الأزمة المالية تزيد من التدقيق في الإنفاق الأمني

> لندن «الأيام» وليام ماكلين:

> ستدفع الأزمة المالية العالمية الدول الى توفير أمن داخلي أكثر كفاءة من حيث التكلفة ومن المحتمل أن تؤدي بالدول الى الحد من شراء المعدات الباهظة الثمن والإسراع من وتيرة اتجاه نحو مزيد من التعاون الدولي.

وستظل مكافحة الإرهاب أولوية مهمة لجميع الحكومات حيث إن الأمن ركيزة أساسية للثقة في الاقتصاد وقطاعات الأعمال التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات مثل السياحة والنقل تكون عادة هدفا للجماعات المسلحة. ويرى محللون أن الضغوط على الميزانيات ستجبر صناع السياسة بشكل متزايد على تحديد أوجه الإهدار والتساؤل بشأن شراء التكنولوجيا باهظة التكلفة وهو الاتجاه الذي تؤيده مخاوف في الغرب من أن المراقبة المفرطة تمثل خطرا على الحريات المدنية. وقال هنري كرامبتون المسؤول البارز السابق بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية «كثيرا ما يعتقد الناس أن هناك حاجة الى مراقبة منتشرة لكل ما يمكن أن يهدد سلامة المجتمع لكن الواقع أن الشبكات القائمة على الثقة بوسعها توفير معلومات المخابرات الفعالة اللازمة».

وقال رافاييل بيرل رئيس وحدة التحرك ضد الإرهاب بمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا:«يجب أن نسأل أنفسنا بكل جدية الى متى نستطيع الاستمرار في استنزاف اقتصاداتنا في محاولة غير مجدية لتأمين كل شخص وكل شيء في جميع الأوقات».

وأضاف:«حتى اذا كان هذا ممكنا وهو غير ممكن فإن الخطر المجتمعي الناجم عن القضاء على حقوق الإنسان والحريات المدنية بسبب الإجراءات الأمنية المفرطة حقيقي وفي تزايد وقد أسيء تقديره بشدة فيما يتعلق بتأثيراته السيئة».

ومنذ هجمات 11 سبتمبر أنفقت الحكومات في أنحاء العالم بسخاء على أنظمة الكشف بالأشعة في المطارات وعمليات التفتيش على الواردات وأنظمة استخراج البيانات والمراقبة الالكترونية لكل شيء من رسائل البريد الالكتروني الى غرف الدردشة على الانترنت وشوارع المدن والمكاتب.

وتم إنفاق مئات المليارات من الدولارات الإضافية على حربي العراق وأفغانستان حيث سعى تحالف تقوده الولايات المتحدة الى إخماد حركات التمرد واستئصال شأفة خلايا القاعدة.

لكن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن وهو مؤسسة بحثية قال في تقرير تحت عنوان (التوازن العسكري لعام 2009) وهو عبارة عن تقييم للقدرات العسكرية والاقتصادات الدفاعية على مستوى العالم إن «الإنفاق الدفاعي فيما يبدو متجه نحو الخضوع لتدقيق عن كثب» من قبل الحكومات المتأثرة بالركود.

وستكون تكاليف الحربين المستمرتين عنصرا ثقيلا جدا في الميزانية الأمريكية التي طرحها أمس الرئيس باراك اوباما الذي تعهد بمراجعة البرامج الدفاعية الكبرى.

ويرى بعض المراقبين أنه قد يتفق المثل القائل رب ضارة نافعة مع إعادة واشنطن وحلفائها النظر في سياستها الأمنية لأسباب تتعلق بالميزانية حيث ستؤدي الى العودة للاعتماد على الأدوات التقليدية مثل التعاون الدولي ودوريات الشرطة المترجلة.

وقال ديفيد كيلكولن وهو مستشار عسكري لحكومات غربية:«مزيد من التنظيم المالي ليس فكرة سيئة على الأرجح.

أعتقد أنه كان هناك الكثير من الإهدار». ويشير ساتيش نامبيار النائب السابق لرئيس أركان الجيش الهندي إن تقليد شرطي الحي في تراجع بالهند، وأضاف «هذا عائق كبير جدا.ليس هناك أفضل من الرجل على الأرض ليخبرك بما يجري».

وصرح كرامبتون لرويترز بأن المسؤولين الأمريكيين لديهم تفضيل ثقافي «لأنظمة الدفاع الباهظة الثمن عالية التقنية» التي ترضي الأطراف صاحبة المصلحة القوية السياسية والتجارية.

وأضاف «لكن اذا نظرت الى أكثر حملات مكافحة الإرهاب التي قمنا بشنها فعالية (تجد أنها) في الحقيقة هي تفهم الناس ودمجهم». وأشار الى أنه تم إنفاق مليارات الدولارات على مكافحة القنابل التي توضع على جانب الطرق في العراق.

وفي نهاية المطاف جاء التقدم من مصدر مختلف هو «تطوير شبكات مخابرات موثوق بها مع العشائر». وذكرت دراسة قام بها خبراء اقتصاديون أمريكيون نشرت في مارس 2008 أن معظم الإنفاق الحالي على مكافحة الإرهاب غير فعال وأن من الأفضل إنفاق المال على تعزيز التعاون الشرطي الدولي وزيادة المساعدات للدول النامية.

وأشار التقرير الى أن الإنفاق العالمي على الأمن الداخلي ارتفع بنسبة نحو 70 مليار دولار في العام منذ هجمات 11 سبتمبر.

وقال المحلل السياسي الدنمركي بيورن لومبورج الذي قام بإجازة التقرير لرويترز هذا الأسبوع إن الأزمة المالية العالمية التي تزامنت مع قدوم إدارة أمريكية جديدة بتفكير جديد تعني أن من المرجح القيام بمراجعة للاستراتيجية. وتابع أن التغيير سيأتي لكن ببطء بسبب أوقات الإعداد الطويلة التي تستغرقها ميزانيات التدبير الأمني لكنه أشار الى أن هناك الآن انفتاحا بين صناع السياسة على الأفكار الجديدة.

وأضاف «الناس يدركون الآن أن الأموال قليلة». ومن بين الإصلاحات المحتملة الأخرى مزيد من التشارك الدولي في عملية جمع البيانات الخاصة بالجماعات المسلحة وهي الفكرة التي طرحها رئيس المخابرات العسكرية الصينية السابق في مؤتمر لمعهد الشرق والغرب للأمن الأسبوع الماضي.

وقال الميجر جنرال هوانج بايفو أمام مؤتمر في بروكسل إن دفعة لتعظيم تبادل معلومات المخابرات بين الدول المشاركة ساعدت في إقامة دورة أولمبية صيفية آمنة عام 2008 في بكين.

وأضاف هوانج الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس المعهد الصيني للدراسات الاستراتيجية الدولية «أود تأكيد التعاون والتنسيق بين وكالات المخابرات في مكافحة الإرهاب.يجب أن نتشارك في المعلومات بشكل كامل».

ويريد بيرل من منظمة الأمن والتعاون أن يتم تركيز الإنفاق التقليدي على مكافحة الإرهاب في الأساس على الحماية من الهجمات التي تؤدي الى كوارث وتنطوي على استخدام أسلحة دمار شامل.

ويقول إنه بالنسبة للباقين يجب أن تكون العودة الى الدبلوماسية التقليدية أولوية أساسية خاصة تمويل زيارات متبادلة بين ضباط هيئات تنفيذ القانون تمكنهم من بناء علاقات قابلة للاستمرار مع نظرائهم خارج أوطانهم.

وأضاف:«قول إن من الضروري كسب القلوب والعقول عبارة نمطية لأن تنفيذ هذا كان سيئا فيما مضى.

إذا كنا نريد التخفيف من حدة الإرهاب فيجب أن نسعى الى فهمه» رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى