عفوا أيها العيد

> علي عمر الهيج:

> مساكين هؤلاء الناس.. ظلوا وأمسوا وباتوا وهم يقارعون هذه المعيشة القاسية بالصبر والأمل والدعاء إلى المولى جل جلاله أن يمن عليهم بالسكينة والطمأنينة.

مساكين هؤلاء المطحونون.. سحقتهم السنون والأيام وهم يلهثون خلف الإستراتيجيات والتسويات وفتات العلاوات التي لاتسمن ولاتغني من جوع.. هؤلاء يطالعون الأخبار والصحف والكشوفات لعل وعسى يرون أسماءهم فيفوزون بحفنة ريالات (هكبة) في صندوق الدولة، لاتساوي قيمة فاتورة خدمات أو حتى بعض الملابس البسيطة لطفلين في الرضاعة.. وأولئك يصطفون طوابير باحثين عن بريق إكرامية من الدولة لتسد رمق جوعهم، أو حتى لشراء حزام عريض للبطون، يقيهم مرارة الحرمان والجوع.

يالعدالة السماء..! بحت حناجر الناس من الصياح وهم يطالبون وينشدون ليلا نهارا معيشة هادئة وشمعة مضيئة وسباتا هانئا.. تقرحت أعينهم من شدة التحديق إلى تلك الخطط والبرامج العملاقة التي تسردها عليهم الدولة مع إشراقة كل صباح لتذوب وتصبح وعدا وخرابا وسرابا، وعبثا ولعبا.

مساكين هؤلاء المواطنون.. مر عليهم شهر الصيام وهم يصارعون الآلام من أجل توفير متطلبات المعيشة لأسرهم وعائلاتهم، وأفواه وبطون ومستلزمات لا حصر لها. البعض منهم يجمعون إفطارهم وقوتهم بشق الأنفس، وبعضهم ضاقت عليهم الدنيا بما رحبت، فابتهلوا إلى الله أن ينعم عليهم برحمته وينقذهم من مرارة العوز والجوع والمرض والفقر.

واليوم ها هو العيد يقبل على هؤلاء الفقراء.. عيد ومتطلبات واحتياجات وأطفال أبرياء يحملقون في وجوه آبائهم طالبين أرجوحة العيد وثوب الفرح وهدية العيد، فيما آباؤهم تلفحهم الحسرة، وهم عاجزون أمام فلذات أكبادهم، غير قادرين على رسم الفرحة على محياهم.

في زمن غابت فيه البنى التحتية (والفوقية) والوسطية ليحصل الناس على حقوقهم كمواطنين آمنين، راح الناس اليوم يفترشون ساحات الوطن طالبين الصدقات والمساعدات لمجابهة هذا القطار المعيشي القاسي، في زمن تدهورت فيه الصحة والمستشفيات، فأصبحت دور العلاج والرعاية الصحية كالأطلال الخربة، تعشعش فيها الحشرات والقطط والفئران التي تسرح وتمرح على رفوف المكيفات المتهالكة التي أكل عليها الدهر وشرب.

غابت الدول العصرية التي توفر الأمن والأمان، وظلت الساحة مسرحا سياسيا للأحزاب ولحمران العيون الذين يتقاسمون ثروات الوطن، فيما المواطن هو المحطة الأخيرة المنسية في كافة المراحل والمنعطفات.

ماذا بعد؟.. لم تبق إلا سطور هوجاء للقوانين والأنظمة وأحجار أساس وأرقام وبيانات تتلى في الإعلام الرسمي، توضح للناس أن كل شيء على ما يرام.

سحقتنا الأعوام والسنون، سحقتنا الخطط الهوجاء، وظل الناس على حالهم يبتهلون.. فعلا لم يبق إلا الدعاء.

اللهم أصلح البلاد والعباد، وأنعم علينا بالعفو والعافية والصلاح.. آمين!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى