«الأيام» تزور قرى وعزل منطقة المطهاف بشبوة .. ظلام دامس وجوع وفقر وحرمان من أبسط مقومات الحياة الكريمة ..(2-2)

> «الأيام» جمال شنيتر:

>
المطهاف
المطهاف
وتستمر المرحلة.. وتستمر رحلة «الأيام» من قرية إلى قرية أخرى من قرى المطهاف.. ومازلت أراقب شاشة المطهاف.

وثمة نخيل متناثرة هنا وهناك ولاصوت هنا إلا صوت السيارة التي تقلنا وهي ترتطم بصخور صلبة في طريق وعرة غير معبدة يعقبه دثار سحابة من الأتربة نخلفها وراءنا.. ومازلت أفتش في حنايا المطهاف عن الغالي والنفيس والنادر، فوجدت صعوبة الحياة عند الناس وضنك العيش وحاجة الناس المعيشية الصعبة، ومع هذا وذاك هناك مشاعر فياضة تصب في قالب إبداعي إنساني جميل وإنساني عاطفي يطغى على كل الصعوبات التي تواجه الإنسان المطهافي.

عزلة السبخة

وصلنا إلى مركز المطهاف الأعلى الذي يضم عددا من القرى أهمها قرية السبخة التي توجد بها مدرسة للتعليم الأساسي يقول عنها مديرها الأستاذ عمر عوض بلعيد:«المدرسة يدرس فيها 179 طالباً وطالبة وتستمر الدراسة فيها إلى الصف السادس وتعاني المدرسة من نقص في عدد المعلمين ونقص الغرف الدراسية وبعض الكتب الدراسية غير موجودة مثل كتب الاجتماعيات للصف السادس وكتب الرياضيات للصف الرابع والخامس، ويدرس بالمدرسة أبناء قرى الريدات - صوح - الشرابة - لحوا - المحراقة وغيرها وياتون مشياً على الأقدام حوالي ساعة زمن، ولاشك أن ذلك يشكل إحدى المصاعب التي تواجه الطلاب».

انتهى كلام مدير المدرسة عن التعليم في مناطق المطهاف عامة، حيث إن المشكلة أن الدراسة تسير إلى الصف السادس أساسي فقط وبعد ذلك يترك نحو 80 % من أبناء المطهاف المدارس، ولهذا ينبغي بذل مزيد من الجهود من قبل الجهات ذات العلاقة لدعم التعليم وتشجيعه وتوفيره بأسهل الطرق مع الإشارة هنا إلى أن هناك جهد لابأس به من قبل السلطة المحلية ومكتب التربية في مديرية رضوم، كما أن المنطقة بأكملها لا توجد بها مدرسة للتعليم الثانوي، وهذه مشكلة أخرى ينبغي حلها ولو تدريجياً من خلال البدء أولاً بفتح الصف الأول ثانوي في مدرسة حورة التي تعد المدرسة الوحيدة المكتملة في التعليم الأساسي.

مشروع المياه

وحول مشروع المياه يقول الشاعر محسن سعيد السليماني أبوصقر:«المنطقة تفتقر إلى مشروع للمياه رغم أنه حفر بئر قبل أربع سنوات، ولكن للأسف لم يستكمل المشروع لهذا نجد كثيرا من مناطق المطهاف تعاني من شحة المياه ويتجرع الناس شرب المياه المالحة غير الصالحة للشرب»، ويضيف أبو صقر:«المنطقة بحاجة إلى مشروع كبير للمياه من خلال استغلال مياه العيون والينابيع، وهناك مشروع مياه المطهاف وهو مشروع لم ينفذ بعد، رغم أنه اعتمد من المحافظ السابق درهم نعمان على أن يكون المشروع من مناطق لحوا والموطاه ويمتد ويمر في مناطق المطهاف حتى ينتهي في منطقة المضالع، ولكن إلى الآن المشروع مجرد حبر على ورق».

طلاب يدرسون
طلاب يدرسون
ظلام دامس

يقول الأخ أحمد محمد لخزع:«تعيش المطهاف بكافة مناطقها في ظلام دامس بسبب عدم وجود مشروع للكهرباء، ولا ندري هل الكهرباء من حقنا أم لا، مع أن كثيرا من مناطق محافظة شبوة تم ربطها بالتيار الكهربائي من عاصمة المحافظة عتق، كما أن التيار الكهربائي ليس ببعيد عن مناطق المطهاف فأقرب منطقة لنا منطقة هدى مديرية حبان تبعد حوالي عشرين كم، ولذا فإن من بين مطالبنا إدخال التيار الكهربائي».

مخلفات حرب

حدثنا بعض أبناء المطهاف أنهم تعرضوا خلال سنوات طوال للإقصاء والتهميش والإهمال والنسيان من قبل الحكومات التي تعاقبت على هذه البلاد، وفي هذا الإطار يقول الوالد محسن عوض لحنف الذي التقيناه في سوق قرية السبخة:«هذه المنطقة محرومة أشد الحرمان ولم يزرها المحافظون إلا المحافظ درهم نعمان في بداية الوحدة اليمنية، وبعدها لم يزرنا أحد ولم يتفقدوا أحوالنا وأوضاعنا، والمنطقة لها مطالب كثيرة وأولها الطريق الذي يعد مطلبنا وهمنا وحلمنا الأول، ثم مدارس المطهاف بحاجة إلى مدرسين وبناء صفوف دراسية والشخص فينا عندما يمرض لا يوجد رعاية صحية في مناطقنا فنضطر لنقله إلى عتق عاصمة المحافظة أو أماكن أخرى أبعد منها ويتكلف الواحد عشرين ألف ريال قيمة أجرة السيارة وحاجات كثيرة نعاني منها، باختصار المطهاف تبدو وكأنها من مخلفات حرب لكثرة المعاناة وأنت قدك تشوف وبتشوف».

من هنا وهناك

يقوم المواطنون بالتسوق في سوق العرم بمديرية حبان أوسوق عزان بمديرية ميفعة والمسافة إلى تلك الأسواق تقضي على المرء أن يصبر نحو أربع ساعات من وعورة ومشقة الطريق ، إلى ذلك يوجد في قرية السبخة سوق صغير متواضع يتم فيه بيع وشراء بعض المستلزمات الضرورية خاصة من المواد الغذائية إلا أن المشكلة التي يشكو منها أهل المطهاف تكمن في ارتفاع أسعار المواد الغذائية فمثلاً سعر أسطوانة الغاز تبلغ ألف ريال وهكذا بالنسبة للمواد الغذائية.كثير من الناس هنا يعانون شظف العيش والحياة صعبة ومعقدة بالنسبة لهم وأصبحت الرعاية الاجتماعية والجمعيات الخيرية الاهتمام بمعاناة الفقراء والمعدمين في مناطق المطهاف وهم كثر..

زرعة النخيل

هي الزراعة الوحيدة التي توجد في منطقة المطهاف، حيث يتم ريها من خلال الغيول التي تسيل في أودية المطهاف غير أن معظم الأهالي يشكون من عدم اعتماد معاين كافية في المنطقة للاستفادة من مياه الغيول، الوحدة الصحية في قرية الموطاه مغلقة والمبنى قديم ومتهالك وهناك معاناة كبيرة للمواطنين جراء انعدام المرافق الصحية في مناطق المطهاف باستثناء المركز الصحي في منطقة حورة الذي يحتاج إلى بعض التجهيزات الطبية. تنعدم خدمة الاتصالات في المطهاف مما زاد من عزلتها عن بقية أنحاء البلاد، ولذا يطالب كثير من المواطنين بإنشاء برج للاتصالات في المنطقة.

حصن قديم
حصن قديم
آخر المطاف

آخر المطاف في المطهاف.. جبل العكن بكبريائه وجبروته وهو يطل على مناطق المطهاف وكأنه تمثال أسطوري.. كانت الطريق تمر في قلب هذا الجبل, تصعد بنا السيارة رويداً رويداً وتلتف يميناً ويساراً بمنعطفات خطيرة والقلوب ترتجف.. حتى أن وعورة الطريق اضطرت سائق السيارة التي تقلنالإيقافها أكثر من مرة.

ومضينا نحو ساعتين من الزمن حتى انتهينا من الطريق.. وفي مشهد كهذا سألت نفسي، لماذا يتمسك الناس هنا بمنطقتهم، حيث التضاريس الصعبة وصعوبة الحياة والحرمان من أبسط الحقوق الآدمية.. لاشك أن الجواب ببساطة هو ثمة انتماء أصلي للإنسان..دموع الحسرة والحزن والانكسار وما أثقل كاهل المنطقة من هموم ومصاعب هذه الحياة والقحط وآلام لا تعد ولا تحصى.. ولكن يبقى السؤال:بأي ذنب حرمت المطهاف من أبسط حقوقها؟.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى