المناهج الدراسية

> حسن محمد زين:

> المناهج لها أهمية في حياة الفرد سواء أكان معلما أم متعلما، ذلك أنها تسهم في بناء شخصية التلميذ، وتشكيل أفكاره والارتقاء بإمكانياته، وهي عون للمعلم على أداء رسالته على الوجه الذي يتوخاه هو، ويخطط له المربون الذين يضعون استراتيجية التعليم والتربية على المدى البعيد.

وتتطلب المرحلة الراهنة إخراج التعليم من الاهتمام بالكم إلى التركيز على النوعية والجودة، وهذا يستوجب إحداث تغيير في المنهجية يبعد التعليم من الحفظ والتلقين وخزن المعلومات في ذاكرة الطلبة الذين يقومون بدورهم بإرجاع هذه المعلومات إلى معلميهم على شكل إجابات في الاختبارات والامتحانات، لذا لابد من الانتقال من الذاكرة إلى العقل المدرب الذي يستعمل المعلومات من أجل الوصول إلى نتائج، يوازن ويقارن ويحلل ويستنتج فالهدف هو إكساب الطلبة مهارات التفكير والاستقصاء والاستنباط أو ما يسمى بالتكنولوجيا العقلية.

وتبعا لذلك فإنه يجب تغيير الطريقة التي يعطى بها الدرس بحيث تعتمد على المناقشة وتبادل الآراء وحل المشكلات، وعلينا كذلك تغيير الطريقة التي يمتحن بها الطلبة لتنصب أسئلة الامتحان على قياس مهارات التوصل إلى النتائج والمقارنة بين الآراء ونبتعد عن محاولة معرفة كمية ما اختزن الطالب من معلومات وحقائق مجردة في ذاكرته، بالإضافة إلى ذلك يكون التقويم عملية مستمرة مصاحبة وملازمة للتعليم،بحيث لا يكون تقدير الطالب مبنياً على الامتحانات فقط، بل يتم في ضوء متابعة نمو عقلية الطالب طوال العام وقدرته على المشاركة الصفية والمبادرة الفردية في خدمة مدرسته ومجتمعه المحلي وسلوكه وعلاقاته مع زملائه من الطلبة ومع معلميه.

ومن الناحية الفنية،فإنه لايزال يغلب على المناهج الدراسية طابع الحشو وضعف الربط بين التعليم والبيئة التي يعيشها الطالب. ولابد من وضع أسس لإصلاح نوعية التعليم سواء في جانب المناهج أم في أساليب التدريس القائمة أم فيما يتعلق بإعداد المعلمين.

ومن حيث علاقة المعلم بالمنهج فإنني أقتبس مما قاله د. علي فخرو وزير التربية والتعليم في مملكة البحرين الشقيقة آنذاك، حيث أشار في مقابلة أجريت معه ونشرتها مجلة «المستقبل العربي« في العدد رقم 112 يونيو 1988م حيث قال:«إنني أستطيع أن أضع أفضل منهج في العالم، ثم يأتي المعلم ويدمره. وأستطيع أن أضع أسوأ منهج في العالم، ثم يأتي المعلم فيرفعه ويغيره وأستطيع أن أعطي توجيهاً بأن يتعلم الطلبة التفكير الموضوعي، ولكن إذا كان المعلم نفسه لا يفكر مثل هذا التفكير الموضوعي، فسيصبح هذا التوجيه بلا معنى، وأستطيع أن أقول اجعلوا الطلبة بقرا سائبة، ولكن إذا كان المعلم حريصا على استشارة الفكر، فسيخلق لي إنسانا مناقضا للصورة التي أردت، ودون أن يخوض في السياسة من خلال مواد مثل الكيمياء أو الفيزياء أو الرياضيات». فالمعلم يعتبر حجر الزاوية، ومفتاح العملية التربوية، وفي ضوء ذلك يجب أن نولي إعداده وتدريبه الاهتمام الذي يستحق، وبمقدار صلاحه يكون صلاح التعليم وصلاح المجتمع معا.

وعلينا مراجعة المسيرة التربوية وتقييمها وتطويرها كلما دعت الحاجة لذلك، فالأمم والشعوب تقوم بمراجعة مناهجها وأساليب تدريسها كلما شعرت بأن دولا أخرى قد تفوقت عليها، أو حتى أصبحت منافسا قويا لها في الميادين الاقتصادية والتكنولوجية، وأكبر مثال على ذلك، ما قامت به الولايات المتحدة من مراجعة شاملة لمناهجها التعليمية في الرياضيات والعلوم، عندما أطلق الاتحاد السوفييتي آنذاك أول قمر صناعي «سبوتنك» عام 1956م، وشعور صناع القرار السياسي الأمريكي أن هذا يشكل تحديا لهم، إذا ما بقيت التربية عندهم على حالها، وأيضا عندما شعرت الولايات المتحدة بالقوة التنافسية لليابان وبعض دول أوروبا الغربية، وبخاصة ألمانيا، ظهرت فيها عدد من الموجات الإصلاحية المتعاقبة، إذ ظهرت الموجة الأولى إثر صدور التقرير المشهور «أمة في خطر» وظهرت الموجة الثانية بعد صدور تقرير ملتقى تاريخي عن العلاقة بين التربية والاقتصاد، وكذا تقرير حكام الولايات ، الذي جاء تحت عنوان «حان وقت النتائج» وتتابعت حركات الإصلاح التربوي بشكل منتظم ومستمر.

ونحن في اليمن بحاجة ماسة إلى إصلاح مناهجنا التعليمية والمنظومة التربوية بشكل عام. ولابد أن يتوخى الناس اختلاف فئاتهم، ماذا يريد أبناؤهم أن يتعلموا؟ ولابد أيضاً أن يتوفر عنصر الشفافية في من يضعون المناهج حتى يمكن القول إنهم استلهموا آمال مواطنيهم ووطنهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى