الجـفـري: الحالة الاقتصادية الصعبة هـي القنبلـة التي نخشـى انفجارها في أي لحظة

> «الأيام» عن «السياسة» الكويتية:

> نشرت صحيفة «السياسة» الكويتية أمس حوارا مع السيد عبدالرحمن الجفري، رئيس حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) أجراه معه الزميل يحيى السدمي، فيما يلي نصه:

> هل تتوقع عودة الحرب بين الحوثيين والحكومة ؟

- هذا يعتمد على حل هذه المشاكل بين أبناء صعدة , فلو استفحلت ستدفع بإعادة الحرب لأن كلا منهم إذا هو محسوب على هذا الطرف أو ذاك سيستدعي الطرف الذي هو محسوب عليه بطريقة أو بأخرى بفعل يجبر الطرف الذي هو متهم بالانتماء إليه على الدخول في إشكالية, وأنا أعرف أن الدولة تبذل جهودا ووزير الإدارة المحلية عبدالقادر علي هلال ومحافظ محافظة صعدة يبذلون جهودا وزاروا ويزورون مناطق مثل حيدان ومران وساقين وغيرها , لكن المسائل ليست بالسهولة التي نتصورها , إلا أن هذا لا يقلل من أن القرار الذي اتخذه فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح بإيقاف الحرب في صعدة كان صائبا وجريئا وقرارا مسئولا وأي كلام غير هذا أعتبره مجانبا للصواب. وأرى أن من المهم الآن أن يصدر قرار حاسم وحازم وواضح من فخامة الرئيس ويتم دعمه باتفاق لكل الرموز القبلية والاجتماعية في صعدة وبنداء من رموز العلماء المؤثرين ..بأن كل ماحدث ليس قبلياً ولا يجوز تبادل الانتقامات والثأر نتيجة لما حدث وأن الدولة قد تكفلت بإعمار ما تهدم وبعلاج للنتائج وللجراح.. بصفتها دولة للوطن كله بكل فئاته.

> هل تخشون من تدخلات خارجية لإعادة إذكاء الصراع والحرب من جديد في صعدة ؟

- انا لا آخذ بكلام الصحف بدون توثيق فصعدة ليس لها حدود مع أحد سوى المملكة العربية السعودية وأنا أعلم علم اليقين أن المملكة العربية السعودية لايمكن أن تساعد في صراع كهذا ليس في مصلحتها ولاهي تريد لسبب بسيط فالمنطقة الإقليمية العربية والتي هي دول الخليج والجهات الدولية ذات النفوذ المؤثر لأول مرة في التاريخ كلها مجمعة على صلاح الأحوال في اليمن وليس على فساد الأحوال في اليمن , وهذا إجماع تاريخي نادر وعلينا نحن أبناء اليمن أن نستغل هذا الإجماع لنصلح بلادنا , قد تكون هناك دول أخرى لها مصالح من وجود مشاكل في اليمن لكن سيكون أثرها ضعيفا جدا إن نحن أحسنا التصرف.

> وبالنسبة لما يحدث في المحافظات الجنوبية من اعتصامات ومظاهرات واحتجاجات شبه يومية ؟

- ما يحدث في المحافظات الجنوبية هو أخطر مما نتصور , القضية أصبحت بهذه الحدة لأن جراحاً لم تُعالج وتركت لتتقيح وإذا كان في 94م حرب فهذه أخطر , ففي 94م لم يكن هناك بناء لجدار، لا أريد أن أقول كراهية ، فأقول حساسية بين شمال وجنوب لم تكن موجودة في كل المراحل السابقة.. كان هناك شماليون كثيرون موجودون في عدن وكانوا في عيوننا ليس كلاما عاطفيا بل أقول ذلك بصدق , كان هناك مجاميع من الحرس الجمهوري والأمن المركزي والشرطة العسكرية ومن الأسرى أخذناهم أيام الحرب إلى المهرة وكانوا مؤمنين ولم يستطع إنسان أن يسيء إليهم ولو بشق بكلمة .. اليوم إذا نزلت إلى عدن وعرفوا أنك من الشمال ستسمع كلاما لن يسرك ولن يسرني , وهذا الكلام جديد علينا على قلوبنا وعلى تقاليدنا وعلى نفسياتنا لم نألفه .. فحتى الخصوم إذا جاءوك ستعاملهم بمودة فكيف اذا كانوا من أهلك.

فالذي حصل هو تراكمات سيئة وكثيرة, وأنا أقول لا نرمي ذلك على أية جهة وحدها أو بعينها منفردة , كون هناك جهات تستغل هذا الأمر ..وهو شيء طبيعي أن أية إشكالية عندك كدولة لابد أن يستغل خصومك من الداخل ومن الخارج معارضة من الداخل ومعارضة من الخارج .. أنا أقول الذي أدى، بدءاً، إلى هذا الوضع من التوترات والاحتقانات في الجنوب هم أناس في الدولة وليس الدولة هناك فرق كبير , أناس إما عن غباء أو غرور أو حسن نية أو سوء نية أو عنجهية سمها ما تسمها , لكن التصرفات إزاء الناس هي التي تسبب أمرا كهذا , وبالتالي الناس بدأوا يطالبون بحقوق مالية أو وظيفية وكانت بعض الأصوات هادئة.. ولو حتى قيل أنهم بالغوا في الطلب إنما للأسف لم يتعامل معهم بجدية بل باستخفاف وكأن هؤلاء لا قيمة لهم , وهذا أضاف نوعا من الملح على الجرح فبرزت هذه التراكمات في شكل مطالب سياسية على اعتبار أن المفتاح للحلول هو من مدخل الإصلاحات السياسية, وحين نبسط الأمور ونقول هذا شيء بسيط أو سهل فنحن نخدع أنفسنا.

> لكن هل يعقل أن تصل المطالب السياسية إلى دعوة للانفصال؟

- ممكن يوصل عند الإنسان الذي انجرح أن ينفصل عن أبيه وأمه .. الإنسان الذي ينجرح من زوجته يطلقها , زوجته أم عياله , نحن نتكلم عن عمل سياسي عمل وطني ليست العواطف هي الحاكمة الوحيدة فيه , صحيح العواطف جزء مهم , لكن العواطف وحدها تنتهي تذوب , وباقي العوامل والمصالح التي تساعد على ارتباطي بك أو بالآخرين عندما تضعف أو تنتهي تتحول العواطف إلى عواطف أشد اشتعالاً ولكن في الاتجاه المضاد, فلا نفكر أن المسألة بهذه السهولة فلا تنتظر من غاضب ومقهور وشاعر بغبن أن تكون كل تصرفاته خاضعة لميزان العقل وحده فعاطفة الغضب أو المودة هي الأشد أثراً في تصرفاته وأفعاله.

> ألا ترى أن الأحزاب استغلت هذه المطالب ؟

- تريد كلاماً جاداً أم لا؟ لماذا نهرب؟ من صنع هذا؟ , والأحزاب - وأقول بعض الأحزاب- لم تستغل هذا الموضوع إلا مؤخرا جدا عندما بدأت تشعر بخطر أنها مرفوضة في المحافظات الجنوبية , أنا أُشتم في بعض مواقع إليكترونية من قبل بعض من إخواننا الجنوبيين وليس عندي مانع أن أتحمل الشتيمة فذلك أهون عندي من استغلال عواطفهم , أنا أفضل أن يشتموني وأن ينتقدوني ويقولوا أني بعت وأني اشتريت, وأنا الحمدلله لست محتاجاً لأن أبيع ولا أشتري, أفضل أن يقال هذا الكلام فهو كلام, في النهاية إن كانت هذه الصفات فيّ فمهما نفيتها فستظل فيّ وإن كانت هذه الصفات ليست فيّ فمهما قالوا فلن تكون فيّ , ومن ثوبه طاهر صلى .. لكن أفضل أن يقال ما يقال على أنني أخدع الناس أو أستغل عواطف ثائرة أو غضب ثائر, ولست مستعدا لركوب الموجة لأخدع الناس وأتَوِّهَهُم بكلام غير صحيح , أو بموافقتهم على مطالب لا أعتقد بصحتها وأقول لك شيء إذا المسألة لعب على موجة الجنوب وعلى عواطف الناس , فلا أقرب إلى الجنوب من حزب الرابطة وهو الأقرب لقلوب الناس , نحن من سمى الجنوب جنوبا وليس أحد غيرنا , ورفضنا الانجليز وسمى الانجليز جزءا من الجنوب جنوبا وعزل حضرموت والمهرة , لكن نحن من سماه الجنوب العربي لتكون أول وحدة للجنوب العربي , وهذا منصوص ومثبت بأدبياتنا , ثم تقوم وحدة الجنوب العربي الكبير وسميناه اليمن الطبيعية في الخمسينيات , وعندما كنا في ذروة حرب 94م , قلت إن انفصالنا ، عن نظام وليس عن وطن ونريد الوحدة أن تكون على أسس صحيحة ، وفي الأسبوع الأخير من مايو عام 1994م يمكنكم سؤال إخواننا من المحافظات الشمالية الذين كنا وهم معاً في المنفى ماذا كنا نقول وأرسلنا شريط فيديو بما كنا نقوله في ذلك الوقت.

> وبالنسبة لقضية المعتقلين على خلفية أحداث الجنوب ؟

- نحن أولا مع حق كل إنسان في التعبير عن رأيه حتى ولو كان يراه غيره خطأ.

> مهما كان ؟

- طالما لم يأخذ سكينا ولا عصا ولم يذبح أحدا لتنفيذ رأيه إذا أنا قوي في حجتي لايهمني شيء حتى لو اعتبر البعض ، وقد يكون كلامهم ليس بعيدا عن الصحة، أن مايقال بعيدا عن الدستور والقانون فهناك أمور كثيرة تقال بل تفعل بعيدا عن الدستور والقانون , إذا كان الموضوع موضوع كلام ورأي وسيقف عند حد القول السلمي والحركة السلمية المشروعة فإن واجبي أن أستمع إليه وامتص غضبه بالاستجابة للمطالب المشروعة وأتحمله وأرد عليه الحجة بالحجة إن خرج عن المشروع , لكن إذا رفع السلاح في وجه الدولة فهذا خط أحمر..وبالمثل إن واجهت الدولة القول والرأي بالسلاح.

> وماذا عن الحالة الاقتصادية الصعبة والأعمال الارهابية؟

- الحالة الاقتصادية الصعبة هي القنبلة التي نخشى انفجارها في أي لحظة..وإن حدث ،لاسمح الله، فلن تبقي ولن تذر..ورغم جهود الاصلاحات الاقتصادية إلا أنها تذهب هباءً فالإناء السياسي والإداري الحامل لها «غربال»..ولايمكن نجاح إصلاحات في أي جانب ما لم تكن في إطار إصلاحات شاملة تتصدرها الاصلاحات السياسية. أما الأعمال الارهابية والتطرف فقد حللنا أسبابه في مشروعنا للاصلاحات الشاملة.. وآن الأوان أن نبعد العامل العقائدي عن الاستخدام في معادلاتنا السياسية وأن تعود معاهدنا ومساجدنا إلى جذور ما كان سائدا في مجتمعنا ومدارسنا الدينية من تسامح واعتدال وتعايش وابتعاد عن التبديع والتكفير وهي الفتايل المهيجة «للتفجير».

> هل تتوقع أن تعيد الانتخابات القادمة خارطة ما كان موجودا ما قبل حرب 94م فيسيطر الاشتراكي على مقاعد مجلس النواب «الجنوبية» والمؤتمر على «الشمالية».. في ضوء ما يحدث في الجنوب حاليا ؟

- لا أعتقد , أن تتكرر خارطة ما قبل حرب 94م لايمكن , فالخارطة السياسية المنتجة لما كان قد تغيرت , فبرغم قيام الوحدة كان الاشتراكي يحكم الجنوب والمؤتمر يحكم الشمال واتفقا على الدوائر الانتخابية ولا أعتقد أن أحداً منصفاً يمكن أن ينكر هذا , فقد كان لدي قائمة بالفائزين من يوم 26 ابريل 1993م والانتخابات أجريت يوم 27 ابريل ولم يتغير اسم من الأسماء. أما اليوم فالخارطة تغيرت على الجميع بمن فيهم حزب الرابطة.

> ماذا تغير بالنسبة إليكم خسرتم أم كسبتم ؟

- بل كسبنا ولم نخسر , كانت الدولة معتمة إعلاميا علينا وأنت تعرف وأنا أعرف..وكنا قد أقصينا من الوطن نفسه لربع قرن تم خلالها محاولات لتشويه وتزييف تاريخنا ومواقفنا الوطنية فلم تكن لدينا آنذاك الفرصة الكافية للتعريف الحقيقي بأنفسنا وتصحيح الصورة في أعين جيل كامل.

> هناك الآن تحالفات «تحالف اللقاء المشترك» المعارض في مقابل والتحالف الوطني الديموقراطي الذي يضم المؤتمر وأحزابا أخرى.. أين يقف حزبكم من هذه التحالفات ؟

- التعددية هي الأصل والتكتل هو الاستثناء , مثل ما كان قبل حرب 94م عملنا تكتلا للمعارضة وكان صاحب الدور الرئيس في الحوار الوطني وفي صياغة وثيقة العهد والاتفاق , وفي المرحلة الحالية الاخوة في المشترك أقاموا تكتلا وحققوا نجاحا باهرا لأنهم اعتمدوا على عقلانية الطرح والبرامج وليس على الفكر والأيدلوجية , فلو كانوا اعتمدوا على الايدلوجية فكلهم متنافرون ايدلوجيا لكنهم أدركوا ان في العالم كله اليوم لم تعد مرحلة «الأدلجة» في المستوى السياسي فاتفقوا وكان هذا اختيارا صحيحا لهم , والمؤتمر وجد نفسه أنه في حاجة من ناحية أخرى أن يكون له تحالفاً فأقام تحالفاً مع عدد لابأس به من الأحزاب , ولست ضد هذا أو ضد هذا , وأقول إن وجدنا نقاط لقاء للتحالف مع أي طرف فلن نغلق أبوابنا سواء مع المشترك أو مع التحالف الذي يوجد به المؤتمر وخيارنا الأول مع المؤتمر الشعبي العام لكنه ليس خيارنا الوحيد وهذا بحسابات سياسية وليس بحسابات مصلحية , لاعتقادنا أن بيد المؤتمر معظم أوراق التغيير في البلد , فإذا كان تغييراً سلمياً وبأقل كلفة ممكنة فلايستطيع أحد أن يغير باتجاه الإصلاحات سوى علي عبدالله صالح كشخص من خلال حزب المؤتمر. وفي كل الأحوال فالاصلاحات الشاملة والعميقة أصبحت حتمية وضرورة للجميع ولم تعد خياراً يمكن أن يكون له بديل.. وكما قلنا ونقول من سنين أن الأفضل والأسلم والأقل كلفة أن يقوده الرئيس وأن يتجه إليه دون إبطاء أو ترميمات جزئية.

> إذاً ما نقاط خلافكم مع اللقاء المشترك ؟

- لم نتحاور حتى نكتشف نقاط الخلاف, عرض علينا الحوار وكان حوار تعارف ودردشة ثم اتصلوا بنا لنتحاور ووافقنا , ثم وقبل شهر قالوا يريدون حوارا معنا وفي كل مرة نوافق ولامزيد, ونعلم أن عرضهم للحوار يأتي لظروف سياسية تلائم هذا العرض وعندما ينتهي هذا الظرف قد يؤجلون الحوار ونحن نقدر ظروفهم..وقد ينطبق علينا هذا الأمر إن كنا في ظروفهم.

> هل تتوقع من الانتخابات المقبلة إعادة أغلبية حزب المؤتمر «الحاكم» في مجلس النواب كما هو الحال الآن ؟

- أقول ان تمت الانتخابات في عام 2009م! .. فطبقا لما هو قائم وطبقا للانتخابات السابقة فلن تنتج إلا الموجود لو بالغ المتفائلون!!..وأخشى من الأسوأ.

> هل تشكون في أن تتم الانتخابات وما هو الأسوأ ؟

- الله أعلم, ولا أقصد تغييرا دراماتيكياً أو شيئا آخر عنيفاً أو عشوائياً فهذا غير مرغوب, لكن إذا كان هناك نظام انتخابي آخر يعتمد القائمة النسبية وقانون انتخابي آخر , وقبول بحكم محلي كامل الصلاحيات أعضاء مجالسه المحلية ينتخبهم الشعب , ونظام رئاسي , وتوازن ...الخ إذا تمت الانتخابات تحت مظلة اتفاق ملزم غير قابل للنقض على هذه الأمور وتنفيذ ما يتعلق منها بالانتخابات وبرنامج زمني وبدء تنفيذه لباقي قضايا الإصلاحات فإننا سنتحاشى الانزلاق إلى الأسوأ.. ونحن لا نقول يتم تنفيذها بين يوم وليلة فالرئيس قال إن الحكم المحلي كامل الصلاحيات يتم في 2010م يعني تدرج ونحن معهم وقد أصدرنا بيانا حينها وقلنا نحن مع هذا..لكن تدرجاً معقولاً لايقفز على واقع ولا يقع تحت سنابك الواقع.. ولا يحرق مراحل ولا يحرق الوطن بالانتظار في نار تلك المقولات.

> قادة الحزب الاشتراكي الموجودون خارج اليمن، هل مازلتم على تواصل معهم ؟

- لم نقطع صلتنا مع أحد منهم الا اذا قطع هو تواصله بنا.. وحتى في هذه الحالة ان وجدنا فرصة للتواصل معه سنتواصل معه..ويوجد بالخارج قيادات كثيرة من غير الزملاء في الاشتراكي.

> وعلي سالم البيض ؟

- هو قطع تواصله بي منذ عدة سنوات ويسري عليه ما ذكرت في الإجابة السابقة.

> هل تتوقع عودتهم إلى اليمن ؟

- أتمنى عودتهم جميعا إلى بلادهم.

> إن طلب منك القيام بدور وساطة لعودتهم هل تقوم بهذه الوساطة ؟

- أقوم بوساطة إذا قبل الطرفان.

> كيف تنظر إلى المعارضة من الخارج ؟

- أنا كنت معارضا من الخارج , وأي إنسان يرى أنه لايستطيع أن يعارض الا من الخارج فهو حر ومن يستطيع أن يعارض من الداخل فهو حر لكني أتمنى أن يكون الجميع في الداخل وتتوفر لهم الفرصة ليقولوا في الداخل ما يقولونه وهم في الخارج.

> يلاحظ أن حزبكم في ذروة خلافات اللقاء المشترك مع المؤتمر على أبرز القضايا عادة ما يقف منها موقف المتفرج ؟

- لا ليس متفرجا, فنحن ننظر إلى الأمور بعقل وعدم اللعب بعواطف الناس وعندما نعالج قضايا وطن لانحب أن نضيف ملحا على الجراح , فرأينا متوازن , فالسلطة إن أحسنت أنا أقول «برافو يافخامة الرئيس علي عبدالله صالح» وأبوس على رأسه، وان أساء لا يخيفني أن أقول له أخطأت يا أيها الأخ الرئيس.

> في أي موقف قلتم له أخطأتم يافخامة الرئيس ؟

- اسأله , انا الذي أقوله بيني وبينه أكثر من الذي أقوله في أية صحافة وما أقول له لايمكن أن أطرحه للاعلام لايمكن , لكني لا أقوله بقصد النكاية ولا بقصد التجريح ولا بقصد التشهير هو رئيس دولة اختلفت معه أو اتفقت طالما هو رئيس أنا أتعامل معه بمقامه كرئيس بلادي وأنا كرئيس حزب ولعلمك أنا أول من أطلق كلمة فخامة ودولة ومعالي وسعادة بعد أن كانت ممنوعة وبدأت تتسرب في الصحافة على استحياء , حتى وأنا مختلف مع الرئيس علي عبدالله صالح عندما كنت خارج اليمن كنت أستغرب أن يقال له «الأخ الرئيس»لماذا هو مجرد الأخ وغيره «فخامة الرئيس» هو رئيس دولة وقيمته أنه رئيس لبلدي , أما أن يصيب أو يخطئ، فهذا محل خلاف في التقييم.. وللأمانة هو يستمع لمن ينتقد ولا يبدي استياءً.

> لو رجعنا إلى تاريخ الصراع المرير بين الاشتراكي وبين الرابطة هناك من يرى أن الرابطة ممثلا في شخصكم هو من قضى على الحزب الاشتراكي «منتقما منه» بتوريطه في حرب 94م ومشروع الانفصال ؟

- يشهد الله وأقول ذلك أني لست خائفا من الاشتراكي أو من أي حزب آخر , ولا أخاف الا من الله , وبإمكانك سؤال الإخوة في الحزب الاشتراكي نحن طلبنا الحوار معهم عام 1982م وذهبنا الى الهند بل وصار بيننا خلاف داخل قيادة الرابطة على هذا الموضوع وكنت عضوا عاديا في الرابطة , ووافقت قيادة الرابطة ممثلة بالرمز العظيم الفقيد الأستاذ شيخان الحبشي –رحمه الله- أن نذهب لحوار مع الاشتراكي واتفق على عقد اللقاء في سفارة «اليمن الديموقراطية» حينها في الهند وكان السفير حينها الأخ طه غانم، ولم يكن يحضر فقد فرغ السفارة, وتحاورنا على مدى يومين أو ثلاثة أيام حول أن نعود إلى بلادنا وأن نعمل من خلال الحزب الاشتراكي لأن الدستور كان يمنع قيام الأحزاب على أساس مدة معينة يصار فيها لتعديل الدستور بحيث يسمح بالتعددية «نحن أصحاب التعددية» وعلى أن يعقد اجتماع بعد ثلاثة أشهر على مستوى قيادي أعلى وتم التوقيع على وثيقة بذلك وهم الذين يبدو أن ظروفهم لم تمكنهم من أن يلتزموا وليس نحن , والإخوة الذين كانوا يحكمون ما يزالون موجودين. وفي مايو عام 85م قبل أحداث يناير عام 1986م أحسسنا أن قادة الحزب الاشتراكي سيقتتلون , وأرسلنا رسائل واحدة لعلي ناصر محمد ورسالة مشتركة لعلي عنتر وعلي شايع وصالح مصلح وقلنا لهم يكفي ما مضى يا اخوان معلوماتنا أنكم ستتقاتلون ندعوكم إلى أن تطلبوا جميع القوى الجنوبية في الخارج والداخل ونعمل اجتماع مصالحة وطنية على أساس ديمقراطي وتعددي وهذا منشور , ولو كنا نريد الانتقام منهم لما قمنا بذلك ودفعنا بالأمور, لسنا من أولئك الناس.. نحن لاننتقم , لقد سحل ابن عمي ظلما ورمي من فوق مسجد , هل تعرف أن بعض من قاموا بسحله أدخلتهم على كفالتي من نجران بعضهم كانوا شبابا غشهم الاعلام والدعاية ونحن واثقون أننا كنا بريئين من تلك التهم , وقلت لهم لقد انتهى الموضوع , وقتل عمر عبدالرحمن الجفري وهو أستاذ ثانوية وجاء أهل الفاعل وقالوا ابننا الفاعل ومودع بالسجن والحكم لكم إن شئتم أتينا به وافعلوا به ما تشاءون..وهم قوم كرام .. وقالت والدته قولوا لمن قتلوه «مسامحين» , لسنا منتقمين من أحد ولن نكون كذلك أبدا.. ليس عجزاً ولا ضعفاً فالجميع يعلم قدرتنا .. لكن اتباعاً لقوله تعالى:?{?ومن عفى وأصلح فأجره على الله?}?. كذلك لم يكن هناك صراع مرير بيننا ، بصفة خاصة وحدنا، وبين الإخوة في الاشتراكي.

ـ اليمن يسعى حاليا لانضمام كامل إلى مجلس التعاون الخليجي ما الذي يسهل هذا الانضمام وما على اليمنيين القيام به ؟

- كما قلت في بداية حديثي دول الخليج والعالم مجمع كله على أهمية الاصلا حات في اليمن.. الباقي علينا نحن في اصلاح بلادنا.. وبلادنا قابلة للإصلاح وبلادنا فيها ثروات فوق ما يتوقع خيالك، بلادنا ممكن ان تكون أهم موقع لتصدير النفط في العالم الموقع الأهم والأرخص بالنسبة لدول الخليج كلها لتصدر نفطها بعيدا عن حبس المضايق وهذا الكلام أنا قلته عام 87 وموجود في كتيب اسمه «الواقع والبديل» عندما وقعت حرب ايران والعراق واغلق مضيق هرمز، الانسان يجب أن يفكر أنه لايمكن للعالم كله أن يترك مادة استراتيجية ، تقوم عليها الحضارة المعاصرة، محصورة في مضيق.

إذن لابد ان يبحث عن البحر المفتوح والبحر المفتوح لدينا نحن وأسهل مكان وأقل كلفة والاقرب إلى الخط التجاري الدولي المكان الآمن لتصدير نفط الخليج.

هناك حاجة مشتركة نحن نحتاجهم وهم يحتاجوننا والعالم كله يحتاج اليمن.. عندك ثروة تاريخية في السماحة الاسلامية لم تخض هذه التجربة أي منطقة اسلامية أخرى في التاريخ الاسلامي كله وهو أن ثلث العالم الإسلامي دخل الاسلام على يدك بدون قطرة دم, ليس هذا فقط بدون حتى تضاد بين الثقافات.. كل جنوب شرق آسيا وشرق أفريقيا ووسط أفريقا, فتجربتك كل العالم محتاج لها لأن تحد من التطرف بالفكر النير والسمح , اذاً العالم محتاج لنا ونحن محتاجون للعالم ويبقى فقط مهمتنا نحن ان ننفذ الاصلاحات التي نطرحها ونبدأ بالتنفيذ الفعلي ودول الخليج كلها مرحبة لا اعتراض اليوم على أن تكون اليمن عضوا كاملا في مجلس التعاون الخليجي.. إن أهلت نفسها لذلك..بل سيساهم الجميع في مساعدة بلادنا على تأهيل نفسها إن هي بدأت خطوات جادة في هذا الاتجاه.

> بعد مرور هذه السنين على حرب 94م هل شعر عبدالرحمن الجفري بالندم من قرار انفصال جنوب اليمن عن شماله الذي اتخذه مع البيض وبقية قادة الانفصال ؟

- سبق أن أجبت أكثر من مرة على هذا السؤال..هناك ظروف فرضت كل ماحدث من وحدة وحرب وإعادة اعلان جمهورية اليمن الديمقراطية وغير ذلك..وأنا شاركت بعد اتخاذ القرار ولا أنكر ذلك ..ولكل قرار أو فعل سياسي أسبابه وظروفه ولايقاس بندم أو سواه من التعبيرات ، فهذه ليست واردة، وإنما يُُحكم عليه بالصحة من عدمها بموازين ظرف اتخاذ القرار أو القيام بالفعل..والتداعيات التي كانت قائمة حين اتخاذ القرار أو مزاولة الفعل السياسي.

> نتحدث عن مطالب جنوبية, وهل الشمال أفضل حالا من الجنوب من بعد الوحدة إلى الآن؟

- أيضاً سأكرر كلاماً سبق أن قلته في أكتوبر 1994م، ومسجل بالصوت والصورة، المعاناة موجودة عند الجميع إنما يجوز أنه في الجنوب استجدت جراح المعاناة والجرح الحديث يكون عادة أكثر إيلاماً بينما القديم ربما يكون الاحساس بألمه أقل.. وهناك قضايا أخرى أغفلناها أو نسيناها من فرط الفرح بالوحدة عندما تم إعلانها ..وهي:

-1 أن الدمج لنظامين اقتصاديين نقيضين تم دون مراعاة أن سكان شطر لايملكون شيئاً وسكان الشطر الآخر كل له ما يملكه من عقار ومال وأعمال ..فلم تراع هذه الحقيقة ..فأدى ذلك إلى شعور طرف من السكان بغبن وقلة حيلة وليس له إلا مرتبه الوظيفي البسيط الذي مع الظروف لم يعد يكفي قوته..كما شعر أنه لايستطيع أن يملك شيئا في منطقته والشاطر تحول إلى وسيط بين من يملكون ويقدرون على الشراء والبيع.

-2 أن تاريخنا ،في معظمه ، تاريخ انقسامي فلم تقم وحدة على مساحة الجمهورية اليمنية كاملة إلا في عهد الرئيس علي عبد الله صالح..وصدق الناس أكذوبة أن بريطانيا هي التي جزَّأت اليمن بينما احتلت بريطانيا عدن وهي جزء من سلطنة لحج..وآخر توحيد كان قبل حوالي 300عام في عهد المتوكل على الله اسماعيل ودام حوالي 37عاماً..لأنه اعتمد على عامل القوة وهو عامل متغير لايصلح للحفاظ على ما يراد له أن يكون ثابتاً ، كالوحدة..كذلك فإن الجنوب لم يكن موحدا في يوم من الأيام بمساحته التي دخل بها الوحدة، إلا لحوالي 24 عاماً وكان سلطنات ومشيخات وإمارات..بل حتى الصراعات التي قامت فيه خلال أعوام توحده الـ24 كانت تتم على أساس مناطقي.. وأيضا لم يراع هذا العامل الذي يفرض أن تقوم الوحدة على حكم محلي كامل الصلاحيات .

-3 لم نحسن التعامل مع قضية الخصوصية المناطقية ، سواء في إطار الجنوب أو الشمال أو في إطار دولة الوحدة .. فنفر بعضنا من قضية الخصوصيات المناطقية وحاولنا اتهامها والنفور منها ووأدها خشية منها على الوحدة ..دون أن ندرك أن هذا الموقف من الخصوصيات المناطقية من الطبيعي أن يثير النوازع السلبية والنفور والتعصب .. بينما كان يجب التعامل مع تلك الخصوصيات كتنوع يسهم في إثراء دولة الوحدة ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسيا.

- تلك القضايا الرئيسة الثلاث سببت جراحاً أضيف إليها ملح بعض الممارسات الوظيفية ومستوى التعامل فألهبت الجراح.أقول هذا بصدق وأمانة حتى يتبين صواب ما طرحناه من معالجات ومن أنها قائمة على دراسة علمية عميقة.. وأن الذي يستوعب كل الخلافات والتنوعات، المناطقية والمذهبية والقبلية والسياسية، هي «المواطنة السوية» القائمة على المرتكزات الثلاثة: العدالة في توزيع الثروة.. الديمقراطية المحققة للتوازن في المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين فئات الوطن وبين مناطق الوطن.. والتنمية الشاملة..وأن آلياتها الحكم المحلي كامل الصلاحيات ونظام الانتخابات بالقائمة النسبية ونظام حكم رئاسي ونظام برلماني بمجلسين منتخبين وقضاء مستقل نافذة أحكامه...الخ.

> بين الحين والآخر تثار قضية توريث الحكم في اليمن .. هل لديكم هذه المخاوف كما هي لدى بعض الأحزاب في المعارضة ؟

- أختلف مع بعض هذه المخاوف في التالي:

- تعريف التوريث.. فالتوريث في نظري أن يعين الرئيس ابنه أو أحدا من الأسرة وريثاً للرئاسة يتولاها آليا في حالة وفاة الرئيس أو فقدانه للأهلية. وهذا لا يمكن حدوثه ، فلا رئيس عندنا مدى الحياة ولا حق له في التعيين.. فإذا كان المقصود أن يرشح ابن الرئيس نفسه للرئاسة أو يرشحه حزبه أو غيره ممن يملك حق الترشيح فذلك من حيث التعريف ليس «توريثا»..وإن كان يمكن أن يقال أن منصب والده كرئيس أتاح له فرصاً قد تكون غير متيسرة لغيره في التأهل وفي الترشيح ويمكن أيضاً في النجاح.

- الاختلاف الثاني ..هو : هل كون والده رئيساً يُحرم من حق دستوري في الترشيح لمنصب الرئيس؟! ثم هل يجوز الحكم المسبق بالرفض دون معرفة مدى قدراته وتأهله وكفاءته..ودون معرفة برنامجه؟؟!! ما أراه شخصياًً كحكم عام لا يختص بأحمد عبد الله صالح وحده ولا حتى باليمن وحدها..أن المعيار يرتكز على ثلاثة أعمدة:

-1 أن يكون مؤهلاً ، كفاءة وعلماً وشخصيةً.

-2 أن يكون برنامجه يحقق أمناً واستقراراً وتنميةً وحرية ومواطنة سوية بأركانها وآلياتها. (فهي تصلح لبلادنا ولغيرها).

-3 أن يأتي من خلال انتخابات ديمقراطية نزيهة.

وبالنسبة لبلادنا بصورة خاصة فلا أستطيع أن أحكم على تأهل الأخ أحمد علي عبدالله صالح لأنني لا أعرفه بصورة تمكنني من الحكم.. فإن توفرت فيه أعمدة المعيار الثلاثة فإنني لا أرى ما يمنع أن يترشح للرئاسة على أن نكون من الآن حتى موعد الانتخابات الرئاسية قد أقرينا تعريفنا للمواطنة السوية بمرتكزاتها وآلياتها وأقمناها ونفذنا آلياتها المذكورة..وأن يكون برنامجه الانتخابي يقوم على الالتزام غير القابل للنقض بترسيخها وتجذيرها..ففي هذه الحالة لن نقبل بترشيحه فقط بل سننتخبه.. إلا إن ترشَّح أمامه من نتأكد أنه أفضل أو أنسب منه.

> ألم يحن الوقت لقادة الأحزاب اليمنية أن يستقيلوا ويفسحوا المجال لغيرهم ؟

-بلى ..وأنا أوَّلهم ..أو على الأقل أن يسمحوا بتأهيل كفاءات قيادية من الصف الثاني تأتي بجانبهم وتشاركهم القيادة لتحل محلهم.. كما أرى أن تعطى المرأة مساحة أوسع في الصف الأول لقيادات الأحزاب وفي الجهاز التنفيذي للدولة.

وأن تكون نسبة الشباب من الجنسين في قيادات الأحزاب تتلاءم مع نسبة عددهم السكاني.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى