شياطين الإنس !

> عبدالله ناجي علي:

> رمضان هذا الشهر الكريم الذي يحتل مكانة خاصة ومميزة عند عامة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن رحمة للعالمين، لهذا نجد عامة المسلمين يتقربون إلى الله عز وجل في هذا الشهر الكريم بعبادته المتميزة كالصيام وصلاة التراويح والإكثار من الدعاء والاستغفار وقراءة القرآن وقيام الليل خاصة في العشر الأواخر إضافة إلى توزيع الزكاة من قبل الأغنياء على الفقراء والمساكين والمحتاجين .

ومن فضل الله على عباده في هذا الشهر الكريم أنه يصفد الشياطين - أي يقيدهم- ويفتح فيه أبواب الجنة، فنجد كثيرا من المسلمين يجعلون من هذا الشهر وقفة لمراجعة الحسابات في سلوكياتهم التي تتنافى مع شريعتنا الإسلامية السمحاء خاصة أولئك المتسلطون على عباد الله وبظلمهم وبطشهم، فنجد البعض من هؤلاء يعودون إلى رشدهم وإلى الله ويبدأون بتغيير سلوكياتهم في الحياة بما يرضي ربنا بعيداً عن مغريات الدنيا وملذاتها .. لكن البعض الآخر - للأسف - نراهم يزدادون فسادا في الدنيا حتى في هذا الشهر الكريم فنجدهم يقيمون موائد الإفطار المبالغ فيها إلى درجة الإسراف الشيطاني، فالله يقول في كتابه العزيز (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا) الإسراء آية 27 ، إضافة إلى تعامل البعض من هؤلاء الشياطين مع عامة الناس يتم بعقلية التجبر والغطرسة وغرور الجهلة ..فهم- أي شياطين الإنس - لايقدرون قيمة هذا الشهر الكريم بروحانيته المتميزة فسلوكهم للأسف ملطخ بالفساد والنفاق والتبذير .

والمفارقة أن هذا التبذير الشيطاني لشياطين الإنس في وطننا يقابله فقر لعدد كبير من السكان، حيث أصبحت قطعة اللحم عند غالبيتهم أمنية من الأمنيات التي يصعب تحقيقها .. أما المفارقة الصدمة والناتجة أصلا عن الفساد المتغلل في جهازنا الحكومي، أن الفساد قد طال حتى (الزكاة) التي شرعها الله للفقراء والمساكين والمحتاجين فنرى بعض التجار- للأسف - يقدمون جزءا من الزكاة إلى الفاسدين في جهاز الدولة- أي شياطين الإنس - وكما يقال خوفا من عرقلة مصالحهم التجارية والصناعية و..إلخ، من قبل هؤلاء المتسلطين بقوة الفساد .

إنها مفارقة محزنة نشعر معها -للأسف- أن بلد الحكمة والإيمان قد صار اليوم في خبر كان، وأكبر دليل على ذلك الممارسات التي نعيشها على أرض الواقع من قبل بعض المسؤولين الذين تحولوا إلى شياطين للفساد والتبذير والنفاق، والمؤلم أنهم يمارسون هذا حتى في الشهر الفضيل الذي تقيد فيه شياطين الجن، ويبدو أن شياطين الإنس قد تفوقوا على شياطين الجن في هذا الزمن .. وهذا الوضع قد ساعد على اختفاء كثير من قيمنا الدينية الداعية إلى صلاح المجتمع المسلم، وإلا كيف نفهم غياب العدالة في توزيع الثروة وانتشار المظالم في المحاكم وتفضيل المنافقين والفاسدين والجهلة على الأتقياء والشرفاء والكفاءات العلمية .. إنه - للأسف - زمن شياطين الإنس .. فاللهم يارب نسألك الرحمة بعبادك وجنبهم شرور شياطين هذا الزمن من الفاسدين والمنافقين والمبذرين .. اللهم آمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى