هل يمكن إنقاذ شجرة البن في يافع من الانقراض والنهوض بها؟!

> «الأيام» قائد زيد ثابت:

> تعد يافع من أهم وأشهر مناطق اليمن في زراعة أشجار البن ذات الجودة والشهرة العالية، حيث يحتل البن اليافعي مكانة فريدة في الأسواق المحلية والخارجية لما يتميز به من جودة وخاصة في الطعم والنكهة.

وزراعة البن في يافع وجدت منذ القدم وكانت حتى زمن قريب النشاط الرئيس الذي يمارسه أغلب المزارعين في مناطق يافع وكانت زراعته متطورة إلى حد كبير، أما اليوم تشهد زراعته تراجعاً وتدهوراً مخيفاً، والسبب في ذلك موجات الجفاف الحادة والمزمنة التي اجتاحت مساحات واسعة من مديريات يافع السفلى والعليا..

ولمعرفة المزيد عن زراعة البن في يافع والتحديات والمصاعب التي واجهت وتواجه هذا المحصول التقت «الأيام» المهندس الزراعي محمد طاهر السعيدي، كبير اختصاصيي الإرشاد الزراعي في محافظة أبين، وخرجت بالآتي:

أفاد المهندس الزراعي محمد طاهر السعيدي عن تاريخ هذه الشجرة و الصعوبات التي تواجهها فقال: «بالنسبة لزراعة البن في مناطق يافع فقد ظهرت زراعته قبل أكثر من ثلاث إلى أربعة قرون والدليل على ذلك مشاهدة أشجار بالغة القدم في بعض الأودية المشهورة بزراعته كالعرقة وطسة وذي ناخب».

وأضاف: «كان هذا المحصول إلى فترات ليست بالبعيدة من أهم مصادر الدخل في يافع لكثير من الأسر لما يجود به من إنتاج، وفي السنوات الأخيرة تدهورت المساحات الزراعية التي كانت مغطاة بأشجار البن، حيث تقلصت زراعته إلى أقل من النصف بالإضافة إلى انخفاض الإنتاج إلى أدنى مستوياته خلال السنوات العشر الماضية وبالذات المناطق التي انخفض فيها معدل سقوط المطر إلى 250 ملم بعد أن كان يصل إلى أكثر من 500 ملم في الثمانينات من القرن الماضي».

وعن أبرز الصعوبات والتحديات التي تعانيها زراعة البن في يافع رد قائلاً: «كمهندس زراعي لأكثر من عشرين سنة في المنطقة أرى أن التراجع والتدهور في زراعة البن يرجع إلى مجموعة من الأسباب والعوامل التي تسود المنطقة حالياً وفي مقدمتها الجفاف، حيث يسود المنطقة حالياً جفاف حاد يضربها منذ عقد ونصف من الزمان ما أدى إلى انخفاض منسوب المياه في الآبار، وجفاف الينابيع والغيول، وزيادة الطلب على المياه اللازمة للاستخدام الآدمي ناهيك عن مياه الري. ونظراً لنضوب مياه الآبار وقلة الأمطار الساقطة أدى إلى موت المئات من حقول البن وخاصة في الأودية التي لم تحظ ببناء وإقامة السدود والحواجز».وأضاف: «من خلال زياراتنا الميدانية لكثير من مناطق يافع، فقد لوحظ موت أكثر من نصف عدد الأشجار في كثير من الأودية المنتشرة في مديريات يافع ومن تلك الأودية وادي الصعيد، حدق، سبيح، مرصع، شيوحة، شعب البارع، ظبة ذي ناخب، تلب، وهناك أودية مهددة بالانقراض إذا لم يتم الإسراع في وضع المعالجات والحلول لإنقاذها بإقامة السدود العملاقة، ومن تلك الأودية وادي حمومة ووادي معربان ووادي يهر.

وهناك أودية بأكملها انتهت أشجار البن فيها ولم تعد اليوم موجودة، ومن تلك الأودية وادي رصد وحذة و الزغرور والحنشي ومربان وأمها حُمة وكلسام ورخمة وظلمان وفلسان، فأصبحت هذه الحقول صحراوية تبعث الكآبة وتثير الحزن لما آلت إليه، حيث أصبحت أشجار البن مصدراً جيداً للوقود والأخشاب في يافع وإذا استمر الحال على ماهو عليه حالياً فإن هذه الشجرة ستصبح بعد 15 عاما أثرا بعد عين».

وعن الأسباب الأخرى التي أدت إلى تراجع وتدهور زراعة البن في يافع يقول: «هناك أسباب كثيرة أدت إلى تدهور هذا المحصول كهجرة السكان إلى المدن ودول المهجر مما تسبب ذلك في نقص الأيدي العاملة وقلة خبرة المزارعين الجدد بأسرار هذه الشجرة والاعتماد على عمل النساء في الحقول، ومن الأسباب أيضاً منافسة محصول القات لمحصول البن، لما يدره من عائد سريع بالإضافة إلى غياب دور الدولة وانجراف التربة وتملحها وضعف الخدمات الإرشادية وكبر سن الأشجار وعدم تجديد الحقول الزراعية».

وعن الآفات والأمراض التي تصيب شجرة البن رد قائلاً: «هناك آفات كثيرة ظهرت في المنطقة وزاد انتشارها بشكل مخيف فأصبحت ذات تأثير اقتصادي حالياً بعد أن كانت آفات ثانوية إلى وقت قريب، ويرجع السبب في تقديري إلى حدوث خلل في التوازن البيئي نتيجة لاستخدام المبيدات الحشرية بصورة عشوائية من قبل بعض المزارعين وبالذات أشجار القات، ومن هذه الآفات الدودة البيضاء وحفارات الساق وصانعة الأنفاق والأرضة والخارز (ثاقبة الثمار)».

وعن الجهود الرسمية التي تقدمها الدولة لدعم المزارعين لشجرة البن في يافع رد قائلاً: «لم تقدم الدولة والجهات المعنية أدنى مستويات الدعم للمزارع من أسمدة ووسائل ري ودفاعات لحماية الحقوق من الانجراف».

وأضاف: «كما أن الدولة لم توفر المتطلبات الداعمة لعملية التسويق، حيث يواجه المزارع في يافع صعوبة كبيرة في تسويق المحصول بسبب احتكار وتحكم السماسرة في أسعاره وبالتالي يظل البن منخفضا من تسبب هذا وذاك في إحباط المزارعين وهجرة الشباب القادرين على العمل للبحث عن مصدر دخل أقل جهداً وأكثر مردوداً ».

أما عن كيفية الدفاع والحفاظ على هذه الشجرة والعوامل المساعدة للنهوض بمحصول البن رد قائلاً: «أولاً لابد من التقليل من حدة الجفاف السائد من خلال بناء عدد من الحواجز والسدود العملاقة في عدد من الأودية الزراعية، وإقامة الكرفانات الصغيرة التي تعمل على حصد مياه الأمطار، وحفر عدد من الآبار في الأودية المتوقع وجود المياه فيها وعمل دراسة هيدروجيولوجية لمعرفة مخزون المنطقة من المياه الجوفية، واستخدام طرق الري الحديثة وتسهيل الحصول على المواد اللازمة لها ودعم المزارعين وتشجيعهم على استخدامها.

ثانياً: الإسراع في صيانة التربة والحفاظ عليها من خلال عمل الدفاعات للحقول التي جرفت أجزاء منها والمعرضة للانجراف، وتهذيب الأودية الزراعية وتنظيم مجاري المياه، والحفاظ على الغطاء النباتي من خلال منع التحطيب الجائر.

ثالثاً: لابد من تعزيز دور الإرشاد الزراعي في المنطقة من خلال رفد مكتب الزراعة بكوادر جديدة ومؤهلة تأهيلا صحيحا، ونشر الوعي الإرشادي بين المزارعين لزيادة معارفهم، وتنفيذ عدد من الدورات الإرشادية للمزارعين لزيادة ورفع قدراتهم وإكسابهم مهارات علمية وعملية جديدة».

وأكد «لايمكن الحفاظ على هذه الشجرة إلا من خلال تنفيذ المقترحات الآتية:

1- الإسراع في عمل مسح ميداني للمنطقة وإعداد دراسة كاملة عن الوضع المائي للمنطقة وذلك لسرعة إنقاذ البشر والشجر من العطش.

2- الإسراع في البحث عن تمويل مشروع تنمية متكاملة لإنقاذ هذه الشجرة من الانقراض وتطوير زراعتها وإعادة مجدها وإحداث نقلة تنموية وخلق نوع من الاستقرار النفسي والمعيشي لسكان المنطقة.

3- توجيه نداء عاجل للمنظمات الدولية والدول المانحة لمساعدة المنطقة وتقديم الدعم الفوري باعتبارها منطقة منكوبة، والوضع الراهن لشجرة البن في يافع في خطر».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى