أطفالنا .. فلذات أكبادنا أمانة في أعناقنا ..الحقوق الضائعة للطفولة من يتحمل مسؤوليتها الحكومة.. المجتمع.. المدرسة .. الأسرة أم مسؤولية الجميع؟.. (2-2)

> «الأيام» سالم لعور:

>
برميل آخر ما تملكه الأسرة
برميل آخر ما تملكه الأسرة
أطفالنا فلذات أكبادنا وهم مصدر سعادتنا وفرحتنا حين نراهم في صحة جيدة والابتسامة مرسومة على شفاههم .. وحين نضمهم إلى صدورنا في رفق وحنان يشعرون بالدفء والأمان ونشعر معهم بالراحة والاطمئنان .. وهم مصدر تعاستنا وحزننا حين يصابون أو تداهمهم الأمراض، فنشعر حينها بالحزن والقلق وتصاحبنا مشاعر الإحباط والهلع والخوف وحينها نفوض أمرنا لله في شفاء فلذات أكبادنا .

لذا يجب علينا أن نرعاهم ونربيهم التربية الحسنة، فهم عماد المستقبل وبهم تصلح الأمم وتنهض المجتمعات إذا ما أحسنا التعامل معهم في التنشئة الاجتماعية التي تسهم في تحليهم بالأخلاق الفاضلة والسلوك الحسن، و تفسد الأمم وتباد المجتمعات إذا ما حصل العكس ..ونتساءل أين نحن من حقوق أطفالنا التي كفلتها اتفاقيات حقوق الطفل الدولية مثل حقه في الحياة والتنشئة الاجتماعية والتعليم والصحة واللعب وغيرها من الحقوق كالحماية والرعاية الاجتماعية والنفسية أيضاً ؟

وهل يمكن أن نحمل عبء ما يحصل لهم اليوم على طرف بعينه مثل الأسرة فقط أم أن هذا العبء يتحمله أيضاً المجتمع بشقيه الحكومي والتكافلي؟ وهل للمدرسة والمناهج التعليمية (العملية والعلمية) علاقة بما يحصل للطفولة اليوم من عذابات ومتاعب ومعاناة ؟

لاشك أن العبء لا يتحمله طرف بعينه فكل من الأسرة والمدرسة والمجتمع والحكومة تتحمل المسؤولية ككل متكامل .. وهذا ما أمكننا استنباطه من خلال إجابات شافية لتلك التساؤلات في ثنايا هذا الاستطلاع .

التعليم الخاطئ يرفد أعداداً من الأطفال إلى الشارع:

الأستاذ أحمد عمر حسين، تحدث عن حق من حقوق الطفل في التربية والتعليم النافع مفنداً ماقد يترتب على التعليم الخاطئ والمنهاج الارتجالي الذي يعتمد على الحشو والتلقين مما ينتج عنه رفد الشارع بأعداد هائلة من الأطفال فقال :

«لايمكن الفصل بين التربية والتعليم فهما متكاملان والتعليم ركيزة أساسية في بناء الرجال - رجال المستقبل، ولكن هل يمكن أن يكون التعليم سبباً في التجهيل والهروب إلى الشارع ؟

نعم يمكن أن يساهم التعليم ولو بنسبة ضئيلة حتى وإن كان المجتمع يتمتع بحكومة رشيدة ورخاء اقتصادي ومجتمع متكامل .. نعم أحيانا التعليم الخاطئ (الضخم) الذي يعتمد على الحشو والتلقين يساهم بشكل كبير في رفد الشارع بعدد لابأس به من الأطفال حتى وإن توفرت ظروف المعيشة الآمنة والحكومة الرشيدة، كما أسلفنا القول سابقاً ويكون التعليم مساهما في هروب وتهرب نسبة لابأس بها من التلاميذ إلى الشوارع للأسباب الآتية :

طوال سنوات المراحل الدراسية من الأساسي إلى الجامعة التي تتجاوز 16 عاماً ومافوق وكذا عدم وجود منهج واضح الأهداف والغايات والوسائل والأساليب المتبعة لا تؤدي إلى تحقيق الأهداف المرجوة لعدم وضوحها وعدم كفاءة بعض المعلمين وعدم وجود الكتب والمراجع والأدلة التعليمية الخاصة بالمعلم، وكذا لا توجد دورات تأهيلية لرفع مستوى المعلمين وعدم وجود بيئة خصبة ومجتمعية تساعد التلاميذ على التشبث بالتعليم وحب العلم، كما أن التساهل في عدم وصول التلميذ في السنة الأولى (منهجيا) إلى امتلاك القدرة على الكتابة والقراءة يخلق له الخوف والقلق والاتكال على ترفيعه وإن فشل يؤدي إلى أن تصاحبه عقدة النفور من التعليم إلى مراحل أعلى ثم الهروب إلى الشارع، وعدم وجود المكتبات في مدارس التعليم الأساسي والثانوي، التي تساعد التلميذ على توسيع مداركه في حب الاطلاع، واختفاء النشاطات العامة والفنية والموسيقية وتعلم الحرف والأشغال اليدوية التي تخرج الطالب من جو الملل الدراسي وتبرز فيه المواهب الكامنة، لذا نقترح أن يتم اختصار سنوات الدراسة من الطفولة وحتى الجامعة وألا تتعدى عشر سنوات إلى اثنتي عشرة سنة على الأكثر بعد تغيير وتصحيح المنهاج الذي يجعل التلميذ قارئاً وكاتباً ليتدرج ويصبح بعدها بعامين مشاركاً فعالاً في العملية التعلمية والتعليمية وبذلك يمكنه إكمال التعليم الجامعي مع وصوله مرحلة البلوغ وإذا أراد العمل والإنتاج والزواج وتأسيس حياته في سن مبكرة، وإذا انكمشت سنوات الدراسة الأساسي والثانوي والجامعي يستطيع الحصول على الدكتوراه وعمره 25 سنة.

وبذلك يكون لدى المجتمع رجال علم في ريعان الشباب يستطيعون خدمة مجتمعاتهم سنوات طويلة قبل الوصول إلى الشيخوخة أو الوفاة .

هذا ببساطة غيض من فيض لأن المجال هنا لايتسع ولكن أردنا أن نبين أن التعليم والمنهاج الخاطئ ضلع في تهرب وهروب الأطفال من المدرسة إلى الشارع أو الضياع».

العامل الاقتصادي يدفع كثيراً من الأسر بأطفالهم للأعمال الشاقة:

الأخ صالح عبدالله الجيلاني، يذهب في حديثه باتجاه آخر ويرى أن حالات البؤس واليأس والإحباط التي يعانيها بعض الأطفال والتي تؤثر في مستقبلهم ترجع أسبابها لعوامل عدة ويأتي في مقدمتها العامل الاقتصادي، وتحدث قائلاً :

«في البداية أشكر صحيفة «الأيام» التي عودتنا دائماً تفقد أحوالنا كباراً وصغاراً، وهذا يدل على تمسكها بأداء رسالتها السامية على أكمل وجه كواجب وطني وإنساني ومهني صرف بمايمليه الضمير والواجب ومصداقية ماينشر بحيادية التزاماً لتلك المبادئ السامية والقيم الفاضلة التي رسمها عميد «الأيام» ومؤسسها المرحوم محمد علي باشراحيل (طيب الله ثراه) وسار على هداها فكراً وسلوكاً ومنهجاً من بعده نجلاه الأستاذان الفاضلان هشام وتمام باشراحيل.

وها هي «الأيام» تولي اهتماماً بالغاً بأطفالنا ومشكلاتهم ومعاناتهم من خلال استهدافها في هذا الاستطلاع فئة من شرائح المجتمع هي بأمس الحاجة لتسليط الضوء عليها وعلى مشكلاتها، ومما لاشك فيه أن الجانب الاقتصادي واحد من العوامل التي تؤثر سلباً على أطفالنا وتقف حجر عثرة أمام مستقبلهم وتعيقهم من تحقيق آمالهم وطموحاتهم وتقذف بهم إلى الشارع دون رحمة .

وتتحمل الدولة جزءًا كبيراً من المسؤولية، فالعامل الاقتصادي ينعكس أثره على الطفل الذي يتحمل فوق طاقته بسبب ضغط هذا العامل على المجتمع والأسرة وبالتالي يصبح الأطفال ضحايا الآثار السلبية التي تسبب فيها النظام الاقتصادي الرديء .

كما أن كلفة الدواء والتعليم والملبس والمواصلات وغلاء الأسعار قد أجبر كثيرا من الأسر على الدفع بأطفالهم القصر إلى سوق العمل وترك الدراسة وممارسة الأعمال الشاقة وبأجور بخسة وغيرها من الأعمال التي تسلبهم حقوقهم في الرعاية والحياة والحرية والأمان والثقة بالنفس والقدرة على اتخاذ القرارات والتأثير والتأثر بالعالم المحيط به بصورة إيجابية بعيداً عن الخوف والتعقيد النفسي والنظرة السلبية إلى المجتمع من أجل تكوين مفاهيم إيجابية وسلوكيات سليمة تجاه الفرد والأسرة والمجتمع ككل».

تركوا الدراسة لبيع البطاطس بسبب الظروف المعيشية
تركوا الدراسة لبيع البطاطس بسبب الظروف المعيشية
متنفسات الأطفال في البر والبحر سلبها المتنفذون:

أما الأخ عبدالله الخضر المسعودي، فتحدث عن حق الأطفال في اللعب وقال:

«أطفال اليمن على حد سواء محرومون من حقهم في اللعب، وأقصد اللعب في أوقات الفراغ وليس على حساب الأنشطة الصفية في المدرسة .. ملاعب الأطفال تعرضت لعمليات سطو من قبل متنفذين وحتى الحدائق العامة والمتنفسات أخذها المستثمرون، حقوق أولادنا نهبت ولم يتحصلوا عليها في حدودها الدنيا وفي مختلف الجوانب والمجالات، نقول للحكومة اتقوا الله في فلذات الأكباد».

(من توصيات اللجنة الدولية لحقوق الطفل - جنيف عن مستوى تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل في اليمن 2005م)

(1) عمالة الأطفال :

تلاحظ اللجنة التدابير التي تبنتها الحكومة لمعالجة مشكلة عمالة الأطفال ويشمل ذلك تأسيس وحدة العمل في إطار وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وتعيين منسق وطني IPES ومع ذلك تعبر اللجنة عن قلقها من :

-1 الزيادة السائدة في عمالة الأطفال والحقيقة هذه الظاهرة مقبولة اجتماعياً بشكل واسع.

-2 عدد كبير من الأطفال العاملين كخدم في المنازل أكثر عرضة للإساءة الجنسية ولايتحصلون على الحماية على الإطلاق .

وتوصي اللجنة الحكومة اليمنية بالاستمرار في تعزيز جهودها لإنهاء عمالة الأطفال ومعالجة الأسباب الجذرية للاستغلال الاقتصادي من خلال القضاء على الفقر وإتاحة فرص الالتحاق بالتعليم .

(2) تهريب الأطفال :

تعبر اللجنة الدولية عن قلقها العميق من تهريب كثير من الأطفال إلى المملكة العربية السعودية بعلم والديهم ومن ثم عودة عدد كبير منـهم ويبقون في شـوارع المدن الكـبيرة.

وتحث اللجنة الحكومة على معالجة المشكلة مع السلطات السعودية وإيلاء اهتمام خاص بهولاء الأطفال الذين يتعرض منهم للإساءة، واتخاذ التدابير لمنع هؤلاء الأطفال العائدين من العيش في الشارع. وتوصي اللجنة الحكومة بحملات توعية حول المخاطر التي يتعرض لها الأطفال عند تهريبهم إلى الخارج.

(3) أطفال الشوارع :

بينما ترحب اللجنة ببرنامج تأهيل أطفال الشوارع وبناء مركزين لهم في كل من صنعاء وعدن فإنها تعبر عن قلقها إزاء ازدياد أطفال الشوارع وتعرضهم للاستغلال وغياب استراتيجية شاملة لمعالجة الوضع وحماية هؤلاء الأطفال.

وتوصي اللجنة الحكومة اليمنية بتطوير استراتيجية شاملة لمعالجة العدد المتزايد لأطفال الشوارع بهدف المنع والتخفيف من هذه الظاهرة وتعزيز وتسهيل إعادتهم إلى آبائهم وأقاربهم أو إلى الرعاية البديلة وضمان توفير الغذاء والمأوى المناسب والرعاية الصحية وفرص التعليم، وذلك لدعم نموهم الكامل وتوفير الحماية المناسبة والمساعدة لهؤلاء الأطفال .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى