> إن إقامة خشبة مسرح ومسرح صحيح التكوين يساعد على خلق دلالة خاصة ومتعة عند المتفرجين، فالعين تقرأ الخشبة كما لو كانت كتاباً، وقد اتفق الكثير من رواد المسرح والمفكرين والأدباء على أن المسرح يعتبر ملك الشعب وينبغي له أن يتواصل في أعمق أعماق الجماهير الكبيرة لدوره المهم في توحيد مشاعرها وأفكارها وإرادتها، والأدباء والمفكرون أبناء لمجتمعهم تربوا في أحضانه وعانوا معاناته وهم في الأصل جاءوا من الشعب، وقد قال الشاعر الإيرلندي الكبير وليام بتلربيتس (1865-1939م): «لقد كنا أول من خلق مسرح الشعب وهو أول إنجاز لأمر بلغ العالم في تشوقه إليه مرتبة النضوج، أمر سوف تشيد دعائمه في أركان الدنيا قاطبة، وعلى نحو يتزايد كماله أكثر فأكثر، ألا وهو دفع الطبقات المكممة الأفواه إلى الإفصاح عن مشاعرها كل منها بما توحيه إليها معرفتها الخاصة بالعالم».

ولأن التساؤل مفتاح الدخول إلى عوالم الآخر، سألني ذات يوم الناقد والمخرج القدير أحمد محمد الشميري .. أنتم تكتبون عن قضايا المسرح وهمومه وأفكاره ودوره الحضاري في الوقت الذي نبحث فيه عن مسرح؟ أين هو مسرح محافظة عدن، ولماذا لاتكتبون عن حقيقة المسارح المهجورة كمسرح الجيب في مديرية الشيخ عثمان؟

كلمات وجيزة عبر من خلالها عن الوضع الراهن لمسرح عدن وكواليسه الحزينة هذا الفنان المسرحي المخضرم الذي يعتبر من رواد المسرح اليمني وأحد مؤسسي معهد جميل غانم للفنون الجميلة وأنا بدوري أنقل صدق مشاعرك (يا أباشفيع) عن ضرورة وجود مسرح في أي زمان ومكان، فمابالك وأنت تتحدث عن (عدن ثغر اليمن الباسم ودرة الجزيرة العربية) ألا تستحق مسرحاً بمعنى الكلمة تتوافر فيه جميع مقومات التقنيات الحديثة بالإضافة إلى مركز ثقافي مقارنة بالمحافظات الأخرى؟؟.. علامات استفهام عديدة على استمرارية مشاهدة هذا الخراب الذي حل بمسارح عدن؟! وهل هذه المشاهدة الطويلة الأمد ستولد حافزاً لدى البعض في البناء مستقبلاً حالهم حال الفيلسوف الألماني (كانت) الذي كان يضع أمامه لوحة لبيت انهدم .. قائلاً: فلسفتي كانت وسوف تبقى دائماً كيف أبني ما انهدم فلاشيء يغريني بالبناء إلا رؤية مثل هذا الخراب (مع اختلاف هدف الرؤية بين هذا وذاك طبعاً).

وعلينا كذلك فنانين ومبدعين ومهتمين أن لانطيل المشاهدة أيضاً وأن ندرك حقيقة عالم الآخرين الكبير في تجزئة جمهور المسرح، كما هو الحال مع تجزئة المجتمع .

كاتب وممثل مسرحي