كــركــر جــمــل

> عبده حسين أحمد:

> قال لي أحد أقارب الأطباء الذين تخرجوا في كلية الطب قبل خمسة أعوام تقريباً .. وتوزعوا كأحجار الشطرنج في المستشفيات والعيادات الحكومية.. بأن أكثرهم بدون درجة وظيفية وبلا مرتبات رسمية.

وأنهم يعملون فيها كمتطوعين.. ويابخت من يحصل منهم على مكافأة ضئيلة لاتفي بأجرة المواصلات .. ومعنى ذلك أن كل طبيب عام بدأ يمارس مهنته في معاينة المرضى .. يكشف ويفحص ويضع يده على الداء ثم يصف الدواء للمريض مجاناً وبدون مقابل .. فهو لاينتظر من المريض المسكين شيئاً.. ولكنه ينتظر أن يجيء إليه راتبه الشهري من وزارة الصحة .. ولكن ذلك لم يحدث أكثر من خمسة أعوام ..أي أن هؤلاء الأطباء الساخطين يعملون في المستشفيات بدون مرتبات أي ببلاش.. فلا وزارة الصحة دفعت ولا وزارة الخدمة المدنية اهتمت ولا وزارة المالية صرفت ريالاً واحداً .

> ولا أحد يعرف من هؤلاء الأطباء الساخطين - الجدد والقدامى - إذا كان قد أصبح موظفاً رسمياً في وزارة الصحة.. ولايدري إذا كان له مرتب شهري في كشوفات مرتبات الأطباء لدى وزارة الصحة .. الذي يفهمه فقط أنه يشتغل طبيباً بلا فلوس على طريقة نظام (السخرة).. هناك شغل .. نعم .. ولكن بدون زلط.. وهذا هو قدر هؤلاء الأطباء الساخطين الذين يعملون من يوم تخرجهم في كلية الطب.. وأنت صدق أو لا تصدق .. فهي ليست نكتة بايخة.

>المهم ماهو الغرض من بناء المدارس والكليات الجامعية؟.. وماهو الهدف من تعليم أبنائنا وبناتنا فيها؟.. إذا كانوا يتخرجون فيها أطباء ومهندسين ومعلمين ورجال شريعة وقانون وغير ذلك .. ثم تلفظهم هذه الكليات الجامعية إلى الشارع.. بعد أن فشلوا في الحصول على وظيفة في إطار دراستهم وتخصصهم .. وإذا حصلوا عليها وجدوا أنفسهم يعملون بدون مرتبات شهرية.. وبذلك يصبحون مواطنين سلبيين ومسلوبي الحقوق .. ومع أنهم درسوا في الجامعة فيما درسوه معنى الحق والدفاع عنه والموت من أجله .. وإذا كانت الدولة لاتستطيع أن توفر لهم اللقمة النظيفة والحياة المعيشية الشريفة .

> ثم من الذي يستطيع أن يقول لنا أي شيء عن حالة الطبيب النفسية الذي يشعر أن يعمل مجاناً بدون راتب شهري أو علاوات إضافية ؟.. ثم كيف يواجه أسرته ؟ .. وماذا يقول لأبيه وأمه وإخوته الذين كانوا يرون فيه المنقذ لحالة البؤس والشقاء التي يحيونها ..وأنه الأمل الوحيد الذي انتظروه طويلاً ليرفع عنهم البلاء والنكد والبهذلة في هذه الحياة .

> ومع ذلك نعرف أن خطأ الطبيب معناه الموت .. أي أن الطبيب إذا أخطأ في التشخيص والعلاج فهذا معناه وفاة المريض .. ومن حق الدولة أن تحاسب الطبيب وتعاقبه على الذي حدث .. وهذا شيء طبيعي .. ولكن من الذي يحاسب الدولة إذا هي حكمت على الطبيب بالموت جوعاً هو وأسرته عندما لاتدفع له مايستحقه من أجر نهاية كل شهر؟

> أعرف أحد هؤلاء الأطباء الساخطين .. كلما أسأل والده .. يقول لي: في الشغل .. أي في المستشفى بدون راتب من العام الماضي.. ولن أستغرب بعد ذلك إذا كتب هذا الطبيب (روشتة) وطلب إلى المريض أن يبتلعها مع قليل من الماء..!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى