> يقينا وبمشيئة الخالق سوف تعود عدن كما كانت عبر الأزمان جنة الأرض وزهرة مدن البحار، وعما قريب سوف يتزاحمون عليها كما يتزاحم النحل على الزهرة اليانعة وسوف يأتي اليوم الذي يتمنى فيه الزائر لعدن أن يجد موطئ قدم أو مأوى له فيها.

عندها سيصدق قول (بطليموس) في القرن الثاني بعد الميلاد بأنها (العربية السعيدة)، وحتما ستعود (فرضة العرب) و(المركز التجاري لبلاد العرب)، كما جاء وصفها قديما في تقرير الرحالة اليوناني (بريبلوس) .. وقد فسر اسم عدن في أحد النقوش القديمة بأنها تعني الأمان والسعادة والرخاء .

وعندما نتأمل ما جاء في كتب التاريخ عن مدينة عدن ندرك جيدا بن مقولة (دوام الحال من المحال) هي العنوان الأبرز لتاريخ هذه المدينة ..فهي من أكثر المدن التي مرت بمراحل من الانتكاس والانهيار الاقتصادي والاجتماعي، ولكنها وبعد كل انتكاسة، وإن طالت، تزأر وتنهض من جديد كأنها مارد جبار يملأ الأرض نورا وخيرا وشموخا.

فقد تعودت على ذلك خلال مراحل تاريخية كثيرة منذ ما قبل الميلاد، ولكن سرعان ما تعود مع زوال مسبباتها السياسية والعسكرية على مدى الدويلات والمراحل التاريخية التي مرت بها .. وفي إحدى مراحل ازدهارها فاقت بتجارتها ونافست تجارة القسطنطينية في عهد الرومان مما دفعهم لحشد أساطيلهم إلى عدن وخربوها لمنافستها لعاصمتهم وأدخلوها تحت حكمهم، وعادت بعد زمن قصير لتصبح مركزا تجاريا مهما للرومان ودعوها (رومانيوم البوريوم) أي مخزن الرومان .

فلا تعجبوا إن نهضت عدن ونفضت غبارها من جديد بعد ربع قرن من الخمول والانزواء .. وحتما سيبقى أهلها أقوياء شامخين شموخ شمسان وصهاريجه وقلاعه، وستظل قلوب أبنائها نقية طاهرة كنقاوة بحارها الواسعة وطهارة أرضها المعطاءة .. وفي وصف مختصر لأبناء عدن، قال ابن بطوطة: (نزلت في عدن عند تاجر يعرف بناصر الدين الفأري فكان يحضر طعامه كل ليلة عشرين من التجار، وله من الخدم أكثر من ذلك، ومع هذا كله فهم أهل دين وتواضع ومكارم أخلاق يحسنون إلى الغريب ويؤثرون الفقير ويعطون حق الله من الزكاة على ما يجب .. وعدن أم مدن اليمن التي عليها العماد والزمام الذي به يقاد) .. وسوف يأتي اليوم الذي يثبت أهلها للجميع أنهم أهل عز وكرم، كما كانوا على مدى التاريخ العريق لا يعرفون الحقد والكراهية والانتقام . فهم شامخون .. كانوا ومازالوا.