عدم شرعية وجود سجون الأمن السياسي والأمن القومي
> د. محمد علي السقاف:
> في جميع العصور أنشأت الدول أجهزة أمنية تحت مسميات مختلفة إحدى مهامها الأساسية حماية الأمن القومي محليا ومواجهة المخاطر الخارجية. إذا كان هذا الأمر مشروعاً ومتفقاً عليه كإحدى وظائف الدولة الرئيسية في حماية سيادتها ونظامها السياسي ومصالحها الاقتصادية..إلخ، إلا أن الأمر يختلف تماماً ويخرج عن مهام الأجهزة الأمنية حين تنشى سجوناً خاصة بها وتابعة لها خارج نطاق الأماكن الخاضعة لقانون تنظيم السجون، هنا يصبح الأمر مختلفاً تماماً ويعد انتهاكاً صارخاً للدستور والقوانين النافذة .
فمع قيام دولة الوحدة صدر قرار جمهوري رقم (121) لسنة 1992م بإنشاء وتنظيم الجهاز المركزي للأمن السياسي، وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001م التي تعرضت لها الولايات الأمريكية أنشأت اليمن بدورها جهازا آخر سمي بجهاز الأمن القومي بموجب قرار جمهوري رقم (261) لسنة 2002 وبتاريخ 6 أغسطس 2002م، وأكدت المادة (7) من قرار إنشاء الأمن السياسي ممارسة اختصاصاته «بما لا يتعارض مع الدستور والقوانين» في حين ذهبت المادة (8) من قرار إنشاء الأمن القومي أبعد من ذلك بممارسة اختصاصاته «بما لا يمس مبدأ التعددية السياسية والحريات العامة وحقوق الإنسان وبما لايتعارض مع أحكام الدستور والقوانين النافذة».. كلام جميل نظريا، على ماذا ينص الدستور فيما يتعلق بالحريات العامة وحقوق الإنسان؟ المادة (47) تقضي بأن لاجريمة ولاعقوبة إلا بناء على نص شرعي أو قانون وتؤكد المادة (48 /أ) أن «الدولة تكفل للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم ويحدد القانون الحالات التي تقيد فيها حرية المواطن» وتنص الفقرة (ب) من المادة نفسها: بأنه «يحظر حبس أو حجز أي إنسان في غير الأماكن الخاضعة لقانون تنظيم السجون ويحرم التعذيب والمعاملة غير الإنسانية... أو أثناء فترة الاحتجاز والسجن».
أما على مستوى قانون تنظيم السجون (كان قرارا جمهوريا بالقانون رقم 48 لسنة 1981م أقره مجلس النواب بالقرار رقم (3) لسنة 1996) فقد نصت المادة (8) بأنه لايجوز سجن أي شخص أو قبوله في السجن بدون حكم قضائي، أو بأمر حبس مكتوب من النيابة العامة المختصة. وتحدد من جانبها اللائحة التنفيذية للقانون الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 221 لسنة 1999 في المادة (55) توزيع فئات المسجونين على:
(أ) السجون المركزية التي تستوعب المحكوم عليهم بالحبس مدة تزيد عن 3 سنوات والمحبوسين احتياطاً. (ب) السجون الفرعية للمحكوم عليهم بالحبس لمدة سنة، والمحبوسين احتياطاً في قضايا عادية.(ج) السجون المحلية للمحكوم عليهم لمدة تقل عن سنة .. إلخ. إذن وفق التصنيف لا مكان لسجون الأمن السياسي أو القومي، حيث إن نظام إنشائهما لم ينص على وجود سجون خاصة بهما بل بالعكس أكدت المادة (8) بالنسبة للأمن السياسي والمادة (10) للأمن القومي «إحالة الجرائم والأنشطة التخريبية التي يتم كشفها وضبطها إلى النيابة العامة لاستكمال إجراءات التحقيق والتصرف فيها وفقاً للقانون» .
ماذا يعني هذا النص إن لم يعن وفقاً لقانون تنظيم السجون ولائحته التي حددها في السجون المركزية والفرعية المشار إليها سابقاً ؟
والمشكلة الجوهرية هنا أن جهازي الأمن السياسي والأمن القومي يتبعان بالنسبة للأول مجلس الرئاسة الذي أصبح يتولاها رئيس الجمهورية (المادة3) والمادة (1/ب) بخصوص الأمن القومي يتبع رئيس الجمهورية ويكون مسؤولاً أمامه عن تنفيذ كافة المهام المنصوص عليها في قرار إنشائه.
بالمقابل فإن وزارة الداخلية عبر وزير الداخلية وفق اللائحة التنظيمية للوزارة رقم (169) لسنة 1995م وقانون تنظيم السجون لعام 1991م وزارة الداخلية عبر الوزير هو المسؤول مباشرة عن مصحلة السجون. فإذا حدثت أي انتهاكات ومخالفات في تطبيق قانون السجون بالإمكان استدعاء الوزير أمام مجلس النواب للاستجواب وربما سحب الثقة منه، وهذا لايمكن تطبيقه على رئيس الجمهورية بخصوص سجون الأمن السياسي والأمن القومي بعدم جواز ذلك دستورياً وفق مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية. فعلى سبيل المثال توجد زنزانات فردية وتحت الأرض في سجون الأمن السياسي والتي تشكل أحد أشكال التعذيب للمعتقل أوالسجين لكونه لايرى ضوء النهار غير الإضاءة الكهربائية التي إن تعرضت لسياسة طفي لصي يعيش المعتقل في ظلام دامس بجانب حرمانه حقوقا إنسانية أخرى، وقد يقال أن هذه السجون تشبه سجون جوانتانامو الموجودة في قاعدة عسكرية في كوبا وتتبع وزارة الدفاع الأمريكية ، فهل هناك حاجة إلى التذكير أن سجون جوانتانامو التي استخدمت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م لإيداع المعتقلين هي ناتجة في ظل ظروف حرب معلنة ضد الإرهاب الذي أذن فيها في 2001/9/14م الكونجرس الأمريكي للرئيس الأمريكي باستخدام القوة اللازمة ضد من أسماهم أعداء البلاد، إضافة إلى ما سميت «بالمواقع السوداء» وهي سجون تديرها وكالة الاستخبارات المركزية في عدد من دول شرق أوروبا وفي دول من الشرق الأوسط .. وعلى إثر الانتقادات الدولية ومنها اليمن لسجون جوانتانامو جرى إعادة أغلب المعتقلين إلى بلادهم الأصلية باستثناء عدد قليل من المتبقين، وشرع في بناء زنزانات حديثة بأكثر من 24 مليون دولار على طراز السجون الأمريكية في داخل الولايات المتحدة، ويعود الفضل في هذا التغيير إلى ثلاثة قرارات للمحكمة العليا الأمريكية في 2004م ثم 2006م ومؤخراً في 2008 بحق المعتقلين مراجعة القضاء الفيدرالي والمغزى المهم أن هذه القرارات وضع حداً لسلطات الرئيس وخضوعه للقوانين الأمريكية والمعاهدات الدولية. الرسمية فقط دون الأمن السياسي والأمن القومي. أليس غريبا هنا في اليمن وهي ليست في حالة حرب تنتهك دستورها وقوانينها حتى بلغ الأمر كما ذكر النائب البرلماني أحمد سيف حاشد أنه تم اعتقاله في سجون الأمن السياسي ورفضت نزول لجنة برلمانية للتحقيق في شأن اعتقاله، وكذلك رفض هيئة رئاسة مجلس النواب في يونيو 2007م الطلب الذي تقدم به ثلاثون نائباً لتشكيل لجنة برلمانية للاطلاع على أحوال السجناء في أقبية الأمن السياسي («الأيام» بتاريخ 2007/6/30)، أليس أمراً غريباً أن وزيرة الدولة لحقوق الإنسان د.وهيبة فارع (26سبتمبر) بتاريخ 2002/7/11م، ووزيرة حقوق الإنسان الحالية في تصريحاتهما الصحفية لم يتحدثا عن زياراتهما التفقدية إلا للسجون أعتقد أن بإمكان الرئيس صالح مثلما هدم أمام الإعلام سجن فتح بالتواهي أن يقوم بالعمل نفسه مع سجون الأمن السياسي والأمن القومي.
فمع قيام دولة الوحدة صدر قرار جمهوري رقم (121) لسنة 1992م بإنشاء وتنظيم الجهاز المركزي للأمن السياسي، وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001م التي تعرضت لها الولايات الأمريكية أنشأت اليمن بدورها جهازا آخر سمي بجهاز الأمن القومي بموجب قرار جمهوري رقم (261) لسنة 2002 وبتاريخ 6 أغسطس 2002م، وأكدت المادة (7) من قرار إنشاء الأمن السياسي ممارسة اختصاصاته «بما لا يتعارض مع الدستور والقوانين» في حين ذهبت المادة (8) من قرار إنشاء الأمن القومي أبعد من ذلك بممارسة اختصاصاته «بما لا يمس مبدأ التعددية السياسية والحريات العامة وحقوق الإنسان وبما لايتعارض مع أحكام الدستور والقوانين النافذة».. كلام جميل نظريا، على ماذا ينص الدستور فيما يتعلق بالحريات العامة وحقوق الإنسان؟ المادة (47) تقضي بأن لاجريمة ولاعقوبة إلا بناء على نص شرعي أو قانون وتؤكد المادة (48 /أ) أن «الدولة تكفل للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم ويحدد القانون الحالات التي تقيد فيها حرية المواطن» وتنص الفقرة (ب) من المادة نفسها: بأنه «يحظر حبس أو حجز أي إنسان في غير الأماكن الخاضعة لقانون تنظيم السجون ويحرم التعذيب والمعاملة غير الإنسانية... أو أثناء فترة الاحتجاز والسجن».
أما على مستوى قانون تنظيم السجون (كان قرارا جمهوريا بالقانون رقم 48 لسنة 1981م أقره مجلس النواب بالقرار رقم (3) لسنة 1996) فقد نصت المادة (8) بأنه لايجوز سجن أي شخص أو قبوله في السجن بدون حكم قضائي، أو بأمر حبس مكتوب من النيابة العامة المختصة. وتحدد من جانبها اللائحة التنفيذية للقانون الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 221 لسنة 1999 في المادة (55) توزيع فئات المسجونين على:
(أ) السجون المركزية التي تستوعب المحكوم عليهم بالحبس مدة تزيد عن 3 سنوات والمحبوسين احتياطاً. (ب) السجون الفرعية للمحكوم عليهم بالحبس لمدة سنة، والمحبوسين احتياطاً في قضايا عادية.(ج) السجون المحلية للمحكوم عليهم لمدة تقل عن سنة .. إلخ. إذن وفق التصنيف لا مكان لسجون الأمن السياسي أو القومي، حيث إن نظام إنشائهما لم ينص على وجود سجون خاصة بهما بل بالعكس أكدت المادة (8) بالنسبة للأمن السياسي والمادة (10) للأمن القومي «إحالة الجرائم والأنشطة التخريبية التي يتم كشفها وضبطها إلى النيابة العامة لاستكمال إجراءات التحقيق والتصرف فيها وفقاً للقانون» .
ماذا يعني هذا النص إن لم يعن وفقاً لقانون تنظيم السجون ولائحته التي حددها في السجون المركزية والفرعية المشار إليها سابقاً ؟
والمشكلة الجوهرية هنا أن جهازي الأمن السياسي والأمن القومي يتبعان بالنسبة للأول مجلس الرئاسة الذي أصبح يتولاها رئيس الجمهورية (المادة3) والمادة (1/ب) بخصوص الأمن القومي يتبع رئيس الجمهورية ويكون مسؤولاً أمامه عن تنفيذ كافة المهام المنصوص عليها في قرار إنشائه.
بالمقابل فإن وزارة الداخلية عبر وزير الداخلية وفق اللائحة التنظيمية للوزارة رقم (169) لسنة 1995م وقانون تنظيم السجون لعام 1991م وزارة الداخلية عبر الوزير هو المسؤول مباشرة عن مصحلة السجون. فإذا حدثت أي انتهاكات ومخالفات في تطبيق قانون السجون بالإمكان استدعاء الوزير أمام مجلس النواب للاستجواب وربما سحب الثقة منه، وهذا لايمكن تطبيقه على رئيس الجمهورية بخصوص سجون الأمن السياسي والأمن القومي بعدم جواز ذلك دستورياً وفق مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية. فعلى سبيل المثال توجد زنزانات فردية وتحت الأرض في سجون الأمن السياسي والتي تشكل أحد أشكال التعذيب للمعتقل أوالسجين لكونه لايرى ضوء النهار غير الإضاءة الكهربائية التي إن تعرضت لسياسة طفي لصي يعيش المعتقل في ظلام دامس بجانب حرمانه حقوقا إنسانية أخرى، وقد يقال أن هذه السجون تشبه سجون جوانتانامو الموجودة في قاعدة عسكرية في كوبا وتتبع وزارة الدفاع الأمريكية ، فهل هناك حاجة إلى التذكير أن سجون جوانتانامو التي استخدمت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م لإيداع المعتقلين هي ناتجة في ظل ظروف حرب معلنة ضد الإرهاب الذي أذن فيها في 2001/9/14م الكونجرس الأمريكي للرئيس الأمريكي باستخدام القوة اللازمة ضد من أسماهم أعداء البلاد، إضافة إلى ما سميت «بالمواقع السوداء» وهي سجون تديرها وكالة الاستخبارات المركزية في عدد من دول شرق أوروبا وفي دول من الشرق الأوسط .. وعلى إثر الانتقادات الدولية ومنها اليمن لسجون جوانتانامو جرى إعادة أغلب المعتقلين إلى بلادهم الأصلية باستثناء عدد قليل من المتبقين، وشرع في بناء زنزانات حديثة بأكثر من 24 مليون دولار على طراز السجون الأمريكية في داخل الولايات المتحدة، ويعود الفضل في هذا التغيير إلى ثلاثة قرارات للمحكمة العليا الأمريكية في 2004م ثم 2006م ومؤخراً في 2008 بحق المعتقلين مراجعة القضاء الفيدرالي والمغزى المهم أن هذه القرارات وضع حداً لسلطات الرئيس وخضوعه للقوانين الأمريكية والمعاهدات الدولية. الرسمية فقط دون الأمن السياسي والأمن القومي. أليس غريبا هنا في اليمن وهي ليست في حالة حرب تنتهك دستورها وقوانينها حتى بلغ الأمر كما ذكر النائب البرلماني أحمد سيف حاشد أنه تم اعتقاله في سجون الأمن السياسي ورفضت نزول لجنة برلمانية للتحقيق في شأن اعتقاله، وكذلك رفض هيئة رئاسة مجلس النواب في يونيو 2007م الطلب الذي تقدم به ثلاثون نائباً لتشكيل لجنة برلمانية للاطلاع على أحوال السجناء في أقبية الأمن السياسي («الأيام» بتاريخ 2007/6/30)، أليس أمراً غريباً أن وزيرة الدولة لحقوق الإنسان د.وهيبة فارع (26سبتمبر) بتاريخ 2002/7/11م، ووزيرة حقوق الإنسان الحالية في تصريحاتهما الصحفية لم يتحدثا عن زياراتهما التفقدية إلا للسجون أعتقد أن بإمكان الرئيس صالح مثلما هدم أمام الإعلام سجن فتح بالتواهي أن يقوم بالعمل نفسه مع سجون الأمن السياسي والأمن القومي.