السياسية التي تدور، والتغييرات الدستورية ذاتها، هل هذه الهيئة تعتبرها ضمن عملية الفساد التي تجري.

لاتمر فترة معينة إلا ويتم تغيير الدستور، وهذا كله يحدث من أجل تطبيع المجتمع بالفساد، يعني موافقتي أنا، عندما أوافق على أي تغيير للدستور بهذا الفهم، بما يعني أننا نشارك في التطبيع بالفساد.

ياسين مكاوي: الهيئة واجهة للسلطة وهي محاولة تجميلية للوجه البشع للسلطة وهناك آليات تعمل على تطبيع المجتمع على الفساد

آليات المجتمع المدني التي يتوخى فيها كل الخير، الآليات الشريفة والحقيقية وهي الصحافة الشريفة تضرب، لن يتبقى في يوم من الأيام إلا ما طبع على أساس الفساد، أي دور للهيئة من هذا يمكن أن يكون، في الوقت الذي الهيئة تأتي بقرار ومرهونة بالوظيفة، مع احترامي لكل القائمين والعاملين فيها، وباعتقادي تغيير المجتمع يحتاج إلى أشياء كثيرة غير مسألة التغييرات التي تحدثها السلطة، فالسلطة غير معترفة بحقيقة أن الفساد قائم ولو أعلنته.

فالأجهزة الإعلامية الرسمية تحاول أن تجمل وجها قبيحا، هذا جزء ونوع من أنواع الفساد القائم، أين الهيئة من هذا كله، لو يرى المواطن واحدا من عناصر الفساد هذه ماثلا أمام القضاء في اعتقادي سيحدث تغيير، إلا أن المجتمع والمواطن أحبط، ولايجد أمامه إلا الصورة الفاسدة للسلطة، وهي التي تعكس ذاتها على كل آليات المجتمع اليمني.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى