كيمياء الحب

> علي صالح محمد:

> الإنسان هذا السر العظيم واحة عظيمة من المكونات والأشياء خلقه الله في أعظم تفصيل وأعقد تكوين لم يستطع الإنسان ذاته أن يكشف سر مكوناته الحسية والسيكولوجية بعد، وللمتأمل أن يدرك ذلك الكم الهائل من مكونات هذا البشر، وأهمها أن كل إنسان جاهل بنسبة %9.99 ولا يدرك إلا %1 مما يمكن معرفته والذي يدرك أكثر فيعد في مصاف العباقرة.

هذه الحقائق تدفعنا إلى الإقرار بأننا كبشر لا نعرف أنفسنا فكيف لنا أن نعرف بعضنا، وهذا أمر مهم في علاقات الناس ببعضها. ومن تجربتي المتواضعة أستطيع القول إننا نجهل بعضنا كبشر ليس من الناحية المعرفية التي تضمنتها الدراسات العلمية، بل ما هو مرتبط بالعلاقات الاجتماعية وسيكولوجيا التعامل البشري، لأنها أهم ما يميز البشر عن غيرهم من الحيوانات التي ترتبط بمنظومة غريزية تحدد هويتها ووجودها في هذا الكون. و«الدين المعاملة» تأكيد عظيم على أهمية العلاقات البشرية، وهي نواميس وعادات وطقوس وضعها الإنسان ككائن اجتماعي منذ نشوئه في هذا الكون وهذبتها الأديان بصفته مركز الكون وأرقى حيوانات الله التي خلقت ووجدت على هذه الأرض، ويقال إن العلاقة بين الناس تحكمها الجينات ، وهو ما يؤكده قول الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم:«الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف». وحسب الدكتور عبدالهادي صلاح أستاذ المناعة بجامعة (تمبل) الأمريكية الذي يقل:

«إن العلماء بعد دراسة هذه الظاهرة توصلوا إلى أن هناك كيمياء خاصة تحكم العلاقة بين الناس، وإن ما بداخل الإنسان يترجم على شكل هرمونات تنعكس على الإنسان، وكل المشاعر تفرز هرمونات تعمل على شكل موجات تحيط بالإنسان، وهكذا يلتقط كل إنسان الموجات التي يطلقها الآخرون من حوله، وهذه الموجات تتسلل إلى المخ ، فإذا تلاقت هذه الموجات مع الآخرين تنشأ معهم العلاقات الإيجابية، وإذا تنافرت تنعدم بينهم العلاقات وتكون سلبية».. بمعنى أن الحب كيمياء، ويجب علينا أن ننمي الحب بين الناس، والرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم يقول:«إذا أحب أحدكم أخاه فليقل له إنني أحبك فذاك يزيد الحب بينهم». ومن المهم بنتيجة ذلك أن نتأمل في بعض تجليات المشاعر الإنسانية بين البشر وبالذات حين تنزوي مشاعر المحبة الصادقة بين الناس لتنتصر وتسود الأحاسيس الافتراضية، كما عبرت عنها المسلسلات الأجنبية كمسلسل (نور) أو مسلسل (سنوات الضياع) التركيين اللذين شهدا نجاحا وإقبالا كبيرين في بلاد العرب لم يشهداه قط في تركيا بلاد المنشأ. وما انشداد الناس إلى هذين المسلسلين إلا دليل واضح على حال الفراغ العاطفي الذي يعيشه الناس بالمجمل كظاهرة اجتماعية عامة، وكتعبير مؤلم عن الحال التي وصل إليها شأن الحب في حياتنا اليومية، والموقف العدائي منه حد اعتباره من قبل البعض أحد المنكرات مع أنه أحد الضرورات الإنسانية.

وقد أكدت الدراسات الطبية الحديثة أن للجينات تأثيرا في إصابة بعض الناس ببعض التغيرات النفسية والمرضية مثل الاكتئاب العقلي والفصام، وإن الجينات تلعب دورا مهما في تكوين الشخصية والإقبال على الحياة والإحساس بمشاعر الرضا والسعادة برغم ما يواجهه الإنسان من مصاعب ومشاق في الحياة.. وما أحوجنا في هذا الشهر الفضيل إلى نشر مشاعر المحبة والتسامح بين بعضنا كبشر لتمتلئ القلوب بالسماحة والرضا للشعور بنعم الله تعالى علينا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى