الكلام الانتخابي في النظام (الشموقراطي)

> عبدالمجيد سعيد وحدين:

> ليس أسوأ من الحكم الشمولي إلا الحكم الشمولي بأدوات ديمقراطية، ففي الأول تكون الحدود واضحة والمسئوليات محددة، ويكون الحاكم منسجما مع الدستور، بينما في الثاني تسود حالة انفصام كامل بين الظاهر الديمقراطي والباطن الشمولي، فتضيع الحدود، وتتداخل المسئوليات، ويكثر اللعب في المنطقة الرمادية، وتنشأ منظومة متكاملة من المؤسسات ومراكز القوى الموازية هي الحاكم الفعلي أو (الحكومة المشفرة)، وتتخلى الدولة تدريجيا عن مسئولياتها تجاه الوطن والمواطن، وتكتفي بالقمع والجباية، وتتعرض علاقة الحاكم بمعارضيه لكثير من الإرباك، حيث يكون ديمقراطيا في ما له، وشموليا في ما عليه.

ولأن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، يتنمر الفساد، وتنفتح شهية الحاكم لمزيد من السلطة والثروة، وتراوده أفكار الخلود في الحكم، فيتماهى مع الوطن، ويفصّل الدستور على قياسه، وتستحوذ المؤسسات العسكرية والأمنية المتعددة على الجزء الأكبر من اهتمامه (ومن الميزانية)، وتسخر لحماية الحاكم، وليس الوطن.

في هذه الأثناء يبدي الحاكم اهتماما مفرطا بتلميع الواجهة الديمقراطية لأغراض التسويق الداخلي والخارجي، وقد أصاب- والحق يقال- نجاحا لايستهان به، مستفيدا من نفاق الخارج واسترخاء الداخل، فمن الأغلبية المريحة إلى الكاسحة ومنها إلى (المدمرة) التي تعني الانفراد بالحكم وتأسيس سلالة حاكمة جديدة!. وقراره الأخير بالانفراد بالعملية الانتخابية القادمة من ألفها إلى يائها يأتي في هذا السياق.

لذلك فإن القوى الوطنية على اختلاف مشاربها، وفي مقدمتهم اللقاء المشترك، مطالبة بتحمل مسئولياتها التاريخية، بالوقوف في وجه هذا المخطط، ليس من أجل سواد عيون القضية الجنوبية، التي يقر المشترك أن حلها هو المدخل الإلزامي لحل كافة قضايا الوطن الأخرى، ولكن من أجل إنقاذ الوطن ومنع انهيار الدولة.

فالقضية وجودية قبل أن تكون جنوبية، ولايليق بالمشترك هنا أن يستعير منطق النظام، كما أنه أكبر من أن تنطلي عليه مناوراته.

ولسنا بحاجة لتكرار الحديث الممل عن تسخير كافة إمكانات الدولة لصالح الحزب الحاكم خلال كل الجولات السابقة، ويكفي أن نشير- للتذكير- إلى أن:

-1 الصلاحيات المالية الفعلية التي يتمتع بها الرئيس عندنا (وحتى بعض من هم أدنى من الرئيس)، لايحلم بها نظيره الأمريكي (رغم الفارق).

-2 في النظام الديمقراطي، حتى الحقائب العسكرية والأمنية تسند إلى مدنيين، بينما عندنا حتى اللجنة العليا للانتخابات يرأسها عسكري!.

-3 عندهم.. توجد مؤسسات، وفصل بين السلطات، ورقابة متبادلة، ومساءلة لايسلم منها حتى الرؤساء، بينما عندنا تدار البلاد كلها (بمؤسساتها الدستورية وغير الدستورية) بريموت كنترول واحد.

فعن أية ديمقراطية وأية انتخابات يتحدثون؟!.

إن المشاركة في هذه الظروف، وبهذه الشروط تعني أننا لم نتعظ من تجارب الجولات السابقة، كما تعني ببساطة المشاركة في اغتيال الديمقراطية باسم الديمقراطية، وعندها لن نطول (لا بلح الشام ولا عنب اليمن)، والنظام لم يترك للمعارضة خيارا آخر غير أبغض الحلال (المقاطعة)، فلتكن مقاطعة إيجابية بمستوى المشاركة الإيجابية في الانتخابات الرئاسية السابقة، إن لم تكن أفضل منها، شريطة ألا تخضع لابتزاز (الأمر الواقع) في اللحظة الأخيرة.

وإذا أخفق المشترك في التصدي لهذا التحدي، فإن فروع أحزاب المشترك في المحافظات الجنوبية مدعوة لأخذ زمام المبادرة.

ليس هذا تحريضا على العصيان، ولكنه دعوة للترتيب السليم لأولويات الانتماء.. وخيركم، خيركم لأهله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى