وحدة.. ولكن.. !!

> عبدالقادر باراس:

> لا يحتاج أبناء المحافظات الجنوبية إلى دليل ليشعروا أن التغيير قادم، وتدرك صنعاء أن هناك ظروفا قد تهيأت لمثل هذا التغيير نتيجة أوضاع تراكمت وتجاوزت حدود الصبر واقتربت من خط الانفجار، لأزمات مرحّلة عناوينها كثيرة .

تلك الأزمات حملتها بصمات حرب 1994م الظالمة، بعد أن تعمد أحد طرفيها تعطيل وحدة الثاني والعشرين من مايو 1990م السلمية، واستبدل بها لغة الضم ومبدأ الإلغاء والإقصاء. ولم يكن انتصاره حينها ملتزما بالحفاظ على وحدة الإنسان (الإنسان نفسه) بإصراره على فرض قوّته الواهية وطرح أجندته الفارغة إلا من أفكار السلب وأفعال النهب على الأرض، التي أدت إلى واقع مغاير عن تلك الوحدة المنشودة وتخليه عن قيمها ومعانيها السامية، الأمر الذي ولد شعورا قويا لدى أبناء المحافظات الجنوبية بأنهم تعرضوا لما يشبه السطو المسلح، كانت نتيجته أن أصبحوا مجرد ملحقين وليسوا شركاء حقيقيين، حينما افتقدوا أبسط الأحلام المتمثل في وجود وطن موحد يحافظ على عزتهم ويصون كرامتهم، بعد أن كانوا قد رسموها منذ صباهم ليصطدموا بواقع أليم يتلبس حياتهم أينما ذهبوا.

إن ما شهدته وتشهده جميع محافظاتهم الجنوبية والشرقية من حراك نضالي سلمي في الاعتصامات والاحتجاجات تسيرّها مظالمهم، مطالبين بحقوقهم المشروعة التي تقرها الرسالات السماوية وأبسط مفاهيم وأبجديات الديمقراطية، ينادون بإصلاح مسار وحدتهم، والبحث عن المواطنة المتساوية، ومواجهة المركزية المقيتة، وإزالة الخراب الذي يعايشونه جراء بيع أصول مؤسساتهم، واستشراء نيران الفساد المسيطر على كل مفاصل أجهزة الدولة، كل تلك المشكلات أوصلت حالهم إلى ماهو عليه الآن. وبوسع المرء أن يلاحظ تراجع المضمون الديمقراطي بغياب معاييره ومقوماته وجعله مجرد غطاء برلماني ديكوري، ولافتات لبرامج انتخابية مقروءة لا تجد طريقها إلى التطبيق، ولاتساع الفجوة بين الخطاب السياسي للسلطة عن حقوق الإنسان وبين ما تشهده تلك الرقعة الجغرافية التي يسقط أبناؤها برصاص العسكر وزجهم في السجون، وإسكات ذوي الفكر والرأي، وتعطيل ملتقياتهم حتى في التصالح والتسامح، كل ذلك يمثل انتكاسة للديمقراطية وللقوانين والنظم الكفيلة بحمايتهم، ولم تكترث لأفعالها فحسب، بل ألصقت بهم تهم التخوين لتعيد إلى الإذهان واقع ممارسات الأنظمة الشمولية ، حيث لم يعودوا يملكون شيئا ليقدموه سوى التذكير واللعب بأوراق ماضي الصراعات السياسية التي حدثت في الجنوب، وكيل الشتائم وإصدار الأكاذيب الساذجة، والاتهام، والادعاءات، والفتاوى، على أولئك الذين يحبون وطنهم ويسعون للتغيير وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من دون النظر إلى الماضي بعيون الحاضر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى