السقاف في ترجمته لقصص من الغموض والخيال لـ(إدجار آلان بو)

> «الأيام» عبدالقادر باراس:

> الترجمة هي السفينة التي يبحر بها العقل المبدع المفكر نحو عوالم وآفاق بعيدة، ما كان له أن يطلع عليها لولا أن تمت ترجمة معالمها، وهي فن متجدد، يبقينا على إيقاع نغم المعرفة.

هذا ما سلكه في عوالم بحر الترجمة مترجمنا طارق علي السقاف، وأظهره مبدعاً في ترجمتة لكتاب ( قصص من الغموض والخيال) للكاتب الأميركي الكبير (إدجار آلآن بو) متضمنا بين دفتيه بواكير لمجموعة قصصية مترجمة عددها عشر، تميزت بالوضوح، تمكن خلالها المترجم من استخدام مختلف فنون ومهارات الترجمة التي أبدع فيها.

ويتألف الكتاب الصادر عن الهيئة العامة للكتاب في صنعاء، والذي يعرض في معرض الكتاب الدولي في صنعاء اليوم، من 123 صفحة من القطع المتوسط، وجاء في تعليق مقدمته على مضمون القصص التي قام بترجمتها السقاف، أنها امتازت بالإثارة والتشويق والرعب والغموض، بحيث يحس معها القارئ بنوع من اللهفة الشديدة ممزوجة بالقلق مع كثير من الترقب والحذر، وهذا هو أسلوب الكاتب الأمريكي (إدجار آلان بو) الذي امتاز عن غيره من كتَّاب القصة القصيرة في العصر الحديث بهذا الأسلوب الأدبي المتميز.

يفتتح السقاف ترجمته بقصة (الإعصار) بأجواء من الغموض والإثارة، أحدثت الرعب والهلع في منطقة مجهولة من جزر الكاريبي، وذلك عندما أغرق الإعصار جميع السفن الموجودة عرض البحر، ولم ينج من هذا الإعصار إلا شخص واحد، وهو من يقوم فيما بعد برواية ما حدث.

ويتناول الكتاب أيضا قصة (البق الذهبي) التي تدور أحداثها في القرنين السابع عشر والثامن عشر للميلاد، والقصة تتحدث عن عدد من الكنوز التي خبأها القراصنة في بعض الجزر، ويستعير الكاتب شخصية القرصان (كيد)، وهو شخصية حقيقية، وبعد وفاته بثلاثمائة عام حاول الكثير من البحارة البحث عن كنوزه التي استولى عليها وخبأها في عدد من الجزر، وفي رحلة البحث هذه، لاقى الكثير منهم حتفه.

أما قصة (جريمة قتل في حارة رومارجيو) التي صنفها النقاد على أنها قصة بوليسية من الطراز الأول، وهي القصة التي سطرت اسم (بو) ولمع نجمه كرائد للقصة البوليسية، فتدور أحداثها حول جريمة قتل بشعة يذهب ضحيتها أم وابنتها، والغريب أن هناك الكثير ممن شهدوا أحداث تلك الجريمة، ولكن جميع شهاداتهم متضاربة ومتناقضة.. ويأتي المقدم (دوبن) وهو بطل هذه القصة فيجمع الأدلة وأقوال جميع الشهود، فيربط بينها ربطاً تسلسلياً فيصل إلى نتيجة مذهلة، بل وخطيرة حول هوية الجاني، فيعرف أن الفاعل شديد القوة، بل إن قوته لايصل إليها البشر، وهو ما يطرح سؤال عمن يكون هذا الفاعل. بينما قصة (الحفرة والبندول) التي هي ضمن سلسلة (إدجار آلان بو) ويعتبرها النقاد من أندر القصص، فقد انتهت بنهاية سعيدة للبطل رغم الأهوال التي لاقاها في سجنه، حيث تدور أحداث القصة إبان عصر محاكم التفتيش، وهي الفترة التي اشتهرت بسطوة الكنيسة وقتلها لكل من يخالف التعاليم الدينية في المجال العلمي والفلسفي، وفي هذه القصة يُحكم على البطل بالموت، ويقرر القضاة استخدام وسائل بشعة لتنفيذ حكم الإعدام، لكن بطل القصة ينجو فيما بعد بأعجوبة.

وهناك عدد آخر من القصص مختلفة الأحداث شملها هذا الكتاب منها: (الرسالة المسروقة، والقدر المحترم، أنت الجاني، برميل الأمونتيليدو، دمار منزل (اشر)، متزنجرستين، وكل واحدة منها لاتخلو من نكهة (بو)، الذي يتميز بخلق جو من الغموض والرعب والإثارة حتى آخر صفحة.

الكتاب في مجمل عرضه أدبي شيق لأجمل ما قدم الكاتب الأمريكي الشهير (إدجار آلان بو) من قصص.

الجدير بالإشارة أنه صدرت للمترجم طارق السقاف عدة ترجمات لقصص نشرتها الصحف، ومنها «الأيام»، وقد ترك المترجم بصمات متميزة في عالم الترجمة، مبيناً من خلالها خبرته القيمة ببعض الأعمال الأدبية لكبار الروائيين والمسرحيين في الأدب الإنجليزي، وهو يعمل مدرساً بكلية التربية - صبر، جامعة عدن، (بدرجة ماجستير) في قسم اللغة الإنجليزية، ويقوم حالياً بتحضير رسالة الدكتوراه، التي تعتبر الأولى في مجال الترجمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى