يا مليكنا هشام.. كيف كنا وكيف أصبحنا؟

> نجيب محمد يابلي:

> انشغل أحد الأصدقاء لبعض الوقت في بريطانيا لمتابعة إجراءات إلحاق ولده بجامعة (أكسفورد) وتيسر له ذلك بعد حصوله على شهادة الثقافة العامة (G.C.E) في المستويين العادي والعالي O) (A) Levls).

وهو الأمر الذي لم يقو عليه أبناء كبار المسؤولين والمتنفذين، ولذلك كان صاحبنا عرضة لنقد شديد في بعض دواوين صنعاء، بحجة وقوعه أسيراً لـ«التغريب» Westernisation (أي النزوع للغرب) وهي حجة واهية مردود على أصحابها، لأننا كنا بالأمس أهل حضارة وأصبحنا اليوم أهل ثرثرة.

أضع القارئ أمام رسالتين تاريخيتين تعززان حجتي.. تبادل الرسالتين الخليفة هشام الثالث في الأندلس والملك جورج الثاني، ملك إنجلترا والسويد والنرويج، حيث أرسل الملك النصراني رسالة إلى الحاكم المسلم استهلها هكذا:

إلى صاحب العظمة - خليفة المسلمين - هشام الثالث الجليل المقام من جورج الثاني، ملك انجلترا والسويد والنرويج: بعد التعظيم والتوقير نفيدكم أننا سمعنا عن الرقي العظيم الذي تتمتع بفيضه الصافي معاهد العلم والصناعات في بلادكم العامرة، فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج من هذه الفضائل لتكون بداية حسنة في اقتفاء أثركم لنشر أنوار العلم في بلادنا التي يحيط بها الجهل من أركانها الأربعة...»، ثم يقدم الملك جورج الثاني طلبه للخليفة المسلم بإلحاق ابنة أخيه (دربانت) على رأس بعثة من بنات الأشراف الإنجليز لينهلن من معين العلم هناك، وأرسل معها هدية متواضعة للخليفة المسلم ومهر خطابه بعبارة «خادمكم المطيع جورج الثاني». في رده على الملك النصراني باستهلال معرفي عندما خاطبه هكذا: ملك إنجلترا وإسكندنافيا.. جسد الخليفة رزانته عندما قال «فوافقت على طلبكم بعد استشارة من يعنيهم الأمر من أرباب الشأن»، وأضاف الخليفة المسلم «فعليه أنه سوف ينفق على هذه البعثة من بيت مال المسلمين..»، وتجلت قوة المجتمع المسلم عندما أشار الخليفة هشام الثالث إلى أنه تلقى هدية الملك النصراني بسرور زائد «وبالمقابل أبعث إليكم بغالي الطنافس الأندلسية وهي من صنع أبنائنا..» ومهر رسالته بعبارة «خليفة رسول الله في ديار الأندلس.. هشام الثالث».

يا مليكنا كيف حال المسلمين اليوم؟

صدرت قائمة بأفضل (500) جامعة على مستوى العالم، برزت فيها جامعات الغرب واليابان وهونج كونج وسنغافورة وإسرائيل وتايوان وأستراليا والصين ونيوزيلندا والمكسيك والهند وتايلاند والبرازيل وكوريا الجنوبية وماليزيا والفيلبين. أخذت الولايات المتحدة وبريطانيا نصيب الأسد وجاءت من بعدهما فرنسا وألمانيا ومن بعدهما: إيطاليا والسويد وأسبانيا واليونان وإيرلندا والسويد وفنلندا وبولندا.

يا مليكنا هشام: هل تصدق أن نصيب هونج كونج كان ثلاث جامعات هي: جامعة هونج كونج (مرتبتها 26) وجامعة هونج كونج للعلوم والتكنولوجيا (مرتبتها 39) وجامعة هونج كونج الصينية (مرتبتها 42).

يا مليكنا هشام: هل تصدق أن سنغافورة شقت طريقها بجامعتين: جامعة سنغافورة الوطنية (ومرتبتها 30) وجامعة نانيانج للتكنولوجيا (ومرتبتها 77).

يا مليكنا هشام: هل تصدق أن أربع جامعات إسرائيلية شملتها القائمة وهي: جامعة القدس العبرية (ومرتبتها 93) والمعهد الإسرائيلي للتكنولوجيا (ومرتبته 109) وجامعة تل أبيب (ومرتبتها 114) وجامعة بن جوريون في النقب (ومرتبتها 264).

يتضح يا مليكنا هشام أن العرب لم يكن لهم أثر يذكر في قائمة أفضل (500) جامعة، لأن الجامعة عندنا تتبع الحاكم ولأنها أيضا تعتبر معسكراً للأمن حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.. وأستثنى من ذلك الأنظمة الوراثية، لأن جامعة الملك فهد للبترول في الظهران يحتمل أن تتبوأ مركزا متقدما عام 2009م.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى