كــركــر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> كل واحد منا له رأي ورؤية في هذه الحياة.. ولابد أننا لانراها كلها.. إنما نرى بعضها أو جانباً منها.. أو أننا لاننظر إليها كما ينبغي.. ولكننا نراها كما نشتهي.. إن الذي يقول أن ليس هناك تغيير في حياتنا غلطان وغير دقيق.. أو أنه ينظر إليها بنصف عين.

والصحيح أن هناك تغييرا كبيرا في حياتنا.. وفي معيشتنا.. وفي سلوكنا.. ولكن هذا التغيير إلى الأسوأ وليس إلى الأفضل.. فقد كنا في الماضي- مثلا -نقول للمخطئ أنت غلطان وألف غلطان.. فهل نستطيع أن نقولها اليوم لأي أحد يخطئ في حق الفرد أو المجتمع أو الوطن.

> إننا نرى أخطاء كثيرة كل يوم.. بعض هذه الأخطاء تمارسها السلطة.. والبعض الآخر يرتكبها رجال أقوياء مدججون بالسلاح.. فهل يستطيع أي واحد أن يقف في وجه أحد منهم.. ويقول كلمة واحدة فقط (لا) وأنت مخطئ أو غلطان؟.. وهل يقدر أي فرد أو مجموعة أن تتحدى أشياء كثيرة من الممارسات الخاطئة في كل مكان؟.. وهل أصبح بعض الناس فاقدي البصر وأطرافهم مقطوعة ليثيروا عطف كل الناس؟.. وهل يضاف هذا العجز عند بعض الناس إلى حساب السلطة أو هؤلاء الرجال الأقوياء بالسلاح القاتل؟

> إن التاريخ لايمكن أن يكون له وقع جميل في نفوس الناس إلا بالحرية.. وكل إنسان يحرص في كل أفعاله على أن تكون حريته أكثر في الحياة.. ولكن في كل البلدان النامية أو العالم الثالث نشاهد أن حرية الفرد تأكل حرية الآخرين.. ولذلك تكون صورة هذه الحرية قبيحة جداً.. ويصبح نظام الحكم في هذه البلدان أقبح وأبشع.

> أذكر ذلك بعد وقت طويل.. أن كثيراً مما كان يهزنا من أعماقنا.. أو يجعل أعماقنا جلداً نحتمي به من الأذى والعذاب والظلم والحرمان.. لم يعد شيء من ذلك فينا.. فقد أصحبنا نتوجع بصمت.. ونتعذب بلا حدود.. كنا أيام زمان - الاستعمار البريطاني- نصرخ ونقاوم ونرفض ونقول لا للظلم والاضطهاد والطغيان.. وقد قاتلنا الاستعمار البريطاني في عدن والمحافظات الجنوبية والشرقية بشجاعة وضراوة.. ولكن لم نكن ندري أن تحرير الأرض- بعد الاستقلال- عقوبة لنا ووبالاً علينا.

> ولذلك أصبحنا نشعر أننا نقف على حافة هاوية سحيقة من الخوف من الحاضر والمستقبل.. وقد حاولنا أن ننقل إلى السلطة مخاوفنا وآلامنا ومشاكلنا وهمومنا.. قلنا ذلك أكثر من مرة.. وكنا نريد أن نعرف.. ولكننا لم نجد من يقول شيئاً.. ولا من يدلنا على الذي حير عقولنا وأوجع قلوبنا .. ثم أصبحنا مثل ذلك الأغريقي الذي حكمت عليه الآلهة في الأساطير الأغريقية بأن يتعذب إلى الأبد.. فأجلسوه على باب كهف.. وراحوا يسقطون على رأسه قطعة كبيرة من الحجر تنزل بسرعة ويراها ويصرح ولكنها تقف على بعد مليمتر واحد من رأسه.. تم ترتفع لتعود إلى السقوط.. وهو إلى الصراخ.. وهكذا إلى الأبد.

> الفارق الوحيد بيننا طبعاً أن الحجارة تتساقط فوق رؤوسنا كل يوم.. وكأننا لابد أن نسعى إلى العذاب ونعيش به ونموت فيه.. أن نطلب المزيد منه.. وقد تعبنا وصرخنا.. ولكن أحداً لا يرحمنا ولا يسمع صراخنا!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى