بعد إخفاقها في لبنان إسرائيل تخفض سقف طموحاتها في غزة

> بيروت «الأيام» اليستير ليون:

> تجنبت اسرائيل التي تشن هجمات برية في قطاع غزة لإلحاق أقصى درجة من الضرر بحركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) قبل اي وقف لإطلاق النار تحديد أهداف مبالغ في طموحها حتى يصعب على خصمها الفلسطيني اعتبار مجرد استمرار بقائه على أنه انتصار.

وتريد حماس محاكاة العرض القوي الذي قدمه حزب الله في حرب لبنان 2006 حين صمد امام القوة العسكرية لإسرائيل لمدة 34 يوما.

لكن محللين أمنيين يقولون إن حماس تفتقر الى العمق الاستراتيجي وترسانة الأسلحة والقدرات التي تتمتع بها الجماعة الشيعية اللبنانية المسلحة.

لكن مهما بلغ ضعفها عسكريا فإن حركة حماس لن تنتهي.

ستسعى الى القتال ليوم آخر لتجسد صراعها في أعين العرب والمسلمين على أنه منارة للمقاومة.

أما التحدي بالنسبة لإسرائيل فيكمن في تحويل تفوقها العسكري الى مكاسب سياسية وأمنية طويلة المدى دون الانزلاق الى قتال في الشوارع مما يجازف بوقوع خسائر عسكرية كبيرة فضلا عن سقوط مزيد من القتلى بين المدنيين التعساء.

وقال وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك أمس الأول «الهدف الأساسي هو تغيير الواقع الأمني في الجنوب» مشيرا الى البلدات الاسرائيلية التي تستهدفها صواريخ حماس.

وتحدث مسؤول عسكري اسرائيلي بارز يوم الأحد عن عملية مطولة «لضرب البنية التحتية لحماس بأقصى قدر يمكننا (و) تقليل عدد الصواريخ». وأحجم الزعماء الاسرائيليون عن تقديم وعود بإنهاء إطلاق الصواريخ من غزة او الإطاحة بحكم حماس هناك.

ويرى يزيد الصايغ المحلل الفلسطيني في كينجز كوليدج بلندن إن الزعماء الاسرائيليين يتجنبون الأخطاء التي ارتكبت في حرب لبنان حين تسببت الأهداف المعلنة الهائلة بتدمير حزب الله والقضاء على ترسانة الصواريخ الخاصة به في فشلهم.

وقال:«هذا لا يعني أنهم لن يكونوا مرنين...ربما لديهم نطاق واسع من الأهداف.

وبناء على ما ستسير عليه الأمور يمكن أن يذهبوا الى قمة هذا النطاق او قاعه». غير أنه أضاف أنه بدون غزو كامل النطاق لغزة فإن هذا يعني أن اسرائيل تقبل ضمنا ببقاء حماس.

وأعلنت اسرائيل أنها لا تنوي إعادة احتلال قطاع غزة.

وكانت قد سحبت قواتها وأجلت مستوطنيها عام 2005 بعد احتلال دام 38 عاما لكنها احتفظت بسيطرة محكمة على حدود القطاع.

وطردت حماس منافسيها من حركة فتح في يونيو عام 2007 .

وقال تيمور جوسكيل الأكاديمي الذي يتخذ من بيروت مقرا له والمستشار السابق لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان:«الاسرائيليون يريدون تقسيم غزة الى أجزاء وقطع الاتصالات بينها ثم القيام بمهام بحث وتدمير دون خوض معارك شاملة في المدن». وقصفت الطائرات الحربية الاسرائيلية قطاع غزة لثمانية أيام وربما تكون قد حققت أهدافها المحددة مسبقا قبل التوغل البري ضد حماس.

وانتهت تهدئة استمرت ستة اشهر مع حركة حماس في 19 ديسمبر .

وقال الصايغ إن من الممكن أن تحتل القوات البرية الاسرائيلية المناطق المفتوحة وتدمر أي أنفاق او مخازن أسلحة لحماس هناك لكن سيكون عليها فحص المناطق السكنية لملاحقة المقاتلين المدربين.

وأضاف مستدعيا حصار اسرائيل لبيروت خلال غزو لبنان عام 1982 «أمامهم اختيار واضح.

إما أن يدخلوا او يستقروا للاستنزاف الذي يستغرق وقتا وحينها يقعون تحت ضغط دولي للسماح بدخول المساعدات وخروج المدنيين وتجنب حرب تنتمي الى العصور الوسطى». وأسفر الهجوم الاسرائيلي عن مقتل أكثر من 570 فلسطينيا فيما قتلت صواريخ حماس أربعة مدنيين اسرائيليين كما قتلت الحركة الاسلامية أربعة جنود اسرائيليين خلال المعارك.

ويقول رياض قهوجي مدير معهد الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري ومقره دبي إن حماس في موقف دفاعي الى حد كبير عسكريا.

وحتى اذا احتفظت حماس بسيطرتها على غزة بعد أن تصل الأمم المتحدة الى وقف لإطلاق النار في نهاية المطاف فإنها ستكون قد ضعفت كثيرا وستظل إدارتها مفتقرة الى الاعتراف الدولي لأنها على خلاف مع معظم الحكومات العربية.

وحليفتاها الرئيسيتان هما ايران وسوريا.

وتساءل قهوجي عمن سيكون قادرا على إعادة البناء وتعويض سكان غزة بعد انتهاء القتال مشيرا الى الكساد العالمي وانخفاض عائدات النفط في ايران.

ووجد الطابع المسلح لحماس أرضا خصبة في غزة وكثير من سكانها البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة هم أسر اللاجئين الذين أجبروا على ترك منازلهم خلال حرب 1948 بين العرب واسرائيل لكن معاناتهم هي تذكرة بأن العمل العسكري لا يقدم حلا دائما.

وتتحدى حماس هدف اسرائيل المعلن بسحق إرادتها في القتال واذا استطاعت إطلاق حفنة من الصواريخ في نهاية المعركة ستعلن نوعا من الانتصار.

وقال جوسكيل:«سيقولون هذا في كل الأحوال...

لكن إطلاق صواريخهم غير مجد بشدة.

لا يملكون الترسانة التي يملكها حزب الله.

يجب أن يكونوا حذرين بشأن كل شيء يطلقونه». وأحد أهداف اسرائيل الرئيسية هي منع حماس من إعادة التسلح عن طريق الأنفاق المحفورة أسفل حدود غزة مع مصر.

كما أصبحت هذه الأنفاق عصب الحياة للمدنيين منذ شددت اسرائيل من حصارها بعد فوز حماس بالانتخابات عام 2006.

ويرى الصايغ أن حماس حاولت اكتساب قوة لكسر الحصار حين تركت الهدنة تمر وسط اتهامات متبادلة.

وقال«لكنهم الآن في معضلة استراتيجية ومحاصرون في هذا المكان الصغير.

كان عليهم لإرضاء المصريين أن يتحدثوا الى فتح عن شروط لا يريدونها». مشيرا الى مقاطعة حماس محادثات المصالحة بالقاهرة في نوفمبر .

وأضاف الصايغ:«لديهم مجموعة من البطاقات الهزيلة التي يحاولون تعظيم أثرها لكنها لا تفلح الا بأن تكون سلبية». وحققت حماس مكاسب تكتيكية سابقة بإطلاق الصواريخ او اقتناصها السيطرة على غزة من فتح لكن هذه الافعال الى جانب رفضها حق اسرائيل في الوجود وضعتها في مأزق.

وتابع قائلا:«حماس لم ترغب قط في اتخاذ خطوات من شأنها تغيير خياراتها فيما يتعلق بالاعتراف بإسرائيل».

لكن هذا الرفض الايديولوجي جزء من جاذبية حماس كبديل لما تراه رضوخا من جانب فتح في مفاوضات سلام غير مثمرة وقد يحسن صورة الحركة المتحدية بين العرب والمسلمين الذين يعتريهم الغضب من الهجوم الضاري الذي تشنه اسرائيل على غزة.رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى