أزمة ثقة

> طه حسين بافضل:

> قيل إن أصل الفتن: الاستبداد وترك الشورى, وكل ذلك إفرازات أفكار أحادية لدى صناع القرار ومن يتحملون على أكتافهم عبء التغيير والإصلاح في المجتمع.. وأزمة الثقة لا تتجسد في كونها عائقا عن العمل والالتقاء.

وإنما في كونها خللا ينبغي للجميع العمل على سده وعلاجه كي لا يتسع ويستفحل، ولا يتأتى ذلك إلا بسعة الأفق، ورحابة الصدر والسعي الجاد لإذابة الجليد الذي يحول دون رؤية متزنة للأمور وشفافية واضحة في تقديم كل المعلومات اللازمة في عملية التغيير والإصلاح.

إن أزمة الثقة يتسع مداها في أرجاء الوطن الواحد حتى تكاد أن تتشعب في تفصيلاته وجزئياته فلا تكاد تنظر إلى رقعة المجتمع بكل تقسيماته وأطيافه إلا وتجد هذه الأزمة هي العنوان الأبرز في منظومة التعامل بين بني البشر.

وإن أسوأ ملمح من ملامح هذه القضية عندما نجدها موجودة عند صناع القرار وعند الأحزاب المعارضة التي يسعى كل طرف النيل من الطرف الآخر، فأحزاب المعارضة تصب جام نقدها وتجريحها على الحزب الحاكم وتبذل قصارى جهدها للإطاحة به والتشهير بأعماله ومشاريعه وإنجازاته وتجعلها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، وبالمقابل تجد أن هذا الحاكم يفعل المستحيل لأجل تشويه صورة هذه الأحزاب التي لا تملك أدنى مسوغ لكيل التهم ونشر الشائعات المغرضة عليه وتسجيل المواقف المخزية عليها ضد الوطن والمواطن وأنها تسير بعملية التنمية إلى الوراء، التي يسعى هذا الحزب الحاكم جاداً إلى تفعيلها والمضي بها إلى الأمام حسب زعمه.

فمن نصدق ياترى؟ وبمن يعتمد المواطن الغارق في همومه ومشاكله ومصائبه؟ إنها آفة العملية السياسية في يمننا المبارك التي لم تكتف أن تنهك مقوماته، وتضعف قدراته، وتنهب مقدراته وثرواته بل تجعله حبيس المشاكل طاوي المصير يراوح مكانه والناس من بين جوانبه تهرول نحو التقدم بل إن البلدان المجاورة قد تجاوزت بدهيات العيش الكريم وهو لا يزال يبحث عن إيجادها، ويسعى إلى تحقيقها.

إن الديمقراطية التي تتشدق بها الأطراف اليوم، لا حياة لها ولا كينونة وإن اتفق الجميع على إقامتها ولم يختلفوا كما هو حاصل اليوم، ولن تصل إلى المصداقية إلا إذا تغلب الجميع على أزمة الثقة التي تحكم تصرفاتهم وتبنى مواقفهم واتجاهاتهم على أساسها، والذي أعتقده أن أزمة الثقة الحقيقية في حياة الإنسان ينبغي أن تكون بينه وبين الشيطان الرجيم الذي أقسم قبل بدء الدنيا أنه سيسعى جاهدا للغواية والخسار لبني آدم، فهل أصبح الناس نوابا عن الشيطان حتى يتغلب على تصرفاتهم ما يندى له الجبين وتند منه العقول الحكيمة والقلوب السليمة؟

إن الواجب والوطن مقبل على عملية انتخابية أن تتضافر النفوس الصادقة المحبة لبلدها إلى الجلوس والتحاور والتناقش وتقديم مصلحة الناس قبل مصلحة أحزابهم ومساعيهم الضيقة وأن تتم تصفية المواقف والتصريحات من الشوائب والمكدرات حتى وإن كلف ذلك أن يتأخر الأمر قليلا وتتداول الشخصيات البعيدة عن الانتماءات الحزبية والمستقلة استقلالا تاما ظاهرا وباطنا ما يمكن أن نسميه مجلس النصح ليتم وضع النقاط على الحروف وتقديم آلية محكمة تمكن الجميع من السير عليها والسعي لتمهيد الطريق لتستمر عملية الوصول إلى الحكم بكل مصداقية ومنطقية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى