كـركـر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> الأشياء التي تتكرر في حياتنا كل يوم لابد أن يضيق منها الناس.. ومن الممكن أن توجد أشياء أخرى حولنا ولكنها لا تتكرر دائما ولا ننصرف عنها.. ولذلك لا يوجد سبب واحد معقول يجعلنا نتقبل تفاهة بعض الناس وسذاجة البعض الآخر.

ولكن لأن الإنسان مغلوب على أمره دائماً.. والسبب أن أمره ليس بيده فهو يتقبل - مع عظيم الأسف والنكد - تفاهة وسذاجة الآخرين.. وكأن تعاستنا في هذه الحياة لا تكفي.. ولذلك لابد أن يضيفوا إليها جديداً.. وأن يتكرر هذا كل يوم في أساليب الكلام ونبرة الحوار وخصوصية الموضوعات.. ومصيبتنا في الذي يتحدث ولا يسكت ومصيبته هو فينا إذا لم نسمع كلامه وشماتتنا في تفاهة الذي يقوله ويكرره على أسماعنا بالمقلوب كل يوم .. كلام متداخل متضارب لا نعرف أوله من آخره.

> بإمكانك أن تذهب إلى أي مكان في عرض البلاد وطولها.. وسوف تسمع الذي يعجبك من الكلام والذي لا يعجبك.. وأكثر الكلام يكون طبعاً من النوع الثاني.. ولأن أكثر الناس يجتمعون في كل مكان.. لذلك يصبح من الضروري أن يتحدث بعضهم وأن يسمع البعض الآخر.. وسوف تجد أن الذين يتحدثون أكثر والذين يسمعون أقل.. ويكون الحديث في أكثر الأوقات مملاً وصاخباً وهذا سبب واضح لكي ينصرف الحاضرون إلى سماع شيء آخر.. أو أن يبحثوا عن شيء أنفع من هذا الكلام.. أو أن ينهضوا ثم يغادروا المكان وكأنهم لم يسمعوا شيئاً.. وهذا يحدث كل يوم.

> ثم أن المشكلة هي أن الذي نقوله اليوم هو الذي قلناه أكثر من مرة في الأيام الماضية.. لاشيء جديد ولاشيء مفيد ونافع.. وفي الصحافة أيضاً نجد أن الذي نكتبه اليوم هو الذي كتبناه من قبل.. أي أن عملية التكرار موجودة فينا.. ولذلك أصبح العمل الصحفي سهلاً وأصبحت الصحافة مهنة هينة.. وصار الذين لا يجيدون الكتابة يملأون الصحف.. فلم يعد الهدف من الكتابة واضحاً.. ولم يعد هناك هدف لأي شيء في بعض صحفنا سوى التكرار الممل والإسفاف في التعابير والمفردات والأساليب العتيقة.. وبعضها يخضع لقلة الذوق والمغريات السخيفة.

> ولكن مهما كانت الأساليب التي دعت وسوف تدعو إلى كتابة الكلام الفارغ ونشر الأكاذيب المضللة التي لا تفيدنا كثيراً.. ولا تجعل أي إنسان يصدقها أبداً.. خصوصاً إذا كنا نعرف أن الخطوة الأولى في هذه المرحلة هي الكلمة الصادقة في إيجاد سياسة حكيمة ومشاريع تنمية حقيقية.. ومساواة في المواطنة صادقة.. وهذه خطوة مستحيلة إذا فسدت الضمائر وسحرتنا الشعارات الزائفة واستغرقتنا الأحلام الخادعة.

> ومن المؤسف حقاً أن الفساد قد استشرى في الإدارة والمال العام.. وكأن الفساد قدر لا مفر منه.. فلا أمل في إصلاح أنفسنا إذا كنا نتحايل على النظام والقانون.. وإذا كنا نستخدم الرشوة في فتح الأبواب المغلقة وجعل الصعب سهلاً وممكناً.. فمن المستيحل أن يصلح شيء في حياتنا.. فلا علاج للكذب والطمع والاستغلال والفساد.. بعد أن أصبح عجزنا في الإصلاح طبيعياً مثل فسادنا تماما.. وبعد أن سكتنا عنه ولم نحاسب أحداً عليه.

> عدن عروس البحر الأحمر بأهلها.. ولكنها تتحول إلى أرملة بمن هَبَّ ودَبّ!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى