غار السبع وجاء الضبع ..

> فضل النقيب:

> ذهبنا إلى «خليجي 19» كساع إلى الهيجاء بغير سلاح، فانطبق علينا المثل الذي قيل بحق العذراء التي أصرت على الأخذ بثار أبيها بنفسها بعد أن نصحها الأهل فلم تمسع ثم عادت إلى الدار حبلى.. ياولداه.

وإذا كان الإعداد لخليجي 20 في عدن من صنف مشاركتنا البائسة في مسقط فلنصرف النظر عن ذلك «وهنا حفرنا وهنا دفنا» ولايكلف الله نفسا إلا وسعها، ذلك أن الإعلام المرافق لدورات الخليج لا يترك نقيصة إلا أحصاها، ولا جديبة إلا رعاها وعرّاها، ولا عويصة إلا حللها وأفتاها، فكيف الحال إذا كان أصحاب البيت هم ضحاياها وقتلاها ومع ذلك لا يعلمون أيان مجراها ومرساها .

وإذا كان السير إلى خليجي 20 على الطريقة اليمنية: خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الخلف، واليوم خمر وغداً أمر، «وراعي لي باجيلك سامحنا حيرتك» وموعدنا المقيل «قطل» ضالعي وقهوة زنجبيل وهات قال وقيل وغداً لا معزة ولا فيل، وإنما «كلام الليل يمحوه النهار» .. فما حاجتنا إلى هذا الضنى والعناء، إشانة سمعة وخراب بيوت. لكم كان فريقنا الوطني ضائعا في الملعب مفكك الصفوف مهلهل الأداء مقطوع حبال الرجاء كصاحبنا الذي سقط من قمة الجبل فأخذ يدعو وهو مغمض العينين «يارب تكون رؤية» أي حلم بينما دمه يخضّب جسمه من رأسه إلى ساسه وقد انسلخ كتفاه وتهشم قفصه الصدري وتشظت عظام ساقيه وتحفّر رأسه كمستعمرة النمل. ياعباد الله .. ستة أهداف نظيفة في مباراتنا مع السعودية مع التسامح والرأفة وثلاثة قبلها من الإمارات، وقد أخذت الفرق ومدربوها يحجزون أماكنهم للدور الثاني على أساس فوزهم المحتوم سلفا على اليمن، علما أن لنا عراقة في عالم كرة القدم ليست لبلد من بلدان الجزيرة، ولكن تلك أمة سلفت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ولكل زمان دولة و رجال: إن الفتى من قال ها أنذا.. ليس الفتى من قال كان أبي .. خذوا عمان نموذجا، كانت الحائط القصير الذي يتخطاه الفرسان وحتى أولئك الذين يركبون الحمير العرج، وقد انتبهت لوضعها وعلمت أن الكرة والانضباط وحسن الأداء جميعها مؤشرات حضارية لا عذر لآدمي أعطاه الله عقلا أن يظل في حفرته بينما أنداده الذين يضحكون منه سرا وعلنا يقطعون الفيافي ويعتلون الجبال، فأخذت على ضوء وجع الهزائم وأحلام الانتصارات، حيث دوي التصفيق للمنتصر «ولأم المخطئ الهبل» تعد العدة وتضبط الإيقاع وتوفر الوسائل وتستقدم ذوي الخبرة، حتى أخذ نجمها في الصعود وكانت في خليجي 17و18 هي الشريك في المباراتين النهائيتين، أما في خليجي 19 فقد ثبت أنها الحصان الأسود الذي أدمى أسود الرافدين أبطال آسيا وألقى بهم في طريق العودة والندامة بأربعة أهداف نظيفة. هذا الصعود المبهر لم يأت ضربة حظ ولا بدعاء الوالدين ولا برؤيا في المنام وإنما بجد واجتهاد ومرابطة وإحساس عميق بالاعتزاز لرفع راية الوطن وإعلاء نشيده الوطني. باختصار شديد انتماء عميق للوطن وإحساس أعمق بالمواطنة، فهل نحن نفتقر لذلك؟ سؤال نوجهه إلى اتحاد الكرة الذي لاشك أن السوس قد نخره والمحسوبيات قد أظهرت عجره وبجره فأصبح كمنسأة سليمان التي استبطنها العثّ بعد أن مات صاحبها دون علم الجن الذين ظلوا في الأصفاد كما هو حال رياضيينا.

هذا الاتحاد البائس الذي يشبه الهر الذي «يحكي انتفاخا صولة الأسد» آن أن تقوض خيمته الفارغة إلا من صفير الريح، لكي لا يزيدنا مرضا على مرض. إن أقل ما يمكن فعله من قبل مسؤوليه تقديم استقالاتهم والانزواء بعيدا عن الملاعب واللاعبين فالتقصير أوضح من عين الشمس والماء يكذب الغطاس، وهذه هي النتائج، أفبعد ذلك يمترون ؟ لا نريد أن نقول لهم إن من تقاليد المحاربين اليابانيين «الساموراي» أن من يخسر معركة عليه أن يبرز إلى الشارع أمام الله وخلقه مسندا سيفه إلى صدره وضاغطا عليه حتى يخرج من ظهره، لا نريد أن نقول ذلك لمخالفته الشرع وإنما نطلب منهم ما هو أبسط : أن يولوا الأدبار، فليسوا من جنس البطولات ولا البطولات من جنسهم ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه.

في مباراتنا الأولى رأيت بين المشجعين الدكتور يحيى الشعيبي ومحافظ عدن عدنان الجفري، وكأنني لمحت في أعينهم بريق أمل إن لم يكن لانتصار مبين فلأداء مشرف ثمين، ولكن لا هذا ولا ذاك فقد غار السبع وهجم الضبع، ومعه جاءت الكوابيس واشتعلت الكواليس بالنم و «الحشوش» ، لانريد أن ننحي باللائمة على اللاعبين الذي كانوا في الملاعب «أضيع من الأيتام على موائد اللئام» فربما كان عشاهم فاصوليا والغدا بر معصوبة وهو لا يعطيهم الطاقة لمناطحة الوعول المقرنة التي تتغذى على موائد المن والسلوى، ووالله إن دمعتي قد سالت وأنا أراهم في مهب الريح تذروهم كيف شاءت، كما أنني شعرت بتعاطف لا تشوبه شائبة للنجم أبوبكر الماس وهو يصارع على شاشة الجزيرة كالغريق في لجة. قلت عندئد بيت الشعر الشهير :

تأنَّ ولاتعجل بلومك صاحباً ** لعل له عذراً وأنت تلوم

ولاحول ولا قوة إلا بالله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى