محمد حسن عوبلي .. عدن وبريطانيا وسياسة ما بعد الحدود

> «الأيام» نجمي عبدالمجيد:

> محمد حسن عوبلي من أعلام السياسة والثقافة والصحافة في عدن والجنوب العربي قبل عام 1967، ولد عام 1921م تخرج من لندن قسم الدراسات العليا للعلوم الاقتصادية.

عمل في عدة مناصب كمستشار اقتصادي لبعض الدولة الإفريقية التي نالت استقلالها في تلك الحقبة من التاريخ.

عاد إلى عدن عام 1950 وعمل في الحقل السياسي، حيث انتخب نائباً في عدة انتخابات، وشغل رئاسة اللجنة المالية العامة ولجنة التطوير الصناعي لحكومة عدن، نشر ديوان شعر بالعربية عنوانه(دموع ودماء) وآخر بالإنجليزية وهو (تفاحات القمر)، وكذلك كتاب (مأساة اليمن) بنفس اللغة، أصدر صحيفة «الزمان» بتاريخ 13 سبتمبر 1957م وصحيفة «العروبة» اليومية، ونشر في العدد الأول من صحيفة الزمان قصيدة (دقت الأجراس)، كما نشر في نفس العدد دراسة عنوانها«نحو الاشتراكية: الأسس الاقتصادية للاشتراكية للفيلسوف جورج برناردشو، تعريب واقتباس».

نحو الاشتراكية: الأسس الاقتصادية للاشتراكية العدد 3 الجمعة 2 ربيع أول 1377هـ 27 سبتمبر 1957م

نحو الاشتراكية: الأسس الاقتصادية للاشتراكية، العدد 4 الجمعة 9 ربيع أول 1377هـ 4 أكتوبر1957م .

نحو الاشتراكية: الاستبدال العدد 5 الجمعة 16 ربيع أول 1377هـ 11أكتوبر 1957م

وفي نفس العدد نشر مادة، أدب وثقافة- فن القراءة عرض وتقديم.

نحو الاشتراكية: الأجور العدد 6 الجمعة 23 ربيع أول 1377هـ - 18 أكتوبر 1957م.

قصيدة (القمر الصناعي) العدد 10 الجمعة 23 ربيع تأتي 1377هـ - 15 نوفمبر 1957م في صحيفة الزمان.

تزعم المعارضة في البرلمان الاتحادي منذ عام 1963م واشترك في مفاوضات مع بريطانيا حول تقرير مصير الجنوب العربي.

في بداية عام 1966م شغل منصب وزير المعارف ووزير المالية بالوكالة.. ثم رئيساً للمجلس الأعلى لحكومة الاتحاد، وآلت إليه رئاسة الدولة الاتحادية في مطلع عام 1967م خلال قدوم بعثة الأمم المتحدة إلى عدن للنظر في قضية تقرير المصير.

كان المتحدث الرسمي عن حكومة اتحاد الجنوب العربي في مؤتمر جنيف في شهر آب 1967م أمام اللجنة الدولية الخاصة، غادر عدن نهائياً عام 1967م وقد أصدر عام 1971م عن منشورات العصر الحديث في بيروت أهم مؤلفاته وهو (اغتيال بريطانيا لعدن والجنوب العربي- أسرار وحقائق تنشر لأول مرة). أمام الكتاب الأخير نحاول تقديم بعض القراءات لرؤية محمد حسن عوبلي والعلاقة بين عدن وبريطانيا وسياسة ما بعد الحدود في مرحلة زمنية هي الأهم والأخطر في تاريخ الجنوب سياسياً واقتصادياً وعسكرياً ولم تقف عند هذه المحاور بل تجاوزتها إلى تحديد الهوية والانتماء والتاريخ، مرحل مازالت أوراق لعبتها في ملفات مكتوب عليها (سري للغاية)لذلك تظل كل محاول لرصد أحداث وقراءة تلك الحقبة حالة تعاني من الشلل الفكري والكسور في النظرة، ومن هناك جاءت رؤية العوبلي المبكرة لقراءة تاريخ الجنوب السياسي في السنوات الأخيرة من الحكم البريطاني لعدن والجنوب العربي، وهي محاولة من طرف شارك في الحدث، وقال ماعرف ولكن تظل خيوط الصراعات تسحب العقل نحو المزيد للبحث عن الحقائق.يقول الأستاذ محمد حسن عوبلي عن حاكم عدن البريطاني السير وليم لوس الذي حكم عدن من عام 1956م إلى 1960م : «وبناءً على مخطط التجزئة هذا كان لابد من وجود سياسي بريطاني يستطيع فهم أبعاد مشكلة المنطقة كلها.. ويتخصص تخصصاً دقيقاً وعاماً في شؤون المنطقة، وقد وقع اختيار المستر أنطوني أيدن ووزير خارجيته المستر سلوين لويد على السير ويليام لوس للقيام بهذه المهمة.. أي مهمة التخصص السياسي في شؤون الأجزاء الواقعة تحت حماية أوسلطة بريطانيا في شبه الجزيرة العربية كلها.

والسير ويليام لوس كما عرفته- رجل صلب قوي الإرادة وله شخصية قوية وإن كانت تشوب شخصيته شيء من الغطرسة والترفع.

كان السير ويليام لوس حاكم بحر الغزال في السودان قبل استغلاله.. وبعد استقلال السودان عين حاكماً عاماً لعدن والمحميتين الغربية والشرقية، ولكن صلاحيته الفعلية كانت تشمل الخليج كله.. بوصفه عميد السياسيين البريطانيين في المنطقة كلها.

ولقد عرفت السير ويليام لوس معرفة تامة على الصعيد الرسمي وغير الرسمي وفي الخطاب الذي ألقاه يوم وصوله عدن بعد أن أقسم اليمين الدستورية أمام رئيس المحكمة العليا- وكان وصوله عقب تأميم قناة السويس ألقى خطاباً (تهديدياً) قال فيه أنه إذا لم يلغ تأميم القناة فإن اقتصاد عدن سينهار انهياراً كاملاً وستعود عدن كما بدأت مدينة ساحلية صغيرة تعيش على صيد الأسماك ليس إلا.. وأضاف بأن لبريطانيا مصالح أخرى شرق قناة السويس وعلى الأخص في أرخبيل الملايو وأنه إذا لم يتم الوصول إلى اتفاق سلمي حول وضع قناة السويس فإن بريطانيا ستضطر إلى اتخاد إجراءات ذات فعالية شديدة».

وبصورة غير مباشرة أشعر المجلس التشريعي ومجلس حكومة عدن المحلية والسياسيين والصحفيين أنه لن يترك الحبل لهم على الغارب بل سيقبض بيد من حديد على تأمين السيادة البريطانية في المنطقة كلها.. وحذر الصحافة العدنية من مغبة التهجم على الحكومة البريطانية، كما كانت تفعل في عهد سلفه وأن عهده سيكون عهداً حازماً.. ولم يشر في خطابه إلى أنه سيدخل أي تعديلات في دستور عدن أو إصلاح الوضع السياسي، وفعلاً كان السير ويليام لوس عند وعده فلجأ إلى سياسة البطش والقمع في عدن.. وإن أي مؤرخ لتاريخ الاستعمار البريطاني لعدن والمحميات لن يجد مناصاً من إلقاء تبعه الانهيار الذي طرأ على الحكم البريطاني بعد ذلك على عاتق السير ويليام لوس.. وسياسة القوة والفرض لا التفاهم والتسامح. ولم يغادر السير ويليام لوس عدن بعد فترة ولايته لها وهي خمسة أعوام إلا وقد رأى الفوضى ضاربة أضابها في كل مكان، وشاهد بنفسه في الأيام الأخيرة لحكمه خطأ سياسته وأن من يبذر الريح يجني العاصفة.

ولا أزال أتذكر ما قاله لي السيد محمد علي باشراحيل عضو المجلس التشريعي والتنفيذي في حكومة عدن بمجرد انتهاء خطاب السير ويليام لوس - من أن عدن ستشهد عهداً جديداً من الفوضى والاضطرابات السياسية.. فأجبته بأن الرجل ربما كان لايعني فعلاً ما يقول وأنه كان يقول بمسرحية.. فأجاب السيد محمد علي باشراحيل بأنه بدأ فعلاً المشهد الأول من مسرحية دموية.

حول وضعية عدن في تلك الحقبة يوضح الباحث كلود موريس بأن «عدن كانت آخذة في الإسراع نحو الفوضى، فقد فشل البريطانيون في موقفهم ذلك في أثناء الحاكم البريطاني السر ويليام لوس.. وبلغ الثمن الأخير لتلك الأزمة 2500 مابين قتيل وجريح من البريطانيين والعرب في أربع سنوات، وقد ذكرت صحيفة التايمز اللندنية بتاريخ 19 مايو 1961م أن ممثلاً سياسياً مقيماً جديداً هو السر ويليم لوس قد غادر عدن إلى مركزه الجديد في البحرين».

ويقول الكاتب أيضاً: « أصبح الفشل في عدن فتيل تفجير الوضع في الخليج إلا أننا يجب أن نتعلم دروس التاريخ، فلا فائدة في توزيع اللوم، بل إنه مستحيل فعلاً.. ففي أيام المد التوسعي يبدو الجميع أبطالاً، وفي ظل صعوبات التراجع (الذي أصبح ضرورة بريطانية جزئياً) يبدو الجميع حمقاً، وقد قال لي صديقي جيمس غريفيش، وزير المستعمرات السابق في حكومة العمال، عندما زارني في بيتي في ويلز في العام 1960م وهو محق بالفعل، إنه(لم يبق في الخليج العربي شيء إلى جانب بريطانيا بقي فقط أرض مستأجرة ومشكوك فيها)».

وفي إمكاننا أن نأخذ رأي السيد مايكل آدمس، مراسل الغارديان في القاهرة، سابقاً، والذي يدير الآن إعلام مجلس تعزيز التفاهم العربي البريطاني، ويرأس تحرير مجلة ميدل إيست انترناشونال، قال أدمس:«بعد السويس برزت حركات معادية لبريطانيا في العراق والأردن وعدن والخليج، حيثما كانت لنا حاميات عسكرية، وبالنتيجة فإنه كان لابد من ذهاب جميع هذه الحاميات قبل عشر سنوات من الوقت الذي ذهبت فيه».

وحول تقرير مستقبل عدن طرحت عدة تصورات جاءت من منطلق الأحداث التي خلفتها ظروف المرحلة، ويوضح الأستاذ محمد حسن عوبلي بأن الحكومة البريطانية قد اتخذت قرار استقلال الجنوب العربي تحت اسم (اتحاد الجنوب العربي) كدولة لها سيادة وكيان مستقل وكان لذلك عدة أهداف:

1- لم يكن استخدام السلاح إلا في بداية عهده.

2- لم يكن هناك عداء صريح بين حكومة الاتحاد وحكومة صنعاء.. وقد يتفاهم الجانبان ودياً.

3- إغلاق الباب في وجه حكومة حزب العمال- إذا نجحت في الحكم - وحكومة عدن من تنفيذ عملية إلغاء السلطنات والإمارات.. إذ سيكونون أمام الأمر الواقع، ولما كان عدد أعضاء المجلس الأعلى الاتحادي 16 عضواً منهم 4 من العدنيين والأغلبية الباقية من الولايات الغربية فستكون كلمة الولايات هي الراجحة عند التصويت على الأمور الهامة.

4- ستتمكن بريطانيا من عقد معاهدة دفاع وصداقة مع الدولة الجديدة.. دون إنارة الرأي العام العربي الخارجي.

5- كان الوضع الدولي في حال يجعل من الممكن للدولة الجديدة الدخول في عضوية الأمم المتحدة.

ويشير الكاتب بإنها كانت فرصة ذهبية لحكام الاتحاد وقد نقلها المندوب السامي البريطاني السير كنيدي تريفاسكس الذي شغل هذا المنصب في عدن من عام 1962 حتى عام 1965.. ولكن حكومة الاتحاد رفضت هذا العرض، مع أنه كان سيجعلها ممسكة بزعامة الأمور والأحداث من كل جانب وسيمكنها من فرصة المناورة الدبلوماسية على أكثر من ناحية.

وكانت الحكومة البريطانية قد حددت أن اتحاد الجنوب العربي سيكون دولة مستقلة في تاريخ 9 كانون الثاني 1968م وأشعرت الأمم المتحدة والحكومة الاتحادية بذلك.

وقد أصدر وزير الخارجية الاتحادية الشيخ محمد فريد العولقي بياناً أعلن فيه عن ترحيب الحكومة الاتحادية بذلك، ولكنه أعلن في نفس الوقت، أن الدولة الجديدة يجب أن تشمل حضرموت والمهرة.

في تلك الحقبة من تاريخ عدن السياسي جرت عدة محاورات حول مستقبل الذي يجب أن يكون عليه وضع المنطقة، ومن التصورات التي طرأت رؤية السيد زين باهارون الذي شغل منصب رئيس الوزراء في حكومة الاتحاد حتى عام 1965م وقد ذكر الأستاذ محمد حسن عوبلي بأن السيد زين باهارون له وجهة نظر في مسألة تحديد الهوية السياسية للجنوب العربي وحددت بالنقاط الآتية:

1- الوحدة الكاملة لكل أراضي الجنوب بدلاً من الاتحاد (ومعنى ذلك إلغاء كافة الولايات بما في ذلك حكومة عدن نفسها.. وإلغاء نظام السلاطين والأمراء والمشيخات.. وإعفائهم من مناصبهم.. وأضاف أن مجموعة سكان الاتحاد لا يتجاوز مليوناً ونصف مليون.. تحكمه 16 حكومة مشتركة في الاتحاد في حين أن شعوباً تحتوي على عشرات الملايين تخضع لحكومة موحدة لا اتحادية).

2- أن تدفع بريطانيا إيجاراً قدره 5 ملايين جنيه كل عام لوجود القاعدة.. وليس من المهم لمن سيدفع ذلك الإيجار..إذ أنه سيدفع لحكومة موحدة.. وبذلك يحل الإشكال القائم بين من يتلقى إيجار القاعدة.. وسيسحب شروطه الأخرى حول مراقبة استعمال القاعدة.

3- إعادة توزان القوى العسكرية في المنطقة كلها على هذا الأساس:

1- أن يجمد الجيش الاتحادي فلا يزداد عدده وأن يوضع في قواعد نائية عن عدن.

2- أن تدفع الحكومة البريطانية مبلغ 10 ملايين جنيه- كدفعة خاصة-مقابل تجهيز قوة من أبناء عدن.. ويستعمل ذلك المبلغ لشراء المعدات اللازمة للواء مدرع ثقيل، ولوائين من المصفحات، ولوائين من المدفعية البعيدة المدى، وثلاثة أسراب من الطائرات ومدمرة مزودة بمدفعية بعيدة المدى وكاسحتي ألغام مزودة بمدفعية مضادة للطائرات وبمدفعية لضرب المدن الساحلية.

وستدفع حكومة عدن على أقساط الفرق بين المنحة البريطانية وقيمة الأسلحة والعتاد.. شريطة أن يتم ذلك فوراً وأن يتولى قيادة كافة الأجهزة ضباط عدنيون.

وقد وضع السيد زين باهارون أن القوة الجديدة سوف يطلق عليها في عدن(حامية عدن البحرية والجوية) ويطلق على جيش الاتحاد والحرس الاتحادي اسم(حرس حدود دولة الجنوب العربي).

3- قبول بريطانيا وجميع الأطراف لوجود الأمم المتحدة في المنطقة.

4- تحديد موعد متفق عليه للاستقلال التام.. بعد فترة الانتقال.

كما طرحت تصورات أخرى سياسية حول وضع عدن ومنها مشروع الجمهورية العدنية وعاصمتها عدن وجمهورية الجنوب العربية المتحدة واتحاد جنوب شبه الجزيرة العربية، فكانت دراسات ونصوص دستورية تطرح للنقاش حول كل فكرة يشترك فيها الجانب البريطاني والجانب العدني- الجنوبي، وقد أرسلت حكومة العمال البريطانية لهذا الأمر خبيرين في الشؤون الدستورية من كبار رجال القانون في بريطانيا لوضع الدستور الجديد لجمهورية الجنوب العربي المتحدة، حيث تم وضع الدستور على النظم الحديثة يلائم المنطقة ويعمل على تطورها، وفي الوقت ذاته يقوم على قرارات الأمم المتحدة حتى لا يبقى مجال للطعن فيه من قبل أي دولة من الأعضاء.

وعن هذا الحدث السياسي يقول الأستاذ محمد حسن عوبلي:«وقد أرسلت مسودة الدستور المقترح إلى الحكومة الاتحادية للنظر فيه والموافقة عليه أو تعديله كما ترى.. ولهذا الغرض تشكلت لجنة وزارية كنت أحد أعضائها.. وكان الأعضاء الآخرون الشيخ محمد فريد، وزير الخارجية، والسلطان صالح بن حسين العوذلي، وزير الأمن الداخلي، والسيد عبدالرحمن جرجرة، والسيد حسين علي بيومي وزير الطيران المدني، والسيد عبدالله الدرويش وزير التجارة. واشترك في اللجنة كمستشارين المدعي العام لحكومة الاتحاد والمستشار البريطاني والمندوب السامي وكانت مهمتهم محدودة في سد أي ثغرات قانونية دون التعرض للناحية السياسية في الدستور، واستغرقت اللجنة 4 أشهر في مدولات طويلة حول كل مادة من الدستور.. ولقد شعرت للوهلة الأولى ببعض المتناقضات:

1- لقد كان الدستور دستوراً لجمهورية حديثة أطلق عليه اسم جمهورية الجنوب العربية المتحدة.. وتضمن ذلك نصاً صريحاً بإلغاء السلطنات والإمارات والمشيخات.. نظراً لتعارضها مع النظام الجمهوري الذي اقترحته الأمم المتحدة وأيدته بريطانيا للمنطقة.

2- كان حكام الولايات لم يدركوا ذلك أو على الأقل بعضهم فكانوا يناقشون الدستور من وجهة نظر بقاء الإدارة التقليدية للمنطقة.. مع أن الدستور المقترح كان ينص بصراحة على إلغاء تلك الإدارة التقليدية وإعادة تخطيطها تخطيطاً جغرافياً.. لا قبلياً.

أي أن نظام الحكم القبلي كان سينهار ويحل محله نظام إدارة يشمل منطقة أكثر اتساعاً يديرها محافظ ومجلس حكومة محلية.. مسؤول مباشرة للحكومة المركزية.

3- كان بعض حكام الولايات لم يدركوا أن الدستور الجديد المقترح ألغى السلطنات والإمارات والمشيخات وصهرها كلها في دولة واحدة.

4- كان بعض حكام الولايات لم يدركوا أن الدستور المقترح لا ينهي فقط سلطاتهم الذاتية بل وينهي أيضاً الحكومة الفيدرالية للجنوب العربي.. ويحل محلها حكومة جمهورية موحدة تتخذ من عدن لامن مدينة الاتحاد عاصمة لها.. فقد كانت عدن تشمل كل الوسائل والتسهيلات والإمكانيات لتكون عاصمة حديثة.. وتستوعب في عماراتها الحديثة كل السفارات الأجنبية بعد الاستقلال.

5- كان الدستور المقترح ينص على إنشاء غرفة برلمانية واحدة قائمة على أساس الانتخاب المباشر من الذكور والإناث المواطنين في الجمهورية.. ولكن بعض رؤساء الولايات كانوا يعتقدون بوجوب مجلس آخر أي برلمان ذي غرفتين.. غرفة للنواب المنتخبين وغرفة أخرى لرؤساء الولايات (وكأنهم لم يدركوا أن الدستور نص صراحة على إلغاء مناصب رؤساء الولايات) وكانوا يعتقدون أنه للموافقة على أي تشريع لابد من الحصول على موافقة المجلسين معاً وهذا أمر كان سيؤدي إلى عرقلة التشريعات وسيجعل من المجلس الآخر مقبرة للتشريعات ويصيب الجهاز الحكومي بالشلل نتيجة المداولات العقيمة بين مجلسين يختلفان كلياً في طريقة تكوينهما. هذه بايجاز بعض التعقيدات التي كان لابد من محلها قبل إحراز الموافقة على الدستور الجديد».

لاتقف حدود القراءة السياسية عند هذا المستوى من المعلومات، بل هي رؤية مفتوحة لوضع عدن في نوعية العلاقة بينهما وبين بريطانيا التي تجاوزت سياسة ما بعد الحدود.

وهذه الشهادة التاريخية المقدمة من كتابات الأستاذ محمد حسن عوبلي هي بعض من حقائق مازالت بحاجة للبحث حتى تشكل الصورة المطلوبة عن مكانة عدن في صناعة السياسة وخلق رجال المراحل الجديدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى