باشراحيل رئيس جمعية الوحدة العربية بسنغافورة:كارثة السيول أحيت روح الارتباط بالوطن الأم (حضرموت) والسنغافوريون الحضارم على علاقة وطيدة بالأعراق الأخرى

> «الأيام» علوي بن سميط

>
من اليمين خالد صالح باشراحيل و علوي محمد عيديد و د. حسين زين الحداد
من اليمين خالد صالح باشراحيل و علوي محمد عيديد و د. حسين زين الحداد
العرب في شرق آسيا وأرخبيل الملايو معظمهم تعود أصولهم إلى حضرموت عندما هاجر الأوائل قبل أكثر من سبعة قرون إلى هناك أو تزيد، وأضحوا اليوم سكاناً لتلك المناطق، بل إن تأثيراتهم واضحة ولم تعد بالنسبة لهم تلك المهاجر مناطق شتات، بل أوطاناً أنشأوها من الوطن الأم.

من أندونيسيا إلى ماليزيا إلى سنغافورة إلى الهند وحتى تيمور والفلبين وتايلاند، ومن الأفراد والعائلات التي هاجرت بأعداد قليلة أضحى الأبناء عائلات مؤثرة في الحياة الآسيوية، ولاتكاد تخلو عائلة في حضرموت من صلات القرابة والدم مع سكان شرقي آسيا، وعلى رغم بعد المسافة، إلا أن وشائج الارتباط تتعزز..خلال الأيام الماضية وصل إلى حيث (النبع الأصلي) شخصيتان من حضارم سنغافورة هما السيدان/ خالد صالح باشراحيل، رئيس جمعية الوحدة العربية بسنغافورة، وعلوي محمد عيديد، أحد نشطاء الجمعية ورجل أعمال لزيارة الجذور والأقارب، ولمعرفة ما قدم في نوفمبر الماضي من معونات سنغافورية لمتضرري السيول بوادي حضرموت.

وبعد لقاء أخوي مع العديد من الجهات المسؤولة التقينا الأخوين باشراحيل رئيس الجمعية التي تأسست أوائل القرن الماضي، وعيديد الذي تأتي زيارته هذه المرة الثانية منذ أن كانت الأولى قبل عامين، ونود في «الأيام» أن نتقدم بالشكر والتقدير للأخ د.عادل باحميد، أستاذ بكلية التربية بجامعة حضرموت - سيئون- الذي تعاون في الترجمة الفورية، فكما هو يجيد الإنجليزية فهو يتحدث أيضاً لغة الملايو.. سألنا السيد خالد صالح باشراحيل في البداية:

> لم تهدف زيارتكم هذه؟

> نحن من سنغافورة جئنا وهذه زيارتنا الثانية تكملة لزيارة سابقة إلى الوطن الأم حضرموت، والأولى كانت في نوفمبر الماضي وفي الأساس جئنا المرة السابقة لمساعدة ومواساة إخواننا وأهلنا هنا بعد سماعنا لكارثة السيول التي حصلت والتي أثرت علينا في سنغافورة.

وكنا نتفاعل تفاعلا كاملا مع كل مايجري في حضرموت، وبدأنا العمل بعد ذلك بين تجمعات السنغافوريين والمسلمين هناك، وتجمعت الجهود لمساعدة أهلنا، بل ومساعدات من جمعيات سنغافورية مختلفة، منها منظمة (مرسي ريليف) التي تفاعلت معنا بشكل كبير، وكذا وزارة الخارجية السنغافورية. وجئنا في الزيارة الأولى إلى حضرموت وآثار الكارثة قائمة، وتلمسنا الاحتياجات والمستلزمات الضرورية وركزنا بالمساعدات على الجانب الطبي.

> بالفعل وصلت المساعدات هل لقيتم صعوبة أو شيء من هذا القبيل؟

> كما قلت وصلنا المرة الأولى لتقصي الأمور المطلوبة وجاء ثمانية أطباء اختصاصيين سنغافوريين وبدأوا العمل على إعطاء العلاجات ومعاينة أهالي حضرموت، وكذا تنظيم زيارات ميدانية في المناطق المنكوبة، وتلمسوا أحوال الناس.. وكل هذا مدعوم منا كـ(جمعية وحدة عربية، والسنغافوريين من ذي الجذور الحضرمية) وبالتنسيق مع المتخصصين والمسؤولين هنا في السلطات المحلية بالوادي الذين سهلوا لنا كل المسائل، منهم الإخوة أحمد الجنيد وكيل المحافظ ، والدكتور حسين الحداد، وكذا لم تكن هناك صعوبة والحمدلله أن (10) طلاب سنغافوريين يدرسون بتريم ساعدوا كثيراً بالترجمة- لأنهم يجيدون العربية- بين الأطباء السنغافوريين والمواطنين هنا.

> ولكن تحديداً ماسبب هذه الزيارة؟

> كما قلت امتدادا للأولى والتي رتبنا فيها كل مسائل الدعم وبالتنسيق مع السلطات وبمساعدة منظمات سنغافورة بتنسيق من الأخ حلمي بن طالب سفير سنغافورة غير المقيم في اليمن.. هذه المرة لمعرفة إلى أي مدى أصبحت حياة الناس المتضررين بوادي حضرموت، ولمعرفة هل عادت حياة الناس المتضررين إلى طبيعتها.

> كم أعداد السنغافوريين الحضارم تقديراً، وهل يتبؤون مناصب في الحياة العامة هناك؟

> تقديراً من 10 آلاف إلى 15 آلاف التي تعود جذورهم إلى حضرموت، وبالتأكيد وصل عدد منهم إلى مراتب في حكومة سنغافورة، وفي التجارة كثيرون وأعضاء في البرلمان السنغافوري، كما أن مفتي العرب في سنغافورة هو السيد عيسى بن سميط.

> هل الارتباط بين حضارمة سنغافورة بالموطن الأصلي الذي ينحذرون إليه قوي وفيم يتمثل؟

> الارتباط قوي من قبل الحضارم في سنغافورة، بدليل أن كثيرا من حضارمة سنغافورة الآن يجيدون اللغة العربية ويتحدثونها بطلاقة وبشكل يومي. الارتباط بجذورنا الحضرمية ازداد عمقاً بعد كارثة السيول، ربما جاءت هذه المصيبة ضارة نافعة، لقد جمعتنا وزادتنا التصاقاً بأهلنا والحنين لمصابهم، وأحيت في قلوب السنغافوريين روح الأخوة وحب المساعدة، وأثارت في كل سنغافوري المحبة والتعاون، والجميع أبدى استعداده فأرسلت المعونات والبعثات الطبية.

هذه الكارثة خلقت إدراكا ووعيا عاما لدينا هناك أن حضرموت هي البلد الأم وعلينا الإسراع بإغاثتها ومساعدتها حسب الاستطاعة.. الارتباط ينمو وقوي ومستمر، وإن كان الجيل الجديد الآن انشغل ببعض الأمور الخاصة به هناك، ولكن الكثير لديه أقارب هنا إخوة، أخوات، أخوال، خالات، عمات، أعمام، لدينا جميعاً أسرة بحضرموت.. أشياء كثيرة تنمي الارتباط بالوطن الأم، فجمعية الوحدة العربية تحافظ وتهتم بالثقافة والهوية والتقاليد والارتباط بالجذور والانتماء الإسلامي والعربي.

> بماذا تصفون علاقتكم بالأعراق السنغافورية الأخرى؟

> علاقتنا بالأعراق الأخرى مثل الصينيين أو الهنود ممتازة جداً.. نحن نعيش في وطن واحد اسمه سنغافورة، ليس لدينا أية مشاكل بل علاقات متميزة جداً. فالمجتمع هناك لا ينظر إلى مسائل تثير الابتعاد بين الأعراق.

وسأعطيك مثالاً: فنحن عندما بدأنا العمل كجمعية بالتعريف لما حصل من كوارث بحضرموت، وعند جمع التبرعات كان التفاعل أيضاً من غير المسلمين السنغافوريين، وأحب أن أخبركم أن ربع المبالغ التي جمعت كتبرعات لمساعدة الحضارم تبرع بها أناس سنغافوريون ليسوا مسلمين! إنهم من أعراق أخرى، لأن علاقتنا بهم ممتازة جداً جداً.

علاقتنا بالمجلس الإسلامي هناك والمنظمات السنغافورية الأخرى وطيدة، الكل يتعاون وعندما بدأنا تنظيم حملة الإغاثة وجمع التبرعات، قمنا أولاً باستخراج رخصة رسمية من حكومة سنغافورة، وبالتعاون مع المجلس الإسلامي، وتمكنا من التنسيق مع خطباء المساجد في الجمعة الذين ساعدونا كثيراً وتحدثوا كثيراً عما حل بالمتضررين في حضرموت.

> بصفتكم رئيس جمعية الوحدة العربية في سنغافورة هل سنرى- أيضاً- عملاً فعلياً آخرا نحو تشجيع الاستثمار للحضارم بسنغافورة هنا بالوطن؟

> كما تعلمون أننا في الجمعية نعمل على تشجيع تلاحم الإخوة العرب وبما فيهم الحضارم هناك، والحفاظ على ثقافتهم ولغتهم وتقاليدهم والوعي العام لدى الحضارم السنغافوريين قد يشجع على الخطوات نحو الاستثمار، خصوصاً وأن المسؤولين هنا في اليمن يرحبون بنا دائماً، وكذا المسؤولين المحليين بوادي حضرموت وعلى رأسهم السيد أحمد الجنيد مرحبين بنا دوماً.

آباؤنا دائماً يحدثوننا عن حضرموت

الحديث ذو شجون مع هؤلاء القادمين والذين قطعوا آلاف الكيلو مترات ولدوا هناك، إلا أن شيئاً يجذبهم نحو الأصل وشغف بالجذور، ولعل الحضارم عندما يهاجرون يتركون جناحاً في الوطن ويسافرون بآخر! ومن هنا فإن العودة للديار ولو بعد عشرات السنين ديدنهم..

أثناء الحديث مع الأخوين باشراحيل وعيديد أكدنا لهم أن أبناء حضرموت الأوائل يؤكدون هذا النحو، وقلت لهما: إن باشراحيل السنغافوري الحضرمي تحادثه صحيفة مستقلة تمتلكها عائلة باشراحيل الحضرمية العدنية، وأن من يجري الحوار معهم هو بن سميط من شبام حضرموت، كما أن بن سميط السنغافوري الحضرمي تعود جذوره إلى تريم حضرموت، وأن باشراحيل حسين صالح، مدير عام المغتربين بوادي حضرموت الذي رافقكما خلال زيارتكم للوادي من آل باشراحيل شبام حضرموت، كما أن الوكيل الجنيد له عائلات كثيرة تعود أصولها إلى حضرموت، وهكذا فإن عائلات آسيوية فروع وأصول.. وهنا أذكر أن د.حسين الحداد- وعقب الانتهاء من الحديث معهم- قال: «لعل أهم رابط هو أن اسم العائلة الذي ظل يحتفظ به أجيال من مئات السنين من الحضارم في آسيا هو سبب مهم في جعل الارتباط أقوى فمثلاً: باشراحيل وعيديد، وهكذا يسألون ويبحثون عن أصلهم، ومن أين، وتأريخهم ومن أين قدم أجدادهم»، وأجاب خالد باشراحيل: «بالتأكيد نعم.. فاسم العائلة نحتفظ به في المهاجر التي هاجر إليها أجدادنا، وكونوا عائلات وفروع هناك». على الرغم من الوقت الذي يداهمنا مساءً والأخوين يجهزان لسفرهما إلى صنعاء (يوم الأحد ) أجرينا اللقاء معهم السبت الماضي استدركت فسألتهما: كيف كان شعورهما وهما يزوران أقاربهما هنا؟.. وهل يعرفان كيف تواجدت عائلتاهما شخصياً في تلك البلاد (سنغافورة)؟

قال علوي عيديد: «جدي الثالث- أي جد والدي- هاجر من تريم إلى أندونيسيا أولاً، وجدي من مواليد أندونيسيا ثم توجه إلى ماليزيا، وأبي من ماليزيا وذهب إلى سنغافورة، فأنا الآن من سنغافورة.

وعموماً فإن جدي عربي من حضرموت وأنا بمثابة الجيل الرابع جذوري حضرمية وزرت الوطن الأم قبل عامين، واليوم هذه المرة زرت أقاربي بالطبع ومنهم عمتي أخت أبي وهي في سيئون ومتزوجة من السيد علوي الحبشي، وزرت أيضاً أقاربي من العائلة في تريم التي هاجر جدي الثالث منها.

توطدت رابطتي بأرض الجذور حضرموت منذ الصغر، فأبي يخبرنا بمواضيع فيها ماهو عن أصلنا الحضرمي، وكيف هاجر الأجداد وقصص تتداول دائماً ويومياً في أحاديثنا بالمنزل، وهكذا يفعل الحضارم يحكون عبر الأجيال للأجيال المتتالية عن أصولهم مهما أندمجوا في المجتمعات والتي أصبحوا مواطنين فيها بل وأصلها».

كما يقول خالد باشراحيل: «زرت أقاربي من عائلة آل باشراحيل في مدينة الحوطة بمديرية شبام وعلاقتنا قوية والتقيت بهم وتحادثنا، وكان لقاء رائعا جداً وأشعر بالسعادة والفخر والاعتزاز بهم، وأحمد الله أنني استطعت رؤيتهم بعد زمن طويل طويل.

جدي من حضرموت ووالدي ولد بسنغافورة وأنا كذلك، ويومياً منذ الصغر نسمع من الوالد عن البلد التي تعتبر الوطن الأول للأجداد، والحقيقة مشاعر لايمكن أن نصفها إلا بسعادة غامرة».

د. الحداد: البعثة السنغافورية غطت كل المناطق المتضررة

د. حسين زين الحداد يؤكد لـ«الأيام» بعد سؤالنا له عن مستوى العمل الإغاثي الطبي الذي قدمته بعثة سنغافورة في نوفمبر الماضي، فأجاب مشكوراً بشهادته كمسؤول ومدير لفرع وزارة الصحة بوادي حضرموت والصحراء بقوله:

«البعثة السنغافورية امتازت كثيراً عن غيرها فهي قادمة من أبعد منطقة في العالم خلال شهر نوفمبر، ثم إنها متطوعة.. أي أطباء لبوا دعوة الجمعية العربية السنغافورية امتازت بدقة في تنفيذ مهامها الإنسانية، كما أن السنغافوريين قاموا بتوزيع مساعداتهم بأنفسهم، والبعثة عموماً أنفقت على نفسها وقدمت العلاجات وغطوا مديريات سيئون، ساه، القطن، شبام، تريم، والسوم».

والحقيقة أننا في «الأيام» نؤكد عاطفة البعثة السنغافورية حينذاك التي رفعت شعار حملة إغاثتها (من قلوبنا) وأتذكر متابعاتنا وتغطاياتنا الصحفية عن أنشطتهم والتقيناهم وهم يعملون بمنطقة مشطة..

ودعنا باشراحيل وعيديد اللذين سوف يطيران بجناحهما السنغافوري بعد زيارة للاطمئنان على جناحهما الحضرمي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى