حباجر بالشمايتين.. تستغيث فمن ذا يفك أسرها ويعيد لها صبابتها؟!

> «الأيام» محمد العزعزي:

>
فاتحة: حُباجر اللحم الوديع الساكن في مآقي العيون وفي شغاف القلوب رغم تنكرنا لها وجحودنا لعظمة أبنائها وتركها بين براثن الوعود وشتات الجغرافيا .. رغم هذا وذاك تظل معشوقة الجميع تحتل موضع الصدارة في ذاكرة الناس.

مكانها ومقامها في أوج النفوس ولكونها الأم الحنون لجميع أبنائها فمن العيب تركها بدون قطرة ماء نظيفة ومعاناة أرضها من القحط والجدب ومرارة السنوات العجاف بعد أن كانت إلى الأمس القريب موئلا للحركة التعاونية إبان عهد الرئيس الحمدي، ولكنها استحالت بفعل تركها وجحود بعض أبنائها فأهملت برغم خصوبة أرضها التي لا مثيل لها، وينبغي للجميع إعادة النظر في ترتيب الأوراق المتناثرة ووضع خطة تعاونية متكاملة تعيد لها الحياة، والضغط لترتيب خريطة المنطقة المتعطشة لأبسط المشاريع الخدمية كالماء النظيف والمدرسة والمستوصف والضمان الاجتماعي.. هذه المنظومة إن جسدناها وحققناها ستكون المهر المدفوع لهذه التربة الطاهرة القابلة للعطاء والسخاء والإفادة من ثرواتها الزراعية، فهل نحن فاعلون؟!

جغرافية السطح:

ورد اسم حُباجر في معجم البلدان لمؤلفه إبراهيم أحمد المقحفي:«حباجر قرية بين جبال العزاعز في مديرية الشمايتين بتعز وينتمي بعض أهلها إلى مدينة اللحية في تهامة ومنهم أحمد بن أحمد حباجر، ومن معاصريه جابر رزق الشاعر الغنائي»، وتقع في سهل منبسط وتربط العزاعز والأصابح والزكيرة والهجمة وتنخفض تدريجيا باتجاه الجنوب، وتقع على بعد 77كم جنوب غرب تعز وتبعد 10 كم عن التربة وتتكون الأرض من مدرجات جبلية وأودية وسهل متسع وترتكز على صخور القاعدة الأصلية تعلوها صخور الحجر الرملي وتختلط بالأرض أكاسيد الحديد وكربونات الكالسيوم وتمتد في دائرة نصف قطرها 10كم وعلى خط الكنتور بين -1300 2000 متر والأمطار موسمية والغطاء النباتي من الأشجار المعمرة والشوكية والشجيرات القصيرة والحشائش الفقيرة.

خواص التربة:

ذات قوام ما بين الطمي والطين والغرين والرمل وهي هشة إلى متماسكة ولها خاصية الاحتفاظ بالرطوبة تساعد على نمو النبات ونفاذ الماء وهي جيدة التصريف والتهوية ويمكن إضافة السماد البلدي لتحسين الخواص الطبيعية ورفع الإنتاج الزراعي والمحاصيل الحقلية .

خواص المياه:

ورد في تقرير محطة الأبحاث الزراعية بتعز عام 1983م:«إن المياه ذات ملوحة منخفضة وقلوية خفيفة و PH التربة بين -7.2 7.4 وتصل نسبة الأملاح الذائبة إلى 600 جزء في المليون.

الزراعة:

موسمية لا تسد الحاجة المحلية وتجود زراعة الحبوب الغذائية كالذرة والغرب والدخن والدجر وتستخدم السيقان علفا للحيوان وتجود زراعة الفواكه المختلفة والبن والخضار كالبطاطس والبصل والثوم والكرنب والفلفل الحلو والحار والجزر.

تجربة زراعية فاشلة:

فشلت تجربة زراعية كانت قد بدأت في هذه المنطقة وعزا الأهالي الأسباب إلى سيطرة مدير مشروع وادي الذهب على المياه الجوفية فانقرضت 3000 شتلة فيما أرجع المنيفي الفشل إلى انعدام الأمن وعدم حسم الخلافات بهدف الابتزاز. وفي هذا الصدد أوصى مكتب الزراعة بتعز في تقرير عام 83م بإمكانية زراعة الخضار والفواكه لملاءمة الظروف الطبيعية وقرب المنطقة من مناطق الاستهلاك في كل من التربة وتعز.

الماء مشكلة كبرى:

قال محمد عبده سعيد الشوكاني:«انفصلت قرى حباجر عن مشروع مياه بني مسن، فأسس الأهالي مشروعا جديدا على نفقتهم الخاصة وبادر 12مشتركاً (مزارعون) وكان الهدف الري ودفع الواحد 16 ألف ريال وساهم آخرون بمبالغ أقل وتبرع الأهالي بالأرض ورهن البعض وثائق الأرض الزراعية لدى البنك الزراعي واقترضوا مبالغ مالية بهدف شراء مضخة وسددوا الأقساط كما ساهمت الدولة بـ(71.800) ريالا لهذا المشروع وساهم محلي الشمايتين بمبلغ 300 ألف ريال منها (71) ألفا نقدا والباقي قصب بالمذكرة الرسمية بتاريخ 97/5/24م»، وأضاف قائلاً: «أنشئ هذا المشروع للري والشرب ومؤسف أن يتحايل المدير عبدالله المنيفي على من أولوه الثقة من المساهمين، لكنه تخلص منهم تحت مبرر مديونية الاستهلاك وفي التسعينات رفض تقديم الحسابات الختامية لمعرفة الموقف المالي»، واستطرد بالقول:«تقدمنا والأهالي بشكوى إلى محكمة الحجرية وبعد عامين من المشارعة تحولت القضية إلى نيابة الأموال العامة بتعز بتاريخ 99/11/15م وبرقم (39) لسنة 1418هـ ورد فيها:(الأخ وكيل نيابة الأموال العامة بتعز بناء على قرار المحكمة الصادرة بجلستها المنعقدة في 1420/8/6هـ.. المرفوعة من المدعيين أهالي منطقة حباجر بالشمايتين عنهم المحامي صلاح منصور سلام، ضد المدعى عليه عبدالله عبدالولي المنيفي والذي قضى بإحالة ملف القضية إليكم للتحقيق فيها وإحالتها إلى محكمة الأموال العامة طبقاً للقانون) وردت النيابة على المذكرة بتاريخ 200/1/25م كتابياً:(هذا نزاع مدني فتعاد الأوراق للأخ رئيس المحكمة لعدم اختصاص النيابة)». واختتم الشوكاني فقال:«ما تزال القضية معلقة والناس عطشى». وعبر «الأيام» تقدم الأهالي بالشكر والامتنان لرجل البر والإحسان عبده سعيد الشوكاني لمده السكان بالماء مجانا يجلبونه على رؤوس النساء والأطفال منذ 15عاما حتى اليوم .

وقال أحمد سعيد الصناع:«الناس تعبوا من جلب الماء على الرؤوس على نفقة المغترب الشوكاني فالوضع مزر ومأساوي ولم يرحمهم أحد ومن العيب نهب المشروع التعاوني من قبل المدير المنيفي وتحويله لري مزرعته الخاصة بالقات وحرمان الأهالي من حقهم وزاد من أوجاعهم وانقرضت أشجار البن والمانجو». وأضاف بقوله:«تتميز حباجر بأنها تمتلك خزانا جوفيا كبيرا وهذا ما أكده تقرير المهندسين بالمحافظة، فمن يعيد للناس حقوقهم ويفك أزمة الماء بالقرى المنكوبة جوراً».

إلى ذلك انتقلت «الأيام» إلى الأخ عبدالله عبدالولي المنيفي واستفسرته عن تأميم الماء وخصخصته فأجاب قائلاً:«هناك مشروع قديم عام يسمى (بني مسن/حباجر) وبذلنا فيه جهودا لإنجازه، أما المشروع الذي معي فهو ملك المنيفي وهو زراعي ونتيجة الخلاف بين الأهالي هنا وهناك وجدنا للضرورة أن نغذي المنازل المحتاجة للماء» واستطرد قائلاً:«هذا مشروع زراعي منذ البداية، ولكن لا نمانع أي مواطن يطلب الماء وعدد المشتركين 50». أما عن كلفة الفاتورة بحدها الأدنى فقال: «هذا ليس ضروريا». وناشد الأهالي وزير المياه ومحافظ تعز تدخلهما الفوري والمباشر لإنقاذهم ورد الحقوق إلى أهلها وبمقاطعة الانتخابات القادمة في حال استمرار المعاناة وتركهم بلا حلول.

السكان:

يبلغ عدد سكان المنطقة 2000 نسمة تقريبا يتوزعون في عدة قرى هي: حباجر أقدم وأكبر قرية وهي تاريخية تعود إلى عهد الدولة الرسولية، القرية، العتمد، المنفد، الحمراء، الكسمار، الأكراب، الدفية، القباع، العدن، سرى، رهشة، العسى، النجد القدمة حصن أثري، المنصورة وهي قرى طاردة ويعمل بعضهم بالزراعة وتربية الحيوان ومهن يدوية.

التربية والتعليم:

ترتفع الكثافة الطلابية ويرحل الأطفال والشباب لتلقي العلم في العزل المجاورة وتمتاز بارتفاع شبه المتعلمين والخريجين العاطلين عن العمل ويعاني أكثر من 300 طفل انعدام مدرسة بالمنطقة ويذهب طلبة الثانوية إلى مدارس تبعد مابين 7-3كم في الزكيرة والفافقي بالأصابح.

وقالت طالبة:«منذ قيام الثورة لم تبن الدولة مدرسة بهذه القرى ولاندري لماذا نعاقب بالدراسة في أماكن بعيدة كالفافقي أما مدرسة الزكيرة فهي الأقرب لكنها سيئة السمعة بالغياب والغش نهاية كل عام ومعدلات عالية ونحن ضحايا بلا حدود، وأشكر «الأيام» التي تنقل معاناة كل الناس».

وقال عبدالله عبدالولي المنيفي (تربوي): «توقف البناء في المدرسة قيد الإنشاء ولكونها دعاية انتخابية كما قيل ولم يتم العمل فيها بمناقصة وتحتاج المنطقة مدرسة كبيرة تستوعب العدد الكبير للطلبة».

إلى ذلك قال أحمد الصناع (معلم):«توقف البناء فجأة بهذه المدرسة الحلم لأسباب لا نعلمها وأقدم المقاول على نقل الأخشاب ومواد البناء وعندما استفسرته عن الأسباب أرجع ذلك إلى عدم وفاء جهة التمويل بصرف المستخلص المالي». الشاب نائف علي غانم قال:«مشكلة القرى غياب كل الخدمات كالماء والمستوصف والمدرسة والعمل».

الصحة:

قال الأستاذ محمد أحمد عبده: «تفتقر المنطقة إلى وحدة صحية وأطباء مخلصين وقابلات ودواء مجاني ويتم إسعاف المرضى إلى مستشفى خليفة بالتربة، وحرمت هذه القرى من أبسط الحقوق الواجبة وتنشر أمراض الملاريا والتيفوئيد والحميات والإسهالات وأمراض الكلى فهذا زمن المرض المجاني».

بطالة سافرة:

«الأيام» التقت خليل أحمد صالح فصرح قائلاً:«تخرجت عام 1995م في المعهد الألماني بصنعاء من قسم الميكانيك وحتى اليوم لم أنل وظيفة فلجأت إلى بيع القات، كما يوجد عدد كبير من العاطلين فمن يوفر لطوابير العاطلين فرص عمل؟».

الطرق:

شق الأهالي الطرقات بأيديهم فترة التعاونيات زمن الرئيس الحمدي حسب قولهم وأسهم الشيخ سعيد الزكري والشيخ محمد محمد الفقيه وعلوان المساح وغيرهم لربط المنطقة بالعزل المجاورة. وقال سائق رفض ذكر اسمه:«كل الطرقات بدائية وتمر بعضها فوق المقابر ومن عام 93م وحتى الآن أشبعونا وعودا ومنجزات وهمية كان آخرها الانتخابات الماضية ولم نحصل سوى الغبار والفقر والرمال».

رموز اجتماعية:

هذه الأرض لم تبخل برفد الوطن بالثوار والكوادر العلمية ومازالت تعطي ولم تأخذ شيئا ومن رموزهم على سبيل المثال لا الحصر: الدكتور عبدالعزيز علوان جامعة تعز فيزياء، وهو أديب وشاعر، والدكتور الباحث محمد عبدالملك الصناع والأستاذ الدكتور أحمد عبدالولي العزعزي بكلية الطب جامعة صنعاء وصلاح سالم طبيب، وعبدالرؤوف محمد الشوكاني دكتوراه في جينات حيوانية وعدد كبير من حملة البكالوريوس في التربية والإعلام والحقوق والمختبرات ومنقذ الفقراء بالماء المجاني عبده الشوكاني وابنه محمد والمناضل المهضوم علي غانم قرون العزعزي الذي قال:«من زملاء دفعتي الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، وأنا بدون راتب ولجأت للعمل في مطعم بصنعاء وأتمنى إعادة مرتبي لمواجهة أعباء الحياة وشراء الدواء».

أمنيات:

تمنى الأهالي عبر هذه الصحيفة إنقاذهم بالماء النظيف وإلغاء رسوم النظافة والتحسين كون قراهم ريفية والطريق والمدرسة والمستوصف وتسوير المقابر ومركز نسوي ومكتب إرشاد زراعي وتوظيف العاطلين عن العمل وإعادة العمل وإعادة مرتبات مناضلي الثورة والاهتمام بأسر الشهداء وبناء حواجز مائية، فهل تبادر الحكومة لتحقيق أمانيهم المتواضعة؟؟

إلى ناشري «الأيام»:

قالت الأخت اعتدال محمد أحمد العزعزي:«مهنية «الأيام» وانفرادها في نقل الحقيقة وانتشارها على امتداد الوطن مكنها من كشف ما خلف الديكور من خرابة عظيمة وألم ومأساة وطن كان خافيا.. تألقت «الأيام» كالكوكب المتوقد واقترنت مصداقية الكلمة بالصورة رغم الضباب الكثيف واقتربت من عقول وقلوب الناس ولم لا؟ فمن لايحب هذه الصحيفة فكأنه لم يولد. عبيد الاستبداد وعشاق الظلام ما عليهم إلا أن يحرثوا البحر.. فالتصريحات والتهديدات ورسائل الإفلاس لا تخيف، ومن يزرع الشوك يجني الجراح وليعلم القاصي والداني أن «الأيام» أصبحت جزءا من تاريخ عدن المعاصر والناطقة باسم كل المقهورين والمعذبين في هذا الوطن.. وكلما زاد التهديد تزداد «الأيام» ألقا وتوهجا ومن جيد إلى أجود.

أما قارعو الطبول وحملة المباخر فكمن يبيع نفسه للشيطان بحفنة مال ويغمض عينيه ولا يهمه إن جاءت من خناس ويعلم الجميع أن تلك الفتنة تخرج في المواسم فلا رادع لها ولا ضمير، وهل تغرس الأخلاق في الحية الرقطاء؟

الأخوان:هشام وتمام أنتم في أحداق العيون ونحن معكم وبكم نمضي نحو المجد حماكم الله من كل مكروه ولكن نهدي التحية».

ختام:

هذه هي حُباجر مزرعة الرجال ما تزال تنتظر بفارغ الصبر النقلة النوعية لتنتشلها من هذا الواقع الأليم والمرير إلى أحسن حال ومن بؤر الوعود إلى مصداقية الأفعال والتنفيذ حتى تتمكن من مواكب العصر وتحظى بالمشاريع التنموية المهمة والضرورية وينعقد الأمل على المجلس المحلي المعزز بجهود أبناء المنطقة وكل الخيرين وذلك بإيجاد قطرة ماء نظيفة فالمنطقة مازالت حتى اليوم محرومة من نعمة الحياة باعتبار الماء عصب الحياة وشريان البقاء ويروي عطش هذه الأرض التي ستتحول بفعل تدفق المياه إلى حناياها بساطاً أخضر تعج بالخيرات، ومـازالت الأحلام مشرعة نحو لملمة الأشلاء المبعثرة بين الدوائر ورفض المفروض.

إنهم عازمون على التشبث بالجذور وإرواء الأرض بالدم والدموع من أجل المستقبل بكبرياء تمتد من الأرض حتى السماء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى