المكرمة والإنجاز

> صالح علي الدويل:

> مدخل :دخل محب على (يحيى البرمكي) وهو مكبل بالأغلال في سجن الرشيد فجعل يقبل يديه وقدميه ويقول : بأبي أنت وأمي أي جرم اجترحتموه حتى حاق بكم ما أرى؟ فقال البرمكي : دعوة مظلوم سرت بليل ونحن عنها نيام .

محطة

طالعتنا صحيفة «الأيام» الغراء يوم 2008/9/16م كعادتها برسالة استغاثة لموظفين جنوبيين يشكون هذه المرة سوء حالهم مع السكن في صنعاء وقارنوا حالهم بحال (محاربي الفيد وموظفيه) وماحصلوا عليه في الجنوب من مساكن وأراضٍ وعقارات وهم في هذه الحالة لم يتبينوا تفاصيل الصورة. فما حصل عليه أولئك المحاربون وتوابعهم لايندرج ضمن اتفاقات الوحدة بل يسير على المقولة الشعبية (بكرة وقعودين من مال الضروطين)* وهي تعني أن الأضعف المهزوم مستباح حقه.

على أن بلادهم ليست بلاد (فيد أوفتح) لذا فلن تكون إلا لأهلها وإذا ماتملك أحد عقاراً بها أو أعطيه للضرورة فإن مالكاً جديداً سوف يظهر ولو بعد أربعين عاماً إذا ما تجرأ مالك ذلك العقار الذي لاينتمي إليهم وقال (ثلث الثلاثة كم)!!

نموذج: المواطن عبدالعزيز عمر السليماني من أسرة ناصبتها التجربة الاشتراكية العداء ويملك أرضاً زراعية في بئر فضل مساحتها 62 فداناً وموثقة وبها بئر فاستولى عليها الحرس الجمهوري وجمعيته والمساحة العسكرية عام 1997م، فصرخ واستصرخ واستنجد ولديه تعليمات من رئيس الجمهورية ورئاسة الوزراء ومن جهات متعددة، لكن دون جدوى فتدخل قائد كبير وتكرم مشكوراً بإصدار حكم يقضي بتقسيم أرض السليماني مناصفة مع الحرس الجمهوري وتوابعه فقبل السليماني من باب (بعض الشيء ولا كله)، لكن التحكيم لم يتنفذ!! .

ولو طالعنا الأرقام التي أوردها الدكتور (حلبوب) في العدد نفسه من «الأيام» 9/16 وهي بملايين الأمتار المربعة التي استولى المتنفذون المنتمون لتلك المسميات عليها إما تمليكاً أو استثماراً وهي أملاك خاصة وقبلية أو أوقاف ذرية أو أملاك جمعيات أو إحرام قرى وتجمعات سكنية استولى عليها المتنفذون وتملكوها يضاف إلى ذلك المظالم في قطاع الثروة والاستئثار الجهوي بها وكذا المظالم في القطاع الوظيفي المدني منه والعسكري .. إلخ، حتى أصبح حالنا في الجنوب كمن كان يشكو من (سارق الغنم فلما مات حل محله سارق الإبل والغنم).

الصورة البيولوجية

إن تفاعل هذه المسلكيات والمظالم ليس حالة (مازومين) فالوحدة -لو افترضنا ماصار بعد حرب 94م وحدة - ليست رباً يعبد بل مجموعة محارم وحقوق ومصالح إذا ما انتهكت أو اغتصبت يصبح رفضها ومقاومتها أمراً واجباً فآثار تلك الحرب هي أضلاع رؤية استراتيجية تضع الجنوب في إحدى خانتين، أما الضم وتطبيق مقولة (بكرة وقعودين) في حقوق أبنائه وإما أننا بلاد فتح بموجب الفتوى إياها واعتبارنا (موالي) وهي ممارسات جعلت الكرامة تغلي في عروق مئات الآلاف من أبناء الجنوب وحتى صرخ المناضل (باعوم) المثقل بالمرض والشيخوخة مشخصاً تلك الحرب وآثارها بأنها احتلال والاحتلال لادين له، كل ذلك جرى تحت مظلة ديمقراطية مذعورة من الديمقراطية لا تتسع إلا لرؤية الحاكم وجوقته وهي بذلك الضيق تجعل الاستبداد ديمقراطياً، فالديمقراطية الحقة تتجدد وتتسع لرؤى متنوعة بل متعارضة وتمتلك مؤسسات تعمل من داخلها تنظمها وتصحح أخطاءها وتعالج مثالبها، لكن مؤسسات ديمقراطيتنا تدار من خارجها حتى مؤسسة القضاء والنيابة تسير بالمقولة الشعبية (إن الفاعل باشميله اقطعوا ايده ورجله، وإن الفاعل بن علي بن امذيب بالتخابر) **.. ولو أنها لاتخلو من قضاة يخافون الله ويحترمون قدسية المهنة إلا أن بينهم أدعياء(لايردون يد لامس) .

فهؤلاء الأدعياء ومستشارو الفساد الذين لهم آذان تسمع المظالم نباحاً وكذا (دواشين) إعلام المكرمة والإنجاز كل أولئك هم الأشرار الذين يزينون للقوي باطله .

المكرمة والإنجاز: هي أن يكون الرئيس قوة للمظلوم حتى يأخذ الحق له وأن يكون قوة على الظالم حتى يأخذ الحق منه ولو كان الظالم الحرس الجمهوري !!

فهل يفعلها سيادة الرئيس؟؟

* بكرة : ناقة في سن معين. قعود : جمل في سن معين.

**الفاعل: الجاني. بالتخابر: المشاروة وإصدار حكم مختلف حتى ولو كانت الجناية واحدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى