حتى لا نكون كالذي يطحن الحب المطحون

> حيدرة ناصر الجحماء:

> محافظة أبين كبقية محافظات الجمهورية، لها حضور دائم في كل المراحل والمنعطفات.. وما يميز هذه المحافظة أن حضورها له طعم خاص من خلال إيجابياتها التي تبتعد بشكل واسع عن أية سلبيات.

وهذا يضعها في الصدارة دوماً في كل المراحل والمنعطفات.. وقد يسأل البعض لماذا هذه المحافظة في الصدارة باستمرار؟، نقول لأن أبين تدفع الثمن الباهظ جراء فوزها بالصدارة، ولم يأت ذلك من فراغ، بل جاء بالاجتهاد وبذل الغالي والنفيس وتقديم الدم قبل العرق.. ومن يشك في ذلك للحظة فعليه مراجعة التاريخ الذي لا يكذب ولا يحرف الحقائق.. وهذا التفرد لهذه المحافظة لا يلغي طبعاً الدور الكبير لبقية محافظات الجمهورية وأبنائها، بالعكس فتلك المحافظات لها احترام كبير لما لها من رصيد نضالي كبير يعترف به الجميع ونعتبر أن دور محافظة أبين جزء من الدور النضالي للمحافظات اليمنية بأكملها.

لكن أمام كل ما تتميز به محافظة أبين من دور نضالي وبطولات في ميادين الشرف وما يتميز به أبناؤها من الشهداء والأبطال.. هل استفادت هذه المحافظة من هذا التميز؟.. وهل استفاد الجميع من الدروس والعبر التي مرت بها المحافظة؟.. لقد دفعت أبين ثمناً كبيراً وباهظاً، وأعطت أكثر مما أخذت، لأنها لم تكن يوماً أنانية أو انتهازية.. بل ظلت تقدم التنازلات عن كثير من الحقوق التي كان من المفترض أن تحصل عليها وتتنازل بها للمحافظات الأخرى.. لماذا كل ذلك؟ لأنها تشعر أنها دوماً في الصدارة وهي القائد وعلى القائد دوماً أن يهتم بالآخرين.

وبعد كل هذا ألا يجب علينا الاعتراف بأننا مقصرون جميعاً في حق هذه المحافظة وحق أبنائها الذين قدموا للثورة والوحدة الغالي والنفيس، وضحوا بكوكبة من الشهداء الأبرار الذين حملوا رؤوسهم على أكفهم، ليصنعوا لها تاريخاً مكتوباً بالذهب ومخلداً في سجل القادة والرجال الذين سطروا أسماءهم في كتب التاريخ والأبطال.. وقد يسأل البعض لماذا دفعت محافظة أبين كل هذا؟ هل لأنها المحرك الأساسي في صنع التحولات وظلت صرحاً للتجارب والتغيرات ودفع أبناؤها الغالي والثمين، بعض منهم في بداية الثورة وبعض منهم في فترة الرئيس قحطان، وبعضهم الآخر في فترة الرئيس سالمين، وبعضهم في فترة الرئيس علي ناصر محمد أطال الله في عمره؟.

وبعد هذا.. ماهو المطلوب؟.. المطلوب الآن الاعتراف بأننا كنا شركاء في الأخطاء لكننا دفعنا ثمن تلك الأخطاء بسرعة.. وبعضنا دفعها متأخرا.. فالذي دفع الثمن سريعاً ذهب وترك الصراع واستطاع ترتيب أوضاعه أكثر من الذي دفع الثمن متأخراً والذي ظل يصارع حتى خرج خاسراً من كل شيء.. لكن ذلك الثمن كان مؤلماً.. والمؤلم من ذلك ألا يكون ذلك درساً نتعظ منه؟!.. نحن على ثقة تامة من أن أبين وأبناءها قد استوعبوا المرحلة وفهموا الدرس جيداً وعلى الآخرين أن يفهموا الدرس أيضاً.

الآن مطلوب من أبناء محافظة أبين، وفي مقدمتهم أبناء الشهداء والمناضلين، الاتحاد، وأن يكونوا صورة لآبائهم الأبرار الذين ظلموا في الماضي ومازال الظلم واقعا عليهم حتى اليوم، لكنهم انتصروا لإرادة شعب وصنعوا تاريخاً مشرفاً لا لبس فيه.. لقد صنع آباؤكم الشهداء تاريخاً لا تغيب عنه الشمس، وحملوا المشعل الذي يضيء لنا الدرب.. لقد دقت الساعة وبدأت أوراق الخريف بالتساقط، وبدأتم الخطوة الأولى في الطريق الصحيح حين تداعيتم لتتشاوروا في أوضاعكم، وبعد إعدادكم رسالة مطالباتكم التي جاءت تحت توقيع أبناء كوكبة كبيرة من المناضلين والشهداء من مختلف المحافظات الجنوبية.. مما يؤكد وحدة اللحمة والمصير، وألا يكون مطلبه فقط الحقوق المهدورة.

لكن ضعوا من ذلك صدى سياسياً واجتماعياً وثقافياً ورياضياً، ولكن ببرنامج جديد يستوعب العبر والدروس، رافضاً أخطاء الماضي وجمود وتعثر الحاضر والانطلاق نحو المستقبل، وعدم النظر إلى الماضي ومراجعته ليكون عبرة تتجنبون الوقوع في شباكها.

لأن الذي يقبل السير إلى الماضي لا يستطيع أن ينطلق إلى المستقبل.. ومن يظل عائشاً على ذكريات الماضي يظل مثل الذي يطحن الحب المطحون!

ومن هنا أقول إن أبين اليوم أمام تحديات كبيرة، فهي أمام بنية تحتية مدمرة، وحقوق ضائعة، وفرص مهدورة، وتدهور أمني غير مسبوق.. وهذا يستدعي من أبناء المحافظة كافة بغض النظر عن توجهاتهم السياسية والفكرية رص الصفوف والحفاظ على ما تحقق والعض عليها بالنواجذ، والمطالبة بالمزيد.

وعلى الرعيل الأول إدراك أنه ليس بمقدوره أن يكون لاعب الأمس ولاعب اليوم، وعليه استيعاب المرحلة والربط بين الرعيل الأول والجيل الجديد، ومزج الخبرة بالطاقة، فلا يمكن لأي شخص أن يعيش يومه ويوم غيره.. أرجو أن تكون الرسالة قد وصلت.. والله من وراء القصد.

* الوكيل المساعد لمحافظة الحديدة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى