مشاكلنا حلها بين أيدينا

> مقبل محمد القميشي:

> من خلال التجارب التي مرت، والوضع الذي نعيشه في الوقت الراهن أدركنا أن هذا الكون لم يخل ولن يخلو من المشاكل، وهذا أمر بديهي، إلا أن تلك المشاكل انحصرت في معظمها بين الحق والباطل، وبالتالي لن يعفى أحد من المشاكل، أكانت هذه المشاكل على مستوى الدول أم على مستوى المجتمعات أم على مستوى الأفراد، حتى الأطفال لاتخلو حياتهم وعلاقاتهم من المشاكل.

ومن خلال ما تقدم علينا أن نسأل أنفنسا بكل هدوء وبكل شفافية وصدق، من أين تأتي هذه المشاكل؟ أين مصدرها؟ فإن وجدنا أنها من ذواتنا، من أنفسنا، فعلينا أن نضيف سؤالا إلى السؤال السابق، لماذا لانسيطر عليها ونجعلها تظهر إلى الملأ؟.

وإذا أردنا التمعن، وبمعرفتنا من خلال قراءتنا للتاريخ، نجد أن مشاكل الماضي مقارنة بمشاكل الساعة أقل وأخف، وبالتالي يمكننا أن نعيد أسباب ذلك إلى الغذاء الذي يأكله العالم اليوم، ويختلف عن الغذاء الذي أكله عالم الماضي في الأزمات الغابرة وإلى قريب من زمننا، حيث يدخل في تركيب غذائنا الكثير من العناصر الكيماوية التي تؤدي حتما إلى اختلاف جينات الإنسان، مما يؤدي إلى اختلاف في السلوك بين إنسان الأمس وإنسان القريب، مما يؤدي إلى تفاقم مشاكلنا في عصرنا الحالي.

وبالنسبة لليمن نجد أن علينا تناول الواقع المعاش والمشاكل الحاصلة فيه، والتي لاتعد ولاتحصى، فهي تارة هنا وتارة هناك، إما بين القبائل وإما بين الأفراد وإما بين السلطة وبين القبائل أو المناطق، وتستخدم لحل كل مشكلة مختلف الأسلحة.

والغريب أن المواطن يتعرض لحالة من الخوف والفزع من حماته أو ممن يفترض عليهم حمايته، حيث تمثل الاجتهادات الشخصية بإصدار الأوامر إما بالقتل أو بالقمع، قمة الفوضى وقمة المشاكل (بدون الرجوع إلى القوانين)، فقد حدث على المدى القريب أن تعرض الكثيرون من المواطنين إلى القتل من قبل رجال الأمن والجيش، والأسوأ ما حدث من قبل جنود في الأمن المركزي، ومايزال يحدث، وما حصل في السابق في ردفان والضالع وطور الباحة وعدن وشبوة وحضرموت وأبين تعد جرائم كبرى.

أبين ضربت الرقم القياسي في جرائم الأمن المركزي، بدليل أن تقرير لجنة تقصي الحقائق التي تم تكليفها على خلفية (إحراق بيوت المواطنين في جعار وتعذيب السجناء) وماتزال هذه القوة غير المرغوب فيها في كل محافظات الجنوب تتخذ أسلوب الاستفزاز ضد المواطنين، وتثير المشاكل، وكأنها خارجة عن القانون تماما.

لذلك لابد من تنبيه جهات الاختصاص لرفع هيمنة وتخويف الناس من هذه القوى، ثم ليس أمامنا سوى المشاركة في علاج يؤدي إلى وقف مثل هذه الانتهاكات من قبل أجهزة تابعة للأمن أو للقوات المسلحة، إذ لن يتم الشفاء حسب اعتقادي إلا بإزالة تلك المشاكل ومسبباتها.

وما زعزعة الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي إلا نتاج للمشاكل التي لانطلب العلاج الشافي منها، ولكن الحد منها على الأقل، وذلك لن يتحقق إلا من خلال عدم استخدام القوة بعددها وعتادها، والتي لاينجم عنها سوى قتل الناس العزل من السلاح، والاعتراف بقضايا الناس وحلها سريعا بالطرق التي ترضي الجميع، وإطلاق حرية الرأي والرأي الآخر، والإصغاء لكل ما هي قضايا (مشاكل) صغيرة أم كبيرة، والعمل على حلها، والاعتراف بالأخطاء والوقوف حيالها ومعرفة مسبباتها، ثم العمل على تصحيحها، وقبل هذا وذاك بتجفيف منابعها، وفي اعتقادي لن يأتي ذلك إلا من خلال تطبيق القانون على الصغير والكبير على حد سواء، محاربة الفقر بالطرق والوسائل التي سبق وإن عالجت مشاكل الفقر في دول عاشت هذه الأوضاع، وتجاوزتها من خلال تشجيع الاستثمار وتوفير الضمانات الكافية له (الصادقة)، واهتمام الحكومة بالمشاريع التي لاشك ستمتص البطالة والأيادي العاطلة عن العمل.. مشاكلنا نصنعها بأيدينا وحلولها أمامنا وبين أيدينا إن أردنا.

وأخيرا تحية من الأعماق لصحيفة «الأيام» في عيدها الخمسين، ورحم الله من أسسها وطرح الخطوط العريضة لسياستها، والتي مازالت تنتهجها حتى اليوم.. تحية للقائمين عليها اليوم، وعلى رأسهم هشام وتمام، وتحية أيضا لمحبيها وقرائها ومزيدا من التقدم ومناصرة المظلومين.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى