مدمن وتاجر مخدرات ومتهم بقضايا سرقة.. باسردة المعتقل اليمني المتعاون في جوانتانامو يضع الحكومة الأميركية في مأزق .. كوفئ بالحصول على زنزانته الخاصة وفطائر التفاح من ماكدونالدز والتبغ ومجلة السيارات

> واشنطن «الأيام» ديل كوينتين ويلبر:

>
أشار أحد مقاتلي «طالبان» المحتجزين في معتقل جوانتانامو في كوبا، إلى أن أحد زملائه المحتجزين كان يجتمع مع أسامة بن لادن.

وأشار أيضا إلى ضلوع معتقل آخر أفصح عن هويته في القتال في تورا بورا، بالقرب من الحدود الأفغانية الباكستانية، وتورط ثالث في التزود بسلاح مضاد للطائرات في أفغانستان. وادعى أن محتجزا يمنيا كان من حراس بن لادن الشخصيين.

وفي عشرات الأحاديث على مدى الأعوام السابقة في المعتقل العسكري الأميركي، كوفئ المتعاون من المعتقلين بالحصول على زنزانته الخاصة وفطائر التفاح من ماكدونالدز والتبغ ومجلة السيارات، و«أغراض أخرى للراحة». وقدم ياسين محمد باسردة الأدلة اللازمة للاستمرار في اعتقال عشرات من الإرهابيين المزعومين، كما ذكرت سجلات الجيش والمباحث الفيدرالية.

ولكن مع اقتراب إدارة أوباما من غلق مركز الاعتقال، ومحاولتها التوصل إلى ما ستفعله بالسجناء، يتسبب باسردة والمعلومات التي قدمها في عدد من المشكلات المؤرقة للحكومة: هل تقوم المعلومات التي قدمها على أساس صلب يكفي لإحالة زملائه المحتجزين إلى المحاكمة؟ وماذا ستفعل الحكومة بباسردة والمخبرين الآخرين، الذين أصبح من المعروف للمساجين أنهم وشوا بهم؟

وعلى الرغم من الاعتماد على نصائح باسردة أعرب مسؤولون عسكريون عن تحفظهم حيال مصداقية شاهدهم النجم منذ 2004، وقد ألقيت ظلال من الشك حول الثقة فيه منذ أكثر من أسبوعين، عندما أمر قاض فيدرالي بالإفراج عن سجين يبلغ من العمر 21 عاما، قائلا إنه لا يمكن الاعتماد على شهادة باسردة لتبرير احتجاز الرجل.

وأحيانا تعتمد الحكومة على أدلة أخرى بخلاف تصريحات الوشاة لتبرير الاعتقالات، ولكن صرح خبراء قانونيون أن كمّ المصداقية التي ستمنحها إدارة أوباما لتصريحات باسردة وعدد من الوشاة الآخرين سيمر بمرحلة طويلة، لتحديد أي من المساجين ستتم محاكمته وأي منهم سيفرج عنه. ويقول روبرت تشيسني، أستاذ القانون الذي يركز على قضايا الأمن القومي في جامعة وايك فورست: «إن الاستعانة بالمُبلّغين يفتح بابا أمام مجموعة هائلة من القضايا. لا تحضر الملائكة عندما يحدث أمر سيئ، والحاضرون في وقت وقوع الأحداث السيئة، أي الأشخاص الذين تستخدمهم كشهود، سيبدون سيئين». وقد رفض المتحدثون باسم وزارة العدل والجيش الأميركي التعليق بشأن باسردة، 33 عاما، أو على استخدامهم للوشاة. كما رفض المحامي المدني عن باسردة ستيفن واكس، المحامي العام في أوريغون، التعليق..وقد وُلد باسردة، وهو متزوج ولديه طفل صغير، في اليمن في أول يوم من عام 1976، وانتقل بعد ذلك إلى السعودية، حيث أصبح مدمنا للمخدرات وتاجر مخدرات معروفا. وألقي القبض عليه 8 مرات باتهامات سرقة دراجات بخارية وسيارات، والدخول إلى البلاد بطريقة غير مشروعة. وتم نفيه عام 1995 كما ورد في تقارير الجيش الأميركي. وبالعودة إلى اليمن حضر باسرده اجتماعات تحت رعاية جمعية خيرية مقرها في باكستان تجند الشباب، الكثير منهم فقراء ومدمنون، من أجل الاشتراك في الحرب في أفغانستان.

وبينما كانت دوافع الآخرين في الانضمام تعود إلى معتقداتهم، صرح باسرده لمسؤولي الجيش أن دافعه كان الحصول على مال. وقال في جلسة استماع عسكرية عام 2005: «لقد انضممت إليهم فقط من أجل المال». بحلول أبريل (نيسان) عام 2001 كان يتدرب على استعمال الأسلحة في مركز تدريب الفاروق التابعة لـ «القاعدة» في جنوب أفغانستان. وفي أواخر عام 2001، كما قال للمسؤولين العسكريين، كان مختبئا مع بن لادن وآخرين في جبال تورا بورا، حيث كان يعمل طاهيا ومقاتلا، وألقي القبض عليه في باكستان وتم تسليمه للسلطات الأميركية في عام 2002، وظل منذ ذلك الحين محتجزا في معتقل غوانتانامو, وقد أعيدت مراجعة معظم المعلومات الموجودة في ملفات المحكمة والمأخوذة من باسرده عن زملائه السجناء، أو أصبحت جزءا من تقارير ملخصة طويلة. ولكن يتضح من السجلات العسكرية ووثائق المحكمة أن باسرده لم يستغرق وقتا طويلا في البدء في تعريف الآخرين الذين تدربوا معه في مركز الفاروق، أو ظلوا في منازل «طالبان» أو «القاعدة»، أو قاموا بحماية بن لادن، أو قاتلوا في تورا بورا.

في البداية أثارت المعلومات السلطات العسكرية، ولكن بعد مرور بعض الوقت بدأت ضآلة حجم المعلومات تثير الشكوك. وفي عام 2004 كتب مسؤول عسكري مكلف بمساعدة معتقل آخر في تقرير، أن باسردة لم يكن يقدم معلومات موثوقا بها، وفقا لشخصين على علم بالتقرير. وأشار مسؤول عسكري أن باسردة قال إن المحتجز الآخر كان في معسكر لـ«القاعدة» حتى قبل 3 أشهر من وصوله إلى أفغانستان.

وكتب المسؤول أنه «لا يجب الاعتماد على» باسردة، مضيفا أن منحه الثقة «يجهد الخيال» لأنه يدلي بمعلومات عن 60 معتقلا آخر على الأقل. وكتب المسؤول أنه لا يوجد رجل واحد، ممن قال باسردة إنهم كانوا يتدربون في المعسكر في أثناء إطار زمني محدد، كان في أفغانستان في تلك الفترة.

وقد ظهرت مشكلات أخرى في قضايا أخرى، فقد ادعى باسردة أنه رأى محتجزا آخر في معسكر تدريب الفاروق في أبريل عام 2001، ولكن ذكرت تقارير الحكومة، التي بها تصريحات المحتجز ذاته، أن المحتجز ذهب إلى هناك قبل أحداث 11 سبتمبر عام 2001 مباشرة. وتمت تبرئة ذلك المعتقل اليمني، الذي يبلغ من العمر 26 عاما، للإفراج عنه.

وكتب محقق عسكري في تقرير بتاريخ 14 مايو عام 2004، أن «مصداقية (باسردة) محل شك لدى المحققين»، وفقا لأوراق المحكمة. وذكر لاحقا في الوثيقة أن المسؤول كتب أن «الادعاءات التي صرح بها باسرده، والتي يتم التحقيق فيها في الوقت الحالي... يجب أن يُتخذ فيها قرار حاسم».

وتؤكد الحكومة في أوراق المحكمة أن «تقييما أجرى حديثا» أظهر أنه يمكن الوثوق بباسرده، واستمر المسؤولون في استخدام المعلومات التي أدلى بها في المحكمة, وفي الشهر الماضي تلقت استعانة الحكومة بهؤلاء الوشاة ضربة قوية عندما أمر القاضي الأميركي ريتشارد ليون بالإفراج عن مواطن تشادي، يبلغ من العمر 21 عاما، وكانت القضية مبنية إلى حد كبير على معلومات من اثنين من المُبلّغين، أحدهما تم تعريفه في أوراق المحكمة باسم باسرده، وذلك حسبما تبين من مراجعة الوثائق.

وكتب ليون، الذي لم يذكر باسرده تحديدا بالاسم في رأيه المعلن، أن مسؤول الحكومة يشكك في مصداقية المُبلّغ، وأضاف القاضي أن الحكومة قد «حذرت على وجه التحديد من الاعتماد على المعلومات التي يقدمها دون تأييدها بدليل». وكتب ليون في 14 يناير (كانون الثاني) أن مصداقية المُبلّغ الآخر، الذي لم يتم تعريف هويته، «لم تتحدد».

ووفقا لسجلات المحكمة أخبر باسرده المحققين في تلك القضية أنه رأى المحتجز محمد الغراني، الذي كان يبلغ من العمر 14 عاما وقت اعتقاله، في معسكر لـ«القاعدة»، وبعد ذلك في تورا بورا. وأشار ليون أن باسرده والمُبلّغ الآخر أدليا بروايتين «متناقضتين» عن موعد رؤيتهما للمعتقل في المعسكر. وفي تعليقات للمسؤولين العسكريين أشار باسردة إلى أنه تعاون معهم لأنه بدأ يعجب بالأميركيين، ويشكك في دوافع «القاعدة» وأعضاء حركة طالبان.

وقال محامون عن المحتجزين الآخرين إنهم يعتقدون أن باسردة قدم معلومات ليتلقى معاملة أفضل في المعتقل، ويعيش هو والوشاة الآخرون في زنزانات منفصلة عن المساجين الآخرين. وقد حصل على مُشغل أسطوانات مدمجة وتبغ للمضغ وقهوة وكتب وبعض الاحتياجات الإضافية الأخرى، وفقا لأوراق المحكمة, وحصل أيضا على ألعاب فيديو، وفقا لما صرح به زكاري كاتزنيلسون، المحامي عن ريبرايف، وهي جماعة في لندن لا تستهدف الربح، تمثل 31 معتقلا. وقال كاتزنيلسون إن المعتقلين المفرج عنهم أخبروه بشأن الألعاب، وأضاف: «لا يوجد أساس لتصديق شخص يحصل على كثير من الأشياء الممنوعة عادة في المعسكر».

ويُعرف باسرده جيدا بين المحتجزين الآخرين في السجن بأنه واشٍ. وفي جلسات الاستماع العسكرية وفي تصريحاتهم لمحاميهم قال العديد من المحتجزين إنه كذب بشأنهم. وفي عام 2006 قال أحد المحتجزين للمسؤولين العسكريين في جلسة استماع أن باسردة كذب عليهم بشأنه لأنهما اختلفا في السجن، وفقا لنص الجلسة.. وقد التمس باسردة، الذي أصبح موصوما، لدى الحكومة لكي تجد له مكانا جديدا يعيش فيه، حسب ما جاء في نص الجلسات السنوية لإعادة النظر في قضيته. وهو يريد اللجوء إلى الولايات المتحدة وأن يحظى بفرصة للالتحاق بالجيش الأميركي. وصرح في إحدى الجلسات العسكرية: «أنا متعاون جدا لدرجة أن تعاوني مع الجميع جعل العديد من الأشخاص يهددون حياتي. لقد عرضت حياتي للخطر، وهكذا لا يمكنني العودة إلى بلادي، فلن يترددوا في قتلي أو قتل أي شخص من عائلتي».

وعلى الأرجح لن تمنح الحكومة الأميركية باسرده والمُبلّغين الآخرين حق اللجوء. ويترك ذلك أمام الحكومة الأميركية حلّين: إيجاد دولة ثالثة تستقبلهم، أو الأكثر ترجيحا إعادتهم إلى بلدانهم تحت ترتيبات وقائية، وفقا لخبراء من الخارج ومسؤولين سابقين في الحكومة. وقد أعيد مُبلّغ سابق، وهو صديق لباسردة، إلى بلده العراق.

عن الــ «واشنطن بوست»

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى