على هامش ندوة القضية الجنوبية

> د.فارس السقاف:

> هذا المسمى المتداول بغزارة في الآونة الاخيرة.. «القضية الجنوبية» أصبح المعلقة الكبرى لأحزاب ولقاءات ومجالس ندبا وبكاء، يشدو بها من له صلة بالقضية الجنوبية ومن لايمتون لها بصلة البتة بل هي قطيعة مطلقة.

كما وأمست قفازا يقذف به في وجه السلطة من ينشد حقا وعدلا وصدقا، إلى أولئك الذين يطاردون سلطة تسرّبت من بين أصابعهم، أو هؤلاء الذين يفزّعون بها لينالوا مقابل سكوتهم صفقة مبيتة بليل.!

ما تتعرض له هذه القضية بهذا المسمى من أنصارها المخلصين أو ادعيائها من التعويق والتثبيط أكثر بكثير ممن يمكن تصنيفهم بالمعارضين لها، ذلك أنه في الغالب تبرز قضية عادلة يتولاها محام يعجز عن عرضها وتقديمها وتوفير مؤيداتها فيكون ألحن بحجتها وتؤول إلى الإخفاق.

لا شك أن هناك مشكلة يجب مقاربتها ومداورتها بالحلول في إطار الأزمة الوطنية، ومن ثم النهوض الوطني الشامل بها، ولا بأس من تناول هذه المسألة حتى بمعزل عن الشمولية، ولكن ضمن الرؤية الوطنية الوحدوية.

وإذا ما أريد تناولها في إطار منفصل وتجزيئي فإنه يجب أن يُفهم بأن أبعاد هذا الطرح سياسية سلطوية، أي ليست حقوقية مطلبية، فهي لايعنيها سوى إنجاز نفوذ لمشروع انفصالي يتحلل من وحدة شرعية سلمية وشعبية، وهذا ما يفسر الرفض القاطع لنضال الحزب الاشتراكي في إطار الوحدة والعملية السياسية من هؤلاء الذين يصمونهم بخيانة القضية رغم إيمانهم واعترافهم بالقضية الجنوبية! حيث كانوا يريدونهم خارج الحياة السياسية لايعترفون بالانتخابات، ولايؤيدون التأجيل، وهؤلاء هم الذين استخدموا أساليب عنيفة في مواجهة عملية القيد ولجانها حتى يبدو الأمر فارزا بين جنوب وشمال.

وما يزيد الأمر تبيانا عدم القبول القطعي لأي حوار للقضية في إطار الوحدة وإنكار ذلك على كل من يسلك هذا المنهج في مناقشة الموضوع.

هم حتما لايقبلون طرحا متوازنا قدمه الأخ هشام باشراحيل في ندوة مجلس التضامن حول القضية الجنوبية، التي حضرتُ جزءا منها.. وحتى عندما أطلّت مداخلة علي الضالعي بعنقها خارج السائد في القاعة قليلا تعالت الأصوات تأبى سماعه.

هذه الندوة التي حشدت وجهة نظر أحادية غاب فيها الرأي الآخر، كما توارت سمة العلمية والموضوعية في أوراقها إذا جاز تسميتها بـ«أوراق». وربما لن تستغربوا إذا أدركتم أنه لاتوافق بين منظمي الندوة والمشاركين، ولكنهم يستفيدون من منبرهم، وأصحاب المنبر يوظفونها في صالحهم!!

تحولت الندوة إلى حائط مبكى.

لايمكن للقضية الجنوبية أن تجد طريقها إلى الخلاص بهذه الأطروحات العدمية التي تحولها إلى ضحية تستجدي العطف وتستجلب الخارج لتكون رأس الحربة له في الداخل، وهي التي لاينبغي أن يغيب عنها أن تنجز مشروعها للتغيير برؤية سياسية وطنية جامعة، وبأدواتها الذاتية، وهو الغائب عن حركتها، والحاضر الوحيد هو الانفصال ولو خرَّ عليهم السقف من فوقهم.

تداخلت غالب مداخلات الندوة لتنفي عن الوحدة اليمنية أي فعل إيجابي أو إضافة قيمة أو فائدة، وهذا ما يشكك في صدقية الندوة برمتها، وهو ما استنتجه أحد منظمي الندوة وأسرّه لي ولم يبده، لأن المخرج يريد ذلك.

فالندوة قيل عن آحاد الشخصيات شهادات في فضائل الوحدة الوطنية، ولم تقدم منهجية تقويمية لأدوار آخرين، هم لايحتاجون في الحقيقة لمثل هذه الشهادات التي تقال في معرض النكاية والتعريض وليس لها أي قيمة علمية أو تاريخية.

الرئيس علي عبدالله صالح- رغم أحقية النقد الموضوعي الملتزم باللياقة تجاه كسبه السياسي من موقعه- يمتلك رصيدا وافرا من الإنجاز الوطني، وأعظمه يتمثل في الوحدة، ولايشوب هذا المقصد المتحقق شائبة تشكك في حرصه على استمراريتها وتحقيق مضامينها في مصلحة الناس وازدهارهم وتطورهم، وهذا أحد الغيابات الكبيرة في الندوة غيّب عنها سمة الإنصاف مرة أخرى، ولكن المطالبة بإتمام مضامين الوحدة الحقيقية ونتائجها المرجوة هو أيضا مطلب عادل ومن دلائل الإنصاف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى