مبادئ مزيفة وشعارات كاذبة

> «الأيام» محمد علي الجنيدي /عدن - المعلا

> إن لكل إنسان مبادئ، تختلف من شخص إلى آخر، يؤمن بها ويسعى إلى أن تكون مرجعاً يلجأ إليها في تأمله الأمور التي تواجهه في حياته، وإذا أردنا معرفة سلوك شخص وما يحمل في جوفه فعلينا السؤال عن مبادئه، فالمبادئ تعكس سلوك الإنسان في تعامله مع بقية الناس، لكن ليس الإنسان وحده من يحمل مبادئ، فهناك دول، وأحزاب وتيارات، ومنظمات ومؤسسات وشركات تحمل مبادئ.

وحتى أدخل في صلب الموضوع فقد ابتدأت مقالتي بما سبق لأصل إلى نقطة معينة ألا وهي أولئك الأشخاص الذين يبيعون مبادئهم الصالحة ابتغاء مطامع شخصية وطموحات ذاتية لانعلم عنها شيئاً.. فما إن ينالوا مبتاغهم حتى تتحول هذه المبادئ إلى سراب ودخان لايعرف مصدره، ليصبح الحلم كابوساً والأمل يأساً، لنكتشف فيما بعد أننا خدعنا بمبادئ مزيفة وشعارات كاذبة.. فهل أصبح المبدأ شيئاً تافها يستهان به؟! أو أن ضعف النفس وعجزها تجلعنا نستهين به، كيف ذلك وهناك أناس ضحوا بأرواحهم وأموالهم لتمسكهم بمبادئهم، وهناك أمثلة كثيرة كان الأحرى بنا أن نقتدي بهم ونستفيد منهم، ومن أولئك الشاعر الكبير أبي الطيب المتنبي وهو غني عن التعريف بأشعاره الخالدة، لكن غالبيتنا لايعرف قصته والتي سأسرد جزءا منها، فقد عرف عن المتنبي جرأته وصراحته في القول مما أزعج بعض الحكام آنذاك بسبب نقده المتواصل لهم، مما اضطرهم ذلك إلى السعي إلى قتله فتصدى فاتك الأسدي ومجموعة من الرجال لتلك المهمة وماكذب فاتك الأسدي خبرا ليلتقي بالمتنبي ومعه ولده، ففكر المتنبي لوهلة من الزمن في الفرار، لكنه سرعان ماتذكر مقولته الشهيرة القائلة:

الخيل والليل والبيداء تعرفني

والسيف والرمح والقرطاس والقلم

ليعود لمواجهة فاتك الأسدي، الذي في نهاية المطاف قتل المتنبي.. مات المتنبي لكن أشعاره ومبادئه لم تمت، فقد صنع لنفسه بصمة في تاريخ العظماء، تاركاً خلفه مدرسة نتعلم منها وأشعاراً نتخاصم لتفسيرها موضحاً ذلك في البيت الشعري القائل:

أنام ملء جفوني عن شوادرها

ويسهر الخلق جراها ويختصم

فأين نحن من أولئك الرجال الذين حولوا أقوالهم إلى أفعال ملموسة على أرض الواقع، فإن ذهبت المبادئ الصالحة سيظل الإنسان يتخبط بين الأمواج المتراطمة لتلقيه على شاطئ الهلاك.. فالمبادئ شبيهة بالرداء الذي نستخدمه لنستر عورتنا، فإن فقدناه أصبحنا عراة مجردين.. رسالة أبثها إلى كل إنسان يحمل مبادئ طيبة صالحة.. عليك الإيمان بمبادئك والتمسك بها، فهي من تجعلنا نتخذ القرار فيك، وكن واثقا من نفسك ولا تتهاون ولا تدعها تذهب منك.. وكما قال الأديب الكبير حافظ إبراهيم:

إنما الأمم الأخلاق مابقيت

فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى