ازدواجية السلطة في التعامل مع قضايا الحقوق وقضية السياسة

> هيثم الزامكي:

> هل تتطلب مسألة إعادة الحقوق لأصحابها قرارات سياسية؟ وبالمقابل هل يتطلب منع الحقوق عن أصحابها توجيهات سياسية؟ هل يقايض الحق المشروع الذي يقره القانون وتقره كافة مواثيق الملكية ومواثيق الأخلاق.

بثمن سياسي يجب دفعه مسبقاً، للحصول على سلعة الحق في سوق السياسة؟ أليس من المنطق فصل قضايا الحقوق الشخصية عن قضايا الحقوق السياسية؟

هذه التساؤلات منبعها ما نراه على أرض الواقع من سلوك الدولة تجاه مواطني المحافظات الجنوبية، وبالذات ما يتعلق بإجراءات التعويض التي تقوم بها الدولة والتي يشوبها الكثير من الغموض وعدم المصداقية والعدالة في عمل اللجان المشرفة عليها.

ففي الوقت الذي نسمع فيه من جهاز الإعلام الرسمي بمختلف أنواعه أن ما يحدث في الجنوب يندرج ضمن القضايا الحقوقية المطلبية، وأن السلطة تتعاطى بإيجابية مع ذلك الطرح.

نرى أن ما يحدث على أرض الواقع مخالف تماماً لهذا الادعاء، فمسألة إعادة الحقوق لأصحابها أصبحت مشروطة بمقابل سياسي، ويؤكد ذلك القول جملة من الشواهد الواقعية من أبرزها:

-1 إجراءات قطع رواتب الناشطين- في الحراك- الجنوبيين والتضييق المادي للمنخرطين فيه أو المتعاطين معه.

-2 منح التعويضات والمكافآت والتعيينات في المناصب العليا، لمن يبدون استعدادهم لتقديم ثمن سياسي سواء أكانوا أصحاب حق أم ممن ليس لهم حق وإنما يبحثون عن الفرص والمكسب من حالة الفوضى الحالية.

-3 استثناء الأفراد الذين يقولون كلمة الحق بشأن ما يحدث في الجنوب من أية تعويضات، رغم معرفة واقتناع السلطة بأن تلك حقوق شخصية لا ينبغي أن تدخل في ميدان المساومة والكسب السياسي.

من هنا نجد أن هناك ازدواجية واضحة في تعامل السلطة مع قضايا الحقوق وقضايا السياسة.

فهي من جهة تصر على أن قضايا المعتصمين قضايا حقوقية مطلبية، بينما تطالبهم في الوقت نفسه بتقديم مقابل سياسي للحصول على حقوقهم، ونحن نعتقد أن هذا خطأ كبير لا يدعم مسألة البحث عن حلول جذرية لما يحدث في الجنوب، بل على العكس، فتلك الوسيلة تزيد من حالة الاحتقان، في الوقت الذي تظن فيه السلطة أنها كسبت ولاء فرد أو مجموعة أفراد عن طريق التعويض غير العادل، يجب أن تعلم أنها قد أضافت إلى قائمة الطرف المقابل لها أعدادا مضاعفة من الأنصار، يفوقون بحجمهم وتأثيرهم حجم وتأثير الأفراد الذين تظن السلطة أنها كسبتهم.

وخلاصة القول: إن الطريق الأمثل لمعالجة قضايا الاحتقان الحاصل في المحافظات الجنوبية يبدأ من باب فصل القضايا الحقوقية عن القضايا السياسية، فصلا تاما وحقيقيا.

ويجب أن يفهم العقلاء ممن يصنعون القرار أو ينصحون صانعي القرار أن الإجراءات والأساليب التي اتبعت منذ انطلاق الحراك الجنوبي لم تفض إلى حل، لأنها لم تقم على فهم حقيقي لطبيعة ما حدث ويحدث، بقدر ما قامت على فهم ما تريده السلطة أن يحدث.

وقد آن الأوان أن يدرك أصحاب العقول الراجحة أن حقوق الناس أينما كانوا سواء في صف السلطة أو ضدها هي حق يجب إعطاؤهم إياه، من دون أية شروط أو مماطلة أو تحيز.. والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى