.. تمْ..!!

> فضل النقيب:

> أما وقد سَأَلَنَا أهلنا في الخليج بطريقتهم المواربة التي تتوقع ولا تتوقع والممزوجة بالمداعبة.. تم يابويمن؟ فأجبناهم بطريقتنا التي تبسمل ولا تتشفع: نعم تم.

وعلى «الخشم»، و: إذا دخلتَ المدينة قل باسم الله، وأن شفت شي في طريقك وأعجبك شله.. فسلمونا الأعلام والأختام.. إلى هنا والكلام تمام في تمام: كلمة منهم وعشر منا.. ولعلي أذكركم بالسالفة، التي يستشهد بها إخوانكم أهل «يافع» حول القول والفعل من موروثهم، حيث ذهب وفد عرمرم من وجهائهم لمفاوضة السلطان «سيف» حول شؤون وشجون ذات صلة بالحرب والسلام، وفي منتصف الطريق قال أحد مشايخهم الثقاة: ياجماعة.. شوفوا الكلام «شتْح ولتْح» كأنه قصد: سؤال وجواب، أو أخذ وعطاء، مضيفاً: إننا لا نستطيع جميعاً الدخول في حوار مع السلطان فيختلط الحابل بالنابل وكلام العاقل مع كلام الجاهل، فلاذا تأتّى ولاذا حصل، ولابد لنا من اختيار أحد حذاقنا ليتولى المحاورة بالنيابة عنا بعد استشارتنا، وماخاب من استشار.. وجدت هذه الكلمات صدى لدى القوم، فتوقفوا عن المسير وسألوا الجمع عن الطريقة الديمقراطية «اليمنية» التي تصيب الذرّة وتخطئ الجمل: من يجد في نفسه المقدرة والثقة ورباطة الجأش فليعلن ذلك ويبدي استعداده لأداء هذا الدور الذي سيرفع من مقامه ومقام قبيلته؟

وكما هو الحال دائماً فإن العقلاء ممن خبروا الحياة وشراكها المميتة، قد تريثوا على طريقة قدامى العلماء العرب المتبحرين في الدين والذين كانوا يرفضون تولي القضاء خوفاً من الزلل وهوى النفس الأمارة بالسوء ومقولة: ««قاضيان في النار وقاض في الجنة»، ولكن الشباب الذين لم تعركهم الحياة ولم تتغولهم الغوائل، ولم يعانوا مزالق اللسان، وما تجنيه على الإنسان، كشأن شباب أحزابنا هذه الأيام الذين بدلاً من أن يقيسوا عشر مرات ويقطعوا مرة واحدة مضبوطة مضبطة، يقطعون عشر مرات دون أن يقيسوا، فلا ترى في أيديهم غير خيوط كانت قطعاً فأصبحت مزعاً، أو مزقاً، ثم لا يجدون ما يسترون به أنفسهم غير ستر الله الذي لا تأخذه سنة ولا نوم. المهم أن أحد الشباب قال: أنا لها، كما قال الحجاج: أنا ابن جلا وطلاع الثنايا.. متى أضع العمامة تعرفوني.. ولكنه تساءل عن معنى «الشتح واللتح» فقال له الشيخ صاحب الاقتراح: يا بني باللهجة «ماحد يخلي كلامه رحم شاة».. رد الفاتك اللهج بحمية الشباب: تقصد المثل العدني «العرسة تعايب على الكسبة» وكلاهما رحم مكشوف .. قال الشيخ، صح كلامك - مع الفارق.. أجاب الشاب: لا فارق ولا مارق.. قال له لابأس ولكن: قل لنا كيف خططت للمحاورة؟ قال: إذا نطق السلطان بكلمة، أرد عليه بعشر، قال الجميع بصوت واحد: وفّيت وكفّيت.

ثم استأنفوا المسير وصاحبنا يفكر في الأمر، ثم قال لهم قفوا ياقوم أنا راجعت نفسي ووجدت أنه من العيب إفحام السلطان بعشر كلمات مقابل كلمة، فقرّ رأيي على خمس، قالوا: عداك العيب، وهذا من صميم العقل فخير الكلام ما قل ودل.. ثم ساروا وصاحبنا قد غرق في التفكير والتدبير، ثم طلب منهم الوقوف قائلاً: يا جماعة.. أنا قلبت الأمر على وجوهه فخلصت إلى أن المحاورة هي كلام دول وليس كلام مجالس يزيد وينقص، فقررت أن أرد على السلطان كلمة بكلمة، قالوا: والله إنك أحكمت فلا داعي للمزايدة على السلطان، واستأنفوا المسير حتى وصلوا إلى دار السلطنة، فبرز إليهم السلطان سيف بالأبهة السلطانية يحف به الأمراء والوزراء، وتقرع أمامه الطبول وترقص الخيول، وكان له شارب كث يقف عليه الصقر، فسألهم بصوت مزمجر: من المفوض بالحوار؟ التفتوا جميعاً إلى الشاب المختار وقالوا هذا هو الكليم يامولانا، وهو مطلع على سرنا ونجوانا، قال السلطان للشاب: هات، فضاقت بالشاب الأرض بما رحبت، فاصفر وجهه وعجمت لسانه وأخذ اللجاج يبلل رداءه، وقد تطلع إلى شوارب السلطان سيف وارتُجَّ عليه فقال: سيدي تيس.. شوارب.. شوارب.. ثم أغمي عليه، وكانت فضيحة بجلاجل.. فيا إخواننا الكرام ممن قلتم «تم» لخليجي 20 في عدن شدوا الأحزمة وليبدأ العد التنازلي من اليوم، عمل يا شعب، حتى لا نكون في موقف ذلك الشاب الذي طواه النسيان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى