د.عوبل : الفشل في التنمية يؤدي إلى حواف خطيرة وشعور الناس بالظلم وتراجع في الولاءات للدولة إلى ولاءات ما قبل الدولة

> صنعاء «الأيام» عبدالفتاح حيدرة:

>
في أول حلقة نقاشية ينظمها ملتقى التشاور الوطني المنبثق عن أحزاب اللقاء المشترك تداعى عدد من السياسيين والأكاديميين والنشطاء صباح أمس إلى ندوة نقاشية حول (أزمة النظام السياسي في اليمن) برئاسة رئيس اللجنة العليا للتشاور الوطني الشيخ حميد عبدالله الأحمر ونائبه الدكتور عيدروس نصر ناصر وبحضور الأمناء العامين لأحزاب اللقاء المشترك وعدد من الشخصيات الوطنية وأساتذة الجامعة وقادة الرأي وممثلين عن منظمات المجتمع المدني وأعضاء من مجلس النواب ورجال الصحافة والإعلام والمهتمين.

وفي بداية النقاش تحدث رئيس اللجنة العليا للتشاور الوطني الشيخ حميد عبدالله الأحمر معبرا عن إيمان لجنة التشاور بالشراكة الوطنية مع أبناء المجتمع لمناقشة مختلف القضايا الوطنية، مشددا على أهمية الحوار الوطني الشفاف والبعيد عن المشاريع الخاصة قائلا:«نؤمن في لجنة التشاور بأهمية الشراكة الوطنية مع جميع أبناء الوطن ونسعى لحوار وطني شفاف وبعيد عن المصالح الخاصة تشترك فيه مختلف شرائح المجتمع». واعترى الأحمر الأمل معبرا عن تطلعه إلى أن يتوصل الحوار الوطني على طريق التشاور الوطني لآليات يستطيع من خلالها الخروج بالوطن من أزماته، مشيرا بالقول إلى «أن الحوار ليس تهمة توجه لأحد وإنما هو دعوة مفتوحة للجميع للتعاون لما فيه الخير».

ومن جهته قال رئيس المجلس الأعلى للقاء المشترك سلطان حزام العتواني في ورقته المقدمة إن جذر أزمة النظام السياسي اليمني يكمن في أنه «نظام انتقل من حالة التعددية المقرة في دستور الوحدة إلى نظام تسلطي بعد حرب صيف 94 ثم إلى نظام شخصي لتمركز كل تفاصيله حول شخص الرئيس».

وأضاف العتواني:«لقد أنتج نظام التسلط والأحادية السياسية مجموعة من المظاهر المفزعة والمثيرة للغاية على الصعيد الوطني وفي مقدمتها استهلاك التجربة الديمقراطية والسعي بها نحو جعلها خياراً مستحيلاً على الصعيد الوطني، عاجزاً في الوقت نفسه عن خلق شروط وأدوات مناسبة من شأنها أن تحمي البلاد من التفكك السياسي والعرقي وأن توفر الأمن والتنمية للمواطني».

ومن مظاهر الأزمة في رأي العتواني ووثائق المشترك، غياب الدولة الوطنية المؤسسية وإلغاء الشراكة الوطنية وإضعاف الروابط الوطنية وتدمير النسيج الاجتماعي حسب قوله ويقول العتواني في توضيح غياب الدولة الوطنية:«إن السلطة عمدت إلى استبدال النظام السياسي بحشد عناصر المتسلطين يعملون خارج نظام الدولة المؤسسية ويعملون على إعاقة بنائها وأولى مهامهم حماية النظام الذي استبدل الشراكة الوطنية بمعايير من الولاءات المناطقية الجهوية يعتقد أنها ستكون حزام الأمن لهذا النظام وعلى غرار التقسيم المتخلف الذي ينتمي إلى العصور الوسطى وأقدم نظم الممالك المنقرضة، يجري الترويج لشراكة اليمنيين بالسلطة والثروة يكونها تعيينات لأشخاص يمثلون مناطقهم فيما مناطقهم تنكر في أفضل الحالات انتماءهم لها».

وأضاف:«إن السلطة باقية في الحكم بالأمر الواقع وبقوة السلاح والجيش والأمن والتزوير والمال العام، وليس بأصوات الشعب والناخبين».

مؤكدا أن على المشترك «أن ينتقل من إطار الممارسة والعمل السياسي وفق القواعد الدستورية والقانونية في حدها الأدنى إلى وضع آخر وتحديات جديدة تقتضي الدفاع عن النظام السياسي من ناحية والدفاع عن وسائل التغيير السلمي من ناحية أخرى».

وأوضح أن كل جهود تكتل المشترك لإلزام السلطة بمسئولياتها تجاه الدفاع عن النظام السياسي التعددي «يقابلها إصرار على مواصلة تدمير وظائف النظام السياسي ومكوناته».

وقال العتواني:«إن الأخطر في الأمر أن الطرف المنتج لأزمة النظام السياسي ينكر الأزمة بسلوكه المقامر وسيكولوجيته التي يمكن أن تؤدي في الأخير إلى انتحار المقامر نفسه وإن عجز أي نظام في الكون وهو نظام تسلطي عن إدراك المتغيرات والحلول تكون النتيجة انهيار النظام والدولة معا».

وأشار إلى أن انشغال نظام التسلط بما ليس سياسيا يسلم البلاد تدريجيا إلى أيدي من أسماهم «قلة من المنتفعين والمحسوبين الذين يقومون بتبديد ثروات البلاد وبصورة تنتج صعوبة البحث عن الحلول وتضع جدرانا عالية أمامها».

وخاطب العتواني في ختام ورقته الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والباحثين والسياسيين مؤكدا أن التعريف بأزمة النظام السياسي وتشخيصها «مسؤولية مجتمعية لاتقتصر على المشترك فقط».

وقال الأمين العام لحزب التجمع الوحدوي د. عبد الله عوبل في مداخلة له «إن مظاهر الأزمة السياسية الراهنة تتمثل بهشاشة البنية التحتية للدولة ووجود خلل في وظائف النظام وإن أي خلل في الوظائف لأي نظام اجتماعي يعود لطبيعة البناء الاجتماعي لهذا النظام»، مشيرا إلى سوء إدارة الموارد المادية والبشرية وما تمخض عن ذلك من أزمة، موضحا أن الفشل في التنمية «يؤدي إلى حواف خطيرة, وشعور الناس بالظلم, وتراجع في الولاءات للدولة إلى الولاءات لما قبل الدولة».

وتحدث د.عوبل حول سوء استخدام السلطة وتوزيعها وسوء توزيع الثروة, واحتكار الحكم بالقوة في أيادي قلة من المجتمع وقال:«إن العقل الإنساني وصل إلى حل لهذه الإشكاليات من خلال إيجاد الدولة الحديثة والمركبة».

من جانبه قال رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء د. محمد الظاهري: «إن الأزمة في اليمن أعمق من أزمة نظام سياسي فهي أزمة مركبة على مستوى النظام الحزبي والنظام السياسي والمجتمع والدولة واليمن تعيش أزمة مركبة ومعقدة تبدأ من ضعف الدولة، انتقالا إلى ضعف المجتمع والنظام السياسي وبالتالي ضعف الحاكم الذي اختزل الدولة والنظام السياسي. إن في اليمن نخبة حاكمة مشبعة بثقافة الغرور السياسي , ترى في نفسها قادة حزب وليست صانعة قرار فيما الأحزاب اليمنية الأخرى ومنها أحزاب اللقاء المشترك وجدت في بيئة طاردة للعمل الحزبي».

وقال مضيفا:«إن المعارضة اليمنية انتقلت من حالة قبول الوضع الراهن إلى محاولة تغييره» مطالبا إياها «بالتحول من الأداء السياسي واختزال وظائفه في الانتخابات إلى تفعيل وظائفها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية».

وتحدث في الحلقة النقاشية الباحث والناشط د. أحمد غالب الفقيه حول أزمة الاستحقاق الانتخابي والإصلاح السياسي مطالبا المشترك أن يفعل وظائفه الاجتماعية والخروج إلى الناس.

ثم أعقب ذلك عدد من المداخلات منها انتقاد المهندس عبدالله صعتر أداء السلطة القضائية غير المستقل وتفكيك السلطة للقوى السياسية وابتزازها للداخل والخارج بالورقة الأمنية، وقال:«عند نزول المشترك إلى الميدان تقف أمامه سلطة كبرى ترى أن كل شيء ملكها وأنك عميل ومتآمر».

أما نصر اللهبي فيرى حسب ما قال «أن المرض الرئيسي يتمثل بأننا لا نعرف بأي نظام نحكم و الغرب وأمريكا وراء الأزمات التي نعيشها سواء في اليمن أو في الوطن العربي».

فيما طالب د. فؤاد الصلاحي بتوسيع الاصطفاف الاجتماعي منتقدا تقوقع المشترك داخل قياداته ومقراته.

وطالب النائب فؤاد دحابة باعتماد الوثيقة التي تقدم بها الأخ سلطان العتواني ضمن وثائق التشاور الوطني.

وتطرق القيادي الاشتراكي يحيى الشامي إلى بروز شريحة خطيرة داخل نظام الحكم أسماها «زمرة الفساد»، مضيفا إلى تسميتها «وهي في الأصل البرجوازية الطفيلية التي هي على استعداد لتدمير المجتمع من أجل مصالحها».

وطالب النائب السابق حسين مطهر العنسي المشترك بإيجاد وسائل إعلام مرئية ومسموعة لتوصيل رسالته ومفاهيمه للناس لخلق وعي سياسي واجتماعي.

أما القيادي الاشتراكي محمد غالب أحمد فقال بنبرة عالية:«إن الأخطبوط الذي حكم الشمال وقتل وشرد يمد أذرعه إلى الجنوب وأخذ كل شيء وأن وحدة 22 مايو 90م ذبحت أصلا واليمن ممزقة نفسيا وعلى المشترك إعادتها».

أما سالم صالح هارون فقال:«إن الأزمة موجودة منذ اليوم الأول للوحدة بسبب اختلاف النظامين السياسيين حيث إن أمام الأزمة خيارين، إما إيجاد دولة نظام وقانون والالتزام بالوحدة والدستور وحرية الرأي أو تقرير المصير وإعادة تحقيق الوحدة والرجوع خطوة للخلف من أجل خطوتين للأمام».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى