إصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير

> عواصم «الأيام» وكالات:

>
مواطنون سودانيون يحملون صور البشير في تظاهرة احتجاجا على مذكرة التوقيف في الخرطوم أمس
مواطنون سودانيون يحملون صور البشير في تظاهرة احتجاجا على مذكرة التوقيف في الخرطوم أمس
أعلنت الحكومة السودانية أمس الأربعاء رفضها التام لقرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.

وقالت المحكمة انها لم تجد أسانيد كافية لتضمين قرار الاتهام بحق الرئيس السوداني تهمة الابادة الجماعية لكنها وجهت الى البشير سبعة اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية .

وقالت المتحدثة باسم المحكمة لورانس بليرون في مؤتمر صحفي «الصفة الرسمية لعمر البشير كرئيس دولة في الحكم لا تمنع مسؤوليته الجنائية ولا تمنحه حصانة من المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية». وقال لويس مورينو أوكامبو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ان «ضحايا (البشير) هم المدنيون الذين يفترض ان يتولى حمايتهم بصفته الرئيس»، مضيفا ان حكومة السودان ملتزمة بتنفيذ أمر الاعتقال.

وأضاف ان «الامر قد يحتاج الى شهرين أو عامين لكنه سيواجه العدالة».

ويتهم مورينو أوكامبو البشير بأنه الرأس المدبر لحملة إبادة جماعية في دارفور بغرب السودان بداية من عام 2003 .

وقال أوكامبو «إن 35 ألف شخص قتلوا على الفور في حين لقي مئة ألف على الأقل حتفهم نتيجة للجوع والمرض».

وقالت المحكمة «ان قرارها الذي أصدرته اليوم (أمس) الاربعاء بعدم تضمين تهمة الابادة الجماعية يمكن ان يتغير اذا تجمعت أدلة اضافية لدى الادعاء وطلبت ادخال تعديل على أمر الاعتقال».

وأقر مورينو اوكامبو بأنه ستكون هناك حاجة ماسة لمساعدة أكثر من مئة دولة تدعم المحكمة لكي ينفذ الأمر بعد صدوره.

وقال مسؤولو اغاثة انه بعد ساعات من صدور قرار المحكمة ألغى السودان تراخيص ست وكالات إغاثة أجنبية على الأقل دون أن يذكر سبب الإلغاء.

وقال أحد مسؤولي الاغاثة «هذا خطير جدا، سيكون له تأثير شديد على العمل الانساني في دارفور». وتصاعد التوتر ايضا في دارفور، حيث قال مسؤولون بالامم المتحدة «ان مئات من جنود القوات الحكومية قاموا باستعراض للقوة في أنحاء مدينة الفاشر عاصمة الاقليم».

وبعد صدور القرار اعلنت حركة العدل والمساواة كبرى حركات التمرد في دارفور التي وقعت اتفاقا مع الخرطوم، انه لم يعد من الممكن التفاوض مع الحكومة السودانية بعد صدور مذكرة التوقيف في حق الرئيس عمر البشير.

وقال سكرتير الشؤون السياسية في الحركة أحمد تقد لسان لوكالة «فرانس برس» «لا اعتقد انه سيكون من الممكن اخلاقيا ان نتفاوض مع شخص ارتكب جرائم في دارفور وفقد شرعيته». واضاف «الحقيقة ان الحكومة السودانية ليس لديها القوة لتحقيق السلام والاستقرار في دارفور».

ومن جهتها رحبت منظمة «هيومان رايتس ووتش» ومقرها نيويورك أمس الاربعاء بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني وقالت المنظمة المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان «إن قرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بتوجيه سبع اتهامات بحق البشير لارتكابه جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب يشير إلى ان حتى هؤلاء الذي يتولون أعلى المناصب ليسوا بمنأى عن المحاسبة حول (ارتكابهم) عمليات قتل جماعية واغتصاب وتعذيب».

معارضون للنظام يتظاهرون أمام السفارة السودانية بلندن حاملين لافتات تؤيد محاكمة الرئيس البشير أمس
معارضون للنظام يتظاهرون أمام السفارة السودانية بلندن حاملين لافتات تؤيد محاكمة الرئيس البشير أمس
وقال مدير برنامج العدل الدولي في «هيومن رايتس ووتش» ريتشارد ديكر في بيان «حتى الرؤساء ليسوا محصنين ضد المحاسبة جراء اقتراف الجرائم المروعة».

وقال روبرت وود المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية خلال زيارة تقوم بها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون للقدس «تعتقد الولايات المتحدة أن من ارتكبوا أعمالا وحشية يجب أن يمثلوا أمام العدالة».

كما دعت الولايات المتحدة كل الاطراف في السودان وبينهم الحكومة السودانية الى ضبط النفس.

وأضاف الناطق باسم الخارجية «يجب تجنب اعمال عنف اضافية تطال المدنيين والمصالح الاجنبية ولن يسمح بها».

وفي لندن دعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند أمس الاربعاء السلطات السودانية الى التعاون مع المحكمة واعلن ميليباند في بيان «اننا ندعم العملية المستقلة التي ادت الى هذا القرار الذي نحترمه بشكل كامل. اننا كنا دائما ندعو الحكومة السودانية الى التعاون مع المحكمة، نأسف بشدة لان الحكومة لم تأخذ على محمل الجد تلك الاتهامات ولم تفتح مناقشات مع المحكمة ونجدد اليوم دعوتنا لذلك التعاون».

وفي باريس اعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية ايريك شوفالييه أمس الاربعاء ان «بلاده تدعو السودان الى التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية».

وفي موسكو قال مبعوث الرئيس الروسي ديميتري مدفيديف للسودان أمس الاربعاء «ان اصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير تشكل سابقة خطيرة»، على ما افادت وكالة ريا نوفوستي.

وفي الخرطوم و على وقع هتافات «بالروح بالدم نفديك يا بشير»، سار الآلاف من السودانيين أمس الاربعاء في تظاهرات عبروا فيها عن تاييدهم للرئيس عمر البشير الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف عن المحكمة الجنائية الدولية.

وكانت جموع جديدة تتدفق الى العاصمة مع مغيب الشمس.«سير سير يا بشير»، واصل المتظاهرون هتافاتهم وبعضهم تعلو اصواتهم بالدعوة الى الجهاد ضد الولايات المتحدة.

وفي القاهرة قال وزير الدولة السوداني للشؤون الخارجية علي أحمد كرتي في القاهرة «ان السودان يعلن رفضه التام لقرار المحكمة الجنائية الدولية لان السودان ليس عضوا فيها وليست للمحكمة ولاية على السودان». واعتبر اصدار مذكرة التوقيف «تعديا سافرا على سيادة السودان وتدخلا ماكرا في شؤونه الداخلية».

وقال «تكررت اليوم اكذوبة اسلحة الدمار الشامل باصدار محكمة الجنايات الدولية قرارها في حق الرئيس البشير، في اشارة الى مزاعم الادارة الاميركية التي استخدمتها حجة لغزو العراق في 2003».

لكن الوزير السوداني اكد التزام حكومة بلاده باتفاق السلام للعام 2005 الذي انهى الحرب الاهلية مع الجنوب وغيره من الاتفاقيات، والتزامها بالحصانة والامتيازات الخاصة بالمنظمات الدولية والاقليمية والسفارات الاجنبية.

من جانبه، اكد وزير العدل السوداني عبدالباسط سبدرات ان «قرارنا واضح، لم نسلم احمد هارون ولم نسلم علي كوشيب، لا نتعامل مع هذه المحكمة، لا يمكن، لانهم اصدروا الآن مذكرة بحق البشير، ان نتعامل معها، لانه لا اختصاص ولا ولاية لها».

متظاهرون من معارضي النظام السوداني خارج السفارة السوادنية بلندن أمس
متظاهرون من معارضي النظام السوداني خارج السفارة السوادنية بلندن أمس
ورحب زعيم حركة جيش تحرير السودان المتمردة في دارفور عبد الواحد محمد نور من منفاه في باريس بمذكرة التوقيف التي اعتبرها «نصرا كبيرا لضحايا دارفور والسودان».

واضاف ان «البشير وحكومته لن يفلتا بعد الآن من العدالة (...) وكل من ارتكب جريمة ابادة سيدرك انه لن يتمتع بعد الآن بحرية التنقل في العالم».

وقالت وزارة الخارجية السودانية أمس الاربعاء «ان الرئيس السوداني عمر حسن البشير يعتزم حضور القمة العربية التي تعقد هذا الشهر في قطر برغم المذكرة التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية لاعتقاله».

وقال مطرف صديق وكيل وزارة الخارجية لرويترز «ان السودان تلقى الدعوة لحضور القمة وقبلها».

واضاف ان «البشير سيحضر كل القمم العربية وكل القمم الافريقية».

وفي القاهرة أكد الوزير في وزارة الخارجية السودانية علي أحمد كرتي إن البشير سيحضر القمة.

وقال للصحفيين في القاهرة التي تسلم فيها أمس الأول الثلاثاء رئاسة مجلس وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم في مقر جامعة الدول العربية «إن البشير سيمارس مهامه الرئاسية وكأن شيئا لم يحدث».

وأضاف أن الرئيس السوداني «سيتوجه إلى الدوحة لرئاسة وفد السودان في قمة قطر التي تعقد يوم 30 مارس».

وقال كرتي «إن البشير سيزور أي دولة يريد زيارتها».

وكانت مصادر في المحكمة الجنائية الدولية قالت «إن البشير معرض لإلقاء القبض عليه اذا سافر إلى خارج السودان».

وأقر مدعي المحكمة لويس مورينو أوكامبو بأنه ستكون هناك حاجة ماسة لمساعدة أكثر من مئة دولة تدعم المحكمة لكي يمكن تنفيذ أمر اعتقال البشير.

وجدد كرتي قول السودان إنه لن يتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية وليس معنيا بها لأنه ليس عضوا فيها.

وقال إنه يناشد (أحرار العالم) مواصلة تصديهم للمحكمة في إجراءاتها ضد البشير.

ومضى إلى القول «إن الأدلة التي استندت إليها المحكمة في إصدار أمر الاعتقال هي تكرار لأكذوبة أسلحة الدمار الشامل التي ادعت الولايات المتحدة وبريطانيا وجودها في العراق تبريرا لغزوه عام 2003».

ويحقق مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، اول محكمة دائمة مكلفة النظر في جرائم الحرب والابادة والجرائم بحق الانسانية، منذ العام 2005 في قضية دارفور بموجب قرار صادر عن مجلس الامن الدولي.

ونجح المدعي العام لويس مورينو اوكامبو أمس الاربعاء في استصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير وهو يطالب ايضا بتوقيف خمسة سودانيين اخرين.

واحال مجلس الامن الدولي في مارس 2005 اول قضية الى المدعي العام، عملا باتفاقية روما، وهي النص التأسيسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي ينص على ان صلاحية المحكمة الجنائية الدولية تشمل الدول غير الموقعة على الاتفاقية مثل السودان، في حال كلفها مجلس الامن الملف.

وفي 20 نوفمبر 2008، طلب المدعي العام اصدار مذكرات توقيف بحق ثلاثة قادة متمردين لم يكشف عن هويتهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب، للاشتباه بانهم قادوا هجوما قتل خلاله 12 جنديا من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي في 29 سبتمبر 2007 في بلدة هاسكانيتا في دارفور، ولم يبت القضاة بعد بهذا الشأن.

وفي مايو 2007، اصدر قضاة المحكمة الجنائية الدولية بطلب من مورينو اوكامبو مذكرات توقيف بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم بحق الانسانية ضد وزير الشؤون الانسانية احمد هارون وزير الداخلية سابقا، وزعيم ميليشيا الجنجويد الموالية للحكومة علي كوشيب.

ورفض الرئيس عمر البشير على الدوام تسليم الرجلين، مؤكدا انه سيشكل بنفسه محكمة قادرة على محاكمتهما.

ومن غير المؤكد اطلاقا ان يمثل الرئيس السوداني ولا سواه من المشتبه بهم السودانيين امام قضاة المحكمة الجنائية اذ انها لا تملك شرطة خاصة بها ولا يسعها سوى التعويل على ارادة الدول من اجل تنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عنها.

وبعدها باشرت المحكمة الجنائية الدولية مهامها في يوليو 2002.

بدأت اول محاكمة امامها في 26 يناير بمثول زعيم الميليشيا الكونغولي السابق توماس لوبانغا المتهم بارتكاب جرائم حرب.

واجرت تحقيقات في جمهورية الكونغو الديموقراطية واوغندا والسودان وجمهورية افريقيا الوسطى واصدرت ما لا يقل عن 12 مذكرة توقيف.

وبهذا القرار يصبح الرئيس السوداني عمر البشير رابع رئيس يلاحقه القضاء الدولي وهو في السلطة حيث وجهت اتهامات سابقاً الى كل من : الرئيس الليبيري تشارلز تايلورفي مارس 2003 بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية خلال الحرب الاهلية في سيراليون التي ادت الى مقتل 120 الف شخص بين 1991 و2001..

وهو يحاكم منذ يونيو 2007 امام المحكمة الخاصة بسيراليون.

الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش: حيث اتهم بارتكاب جرائم ابادة وجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في البوسنة وكوسوفو وكرواتيا بين 1991 و1999..و توفي ميلوشيفيتش في 11 مارس 2006 في سجنه بينما كانت محاكمته في لاهاي.

رئيس صربيا ميلان ميلوتينوفيتش: استسلم لمحكمة الجزاء الخاصة للنظر في جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة في يناير 2003..

ومثل امام المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية خلال حرب كوسوفو (1999-1998).و تمت تبرئة ميلوتينوفيتش في 26 فبراير وحكم على المتهمـين الآخرين بالسجن بين 15 و22 عاما.

شارك في التغطية عزيز القيسوني واندرو هيفنز في الخرطوم ولويس شاربونو في الأمم المتحدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى