كـركـر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> ذات يوم كتب الصحفي الكبير المرحوم مصطفى أمين في عموده (فكرة) عن ديكتاتور نيكاراجوا (سوموزا) ثالث حاكم في أسرته التي استمرت تحكم (43) عاماً بغير انقطاع:«طغى وبغى واستبد.

فرض الصمت على أمة بأسرها.. كل تليفون مراقب .. كل حديث مسجل .. وراء كل باب أذن تسمع .. قطع ألسنة المعارضين.. كمم الأفواه .. داس بقدمه على حقوق الإنسان.. وتصور (سوموزا) أنه يحكم نيكارجوا إلى الأبد .

> وأحنى الجميع رؤوسهم خوفاً وذعراً .. ولكن صحفياً واحداً رفض أن يسكت .. ورفض أن يخاف .. ورفض أن يحني رأسه للطغيان .. الديكتاتور يهدده ويتوعده.. ولكن الصحفي مضى يكتب.. ووضعه الديكتاتور في السجن .. وخرج من السجن ليكتب .. وعاد الديكتاتور يضعه مرة أخرى في السجن.. وخرج الصحفي للمرة الثانية .. وعاد يعارضه من جديد .. عندئذ أرسل إليه الديكتاتور بعض ضباطه فقتلوه .. وتصور الديكتاتور أنه أسكت آخر صوت يرتفع .. وإذا بهذا الحادث يؤدي إلى انفجار الشعب في نيكاراجوا .. وذهب (سوموزا) وجاء بعده العشرت من أمثاله في بلدان أخرى .. وليس الديكتاتور (موبوتو) في زائير آخر واحد فيهم .

> ويبدو أن كل ديكتاتور لم يفهم أن لكل طاغيه نهاية .. وأن الدنيا دوارة لاتستقر على حال .. ولو أنها دامت لغيره ماجاءت إليه .. وأن كثيراً من الناس لايتحملون الظلم مرة واحدة .. ولكنهم تحملوه سنوات طويلة.. وعاشوا قبل ذلك في دنيا من القهر والخوف والإرهاب والوعود التي لم تتحقق .. ولابد أن الظروف القاسية شاءت أن يعيشوا مرة أخرى في نفس المأساة .. وخرج الشعب الغاضب ولم يسكت ... ثار وحمل السلاح وأعلن التمرد والثورة على الظلم والطغيان .. وسوف ينتصر الشعب ويسقط الطاغية حتماً» .

> وفي (فكرة) أخرى كتب مصطفى أمين:«كل حاكم مستبد ادّعى أنه يعطل الحريات ليغني الناس .. ولم يحدث مرة واحدة أن اغتنى شعب في ظل طغيان .. أو ارتفع الناس في عهد ديكتاتوري .. انظر ماذا كان عليه الشعب في ظل (هتلر) عندما كانوا لايجدون الزبدة .. عندما كانوا يربطون الأحزمة على بطونهم .. ثم انظر إلى حالة الشعب الألماني اليوم في ظل الديمقراطية .. وانظر إلى حالة الشعب الياباني في عهد ديكتاتورية (توجو) .. وحالة الرخاء الذي يعيش فيه الياباني في عالم الحرية .. في عهود الديكتاتورية يعيش قادة الحزب كالملوك .. ويعيش أفراد الشعب كالعبيد .. لكل واحد من القادة بيت في العاصمة .. وبيت في المصيف .. وسيارة بل سيارات فاخرة .. وأفراد الشعب ينحشرون في غرف ضيقة.. ويسمعون كلاماً حلواً عن الرفاهية والرخاء.

> إن الحرية هي الهواء.. وهي حق لكل الناس .. وليس من شروط الحرية أن يكون في جيبي نقود.. بل أن الذي يدرس الحالة الاجتماعية للشعوب المتخلفة يجد أن مستوى الفرد فيها ارتفع مع الديمقراطية.. ولم يحدث مرة واحدة أن جاء الرخاء في ركاب الديكتاتورية أو حكم الفرد.. كانت أموال الشعوب دائماً تنفق في ظل الديكتاتورية في حروب وفي أقواس نصر وفي طبول وزمور .. وفي دعاية مرفوعة .. وفي بناء القصور.. وإقامة قلاع ومعتقلات تحمي الحكام من الشعوب».

> واحمدوا الله .. وامسكوا الخشب على (الديمقراطية) في بلادنا!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى