أحمد المرقشي .. وزمن القهر .. ونفاد الصبر

> حسن محمد زين:

> من منا لايتذكر ذلك اليوم الأسود 12 فبراير 2008م عندما تعرض الأستاذان القديران هشام وتمام باشراحيل ومكتب صحيفة «الأيام» الغراء في صنعاء لمحاولة اقتحام المنزل ومبنى مؤسسة «الأيام» والاستيلاء عليه عنوة.

من قبل مجموعة مدججة بالسلاح وكان على هذه المجموعة أن تلجأ للقضاء بدلا من الاقتحام وترويع النساء والأطفال وحدث ماحدث !!

حينها ظل الأستاذ هشام باشراحيل محاصرا في منزله بصنعاء لأكثر من أربعين يوما على إثر تلك الحادثة واعتقال حارس المبنى، وعلى إثر ذلك توالت الاحتجاجات والاعتصامات تضامنا مع صحيفة «الأيام».

تم إحالة القضية إلى القضاء للفصل فيها، لكن ما أثار انتباهنا بل دهشتنا واستغرابنا تلك المقالة المنشورة في صحيفة «الأيام» العدد رقم 5737 بتاريخ 13 فبراير 2009م والموسومة بعنوان (عامان من الظلم والعدوان والنيابة في خبر كان والمرقشي خلف القضبان).

فالمرقشي يقبع خلف قضبان السجن المركزي بصنعاء ظلما وعدوانا بتهمة القتل كما ذكرت النيابة في صحيفة الاتهام، وبالمقابل لم تقدم النيابة الجناة المعتدين (من أفراد المجموعة المسلحة) الذين اعتدوا في وضح النهار ولأكثر من ثلاث مرات في اليوم نفسه، وتم إبلاغ جهات الاختصاص حينها، وقبل وقوع الحادثة.

هذا ماتم إيضاحه في المقالة، أضف إلى ذلك أن المحكمة طلبت من النيابة العامة إحضار قائد المجموعة المسلحة المهاجمة، ولم يتم إحضاره في الجلسات الماضية .

أجل! كيف نفهم ذلك التصرف؟! فقائد المجموعة المسلحة وأفرادها يسرحون ويمرحون خارج السجن ولم يتم إحضارهم حسب طلب المحكمة ومعاملتهم كمتهمين، والنيابة لاتنفذ طلب المحكمة . (فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته) ولم نجد تفسيرا واضحا لعدم مثول قائد المجموعة أمام القضاء ! وهنا طبق القانون على المرقشي ولم يطبق على الخصوم الآخرين.

مر عام على وقوع الحادثة والمواطن المرقشي يقبع خلف قضبان السجن المركزي وبعد أن اشتد عليه الظلم والإهانة ويعيش معاناته في داخله ويختزن من الألم الممزوج بالصبر الكثير .

لقد بلغ السيل الزبى وضاق الحال وأصبح المرقشي يعيش في كواليس الحياة المظلمة يتجرع من صنوف مرارة الدهر القاسي، وهذه القضية مازالت ماثلة أمامنا، وهي تكشف بوضوح دور العناصر المتنفذة وممارسة الضغوطات التي من شأنها حرف القضية عن مسارها القانوني. هناك حاجة ملحة لوقف عملية الامتهان والإذلال والتعسف والقهر الذي عشناه وشهدناه في جوانب متعددة من حياتنا، وكل غشاش أو مغتصب لحق يجب أن نردعه، وكل مظلوم لابد أن ينتصر وينال حقه .

ليس ما نقوله نسيجا من الخيال أو المزايدة، ولكن ستجدون من بين هؤلاء البشر من يقدم الدلائل والبراهين على افتراء وكذب، وسخرية العناصر المتنفذة التي تظن أنها في قلعة الزعامة والشطارة، والآخرين في كوخ الذل والاستكانة، وهذا يحتم على الأجهزة القضائية والأمنية أن تعمل على إرساء النظم والقوانين وحمايتها، لذا لابد من عودة الأمور إلى نصابها، وأن يتم التعامل مع الجميع وفق القوانين التشريعية دونما استثناء أو تحيز !!

ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه دائما: ماذا عن تطبيق القوانين والنظم إذ إن هناك فرقا بين التشريع والتطبيق؟! إن الإجابة الصريحة عن هذا السؤال هي الفيصل في تبيان مدى نجاحنا في خلق دولة المؤسسات والقانون، فعلى الورق تبدو الأمور على مايرام، ولكن قد يكون في معرفة مايطبق على أرض الواقع ألم كبير، وإحباط لطموحات كثير من المتفائلين .

الصدق نقول لكم ياولاة أمورنا : لاتبنى الدول إلا بالعدل، والعدل أساس الملك .. والمساواة طريق العطاء. فالتصرف الذي يقوم على مبادئ العدل يبقى راسخ البنيان لاتهدده الأزمات ولا الفتن، ذلك أن ممارسة التفرقة والتمييز قد تجاوزها الزمن، بعد أن استنفدت أغراضها، وبعد أن عانينا من أهوالها ماعانينا، فالواجب يقتضي علاجا شافيا لمثل هذه المظالم والتجاوزات .

أيستحق المظلوم المرقشي أن تسرق منه ومن أبنائه السعادة، ويُحرم أطفاله من العيش الكريم، بسبب وضعه المأساوي، وهل يبقى المرقشي على ماهو عليه؟! معتدى عليه!.. قلقا مما يحدث، وفي الزنازن والمعتقلات تسرق حقوق الأفراد، وتتعدد وسائل تدمير الإنسان من دون وجه حق قانوني.. ولايسعنا هنا إلا أن نعبر بأسى وحزن شديدين عما آلت إليه أوضاع المرقشي.

ثق أيها المظلوم المرقشي وكن على يقين أن ربنا أرحم ونبينا أرأف وديننا أنقى وأطهر وأجل وأعلى وأسمى من أن يسمح بشيء من هذه المظالم أو يبقي عليها !

إننا لانملك إزاء هذا كله إلا أن نوجه الكلمة الصادقة والمخلصة إلى الجهات المسؤولة، خاصة في المحكمة والنيابة بأن تقوم بواجبها وإيصال المطلوبين جميعا وليس المرقشي وحده، حماية للإنسانية وقيمها السامية النبيلة.. ويجب أن يدرك هؤلاء أن الظلم والقهر وضياع الحقوق مهما كبر فمآله الحتمي إلى الزوال.

والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى