أبو هذال..أديب ظهر من البادية بعد إبداع اختفى 35 عاماً تحت ركام الصحراء

> «الأيام» زبين عائض عطية:

> الأديب صالح محمد يبيب الحارثي المكنى بأبي هذال.. شاعر معاصر ظهر على الساحة الأدبية حديثاً من خلال نشر بعض قصائده في عدد من الصحف المحلية.. وهو ينحدر أساساً من أسرة يمنية عريقة معروفة بالكرم والجود العربي الأصيل تسكن في وادي بلحارث بمديرية عسيلان محافظة شبوة ومن وسط بيئة قبلية محافظة على العادات والتقاليد المتوارثة. ولد هذا الشاعر في العام 1962م على ضفة رملة السبعتين وعاش وترعرع بين أحضان رمالها ومن جمال وروعة طبيعة صحرائها استلهم إبداعه في مجال الشعر.

(أبو هذال) انقطع عن التعليم في مرحلته الابتدائية بعد أن تعلم أبجديات القراءة والكتابة بالفطرة، امتلك موهبة الشعر ومنها نسج أروع القصائد ليؤكد بجلاء أن الإبداع لا يربط بمستوى تعليمي أو علمي معين كما هو حال من سبقوه في الأدب والفن وأثروا الساحة بإبداعاتهم الجميلة.

ولعل من يتذوق شعر صالح الحارثي (أبو هذال) يشعر بالمتعة حينما يستمع أو يقرأ أبياته لما تحويه من أسلوب رائع في الوصف والتشبيه ودقة في المعاني وبلاغة متناهية في اللغة ومفرداتها وكذا ما تحمله من مقاصد للنصيحة والحكمة وما تحكيه عن مواقف معينة.

هذا الشاعر له طقوسه وخصوصياته الفيوسولوجية تختلف عمن سواه، إذ لا تداهمه قريحة الشعر إلا في مواقف يعيشها بنفسه ولا يكتب القصائد إلا منفرداً بذاته وفي الدجى، يقول إنه يعشق الليل وفي ظلماته يبوح بأسراره ويحب الصحراء ويكتب على رمالها ويؤكد أنه مارس الشعر منذ طفولته بسرية تامة لسنوات تزيد عن (35) عاماً لأنه لم يكن يعرف بأنه يمتلك موهبة الشعر، وعندئذ ظل يخشى احتقار الناس لما قد يكتبه عن ما تكنه مشاعره وأحاسيسه سيما وأن نوع شعره غير معروف في منطقته المشهور فيها الشعر الشعبي فقط.

ظهور أبو هذال كشاعر جاء متأخراً لم يمض عليه سوى عامين وذلك بمحض الصدفة حينما اكتشفه صديق له في لحظة يكتب فيها على قطعة كرتون تالفة، حوت خربشات شاعر مبدع وينسج القصيد في أروع صوره ومن وقتها أفشى سره- أي صديقه- عند المهتمين الذين بدورهم شجعوا هذا الشاعر الغامض وبدأت بعض الصحف في نشر روائع شعره.

دعونا هنا نبحر سوياً لنقرأ ونتعرف على القليل مما قال هاجس أبي هذال من خلال هذه المقتطفات الشعرية المأخوذة من بعض قصائده، فيقول:

أعشق الليل أختلي بذكراك

فالليل كقلب عاشق يهواك

لليل أبوح بسر الهوى

فتسري آهات بالدجى للقياك

إذا أردت رؤياك أسبلت الجفون

حتى لا أرى شيئا فأراك

أراك بنومي وفي يقظتي أراك

وما بينهما أنا لا أرى سواك

في ذورة الشوق ينتابني حزنٌ

فأسأل الأفلاك علم أفلاك

خوفٌ هو أم جنون وقد علموا

لا أبالي أنا بالجنون في هواك

وهذه مختارة أخرى يقول فيها:

وإن هبت رياح الغدر مكاناً

فنحن لها صف أفراد وجموع

وإن لنا النصر بكف الموت نكتبه

وإن لنا علماً فوق النايفات مرفوع

وإن لنا قائداً يمضي للعلى قدماً

وإن لنا عهداً له لا نعرف رجوع

فيا سائلاً عني من أكون أنا

إذا لم تراني فهذا الصوت مسموع

أنا الذي أكتب الحرف بنور

وأنا الذي أضاءت طريقي الشموع

وهذا نموذج آخر من شعره:

عصيت ربي جهاراً وكأنني

طويل العمر في الدنيا مخلد

أمسيت وأضحيت عاصي ومقيلي

ملـذات ولـكـني غيـر مـلحـد

مقصر بحق الله وهو خالقي

والشفيع يوم القيامة محمد

عمر الفتى إذا دنياه طالت

فدنيا الفتى أقرب من الغد

استعبده الشيطان حراً مكبلاً

ليس عبداً ولا بالحديد مقيد

تمكن من النفس وشد وثاقه

عـنـفـاً وهـو إلـيـها يـتـردد

والنفس بالسوء تأمر ضعيفها

ويأمرها الذي عن الهوى مبعد

فمن خلال الغوص في أعماق شعر أبي هذال نكتشف الدرد الكامنة في أغواره من حيث مفرداته الفصيحة ومعانيه السامية، وخياله الواسع، وفي معظمه الرمزية العميقة وموسيقاه (الكلاسيكية) الأصيلة، إضافة إلى عناصر الوجدان الصادق الذي ينساب كالنهر العذب الزلال خلال كل حرف من شعره على اختلاف موضوعاته أما من حيث انتمائه فيبدو جلياً إلى الشعر (الحميني) العريق في بلادنا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى