مخاوف من أن انسحاب اثيوبيا من الصومال سيفتح الباب لصراعات داخلية

> نيروبي «الأيام» اندرو كوثورن:

> ما لم تكن اثيوبيا حليفة الولايات المتحدة تراوغ بإعلانها عن سحب جنودها من الصومال في غضون أسابيع فسيكون هذا إيذانا بفراغ محتمل في السلطة وبدء فصل جديد محفوف بالمخاطر من التاريخ الدموي لتلك الدولة الواقعة بمنطقة القرن الافريقي.

فخروج القوات الاثيوبية المتبقية وقوامها ثلاثة آلاف جندي او نحوه نهاية هذا العام سيترك الحكومة الصومالية الضعيفة المدعومة من الغرب للمتمردين الإسلاميين الذين هم على أعتاب العاصمة مقديشو بالفعل.

ولا تسيطر الحكومة على أكثر من العاصمة ومقر البرلمان في بيدوة، وحتى هذا يتم بمساعدة الجنود الاثيوبيين.

وهناك قوات لحفظ السلام تابعة للاتحاد الأفريقي قوامها نحو 3200 جندي في مقديشو، لكنها لن تستطيع مقاومة سيطرة الإسلاميين حتى لو حدث هذا أثناء تفويضها.

ويتردد أيضا في الدوائر الدبلوماسية الإقليمية أن القوات الافريقية تريد أن تحذوا حذو الاثيوبيين في الانسحاب من الصومال سريعا.

وحتى إذا تغلبت الأمم المتحدة على إحجامها عن التدخل في الصومال، حيث انتهت مهمة كارثية الإبعاد في التسعينات بانسحاب مخز فسيستغرق إعداد قوة جديدة لحفظ السلام ستة أشهر على الأقل.

وبعد عامين تماما من طرد القوات الاثيوبية الإسلاميين من مقديشو لا يبدو أن هناك ما سيوقف عودتهم في إحباط لجهود الغرب لدعم حكومة الرئيس عبد الله يوسف.. والعقبة الرئيسية التي تواجه الإسلاميين هي الفرقة بين فصائلهم.

واذا عاد المتمردون الذين يسيطرون بالفعل على أجزاء كبيرة من جنوب ووسط الصومال إلى العاصمة التي تمزقها الحرب مجددا في العام الجديد، فلن يكونوا نفس الحركة المتجانسة مثلما كانوا خلال حكمهم الذي استمر ستة أشهر عام 2006 .

ففي هذه المرة هناك انقسامات عميقة بين الإسلاميين من حركة الشباب المسلحة إلى العناصر المعتدلة في اتحاد المحاكم الإسلامية إلى التحالف من أجل إعادة تحرير الصومال الذي يؤيد اقتسام السلطة مع الحكومة.

ويقول ديفيد شين وهو خبير أمريكي في شؤون القرن الافريقي بجامعة جورج واشنطن: «جماعة الشباب الإسلامية المتطرفة في أفضل وضع للسيطرة على مقديشو لكن هذا ليس أمرا مسلما به». ويرى محللون أنه في حين قادت جماعة الشباب الهجمات هذا العام وتصدرت حركة التمرد إلا أنهم يفتقرون إلى الدعم الشعبي ولا يملكون ما يكفي من المقاتلين ليحكموا بمفردهم دون اللجوء إلى إقامة تحالفات مع حركات إسلامية أخرى.

فأساليب جماعة الشباب المتشددة مثل فرض الشريعة الإسلامية بأسلوب متطرف وحظر الخمور ومشاهدة الأفلام وقطع رؤوس العديد ممن اشتبه في تواطئهم مع الحكومة تقابل بعدم ارتياح من الكثير من المسلمين الصوماليين المعتدلين تقليديا.

وقال دبلوماسي: «إذا انسحبت اثيوبيا يختفي الأساس المنطقي لجهاد الشباب وسيصبحون منعزلين.

ثم سيتقدم إلى الصدارة اتحاد المحاكم الإسلامية والجناح المؤيد للسلام في التحالف من أجل إعادة تحرير الصومال».

وأضاف «لتسقط البطاقات سيحدث قتال وعمليات انتقام ثم سيبرمون الاتفاقات المعتادة بين بعضهم البعض، ليس هناك خيار الآن سوى أن ندع الصوماليين يسوون الوضع.

ولنأمل في ظهور دولة ديمقراطية إسلامية مثل ماليزيا او سنغافورة او باكستان.

لم لا ؟ وسيكون البديل الواضح هو الفوضى وضيعات إقطاعية شخصية ومزيد من التدهور في البلاد التي تتصدر مؤشر الدول الفاشلة الذي يضعه صندوق السلام الذي يتخذ من واشنطن مقرا له».

وأسهم انهيار الصومال في زيادة القرصنة مما اضطر قوات بحرية غربية إلى المسارعة لحماية خليج عدن أحد أهم ممرات الشحن في العالم.

ويشك البعض في أن تصدق اثيوبيا في الانسحاب, وهناك شعور ايضا بين الصوماليين والخبراء بأن واشنطن تضغط على حليفتها للبقاء خشية أن تقع البلاد تحت سيطرة جماعة الشباب وغيرها من الجماعات التي تقول الولايات المتحدة أنها تقاتل بالوكالة عن تنظيم القاعدة.

لكن هناك مؤشرات من اديس ابابا تشير إلى أن رئيس الوزراء ملس زيناوي جاد في ما يقول.

ويقول محللون إنه ضاق ذرعا من التكلفة المالية لمهمة بلاده في الصومال ومن عدم إحراز تقدم من جانب يوسف وباقي الزعماء المتنازعين ومن غياب جهود دولية جادة لتحقيق السلام في الصومال.

وقال واهادي بيلاي المتحدث باسم وزارة الخارجية الاثيوبية:« قرار اثيوبيا سحب قواتها من الصومال نهائي ولا رجعة فيه.

اثيوبيا جادة ولا تراوغ، لكن الانسحاب ليس نهاية المطاف فاثيوبيا ستبقي قواتها على الحدود على أهبة الاستعداد للعودة في حالة تعرض مصالحها للتهديد».

وقال كين مينخاوس وهو خبير آخر في الشؤون الصومالية:«المخاطر الأمنية بالنسبة لاثيوبيا أكبر بكثير من أن تفعل غير ذلك، اثيوبيا ستنسحب لكنها لن تبتعد عن الصومال»، وخلال حكم الإسلاميين عام 2006 والآن في المناطق التي يسيطرون عليها تتشابه آراء الصوماليين.

فهم يرحبون بما يجيء به الاسلاميون من نظام وأمن لكنهم يغضبون من فرض قواعد دينية صارمة.

ويستعد كثيرون لفترة أخرى من عدم الاستقرار ضمن جولات العنف التي يبدو أنها لا تتوقف وتعاني منها البلاد منذ عام 1991.

وأسفر القتال في العامين الماضيين فقط عن مقتل نحو عشرة آلاف مدني وتشريد اكثر من مليون كما خلف قرابة ثلاثة ملايين جوعى.

وقال عمر محيي الدين ابو دار )24 عاما( وهو طالب من مقديشو) «أخشى أنه حين تنسحب اثيوبيا سيقتل الصوماليون أنفسهم»، معبرا عن خوف عام من المستقبل.

ومن ناحيتها أكدت أوغندا يوم أمس الجمعة أن قوة الاتحاد الإفريقي في الصومال سوف تنسحب إذا تمسكت إثيوبيا بتعهدها سحب قواتها قبل نهاية العام.

وقال جميس موجومي السكرتير الدائم في وزارة الخارجية الأوغندية في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) «في حال انسحب الإثيوبيون فإن قوة الإتحاد الإفريقي ستنسحب لأنه لن يكون لديها أعداد كافية».

وقد أعلنت الحكومة الإثيوبية في أواخر نوفمبر إنها ستسحب جنودها التي يبلغ قوامها عدة آلاف من الصومال بدون شروط بنهاية العالم الحالي.

وقد أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي أمس الأول الخميس أن قوة الإتحاد الإفريقي سوف تغادر أيضا ووعد بمساعدة قوات حفظ السلام الأوغندية والبوروندية البالغ عددها ثلاثة ألاف جندي على الانسحاب من الصومال.

وتقول وكالات الإغاثة والمساعدات: «إن حوالي عشرة آلاف مدني قتلوا وأكثر من مليون شخص فروا من البلاد في الوقت الذي حققت فيه حركة الشباب، وهي حركة مسلحة انشقت عن المحاكم الإسلامية مكاسب ضخمة.

وتتمركز عناصر المجموعة المسلحة على أطراف العاصمة الصومالية مقديشو وتقترب من إلحاق هزيمة بالحكومة الفيدرالية المؤقتة العاجزة.. وفي حال انسحاب قوات إثيوبيا والإتحاد الأفريقي فإن القوة الوحيدة التي ستقف حائلا بين المتمردين وتحقيق النصر ستكون مجموعة من عناصر الميليشيا المسلحة الموالية للحكومة ومجندين غير مدربين بشكل جيد»، وأضاف موجومي «إن قوة الإتحاد الإفريقي ستبقى في الصومال إذا تمت الاستجابة للمطالب بنشر قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة».

وقال :«إذا حلت قوات أخرى محل الإثيوبيين مثل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة فإن نحو ثمانية آلاف جندي سيبقون (في الصومال)».

ومن ناحية أخرى تتردد الأمم المتحدة في نشر قوات تابعة لها واستبعد محللون إمكانية تغيير هذا الموقف .

وفي تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) قال روجر ميدلتون أحد المحللين المختصين بشئون القرن الإفريقي في معهد دراسات تشاتام هاوس ومقره لندن:«إنني لا أعتقد أن هناك فرصة حقيقية لوجود قوات بديلة».

وأشار ميدلتون إلى أن قوات حفظ السلام التابعة للإتحاد الإفريقي لن يكون أمامها خيار كبير سوى المغادرة في حال تمسك الإثيوبيون بتعهدهم بالانسحاب من الصومال.

وقال ميدلتون: «إذا بقي الأوغنديون فسيصبحون أهدافا أكبر و لا أظن أنه سيكون لهم تأثير في تحقيق الاستقرار.

إنهم يشكلون قوة صغيرة ولا يستطيعون حتى تأمين مطار (مقديشو)».

وقد رفض المتشددون الإسلاميون الدخول في محادثات سلام حتى يغادر الإثيوبيون الصومال، ولكن لم يتضح بعد ما إذا كانوا سيجلسون الآن على الطاولة أم سيواصلون تقدمهم.

ورفضت حركة الشباب من قبل اتفاق سلام تم التوصل إليه بين شخصيات معتدلة في المعارضة والحكومة الانتقالية.

ويرى ميدلتون أن أسوأ سيناريو يمكن أن يحدث في الصومال هو استمرار وحدة حركة الشباب وتصميمها على ألإطاحة بالحكومة.

يذكر أن الصومال الدولة الواقعة في منطقة القرن الأفريقي تعاني من الفوضى والحرب الأهلية منذ الإطاحة بالديكتاتور السابق محمد سياد بري عام 1991. رويترز/د.ب.ا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى