صالح البصير .. هل تهتم به الدولة ووزارة الإعلام ؟!

> «الأيام» منصور نور:

> فنان يمتلك بصوته قوة الإقناع، إنه يغني ويطرب سامعه ولا يحسس المتلقي أنه يتكلف في الأداء، تنساب مع صوته الجميل المشاعر والأحاسيس المترجمة لمعاني الكلمات والموسيقى، إنه فنان بحجم اللقب الذي أطلق عليه (سيد مكاوي اليمن) وأحد اثنين من الفنانين الذين ارتاح لأدائهم ولألحانهم من محافظة أبين، الأول هو الفنان القدير علي سيود وقد تعرفت عليه في جلسة عمل فني بينه وبين الشاعر المبدع عبدالقادر فدعق، والثاني هو الفنان الشاب صالح أحمد البصير، هذا المطرب الذي احتفت به جمعية تنمية الثقافة والأدب عصر يوم الأربعاء الماضي، هذا البصير الذي رسم لنا بأنامله الرقيقة وأوتار عوده وأنغام ألحانه أجمل صور الجمال الموسيقية، وهبه الله عز وجل نعمة الإحساس المرهف وصبابة عذبة .. صافية رقراقة مكنته من أسر لب مشاعرنا، فلم نشعر بأي ركاكة أو هشاشة عكرت انسجامنا .

وقد لفت انتباهي أن الفنان المبدع صالح البصير لم يتأثر قط بنعيق (المخادر) وسرعة (طمجتها) وقد تفوق بقوة أدائه وعزفه الجميل والرائع على أولئك الذين حرموا كثيرا من فائدة التعلم في معهد الفنان الكبير جميل غانم للفنون الجميلة بعدن .

صالح البصير فنان الدرجة الممتازة والأولى .. خلقاً وإبداعاً، عبر عن ارتياحه الكبير بالتكريم الذي حظي به من قبل جمعية تنمية الثقافة والأدب التي منحته شهادة تقدير كتبت بطريقة (بريل) وشهادة تكريمية أخرى من قبل جمعية النور للمكفوفين بعدن .. عبر عن مشاعر حبه بتقديم أغنية جميلة، كانت مفاجأة للنخبة المثقفة لأنها خيلت لهم من الشعر العربي القديم، وكان اللحن هو الآخر يحمل نسمات الأندلس وعطر الموشحات، يقول في مطلعها :

كابرت أحزاني..

ذوبت أحلامي

ودعت أيامي

وهجرت لي مطامعي

قدري بأنك قلت لي

إني أحبك

فاستبقت مشاعري

في هذه الأغنية أبحرت المشاعر بالحاضرين إلى قصور غرناطة وبساتين طليطلة وعاد بهم صالح البصير إلى دلتا بنا وأرض آل الفضل، عندما أعلن أن مؤلفها الشاعر المبدع محسن باعديل، وألحان الفنان سالم العبد عوض.. حقا إنها إبداعات (لاتنطفي تلك التي تجري معي) بأنغام مقام الحجاز والرست وتنقلات بريشة حساسة تفيض براعة وأستاذية في العزف والصوت.. وقدم الفنان صالح البصير أغنيتين أيضاً الأولى بعنوان (تجاهلت معاناتي) والثانية يقول فيها :

نادم على حبي .. تتجاهل معانيه

مخدوع في أمري نادم على عمري

وأيش يجدي الندم

في خل مش فاهم

***

نادم على قلبي ودقاته

نادم على كلمة أنا أحبك

نادم وصدقني ذا مش ذنبك

ذنب الذي واهم

والأغنيتان من كلمات الشاعر أنيس حسن محمد، والأخيرة (نادم) قدمها البصير لأنها نالت حقها من الانتشار، وهي من ألحانه ويظهر فيها تأثره الكبير بأساطين الألحان الطربية سيد مكاوي، ومحمد الموجي، والسنباطي، بمعنى أن البصير قد تشبع بالكلثوميات والقاسميات (أحمد قاسم) والسعديات (محمد سعد عبدالله)، ولكن البصير يتفوق عن غيره من (الملحمين) الذين يستخدمون الألحان فيسرقون عشرة (موازير) بدلاً من سبعة موازير، لقد كشف البصير وفتح أبصارنا على شعراء يستخدمون الكلمات العامية ويجعلها البصير تمتطي صهوة جياد عربية أصيلة، فينقل العامية إلى مصاف الفصحى بلحنه الرائع .

وعندما قدم البصير أغنية من روائع محمد سعد عبدالله بأسلوبه، ساد الهدوء بين الحضور، فهجع العاشقون وتلألأت عيونهم وجداً بزمن محمد سعد.

أنا أحب سيدة الشرق - هكذا أعلن البصير بأدائه لأغنية (سمعت صوتا هاتفا في السحر) وغار الحاضرون من أنفاسهم ألا تشوش عليهم الإنصات إلى أداء البصير بثقة المبدع وكبرياء البساطة ونجاح تجربته بعد صقل موهبته في معهد الفنون، إنه البصير الذي يرى الدنيا بألحانه وأدائه الموشى بالزخارف وبريق جمله الموسيقية، عكس أولئك الذين بلغت ألحانهم الـ(250) بعد الألف.. الفنان صالح البصير يحمل في ألحانه مشروع تجديد للارتقاء بالأغنية اليمنية، فهل تلتفت الدولة إليه، وتهتم به، وخاصة وزير الإعلام، ليعلم كم كان مخدوعاً بفنانين كبار أقل مكانة من الفنان صالح البصير أداءً ولحناً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى