الغموض يكتنف الجهة المخططة لاعتداء دمشق

> دمشق / عمان «الأيام» أ.ف.ب:

> اثار الاعتداء الذي تسبب بسقوط 17 قتيلا في دمشق أمس الأول ووصفته السلطات السورية بـ«الارهابي» اسئلة حول الجهة التي تقف وراءه، فيما رأى فيه بعض المحللين رسالة من اسرائيل او من القوى السنية المتطرفة في المنطقة.

ولم تعلن اية جهة تبنيها العملية حتى الساعة، بينما التزمت السلطات السورية كالعادة في مثل هذه الحالات، الصمت التام، ما دفع المعلقين الى التوقف عند نظريات مختلفة وعديدة.

وتساءلت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من السلطة أمس «عن المستفيد مما جرى»، معتبرة انه «من الطبيعي ان يكون كل من لايريد لهذا البلد ان ينعم بالامن والسلام الذي امتاز به طوال السنوات الماضية».

واضافت «للاسف فان قائمة من يريدون الوصول لهذه النتيجة كثر، علما ان هذه القائمة لاتبدأ باسرائيل وحدها ولاتنتهي بجماعات اساءت فهم الدين».

ويرى المحلل رياض قهوجي المقيم في دبي «عدم امكان استثناء احد من الشكوك بسبب المصالح الاقليمية المتناقضة وخصوصا بسبب الموقف الاقليمي الملتبس لسوريا».

وقال لوكالة فرانس برس إن سوريا «حليفة ايران، الا انها تقوم في الوقت نفسه بمفاوضات سلام غير مباشرة مع اسرائيل، مشروطة، بحسب الدولة العبرية، بالبقاء على مسافة من طهران».

واضاف ان «دمشق تحاول في المقابل طمأنة طهران بكل الوسائل، بان هذا السلام لن يتم على حساب تحالفهما».

واعتبر بالتالي، ان هذا الاعتداء يمكن ان يكون «رسالة لسوريا» لكي تتخلى عن حلفها مع ايران.

وقال قهوجي من جهة ثانية إن «المجموعات السنية الاصولية لاتحبذ ايضا تحالف دمشق طهران وغير راضية عن المحاولات المفترضة لدفع السنة السوريين الى اعتناق المذهب الشيعي».

واشار قهوجي من جهة ثانية الى ان الانفجار في حد ذاته يطرح اسئلة.

وقال «إن نقل مئتي كيلوغرام من المتفجرات ليس بالامر البسيط في بلد مثل سوريا» التي تمسك بشكل جيد الشؤون الامنية.

واضاف «هذا يمكن ان يدل على وجود نزاعات داخل الاجهزة الامنية».

وقال المحلل السياسي فواز ناجية الموجود في دبي ايضا لفرانس برس إن الاعتداء مرتبط «بالتوتر المتصاعد بين السنة والشيعة».

واضاف «نشر مركز دراسات سوري يتخذ من لندن مقرا اخيرا تقريرا مفاده ان ايران تدفع ملايين الدولارات في سوريا من اجل حمل السنة على اعتناق الشيعية».

وذكر بان الرئيس السوري بشار الاسد عبر اخيرا عن مخاوف من حصول تداعيات في بلاده للتوتر السني الشيعي في طرابلس في شمال لبنان.

وقال المحلل السياسي السوري رزوق غاوي إن اعتداء أمس الأول بالنسبة اليه لا علاقة له باي صراع طائفي، بل هو عمل «سياسي»، ورد على تحسن العلاقات بين دمشق والعواصم الغربية.

وقال غاوي إن «التطورات الاخيرة الايجابية في العلاقات السورية والفرنسية خصوصا تعزز موقع دمشق الدولي، وهذا لايعجب اسرائيل».

ونفى وزير الشؤون الاجتماعية الاسرائيلي اسحق هرتزوغ أمس نفيا قاطعا تورط اسرائيل في الاعتداء بالسيارة المفخخة في دمشق.

ونقلت الاذاعة الاسرائيلية العامة عنه قوله «من المستبعد ان ترتكب اسرائيل مثل هذا العمل خصوصا في الوقت الذي نتفاوض فيه مع سوريا» للتوصل الى اتفاق سلام.

وكتبت صحيفة «الثورة» السورية الرسمية من جهتها أمس ان «المحاولات الارهابية هذه الفترة تتصف غالبا بانها قادمة من خارج الحدود تخطيطا وتنفيذا بمعنى ان منفذيها ايضا عبروا حدودنا الينا».

السلطات السورية تتحدث عن خيوط وتؤكد أن نتائج التحقيق لن تطول

وذكرت صحيفة «الخليج» الصادرة اليوم الاثنين أن «الحياة عادت إلى طبيعتها أمس في منطقة القزاز، التي أفاقت صباح أمس الاول على دوي انفجار السيارة المفخخة المحملة بـ200كغ من المتفجرات، والذي هز العاصمة السورية دمشق وراح ضحيته 17 قتيلاً وأكثر من 20 جريحاً وليس 14 كما جاء في البيان الرسمي السوري، كما أن عدداً من الحالات تجاوز مرحلة الخطر والوفاة.

وتواصلت امس الادانات الدولية للتفجير الإرهابي».

وذكرت مصادر أمنية لـ«الخليج» أن «وحدة مكافحة الإرهاب تجري تحقيقاتها بدقة متناهية لمعرفة منفذي هذا الحادث الأليم ومن يقف وراءهم، وأن التعليمات قد تلقتها هذه الوحدة بإعداد تقرير نهائي عن هذا الحادث والإعلان عنه خلال فترة قريبة جداً، مشيرة إلى أنه تم التوصل إلى خيوط أولية قد تؤدي في النهاية إلى توضيح صورة عن أسباب هذا الحادث وربما التقرب أكثر من معرفة الجهات الممولة والمنفذة له.

ورفضت هذه المصادر توجيه الاتهام إلى جهة محددة بالوقوف وراء هذا الحادث كما حاولت تقارير صحافية أمس أن تشير إليها، واكتفت ذات المصادر بالقول عند انتهاء التحقيق سيعرف الجميع من يقف وراء هذا الانفجار.

وحسب مصادر طبية فإن حالة الجرحى، الذين أسعفوا إلى مستشفى المجتهد، مستقرة بعد أن قدمت لهم جميع الخدمات الإسعافية والعلاجية اللازمة.

من جهة أخرى تواصلت الإدانات والاستنكارات لهذا التفجير، حيث دانت القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية الحاكمة في سوريا هذا الحادث واعتبرته عملاً إرهابياً جباناً، وطالبت بملاحقة ومحاسبة الفاعلين وإنزال أقسى العقوبات عليهم».

تحليلات بعض الصحف

حول اعتداء دمشق

تباينت تحليلات صحف الشرق الاوسط أمس حول مغزى الانفجار الذي اوقع 17 قتيلا في دمشق أمس الاول ووصفته بانه «غامض» لاسيما ان سوريا تعتبر «احدى الدول الاكثر امانا في العالم».

وكتبت صحيفة «يديعوت احرونوت» الاسرائيلية الواسعة الانتشار ان «الغموض يخيم في دمشق»، وسألت «من المسؤول عن التفجير الدامي الذي تم بسيارة مفخخة في حي سكني؟». واضافت «هناك امر وحيد مؤكد: ان جارتنا الشمالية لاتعرف اياما هادئة بحيث ان (الرئيس السوري بشار الاسد) يبدو كقائد غير قادر على ضبط الوضع حتى داخل بلاده».

من ناحيته اعتبر هاشم الخالدي وهو كاتب افتتاحية في صحيفة «الدستور» الاردنية شبه الرسمية ان الاعتداء الذي وقع على تقاطع طرق يؤدي الى مطار دمشق الدولي ومزار السيدة زينب، احد ابرز المقدسات الشيعية، هو نتيجة مؤامرة اسرائيلية مدعومة اميركيا.

وقال إن «ما يحدث في سوريا مؤامرة اسرائيلية مدعومة اميركيا من اجل زعزعة النظام السوري وخلق البلبلة الكافية لصنع معارضة داخل سوريا تنمو برعاية اسرائيلية اميركية».

واضاف ان الهدف من ورائه هو «الاطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الاسد الذي اثبت انه الشوكة التي لاتزال عصية في حلق الاسرائيليين والاميركيين».

اما صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية فكتبت نقلا عن مسؤولين في الدولة العبرية التي تجري مفاوضات سلام غير مباشرة مع سوريا برعاية تركيا ان «اسرائيل تنفي اي ضلوع لها في اعتداء دمشق الغامض».

اما صحيفة «الرأي» الاردنية الرسمية فنددت في افتتاحيتها بـ«التفجير الارهابي» الذي طال العاصمة السورية.

واعتبرت ان «يد الارهاب الاجرامية التي ضربت دمشق هي نفسها التي ضربت المحتفلين بالحياة والفرح في فنادق عمان قبل ثلاث سنوات، وهي ذات الايدي الملطخة بالدماء التي ضربت الرياض والدار البيضاء وبيروت وشرم الشيخ وطابا وصنعاء واسلام اباد وجزيرة بالي، كما في لندن ومدريد»، في اشارة الى الاعتداءات التي استهدفت هذه المدن وتبنتها او نسبت الى جماعات اسلامية متشددة.

واضافت الصحيفة ان هذا الاعتداء «يجب ان يفتح عيون الكثيرين في منطقتنا، دولها والشعوب ان خطر الارهاب لم يتراجع وان اهدافهم الاجرامية ماتزال تحرك في دواخلهم الشريرة كل ما يمكن من قدرات وتمويل وافكار عدمية لقتل المزيد من الابرياء ولاحداث الارتباك والقلق في صفوف الناس وترويعهم وشل قدرتهم على الانتاج والبناء».

اما صحيفة «الراية» القطرية فرأت ان «القتل، والضغينة، والتوتر الذي ستخلفه هذه العمليات، سوف ينعكس بشكل سلبي على واقع المجتمع، ولن يجني حصاد هذه الفوضى الا من ينتظرون لحظة ضعف عربية يقتنصون منها المزيد من المراوغة، والمكاسب غير الشرعية».

وبدورها اعتبرت صحيفة «الشرق» القطرية ان «هذه الاعتداءات الارهابية المتكررة (...) تكشف عن خلل ما في السياسات المتبعة حاليا في الحرب المفتوحة ضد الارهاب»، مؤكدة ان «سياسة الحرب على الارهاب المتبعة حاليا (...) لم تفشل فحسب، بل ساهمت في تأجيج الارهاب وانتشاره».

اما صحيفة «الأنوار» اللبنانية المستقلة فكتبت ان «دمشق الواثقة من نفسها تتصرف كالعادة بأعصاب باردة وارادة حارة.

فلا هي تسارع مثل بيروت عند حدوث عملية ارهابية الى توزيع الاتهامات قبل التحقيق.

ولا هي عاجزة مثل بيروت عن كشف الحقيقة ومعاقبة المجرمين والقراءة العميقة في الرسالة للرد عليها بالمزيد من الامن وتحصين الموقع الاستراتيجي».

وبرز في الصحف اللبنانية القريبة من اوساط المناهضين لدمشق صمتها الملفت ازاء ما حصل في العاصمة السورية، وهي التي دأبت بعد كل انفجار هز لبنان منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري في فبراير 2003 الى توجيه اصابع الاتهام الى دمشق.

وكتبت صحيفة «النهار» «للمرة الثالثة في غضون العام الجاري، هز انفجار عنيف بواسطة سيارة مفخخة قلب دمشق»، في اشارة الى اغتيال العميد محمد سليمان الشهر الفائت وقبله اغتيال القائد العسكري في حزب الله الشيعي اللبناني عماد مغنية في فبراير.

من ناحيتها رأت صحيفة «إسرائيل حايوم» المجانية الاسرائيلية (يمينية) ان اعتداء دمشق يبرهن على ان «النظام الذي احتضن افعى الارهاب يجد اليوم نفسه مهددا بسمها».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى