كلمة وفاء من ذكريات

> عمر محمد بن حليس:

> حاولت الكتابة مرات ومرات بعد أن صعق مسامعي الخبر الأليم، فأجهشت بالبكاء وتوجهت بالدعاء والتضرع إلى من إليه المصير سبحانه وتعالى، ارتعش القلم بين أناملي فتوقفت مجبراً لسببين:

أولهما: من خيفتي التي تملكتني وكانت نابعة من أنني قد لا أفي بكلماتي المتواضعة الممزوجة بالحزن الكبير لفقد من كان، وسيظل له مكانة في مهجتي.

وثانيهما: سيطر علي لبرهة شعور عدم التصديق بما سمعته رغم إيماني العميق والكبير والمطلق بالله سبحانه وتعالى وبأن الموت حق والساعة تأتينا بغتة لا نستقدم فيها ولا نستأخر.

لم أصدق (وأستغفرالله العظيم) أن (أبا سالم) ذلك الرجل المناضل الصلب والجسور قد انتقلت روحه إلى بارئها، ففوضت أمري إلى الله مستعيناً به سبحانه ومحتسباً عليه وأنا أردد (إنا لله وإنا إليه راجعون)، نعم رحل (سلمان الوالي).. غادرنا صقر من صقور يافع والوطن عموماً الذي أعطى لليمن جهداً لا يقدر بأغلى الأثمان على مدى تاريخه الطويل. تعرفت عليه عن قرب في قاهرة (المعز) العاصمة المصرية، فكنا بفضل الله ونعمة منه أسرة واحدة إن أصاب أحدنا قرح فكأنما أصاب الكل، وإن مس أحدنا الفرح هلل له الجميع بقلوب صادقة وبمنتهى الود والوفاء والحنان، كان بالنسبة لي ولأسرتي أباً ونعم الأب، وأخاً لم تلده أم، لم يشعرني يوماً أنه مل من سماعي في أحلك الظروف، طلعته تذهب الضجر وصوته الجهوري يبعث الارتياح ويجلب السرور ويمنح الثقة، قلبه ودود رؤوف، كان محاوراً بليغاً يمتاز بأسلوب الإقناع الهادئ إذا قال كلمة أو وعد وعداً لا يخلفه، ولا ينقصه ولا يتأخر فيه.

استفدت منه الكثير وتعلمت منه المزيد، كنت أحب الاستماع إليه لأغترف من معينه الذي لا ينضب، حباه ربنا سبحانه وتعالى عقلاً زكياً.. سلمان (رجال) كما وصفه صهري أبو عبدالرحمن صالح بن حليس.. عاش ومات شامخاً كالطود.

فيا قلب لاتحزن، ويا عين كفاك دموعاً، ويا نفسي قري حسرة، لأن أبا سالم سيظل كما كان.. صخرة من جبل حتى وقد ووريت جثته الثرى.. وعزاؤنا جميعاً أن يافع واليمن عموماً يتذكرونه، ولعل جسر بنا شاهد على الوفاء وآمل أن يطلق عليه اسم جسر سلمان مع وضع صورتين في الاتجاهين، لمبادلة الوفاء بالوفاء.

ورحمة ربي عليك أبا سالم وسليم وياسر وسميح.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى