لتتضافر الجهود لإنقاذ التراث الحضاري المعماري في حضرموت

> د.هشام محسن السقاف:

> حفلت «الأيام» أمس- كدأبها منذ (أو غداة) وقوع كارثة الأمطار والسيول الجرافة في محافظتي حضرموت والمهرة- بصور لما حدث في ملامحه التراجيدية والمأساوية، كان منها صورة الطفلين (وزير وإبراهيم) اللذين ظلا تحت الأنقاض 38 ساعة قبل أن تصل إليهما أيدي المنقذين، ليكتشف الطفلان أنهما- وإن نجوا من الموت- فقدا عشرة من أفراد أسرتيهما، وأحدهما فقد أبويه معا.

ذلك ملمح حزين من ملامح الكارثة كنا نراه- أو مثيلا له- في كوارث مفجعة في بلدان أخرى تنكب بزلازل أو فيضانات، فنأسف لما يحل بهم ونتأسى لما أصابهم، ولم يخطر بالبال أن نعيش في حضرموت والمهرة مع أهلنا وربعنا مشاهد مؤلمة كالتي كنا نشاهدها عبر التلفزة في شعوب أخرى.

ومع اليقين الذي توفره المعرفة الأكيدة بطبيعة أهلنا في حضرموت والمهرة الذين لاينقصهم الإيمان والعزم للخروج من هذه الكارثة وتداعياتها، فإن المسئولية تحتم على الجميع أن يكونوا يدا واحدة لمواجهة الأعباء، وعونا للجهود المبذولة من السلطة المحلية والجهات المدنية والأهلية الأخرى لدرء تداعيات هذه المأساة، وتصريف أوجه الدعم الوطني أو القادم من الأشقاء والهيئات الأممية في وجهه الصحيح الذي يفوّت الفرصة على الحاطبين في ليل المأساة من رموز الفساد، ورفع الأصوات عاليا عند أي تحايل لجني فوائد ذاتية ومصلحية على حساب المواطنين المنكوبين والمناطق المتضررة.

ومع أننا في خضم ما حدث ومن بين ركام المباني المدمرة سوف نكتشف حجم الأضرار والخسائر التي لحقت بالعمارة الطينية في حضرموت، والخشية أن نستعيض في عملية إعادة البناء ببناء يعتمد على مواد أخرى كالطابوق والإسمنت والحديد، وتفقد بذلك حضرموت نسقا معماريا تاريخيا، تمتاز به منذ مئات السنين.

وقد جاء الصوت المنذر بما هو أسوأ في مجال الآثار والمعالم التاريخية بحضرموت في الذي أشار إليه الزميل صلاح العماري في صفحة «الأيام» الأخيرة أمس مع صورة لحصن الغويزي الذي سقطت أجزاء منه، ناهيك عن مدينة شبام التاريخية وما أصابها، وهو ما يتطلب تضافر الجهود الدولية والوطنية في ترميم وتأهيل هذه المواقع والمعالم التاريخية، وإعادتها إلى وضعها السابق.

وقد بادر مركز تريم للعمارة والتراث من دمشق- المعني بالعمارة الطينية والتراثية في حضرموت- إلى دعوة الدول والمنظمات والأفراد كافة للمساهمة في إنقاذ التراث الإنساني العظيم في حضرموت.

ومما جاء في النداء: «إن ما يضاعف قلقنا الشديد حيال هذه الأوضاع الكارثية، ما تشكله من تهديد مباشر للتراث الإنساني في جنوب الجزيرة العربية التي يرتبط تاريخها بوادي حضرموت، سيما مدينتي شبام وتريم اللتين شيدتا حوالي القرن الرابع الميلادي بعمارة مذهلة ترتفع إلى ثمانية طوابق من الطين الخالص صامدة على مر القرون، ولم يكن عبثا أن أدرجت مدينة شبام على لائحة التراث العالمي منذ عام 1982، وأن تدعى بـ(منهاتن الصحراء) مع أنها بنيت قبل منهاتن بـ 500 سنة».

إننا في الجمعية اليمنية للتاريخ والآثار- عدن نضم أصواتنا مع الأصوات المنادية بإنقاذ التراث الإنساني المعماري والأثري في حضرموت، وتوجيه الدعوة لعمل إنساني يتشارك ويتضافر من أجل إنقاذ هذا التراث العظيم، وإعادة تأهيله من جديد، واليونسكو في مقدمة من توجه إليهم الدعوة للبدء والعمل من أجل ذلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى